فإن سَقَطَتِ الفاءُ بعد الطلب وقُصِدَ الجزاءُ جُزِمَ نحو قولِه تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} ، وشرطُ الجزم بعد النهيِ صحةُ حلولِ إِنْ لا محلَّه نحو "لا تدنُ من الأسد تسلمْ"، بخلاف يأكلُك ويجزم أيضاً بلَمْ نحو "لم يلدْ ولم يولدْ"، ولَمَّا نحو "لما يقضِ"، وباللام ولا الطلبِيَّتَيْنِ، نحو "لِينفقْ، لِيقضِ، لا تشركْ، لا تؤاخذْنا".
ويَجْزِمُ فعليِن إنْ وإذْ وإذْما وأَيٌّ وأينَ وأنى وأيانَ ومتى ومهما ومَنْ وما وحَيْثُمَا نحو {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}، {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}، {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا}.
ويسمى الأول شرطاً، والثاني جواباً وجزاءً، وإذا لم يَصْلُح لمباشرة الأداة قُرِنَ بالفاء نحو {َإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، أو بإذا الفُجَائِيةِ نحو {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}.
قوله: (فَإنْ سَقَطَتِ الْفَاءُ بَعْدَ الطّلَبِ وقُصِدَ الجزاء جزم نحو قوله تعالى: }قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ{ وشرط الجزم بعد النهي صحة حلول: (إن لا) محله، نحو لا تدنُ من الأسد تسلم. بخلاف يأكلك).
لما فرغ المصنف - رحمه الله - من الكلام على نصب المضارع. شرع في الكلام على جزمه.
والجازم نوعان:
١- جازم لفعل واحد ٢- جازم لفعلين.
فالجازم لفعل واحد خمسة:
وذلك بأن يتقدم على المضارع أمر، أو نهي، أو استفهام، أو غيرها من أنواع الطلب المتقدمة، ويتجرد المضارع من (الفاء)ويُقْصَدُ به الجزاء، بمعنى: أن هذا المضارع متسبب وناتج عن ذلك الطلب. فالشروط أربعة:
الأول: أن يتقدم لفظ دال على الطلب.
الثاني: أن يقع بعده مضارع مجرد من الفاء.
الثالث: أن يقصد الجزاء.
الرابع: إن كان الطلب بغير النهي كالأمر فشرطه: صحة المعنى بوضع (إن) الشرطية وفعل مفهوم من السياق موضع الطلب، وإن كان الطلب بالنهي فشرطه: أن يستقيم المعنى بحذف (لا) الناهية ووضع (إن) الشرطية وبعدها (لا) النافية محل (لا) الناهية.
مثال ذلك: عامل الناس بالحسنى يألفوك، فالفعل (يألفوك) مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، لأنه من الأمثلة الخمسة، وقد تقدم عليه طلب، وهو الأمر (عامل)، والجازم له هو وقوعه في جواب الطلب (١).
ومنه قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} (٢) فـ (أتل) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة وهو الواو. لوقوعه في جواب الطلب (تعالوا) وقد قُصِدَ الجزاء، إذ المعنى: تعالوا فإن تأتوا أتل عليكم. فالتلاوة مسبَّبة وناتجة عن مجيئهم.
ومثال النهي: لا تعجل في أمورك تسلمْ. فالفعل (تسلم) مجزوم لوقوعه في جواب الطلب وهو النهي. ويصح أن تضع (إن) قبل (لا) فتقول: إلا تعجل في أمورك تسلم. أي: إن لا تعجل ...
فإن لم يتقدم طلب، بل تقدم نفي أو خبر مثبت لم يصحَّ جزم المضارع، بل يجب رفعه نحو: ما تأتينا تحدثُنا، ونحو: أنت تأتينا تحدثُنا. برفع (تحدثنا) في المثالين.
وإن لم يقصد الجزاء وجب الرفع - أيضاً - نحو: ائتني برجل يحبُّ الله ورسوله. فلا يجوز جزم المضارع (يحبُّ) لعدم قصد الجزاء، لأن المحبة ليست ناتجة عن الإتيان به. وإنما المراد هذه صفته.
وكذا إذا لم يستقم المعنى عند إحلال (إن) الشرطية و (لا) النافية معاً محل (لا) الناهية. نحو: لا تدن من الأسد يأكلُك، برفع: (يأكلك) ولا يجوز جزمه إذ لا يصح: إن لا تدن من الأسد يأكلك.
