تاريخ النشر: 30.Ara.2018 14:30:04
ليس "المجتمع الدولي" العالم كله، ذي المليارات السبع، و ليس "النظام الدولي"،من صُــــــنع العالم كله أيضاً. حتى روسيا القوة
العظمى الثانية في العالم ، ليست دائماً من "المجتمع الدولي" ، و لذلك نجد في مجلس الأمن أن مندوب بريطانيا مثلاً، أو حتى مندوب مملكة السعودي ، التي من
"وصفان" "المجتمع الدولي" و ليست منه ، يقول: أن روسيا تخالف إرادة "المجتمع الدولي"؛ عندما ترفع روسيا يدها، في مجلس الأمن، لإبطال قرار يستهدف سوريا. "المجتمع الدولي" الذي نسمع به، و نقرأ عنه،صفة منتحلة ، و هو يضيق و يتسع نظرياً حسب إرادة الدول التي انتحلت هذه الصفة .كانت بريطانيا و أميركا بعد توماس وودرو ويلسون ، هما أول مُنتحَلَيْنِ لصفة "المجتمع الدولي"، و من بعدهما تأتي فرنسا، أما المانيا و اسبانيا و حتى إيطاليا فهما "رف" في "المجتمع الدولي" ، و لا تستطيع أي منها أو كلها مجتمعة، أن تعتبر نفسها "المجتمع الدولي"... لكن لماذا يتكون "المجتمع الدولي" من هؤلاء فقط... هذا يعود لأن "المجتمع الدولي" لم يتكون اليوم، فهو تكون حين وجد "النظام الدولي"، الذي أوجده هذا المجتمع المنتحل... "المجتمع الدولي" هو من صَنع "النظام الدولي". في قصور باريس ، و في قصور فينا المحدودة، و في روما لاحقاً ، و بريتون وودز حيث عقدت المؤتمرات، وأُبرمت المعاهدات الدولية، تكون "المجتمع الدولي"، الذي تقصده مندوبة أميركا في مجلس الأمن، أو حتى سكرتيرة البيت الأبيض في عهد ريجان ... بقية العالم، مجرد خادم "للمجتمع الدولي"، أو موضوع في خططه و نواياه... من رحم تلك الاتفاقيات، و المعاهدات تكون "المجتمع الدولي"، و "النظام الدولي".
بقية الدول طرف في"النظام الدولي" ، و لم تصنعه.
الذين صنعوا "النظام الدولي" اعتبروه مثل الدين ، ليس لك دور في صياغة أحكامه ، و لكنك ملزم بإطاعتها .
ارادوه ان يكون فِطرةً؛ و هو ليس كذلك.
النظام الإقتصادي العالمي، و النظام المالي و النقدي العالمي، جزء من مكون "النظام الدولي"، و كذلك نظم المعلومات و الاتصالات، و نظام روما" المحكمة الجنائية الدولية".
بالنسبة "للمجتمع الدولي" يعتبر العالم مُسخّر لخدمته: ميادينٌ لحروبه ، و معاركه، أو مصدر ثراء : مصدر خامات ، و سوق استهلاك، و حتى مكب نفايات.
"المجتمع الدولي" مصالح تؤخذ عنوة، و ليس مباديء،و هو كيان متغير، ليس له عنوان معروف، يصنع هياكل ليحقق منها مبتغاه ثم يقتلها، أو يخفيها ؛ مثل مجموعة أصدقاء ليبيا سنة 2011، التي حين ضمنت تدميرها ، غيّرت وصفها و تحولت الى أصدقاء سوريا ، و حين فشلت هناك اختفت وراء "المجتمع الدولي".
من لوازم "المجتمع الدولي" ، مجموعة اصدقاء أي بلد يستهدفها ، فـــ "مجموعة الأصدقاء" تعمل كجوقة عزف تتيح "للمجتمع الدولي" تنفيذ جرائمه دون إزعاج، مثل "فتوات" العصابة الذين يراقبون الشارع، أو يحدثون ضجيجاً و جلبة، حتى تستكمل العصابة تنفيذ جريمتها و تفلت...
لا تثقوا في "المجتمع الدولي" ، و لا تعوّلوا عليه في شيء، فهو يعمل لمصالحه ، و لا تهمّونه الا إذا احتاج لكم في شهادة زور ضد خصومه، و هو حين ينجح في تحويل إخوة إلى متخاصمين ، يقدم نفسه كوسيط عادل بينهم ، ثم ينحاز إلى الطرف القادر على اطالة الخصومة الى الحد الذي يحتاجه .
كلما سمعتم عنه، أو قرأتم، فاعرفوا أن هذا هو "المجتمع الدولي" و "النظام الدولي".
أما المجتمع الدولي الحقيقي، و كذلك النظام الدولي الحقيقي، فهو لم يولد بعد، و ليس من السهل أن يولد ، في وجود الأقوياء الذين انتحلوا صفته...
حياكم الله ، و عشتوا ..
تاريخ النشر :30/12/2017