هذه الأسماء هي: "أب، أخ، حم، فم، ذو، هن"، ويقصد بكلمة "حم" -كما جاء في قطر الندى- أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وابن عمه، على أنه ربما أطلق على أقارب الزوجة. ا. هـ.
وعلى هذا فالأكثر في اللغة أن يقال: "حموها" والقليل في اللغة أن يقال: "حموه" وأما كلمة "هن" فهي كناية عما يستقبح ذكره، أو هي كناية عن العورة في الرجل والمرأة.
هذه الأسماء السابقة ترفع بالواو نيابة عن الضمة، وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة، وتجر بالياء نيابة عن الكسرة، نقول: "أخوك رحمك وقوتك فهو جدير بعطفك ونصرتك"، وتقول: "فقد الرسول أباه وهو في بطن أمه فاستقبل الحياة يتيما"، وتقول: "لا تسخر من ذي الحاجة فربما احتجت يوما مثله".
فكلمة "أخوك" في المثال الأول مبتدأ مرفوع بالواو، وكلمة "أباك" في المثال الثاني مفعول به منصوب بالألف، وكلمة "ذي الحاجة" في المثال الثالث مجرورة بحرف الجر "من" وعلامة الجر الياء.عددها من استعمال العرب لها:
يصف بعض المعربين هذه الأسماء بأنها "ستة" ويصفها آخرون بأنها "خمسة" وكلا الفريقين مصيب في وصفه.*
الصفات العامة لإعرابها بالحروف**
المقصود بأنها "عامة"أنه يجب أن تتوافر في كل هذه الأسماء السابقة فليست خاصة باسم منها دون الآخر.وهذه الصفات تلخصها عبارة
واحدة هي: "أن تكون هذه الأسماء مفردة مكبرة مضافة لغير ياء المتكلم". وهذه العبارة المجملة تحمل الصفات الآتية تفصيلا:
أ- أن تكون هذه الأسماء مفردة لا مثناة ولا مجموعة.
ب- أن تكون هذه الأسماء مكبرة لا مصغرة، مثل "أبي، أخي".
ج- أن تكون مضافة لاسم ظاهر مثل "أبو العباس" أو لضمير مثل "أخوك".
د- أن تكون مضافة لغير ياء المتكلم.
هذه الصفات الأربع يجب توافرها مجتمعة في الأسماء الستة لتعرب بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا.
- جاء في القرآن: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين} ١.
- وجاء في الحديث: "ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا" ٢.
فالكلمات "أخوه، أبينا، أبانا" في الآية معربة بالحروف وهي مستوفاة للشروط الأربعة السابقة، والأولى مرفوعة بالواو، والثانية مجرورة بالياء، والثالثة منصوبة بالألف، وكلمة "أبا بكر" في الحديث معربة أيضا بالحروف، لاستيفائها الشروط، وهي منصوبة بالألف "مفعول به" للفعل "اتخذ".
فإذا لم تتوافر إحدى هذه الصفات أو أكثر، فإن الاسم لا يعرب إعراب الأسماء الستة، بل يكون له إعراب آخر على حسب نسبته إلى باب غير هذا الباب .
فخرج باشتراط الأفراد ما لو كانت مُثَنّاةً أو جمع تكسير؛ فإنها لو كانت جمع تكسير أُعربت بالحركات الظاهرة ، تقول :الآباءُ يُرَبُّونَ أَبْنَاءَهُمْ، وتقول: إخْوانُكَ يَدُكَ التي تبْطِشُ بِهَا، وقال الله تعالى:{ آباؤكم وأبْنَاؤُكم }، { إنما الْمُؤمِنُونَ إخْوَةٌ }، { فأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخْوَاناً }.
ولو كانت مُثَنَّاةَ أُعربت إعرابَ المثني بالألف رفعاً وبالياء نصباً و جرًّا ، تقول: أبَوَاكَ رَبَّيَاكَ وتقول: تَأَدَّبْ فِي حَضْرَةِ أَبَوَيكَ، وقال الله تعالي : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَي العَرْشِ } ، { فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } .
وخرج باشتراط أن تكون مكبرة ما لو كانت مُصَغَّرَةٌ ، فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة ، تقول : هذا أُبَيُّ وأُخَيُّ؛ وتقول: مَرَرْتُ بِأُبَيٍّ وأُخَيٍّ .