وكذا إذا لم يستقم المعنى بوضع (إن) وفعل مفهوم من السياق موضع الطلب نحو: أين منزلك أقفُ في السوق. برفع (أقفُ)، ولا يجوز جزمه إذ لا يصح أن يقال - مثلاً - إن تعرفني بيتك أقفْ في السوق. لعدم استقامة المعنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) هذا أيسر الآراء في العامل الذي جزم المضارع الذي تجرد من الفاء. وللنحاة كلام طويل في ذلك محله الكتب المطولة كشرح الأشموني بحاشية الصبان (٣/٣٠٩).
(٢) سورة الأنعام، آية: ١٥١.
قوله: (وَيُجْزَمُ أَيْضًا بِـ (لَمْ) نَحْوَ: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (١) ، وَ (لَمَّا) نَحْوُ: {لَمَّا يَقْضِ} (٢) وَباللاَّم وَلاَ الطَّلَبيَّتَيْن نَحْوُ: {لِيُنْفِقْ} (٣) ، {لِيَقْضِ} (٤) ، {لَا تُشْرِكْ} (٥) ، {لَا تُؤَاخِذْنَا} (٦))
ذكر المصنف بقية ما يجزم فعلاً واحداً وهي الأربعة الباقية. وهي: -
الماضي، (٧) نحو: لم يحضر الضيف، ومنه قوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (٨). وقد تدخل عليه همزة الاستفهام التقريري (9) فلا تغير عمله. كقوله تعالى: }أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ { (10)، فالهمزة للاستفهام، و (لم) حرف نفي وجزم وقلب و(نشرح) فعل مضارع مجزوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الإخلاص، آية: ٣.
(٢) سورة عبس، آية: ٢٣.
(٣) سورة الطلاق، آية: ٧.
(٤) سورة الزخرف، آية: ٧٧.
(٥) سورة لقمان، آية: ١٣.
(٦) سورة البقرة، آية: ٢٨٦.
(٧) إذا دخلت على (لم) أداة الشرط فإن المضارع يتجرد للزمان المستقبل. ويبطل تأثير (لم) في قلب زمانه إلى الماضي كقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} لكن ما الذي جزم المضارع أهو (إن) أم (لم)؟ قيل: إنه (لم) لأنه عامل شديد الاتصال بمعموله ولم يقع إلا مع الفعل المستقبل في اللفظ. و (إن) قد دخلت على الماضي في اللفظ وقد وليها الاسم نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} وقيل: (إن) لسبقها ولقوتها لأنها تؤثر في زمن الفعل ولفظه. والأول وجيه. مع أن هذا الخلاف لا قيمة له لأن المضارع مجزوم على أي حال.
(٨) يجوز أن يكون المنفي بلم قد انقطع فتقول: لم يقم خالد وقد قام، ويجوز أن يكون متصلاً بزمن الإِخبار ومن أمثلته هذه الآية.
(9) الاستفهام التقريري هو حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه.
(10) سورة الشرح، آية: ١.
وهي مثل (لم) فيما تقدم، كقوله تعالى: }كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ { (1) فـ (يقض) مضارع مجزوم بـ (لما) وعلامة جزمه حذف حرف العلة. وهو الياء. والكسرة قبله دليل عليه.
فإن كان من أعلى إلى أدنى فهو أمر، كقوله تعالى: }لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه {(2)، وإن كان من أدنى إلى أعلى فهو دعاء، نحو: }لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ { (3)، وإن كان من المساوي لمساويه فهو التماس، كقولك لزميلك: لِتَركبْ معي.
فإن كان من أعلى إلى أدنى فهو نهي، كقوله تعالى: }لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ {(4)، وإن كان من أدنى إلى أعلى فهو دعاء، نحو: }رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {(5)، وإن كان من المساوي لمساويه فهو التماس، كقول لزميلك: لا تتأخر في الحضور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة عبس، آية: ٢٣.
(2) سورة الطلاق، آية: ٧.
(3) سورة الزخرف، آية: ٧٧.
(4) سورة لقمان، آية: ١٣.
(5) سورة البقرة، آية: ٢٨٦.
