التوكيدُ: "تابِعٌ للمُؤَكَّدِ في رفعِهِ، ونَصبِهِ، وخفضِهِ، وتعريفِهِ".
ويكونُ بألفاظٍ معلومة، وهي: النَّفْسُ، والعَيْنُ، وكُلٌّ، وأجْمَعُ، وتَوابِعُ أجْمَعَ، وهي: أكْتَعُ، وأبْتَعُ، وأبْصَعُ، تقول: قام زيدٌ نفسُهُ، ورأيتُ القومَ كُلَّهُم، ومررتُ بالقومِ أجمعين.
والتوكيد معناه التقوية والتثبيت. فيقال مثلاً: وكد الحديث، أو أكد الحديث. ويقال: وَكَدَ الخبر، أوْ أَكَّد الخبر، وما أشبه ذلك.
والتوكيد تابع للمؤكد في الإعراب، قال: «في رفعه، ونصيه، وخفضه، وتعريفه» تابع لَهُ في كلِّ هذه الأشياء.
وله الفاظ مخصوصة معينة في اللغة العربية، وتعيينها علم بالتتبع والاستقراء.
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى -: «ويكون بألفاظ معلومة، وهي: النفس، والعين، وكل، وأجمع، وتوابع أجمع وهي: أَكْتَعُ، وابتع، وأبْصَعُ»
- النفس: يُؤكَّد بها المفرد والجمع والمثنى. تقول: «جاء زيد نفسه، وجاء الرجلان أنفسهما»، و«جاء القوم أنفسهم».
هذا التوكيد يقوي، لأنك إذا قلت: «جاء زيد» فالخبر يفيدُ أَنّ زيدا جاء. فإذا قلت: نفسه، تأكد الخبر وارتفع احتمال المجاز،
- العين أيضاً: تقول: «جاء زيد عينه»
- كلّ: يُؤكَّد بها ما كانَ ذا أجزاء؛ كلُّ شيءٍ دُو أجزاء فإنه يُؤكَّدُ بكل، وأما الواحد فلا يُؤكَّد بكل.
نحو: أكلتُ الرغيف كله صحيح؛ لأنَّهُ يتبعضُ يمكن أن تأكل نصفَهُ أو ثلثه.
أجمع: أيضاً من ألفاظ التوكيد ولا يكون إلا في الجمع تقول: جاء القوم أجمعُونَ، ولا تقول: «جاء زيد أجمعون»، لا بُدَّ أن يكون جمعا: «رأيتُ القوم أجمعين»، و«مررت بالقوم أجمعين».
كذلك يقول المؤلف: «توابع أَجْمَعَ وهي: اكْتَعُ، وابْتَعُ، وأبْصَعُ». أفادنا المؤلف - رحمه الله - أَنَّ هَذِهِ الثلاثة الألفاظ لا يؤكَّد بها إلا مع أجمعين، فلا تقل: جاء القوم أكتعون»، وإنما تقول: «جاء القوم أجمعون أكتعون؛ لأنها لا تأتي إلا تبعا لأجمعين، أما أن تأتي مفردة فلا.
تقول: «جاء القوم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون إذا قلت هكذا كأنك قُلْتَ: «جاء القوم أجمعُونَ أَجْمعُونَ أَجْمعُونَ أَجْمعُونَ لأن هذه توابع، تفيد زيادة التوكيد. (1).
التوكيد يوافق المؤكد في الإعراب يعني إذا كان المؤكد مرفوعاً فالمؤكد مرفوعًا، إذا كان المؤكَّد منصوبا كان المؤكد منصوبًا، إذا كان مجرورا كان المؤكد مجرورًا، إذا كان المؤكَّد معرفة كان المؤكد معرفة.
واختلف النحويونَ هَلْ تؤكد النكرة أو لا؟ فقال بعضهم: لا تؤكد، وقال بعضُهم: بَلْ تؤكد، وظاهر كلام المؤلف أنها لا تؤكد؛ لأنه لم يقل: «وتنكيره».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) * وربما أكد بـ«أكتع»، و«أكتعين» غير مسبوقين بـ«أجمع، وأجمعين»؛ وذلك نحو قول الراجز:
يا ليتني كنت صبيا مرضعًا *** تحملني الذلفاء حولًا أكتعا
المرجع: شرح الشيخ ابن عثيمين
* شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك
رأيت عَمراً نفسه
رأى : فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبنيّ في محل رفع فاعل .
عمراً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
نفسه: توكيد منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف وهاء الغائب ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
قام القومُ كلهم.
قام : فعل ماضٍ مبني على الفتح لا محل له من الإعراب
القوم: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
كلهم: توكيد للقوم مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة ، والميم علامة جمع الذكور.
﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ (30) الحجر
فَسَجَدَ: الفاء: بحسب ما قبلها
سجد: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح.
الْمَلَائِكَةُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
كُلُّهُمْ: توكيد مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
والهاء: ضمير متصل مبنيّ على الضم في محلّ جرّ بالإضافة، والميم لجماعة الذكور.
أَجْمَعُونَ: توكيد ثاني مرفوع بالواو، لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
إذا أُبدِلَ اسمٌ مِن اسم أو فعلٌ مِن فعلٍ تَبِعَهُ في جميع إعرابِهِ.
وهو أربعة أقسام:
بَدَلُ الشيء مِن الشيء، وبَدَلُ البَعضِ مِن الكُلِّ، وبَدَلُ الاِشتِمَال، وبَدَلُ الغَلَطِ، نحو قولك: "قام زيدٌ أخوكَ، وأكلتُ الرغيفَ ثُلُثَهُ، ونفعني زيدٌ عِلمُهُ، ورأيتُ زيداً الفَرَسَ"، أردْتَ أن تقولَ: الفرسَ فغَلِطتَ فأبدَلتَ زيداً منه.
البدل هُوَ: التابع لغيره المقصود بالذات، يعني: أنَّ المتكلم أراد البدل دُونَ المبدل منه، لكن ذكر المبدل منه توطئة وتمهيدا للبدل،
وإلى هذا يشير ابن مالك في قوله: التَّابِعُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ بِلا وَاسِطَةٍ هُوَ الْمُسَمَّى بَدَلاً (1)
فالبدل عبارة عن تابع لمتبوع وهو المقصود بالحكم، فالبدل هو المقصود دُونَ المبدل منه.
يقول المؤلف: (إذا أبدل اسم من اسم، أو فعل مِنْ فعل تبعه في جميع إعرابه)، أفادنا - رحمه الله - أنَّ البدل كما يكون في الأسماء يكون في الأفعال، فالبدل إذن إما فعل، وإما اسم، يعني: إما أنْ يُبدل اسم من اسم، وإما أن يبدل فعل مِنْ فعل.
يقول: إنَّه يتبعه في جميع إعرابه، فإنْ كَانَ مرفوعًا رُفِعَ، وَإِنْ كَانَ منصوبا نصب، وإن كان مجرورًا جُرَّ، وَإِنْ كَانَ مجزومًا جُزِمَ؛ لأَنَّ الفعل داخل معنا والفعل يكون فيه الجزم.
ثم قال: «وهو أربعة أقسام: بدل الشيء مِنَ الشيء، وبدل البعض من الكل، وبدل الاشتمال، وبدل الغلط». أربعة أقسام:
1- (بدل الشيء من الشيء) أي بدل الكل من الكل (أي لابد أن يكون البدل مساوياً للمبدل منه وهو ما يسميه بعضهم بدل المطابقة نحو (جاء زيد أخوك)
2- (وبدل البعض من الكل) بمعنى أن يكون الثاني بعضاً من الاول نحو (أكلت الرغيف ثلثه) ليبين أن المأكول ثلث الرغيف. ونحو (اشتريت الدار نصفها).
3- (وبدل الاشتمال) وهو أن يكون للبدل نوع اتصال من المبدل منه نحو (نفعني زيد علمه)، فالذي نفعني ليس زيد وإنما علمه، فالبدل هو علمه لكن له نوع اتصال بالمبدل منه وهو زيد؛ لأنه هو صاحب العلم الذي انتفعت به، والفرق بينه وبين بدل البعض أن بدل البعض جزء من المبدل وأما بدل الاشتمال فليس جزء من المبدل لكن المبدل مشتمل عليه
4- (وبدل الغلط) بأن يغلط المتكلم فيقول شيئاً ثم يتذكر فيأتي بالمقصود نحو (رأيت زيداً الفرس) لأنه أراد أن يقول (رأيت الفرس) فغلط فأتى بزيد ثم تذكر في الحال فذكر الفرس، والحقيقة أنه ليس هناك صلة بين زيد والفرس إلا غلط اللسان فيه، فتسميته بدلاً فيها نظر.
والمؤلف ذكر أن البدل يكون في الأفعال كقوله تعالى: (ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب) فيضاعف بدل من يلق، ويلق مجزومة بحذف الألف ويضاعف مجزومة بالسكون، ونحو: (من فهم الدرس أكرمته منحته هدية) فمنحته هدية بدل من أكرمته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الألفية» البدل البيت رقم (٥٦٥).
اشتريتُ سكيناً سيفاً
اشترى : فعل ماضٍ مبني على السكون والتاء تاء الفاعل ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
سكيناً: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
سيفاً: بدل مطابق من سكين منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
جاء زيدٌ عمك
جاء: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح.
زيدٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
عمك: بدل مطابق مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
أكلت الرغيف ثلثه
أكل: فعل ماضٍ مبني على السكون والتاء تاء الفاعل ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
الرغيف: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
ثلثه: بدل (جزء من كل) منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
نفعني زيد علمه
نفع: فعل ماضٍ مبنيّ على الفتح، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
زيدٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
علمه: بدل اشتمال مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.