محمد عفيفي ومطربة القطرين فتحية أحمد
عام 1952 طلبت المطربة فتحية أحمد من معارفها ترتيب لقاء مع الملحن محمد عفيفي، لكنهم أخبروها بأنه لا يذهب لأحد، وإذا أرادت لقاءه فعليها طرق بابه بنفسها. كانت فتحية قد استمعت إلى ألحان عفيفي لأختها المطربة مفيدة أحمد المقيمة يالإسكندرية، وكانت ثالثة 3 أخوات مطربات هن فتحية ورتيبة ومفيدة. نشأ الثلاثي الطروب في وسط فني بفضل والدهن المطرب والمنشد أحمد الحمزاوي
كانت فتحية أفضلهن صوتا وأداء وخبرة، فقد عاصرت الشيخ سيد درويش وغنت ألحانه في حياته على المسرح. ومن تلك الألحان أشهر أغنياته، الحلوة دي، طلعت يا محلى نورها، وغيرها، وهي التي قامت بتعريف محمد عبد الوهاب وهو فتى صغير إلى الشيخ سيد الذي سمع صوته وأثنى عليه كثيرا وتنبأ له بمستقبل باهر. كما غنت من ألحان زكريا أحمد كثيرا ومن أشهر ألحانه لها "يا حلاوة الدنيا" في أوبريت يوم القيامة عام 1946. في ذلك الوقت كانت فتحية منافسة قوية لأم كلثوم التي كانت تخشى منافستها لما عرف عنها من صوت قوي نقي متمكن، وأداء رفيع المستوى خاصة في القصائد. وكانت تقوم برحلات فنية إلى الأقطار العربية مثل أم كلثوم وعبد الوهاب وفي إحداها حازت لقب مطربة القطرين على غرار لقب شاعر القطرين خليل مطران
أحب الورد - فتحية أحمد
كلمات محمد الحسيني - ألحان محمد عفيفي
في الوقت الذي طلبت فيه فتحية مقابلة محمد عفيفي كانت تقيم لدى أختها مفيدة بالإسكندرية، وكان يلحن لها ثلاثة من كبار الملحنين هم محمد القصبجي وزكريا أحمد ورياض السنباطي، لكن حاستها الفنية دلتها على أن ذلك الملحن السكندري الذي نشأ في مدينة سيد درويش والعاشق لألحانه يستطيع أن يقدم لها جديدا يستحق البحث عنه
بالفعل ذهبت مطربة القطرين إلى منزل محمد عفيفي بالإسكندرية، وكان اسم فتحية في ذلك الوقت لا يقل عن اسم أم كلثوم، وطرقت الباب ففتحت لها زوجته السيدة إحسان عبد الرحمن، فسألتها فتحية .. الأستاذ عفيفي موجود؟ فلما أجابتها بالإيجاب طلبت منها أن تخبره أن فتحية أحمد بالباب. استقبلتها الزوجة بكل ترحاب ثم أسرعت تخبر محمد عفيفي بالمفاجأة .. قام عفيفي من مجلسه لمقابلة فتحية مرحبا بها ومثنيا عليها، فأخبرته أنها جاءته للاتفاق على ألحان جديدة لها بعد أن أبدت إعجابها بألحانه لأختها ولغيرها. وبعد جلسة ودية تم الاتفاق بينهما في نفس اليوم.
حصلت فتحية على 7 ألحان لمحمد عفيفي خلال فترة إقامتها بالإسكندرية في عامي 1952 و1953 سجلت 5 منها لإذاعتي القاهرة ولندن. وبهذا اللقاء فازت فتحية أحمد بالألحان وأصبح محمد عفيفي رابع الملحنين الثلاثة الكبار
الموسيقار محمد عفيفي يروي رحلته مع مطربة القطرين فتحية ويعقد مقارنة سريعة بينها وبين كوكب الشرق أم كلثوم .. يصاحب التسجيل أغنية "أحب الورد" من ألحانه
موسيقى أغنية أحب الورد - فتحية أحمد
النوتة الموسيقية بخط وتوقيع الملحن
رقم 54 شارع سوتر بالإسكندرية
محل إقامة فتحية أحمد 1952 - 1953
محمد عفيفي - فتحية أحمد مطربة جبارة
غير أن الود الذي ساد العلاقة بينهما لم يدم طويلا. فبعد تسجيل تلك الألحان، وبالتالي تقاضت كامل الأجر عنها من الإذاعة، ومقابل لحن "أحب الورد" فقط تقاضت 400 جنيه استرليني من الإذاعة البريطانية BBC تجاهلت فتحية دفع أجر الملحن وتناست الأمر لسنوات. كان الأجر المتفق عليه 100 جنيه مصري لكل لحن، وهو بالطبع مبلغ كبير للغاية بلغة عام 1952 (الجنيه = 4 دولار أمريكي). أرسل إليها عفيفي رسائل مع معارف الطرفين مطالبا بأجره دون جدوى. .
اندهش عفيفي من هذا الموقف خاصة أنها هي التي سعت إليه ليلحن لها، فقرر مقاضاتها مطالبا بحقه ومثبتا لما تم من اتفاقات وإذاعات، لإرغامها على سداد استحقاقاته. وبالفعل استطاع الحصول على حكم قضائي ضدها بالوفاء بالتزاماتها كاملة
لكن القضية استغرقت سنوات أمام المحكمة، خفت خلالها نجم فتحية أحمد وتراجع رصيدها في البنك كثيرا، فقضت المحكمة بالحجز على ما تبقى لها من ممتلكات وفاء للدين المستحق. أرسلت فتحية الأصدقاء إلى محمد عفيفي تعتذر وتطلب السماح لأنه لم يعد بإمكانها الوفاء، لكنه لم يأبه بتوسلاتها، وتم تنفيذ الحجز على منزل لها بالإسكندرية لصالحه
تسجيل حديث تليفزيوني للموسيقار محمد عفيفي عن مطربة القطرين فتحية أحمد للقناة الخامسة المصرية 1991
بعد وفاة فتحية بسنوات طويلة تستضيف القناة الخامسة محمد عفيفي في لقاء تليفزيوني ليتحدث عن فتحية أحمد فيشيد بها وبصوتها وقدرتها الهائلة على التعبير ويذكر أنه قد لحن لها 7 ألحان منها لحن "أحب الورد" المسجل لإذاعة لندن عام 1953 الذي يظهر قدرة فتحية أحمد وإمكانيات صوتها الفريد. وذكر أنه تم تسجيله في إذاعة بي بي سي بانجلترا
كما تحدث عن زوجها أحمد فؤاد علام عازف الكمان الأول في فرقة حسين جنيد التي كانت تعمل بالإسكندرية، وكيف أنه كان يعاونه في تدريب الفرقة على أداء ألحانه لفتحية، وننشر هنا تسجيلا لذلك الحديث الذي تم تقريبا عام 1991
ثم أذاع تفاصيل أكثر في أحاديث أخرى أشاد فيها بصوت فتحية وقدرتها الفنية ننشرها على هذه الصفحة