قوله: (ويجزم فعلين إن وإذ ما وأي وأين وأنى وأيان ومتى ومهما ومن وما وحيثما، نحو: {إن يشأ يذهبكم} (1)، {من يعمل سوءا يجز به} (2)، {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها} (3)، ويسمى الأول شرطا والثاني جوابا وجزاء).
هذا القسم الثاني من جوازم المضارع وهو ما يجزم فعلين.
وقد ذكر المصنف إحدى عشرة أداة. منها ما هو اسم له محل من الإعراب ومنها ما هو حرف لا محل له من الإعراب.
وسأبين ذلك إن شاء الله فأقول:
١-إن: وهي حرف شرط جازم لا محل له. وهي تفيد تعليق وقوع الجواب على وقوع الشرط، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل. نحو: إن تصحب الأشرار تندم. ومنه قوله تعالى:} إن يشأ يذهبكم {فـ (إن) حرف شرط جازم و (يشأ) فعل الشرط مجزوم بالسكون، والفاعل ضمير مستتر(يذهبكم) جواب الشرط مجزوم. والفاعل ضمير مستتر. والكاف مفعول به، والميم علامة الجمع.
٢-إذ ما: وهي حرف شرط جازم - على الأرجح-(1) فلا محل له من الإعراب. وهي لمجرد تعليق الجواب على الشرط، مثل (إن) واتصالها بـ (ما) الزائدة شرط في جزمها، نحو: إذ ما تفعل شرا تندم. فـ (إذ ما) حرف شرط جازم (تفعل) فعل مضارع مجزوم بالسكون لأنه فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنت (تندم) فعل مضارع مجزوم بالسكون لأنه جواب الشرط، والفاعل ضمير مستتر كالذي قبله.
٣- أيّ: بالتشديد. اسم شرط جازم. وهي بحسب ما تضاف إليه. فتكون للعاقل نحو: أيهم يقم أقم معه. فـ (أي) اسم شرط جازم مبتدأ مرفوع، ولغير العاقل نحو: أي الكتب تقرأ أقرأ. فـ (أي)اسم شرط جازم مفعول مقدم منصوب، وتكون للزمان نحو: أي يوم تسافر أسافر، وللمكان نحو: أي بلد تسكن أسكن. فـ (أي) اسم شرط جازم منصوب على الظرفية الزمانية في الأول ولمكانية في الثاني. وإن أضيفت إلى مصدر فهي مفعول مطلق نحو: أي نفع تنفع الناس يشكروك عليه.
...ومن أمثلتها قوله تعالى: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} (5) فـ (أيا) (6) اسم شرط جازم منصوب بـ (تدعوا) على المفعولية (ما) حرف زائد إعرابا مؤكد معنى. و (تدعوا) فعل الشرط مجزوم بحذف النون لأنه من الأمثلة الخمسة، والواو فاعل، وجملة (فله الأسماء الحسنى) جواب الشرط في محل جزم.
4- أين: اسم شرط جازم. ويحسن اتصالها بـ (ما) ليتمكن الشرط. وهي موضوعة للدلالة على المكان، ثم ضمنت معنى الشرط. فتكون في محل نصب على الظرفية المكانية. نحو: أينما تذهب أصحبك. ومنه قوله تعالى: {أينما يوجهه لا يأت بخير} (7) فـ (أين) اسم شرط جازم، مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية المكانية، متعلق بالفعل بعده، و (ما) حرف زائد إعرابا مؤكد معنى، و (يوجهه) فعل الشرط، و (لا يأت) جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلة - وهو الياء - وقوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت} (8) فـ (أينما) كما تقدم. وهو متعلق بالفعل بعده و (تكونوا) فعل الشرط. والواو فاعل لـ (كان) التامة. لأنها بمعنى (توجدوا)، وجواب الشرط (يدرككم).
5- أنى: اسم شرط جازم، وهي موضوعة للدلالة على المكان، ثم ضمنت معنى الشرط، فهي في محل نصب على الظرفية المكانية، مثل (أين) نحو: أنى ينزل ذو العلم يكرم. فـ (أنى) اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية (ينزل) فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، (يكرم) فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء، آية: ١٣٣.
(2) سورة النساء، آية: ١٢٣.
(3) سورة البقرة، آية: ١٠٦.