وخرج باشتراط أن تكون مُضَافة ما لو كانت منقطعة عن الإضافة ؛ فإنها حينئذٍ تُعرب بالحركات الظاهرة أيضاً ، تقول: هذا أبٌ، وتقول : رأيْتُ أباً، وتقول: مَرَرْتُ بأب وكذلك الباقي ، وقال الله تعالي : { ولَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } ، { إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ } ، { قَالَ ائْتُونِي بِأخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ } ، { إنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا } .
وخرج باشتراط أن تكون إضافتها لغير ياءِ المتكلم، ما لو أضيفت إلي هذه الياء ؛ فإنها حينئذٍ تعرب بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغالُ المحلِّ بحركة المناسبة؛ تقول: حَضَرَ أبِي وأخِي ، وتقول: احْتَرَمْتُ أبِي و أخِي الأكْبَرَ وتقول: أنَا لا أتكلَّمُ في حَضْرَةِ أبِي وأخِي الأكْبَرِ، وقال الله تعالي : { إنَّ هذَا أخِي } ، { أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي } ، { فأَلْقُوهُ علي وَجْهِ أَبي } .
وهناك صفات خاصة بالكلمتين "ذو، فم":المقصود بأنها "خاصة" أنها يجب أن تتوافر في هاتين الكلمتين فقط بالإضافة إلى الشروط العامة السابقة.
- ذو:
تقول "ذو الفضل، ذو العلم، ذو الخلق، ذو ثروة، ذو نجابة، ذو إحساس" ففي هذه الأمثلة وأشباهها تعرب "ذو" بالحروف -بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًّا- لاستيفائها الصفات العامة السابقة بالإضافة إلى الصفتين الخاصتين التاليتين:
أ- أن تكون بمعنى صاحب، يعني إذا قلت: "ذو خلق" فهو بمعنى "صاحب خلق" وإذا قلت: "ذو ثروة" فهو بمعنى "صاحب ثروة".
ب- أن تكون مضافة لاسم ظاهر فقط، لا لضمير، فإن إضافتها لضمير لا يكاد يستعمل في اللغة، قال المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
وقال زهير:
ومَنْ يَكُ ذا فَضْلٍ فيبخلْ بفضله ... على قومِهِ يُستَغنَ عنه ويُذْممِ 3
- فم:
تقول: "فُو المنافِق يُخْرِجُ الكذب، فمِنْ فِيهِ تَخْرُجُ نَارُ الضغائن" وتقول: "أَغلِق فاك عن الكلام الضَّار"
فهي في "فو المنافق" مبتدأ مرفوع بالواو، ثم استعملت في "من فيه" مجرور بالحرف "من" بالياء، أما في "أغلق فاك" فهي مفعول به منصوب بالألف، ولكي تعرب هذا الإعراب يجب أن تتجرد من الميم، فكلمة "فم" لا تعرب بالحروف بل بالحركات الأصلية، وهذا بالإضافة إلى الصفات العامة التي سبق شرحها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*يصف بعض المعربين هذه الأسماء بأنها "ستة" ويصفها آخرون بأنها "خمسة" وكلا الفريقين مصيب في وصفه، فما حقيقة الأمر في هذا الموضوع وما أساسه العلمي؟
ينبغي أن يعلم -باختصار شديد- أن العرب الفصحاء الذين اعتمد عليهم النحاة في وضع القواعد لم يكونوا قبيلة واحدة متحدة النطق دائما وإنما كانوا مجموعة من القبائل المختلفة النطق أحيانا في المسلك اللغوي الواحد، مما يترتب عليه في دراسة النحو وجود آراء مختلفة -حول المسألة الواحدة- وكل رأي يعتمد على نطق عربي فصيح لإحدى القبائل الموثقة.
**يقصد بها شروط إعرابها بالحرف.
١- من الآية ٨ من سورة يوسف
٢- من حديث في صحيح البخاري، الجزء الخامس، باب فضائل أصحاب النبي.
3- استعمل الشاعر: "ذو" من الأسماء الستة في "ذا فضل" حيث استوفت شرطي إعرابها بالحروف،وهي في البيت خبر "يكن" منصوبة بالألف.
النحو المصفى : د.محمد عيد
التحفة السنية