(4) تقدم أن المصنف - رحمه الله - رجح أن (إذ ما) اسم شرط. وهنا رجحت أنها حرف شرط اختيارا لما مشى عليه في أوضح المسالك. لأن شبهها بـ (إن) أقوى من شبهها بـ (متى) وهو قول سيبويه كما في التصريح (٢/٢٤٧).
(5) سورة الإسراء، آية ١١٠.
(6) والتنوين في (أيا) عوض عن المضاف إليه أي: أي اسم تدعوا فله الأسماء الحسنى. وزيدت (ما) على أحد القولين لتأكيد ما في (أي) من الإبهام.
(7) سورة النحل، آية: ٧٦.
(8) سورة النساء، آية: ٧٨.
6- أيان: اسم شرط جازم، وهي موضوعة للدلالة على مطلق الزمان ثم ضمنت معنى الشرط، فهي في محل نصب على الظرفية الزمانية نحو: أيان يكثر فراغ الشباب يكثر فسادهم. فـ (أيان) اسم شرط جازم مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية الزمانية (يكثر) فعل الشرط (يكثر فسادهم) جواب الشرط مجزوم و (فسادهم) فاعل. والهاء مضاف إليه، والميم علامة الجمع.
7- متى: اسم شرط جازم. مثل (أيان). نحو: متى يأت فصل الصيف ينضج العنب.
8- مهما: اسم شرط جازم على الأرجح، وهي لغير العاقل، ثم ضمنت معنى الشرط، وهي في الإعراب مثل (من) الآتية، نحو: مهما تنفق في الخير يخلفه الله. فـ (مهما) اسم شرط جازم في محل نصب مفعول مقدم. ومنه قوله تعالى عن قوم موسى عليه الصلاة والسلام: {وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين} (١) فـ (مهما) اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ (وتأتنا) فعل الشرط وهو مع فاعله خبر (مهما) {فما نحن لك بمؤمنين} الجملة في محل جزم جواب الشرط.
9- من: اسم شرط جازم وهي للعاقل، وتكون في محل رفع مبتدأ إن كان فعل الشرط لازما نحو: من يكثر كلامه يكثر ملامه. أو ناسخا نحو: من يكن عجولا يكثر خطؤه. أو متعديا واقعا على أجنبي منها (2) نحو: من يحترم الناس يحترموه. ومنه قوله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به} (3). فـ (من) اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، (يعمل) مضارع مجزوم وهو فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر، والجملة خبر المبتدأ (من) (سوءا) مفعول به، (يجز) جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلة وهو الألف.... وتكون في محل نصب مفعول به إذا كان فعل الشرط متعديا واقعا على معناها، نحو: من تساعد أساعده. فـ (من) مفعول مقدم.... وإن سبقت بحرف جر أو بمضاف فهي في محل جر، نحو: عمن تتعلم أتعلم، كتاب من تقرأ أقرأ.
10- ما: اسم شرط جازم. وهي لغير العاقل. وإعرابها كإعراب (من) نحو: ما تقرأ يفدك. ومنه قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} (4) فـ (ما) اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول مقدم لـ (ننسخ) و (ننسخ) فعل الشرط (نأت) جواب الشرط مجزوم بحذف حرف العلة وهو الياء.
11- حيثما: اسم شرط جازم، واتصالها بـ (ما) الزائدة شرط في جزمها. وهي في محل نصب على الظرفية المكانية نحو: حيثما تجد صديقا وفيا تجد كنزا ثمينا. قال تعالى: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} (5) فـ (حيثما) اسم شرط جازم مبني على الضم في محل نصب خبر (كان) (6) و (ما) زائدة إعرابا مؤكدة معنى (كنتم) كان: فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء: اسمها، والميم: علامة الجمع. (فولوا) الجملة في محل جزم جواب الشرط.
قوله: (ويسمى الأول شرطا) أي ويسمى الأول من الفعلين المجزومين بأحد هذه الأدوات شرطا، لتعليق الحكم عليه. وكونه شرطا لتحقق الثاني.
قوله: (والثاني جوابا وجزاء) أي ويسمى الفعل الثاني جواب الشرط، لأنه مترتب على الشرط كما يترتب الجواب على السؤال (وجزاء) لأن مضمونه جزاء لمضمون الشرط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الأعراف، آية: ١٣٢.
(2) أي ليس فيه ضمير يعود عليها مثل كملة (الناس) في المثال المذكور. بخلاف الواقع على معناها فالمراد به الأداة نفسها كما في المثال المذكور بعد.
(3) سورة النساء، آية: ١٢٣.
(4) سورة البقرة، آية: ١٠٦.
(5) سورة البقرة، آية: ١٤٤.
(6) على أنها ناقصة. فإن كانت تامة بمعنى: (وجدتم) فاسم الشرط مبني على الضم في محل نصب متعلق بـ (ولوا) أو (كنتم) .
تنبيه
نلاحظ أن ابن هشام في حديثه فيما يجزم فعلين لم يتطرق إلى اسم الشرط كيفما وأنى.
فالبصريون يرون أن كيفما بمنزلة (إذا) أي لا تجزم
أما الكوفيون فهي عندهم اسم شرط جازم لفعلين
12- كيفما (1)
اسم مبهم تضمن معنى الشرط، فتقتضي شرطا وجوابه مجزومين، سواء ألحقتها (ما)، نحو:
كيفما تكن يكن قرينك
أم لا، نحو: كيف تجلس أجلس
وهي تقتضي فعلين متفقي اللفظ والمعنى، كما رأيت سواء أجزمت بها أو لم تجزم.
13- أنى (2)
اسم شرط جازم، وهي موضوعة للدلالة على المكان، ثم ضمنت معنى الشرط، فهي في محل نصب على الظرفية المكانية.
مثل (أين)، نحو: أني ينزل ذو العلم يكرم
فأنى اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية.
(ينزل) فعل الشرط (يكرم) فعل جواب الشرط، قال الشاعر:
خليلي أنى تأتياني تأتيا
أخا غير ما يرضيكما لا يحاول
🔺وقد جمعها ابن مالك في الألفية:
واجزم بأن ومن وما ومهما
أي متى أيان إذما
وحيثما أنى وحرف إذما
كإن وباقي الأدوات أسما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)جامع الدروس العربية
(2)شرح ألفية بن مالك للأشموني
قال زهير بن أبي سلمى:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يفره، ومن لا يتق الشتم يشتم
🔺إعراب المفردات
ومن: الواو بحسب ما قبلها
من: اسم شرط جازم يجزم فعلين مضارعين الأول فعل الشرط والثاني جوابه، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
يجعل: فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه السكون وحرك بالكسر منعا لالتقاء الساكنين. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره (هو)
المعروف: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
من: حرف جرّ مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
دون: اسم مجرور بمن وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره والجار والمجرور متعلقان بمفعول به ثان للفعل (يجعل) وهو مضاف
عرضه: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
يفر: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر لأنه جواب الشرط، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره (هو) والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
ومن: الواو حرف عطف
من: اسم شرط جازم، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
لا: نافية لا عمل لها.
يتق: فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره (هو)
الشتم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
يشتم: فعل مضارع مبني للمجهول، مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه السكون المقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الكسر العارض لحركة الروي، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره (هو).
🔺إعراب الجمل
ومن يجعل المعروف: ابتدائية لا محل لها من الإعراب
يجعل المعروف يفره: في محل رفع خبر المبتدأ
يفره: جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء لا محل لها من الإعراب
من لا يتق ...: معطوفة على الجملة الابتدائية لا محل لها من الإعراب
يتق الشتم يشتم: في محل رفع خبر المبتدأ
يشتم: جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء لا محل لها من الإعراب.
قوله: (وإذا لم يصلح لمباشرة الأداة قرن بالفاء نحو {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} (1) أو بإذا الفجائية نحو {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} (2)).
لما ذكر المصنف أدوات الشرط الجازمة، ذكر القاعدة العامة في وجوب اقتران جواب الشرط بالفاء. فقال: (وإذا لم يصلح لمباشرة الأداة قرن بالفاء) أي إذا لم يصلح جواب الشرط (لمباشرة الأداة) أي: بأن يكون في محل فعل الشرط (قرن بالفاء) أي وجوبا. ليحصل الربط بين الشرط والجزاء، إذ من دونها لا يكون ربط.
مثال ذلك: من سعى في الخير فسعيه مشكور، فجواب الشرط (سعيه مشكور) لا يصلح أن يكون في محل الشرط. لأنه جملة اسمية، وأداة الشرط لا تدخل على الجمل الأسمية، فأتي بالفاء للربط بين جملة الجواب وجملة الشرط (3).
وأشهر الأنواع التي يجب اقترانها بالفاء ما يأتي:
1- الجملة الاسمية:
كما تقدم، ومنه قوله تعالى: {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} (4)
2-الجملة الفعلية التي فعلها طلبي، نحو: إن حياك أحد بتحية فحيه بأحسن منها. ومنه قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} (5).
3- الجملة الفعلية التي فعلها جامد (٤)، نحو: من يطلق لسانه فليس بسالم. ومنه قوله تعالى: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا (٣٩) فعسى ربي أن يؤتين...} (6).
٤- الجملة الفعلية التي فعلها مسبوق بـ (لن)، نحو: إن صحبت الأشرار فلن تسلم، ومنه قوله تعالى: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} (7).
٥- الجملة الفعلية التي فعلها مسبوق بـ (قد)، نحو: من مدحك بما ليس فيك فقد ذمك، ومنه قوله تعالى: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} (8)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام، آية: ١٧.
(2) سورة الروم، آية: ٣٦.
(3) وهذه الفاء زائدة ليست للعطف ولا لغيره. ولا تفيد معنى إلا عقد الصلة والربط المعنوي بين جملة الجواب وجملة الشرط.
(4) سورة الأنعام، آية: ١٧.
(5) سورة آل عمران، آية: ٣١.
(6) الفعل الجامد: هو الذي لا يتصرف فلا يأتي منه مضارع ولا أمر ولا مصدر ولا أي اشتقاق آخر، بل يلزم حالة واحدة. مثل: ليس، نعم، بئس، عسى.
(7) سورة الكهف، آية: ٣٩.
(٦) سورة آل عمران، آية: ١١٥.
(8) سورة يوسف، آية: ٧٧.
6- الجملة الفعلية التي فعلها مسبوق بـ (ما)، نحو: إن تجتهد فما أقصر في مكافأتك، ومنه قوله تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} (١).
7- الجملة الفعلية التي فعلها مسبوق بالسين، نحو: مهما تخف من طباعك فستظهر للناس، ومنه قوله تعالى: {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} (٢) .٨
8- الجملة الفعلية التي فعلها مسبوق بـ (سوف)، نحو: من ظلم الناس فسوف يندم، ومنه قوله تعالى: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} (٣).
وقوله: (أو بإذا الفجائية) أي قد تغني (إذا) الفجائية عن الفاء. وهي خاصة بالجملة الاسمية. ولم يقيدها المصنف بالجملة الاسمية لأنها لا تدخل إلا عليها. ومعناها الدلالة على المفاجأة في الحال. ولا بد أن يسبقها كلام، وأرجح الأقوال في إعرابها أنها حرف لا محل له من الإعراب، مثالها قوله تعالى: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} (٤) فـ (إذا) حرف دال على المفاجأة مبني على السكون لا محل له من الإعراب (هم) مبتدأ، وجملة (يقنطون) في محل رفع خبر. والجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط (إن).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة الحشر، آية: ٦.
(٢) سورة الطلاق، آية: ٦.
(٣) سورة التوبة، آية: ٢٨.
(٤) سورة الروم، آية: ٣٦.
﴿وَمَن یَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ ...﴾ [الإسراء ٩٧-٩٨]
إعراب المفردات
(الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم لفعلين مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول به مقدّم
(يهد) فعل مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(المهتد) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء- وقد حذفت من الرسم تخفيفا.
❀إعراب الجمل:
جملة: «يهد الله ...» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هو المهتدي ...» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
﴿إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحࣱ فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡحࣱ مِّثۡلُهُۥۚ ...﴾ [آل عمران ١٤٠]
إعراب المفردات:
(إن) حرف شرط جازم لفعلين مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
(يمسس) فعل مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة جزمه السكون الظاهر. و (كم) الكاف ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والميم علامة الجمع.
(قرح) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق
(مسّ) فعل ماض مبني على الفتح الظاهر.
(القوم) مفعول به مقدّم منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
(قرح) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(مثل) نعت لقرح مرفوع.. و (الهاء) ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
إعراب الجمل
جملة: «يمسسكم قرح» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قد مسّ القوم قرح» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء