1-ومضات على طريق العزة

الحمد لله الذي خلقنا على الصراط المستقيم , خلقنا على الفطرة وأعاننا على البقاء بدعاء نقولة في كل يوم , في كل صلاة , في كل ركعة , وكلما قرانا الفاتحة ..( اهدنا الصراط المستقيم )

النبي صلى الله عليه وسلم مثل لنا هذا الصراط في حديث شريف فقال :

ضرب الله مثلا صراطا مستقيما , وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة , وعلى الأبواب ستور مرخاة , وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس , ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا , وداع يدعوا من فوق الصراط , فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب , قال : ويحك , لا تفتحه ؛ فإنك إن تفتحه تلجه . فالصراط الإسلام , والسوران حدود الله , والأبواب المفتحة محارم الله , وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله , والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم

واعظ يعظنا أن نثبت على الحق , نثبت على الإسلام , نثبت على نصرة الإسلام

لماذا نحن نتوه ؟

هناك عدة أسباب منها انشغالنا بأرزاقنا ، ومسؤولية الأولاد ، وأحياناً يصبح الشعور بالحق وقيمة هذا الحق وقيمة الإسلام غيرغالي على قلوبنا ، وأحياناً خوف .. وأيضاً لأسباب أخرى كثيرة .

فيجب أن ننتبه لأمر مهم جداً ، فالثبات هو أقوى ما يعطيه الله لأمة، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد.

1 - الثبات و يكون على ثلاثة أمور

أولاً : الثبات على الحق عموماً

الحق الواضح الجلي ، وهذا لايعني عدم المرونة والتوازن ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة. ومهما كان رأي الآخرين ، فلن تهتمي وستثبتي عليه.

فالحقائق الواضحة التي لا تحتمل الجدال ، أنا ثابت فيها، والموازنة في هذا الثبات أمر مهم جداً ، لذلك سيكون في تكملة لهذه الحلقة ، وعرض كيف كانت الموازنة عند النبي صلى الله عليه وسلم .

على ماذا تثبت ؟ تثبت على الحق عموماً ، ففلسطين أرض المسلمين ، وسنظل نطالب بهذا الحق ، وحقنا في المسجد الأقصى ..

سمعنا عن فتاة أمريكية ذهبت إلى فلسطين ، وظلت واقفة أمام الجرافة الإٍسرائيلية التي كانت مصرة على هدم بيت فلسطيني ، والبنت لا تتراجع عن موقفها ، وتقف ثابتة أمام هذه الجرافة ، رغم الموت الذي يقف أمامها، وهي لم تكن مسلمة ، ولكن موقفها هذا من جراء إحساسها بأن هذا حق ،

رأت حق يغتصب أمامها فأرادت أن تدافع عنه ، فدفعت حياتها ثمناً لهذا الحق. ولكنها أصبحت حُجة على كل المسلمين.

ـ و في حياة الإمام أحمد بن حنبل بعض الفلاسفة قالوا أشياء غير صحيحة تتعلق بالقرآن ، وتتعارض مع عقيدة المسلمين ، وكان أن صّدق بعض الناس ما جاء به هؤلاء الفلاسفة .

فالإمام أحمد وقف في وجه هؤلاء ليدافع عن العقيدة ، في جزئية تتعلق بالقرآن، والكل من حوله يريدونه أن يتراجع ، فرفض

فالإمام أحمد القضية بالنسبة له منتهية ، والناس كلها تنتظر رأيه، فكان أن سُجن ، وفي داخل السجن كان يقول : أنا لا أخاف فتنة السجن ، فما هو وبيتي إلاّ واحد(أي ليس هذا بالمهم عنده) ، ولا أخاف فتنة القتل ، فإنما هي الشهادة ، ولكني أخاف فتنة السوط . (أي التعرض للضرب)

و أخذوه ، استعداداً لضربه ، وكان يبدو على وجهه القلق ، وهو في طريقه صدف أن التقى بسارق في السجن يمر من أمام الإمام ، فما كان من هذا السارق إلاّ نظر إلى وجه الإمام ابن حنبل ولاحظ في وجهه القلق ، وكان اسم هذا السارق أبوهيثم الطيار ، الطيار أي السريع الذي يسرق ويجري بسرعة.

فقال يا إمام : لقد ضُربت ثمانية عشر ألف سوطاً بالتفاريط (أي ضربت مرات متفرقة على مدى عمري السرقي) وأنا على الباطل فثبُت. فاثبت أنت على الحق.

ثم نظر إليه وقال : يا إمام اثبت على الحق فإن عشت ، عشت حميداً ، وإن مت مت شهيداً .

يقول الإمام فثبتني ، وكان الإمام أحمد كل ليلة يستغفر لأبي هيثم .

وأخُذ الإمام أحمد بن حنبل وضُرب ، وجلاده قال : لقد ضربته ضرباً لو كان فيلاً لهددته .

ثم يقول هذا الجلاد ، كنت أضربه على ظهره ، وكان ظهر الإمام قد انسلخ من كثرة الضرب ، حتى كان هناك من أشفق عليه وسأله أن يأتي له بالماء، فينظر إليه وقال أنا صائم .

ثانيا : الثبات على نصرة الإسلام

ثالثاً : الثبات على طاعة الله تبارك وتعالى

فدينك غالي جداً ، ويجب أن تثبت لغاية أن تموت ، وأن تتمسك بقضية دينك ، ومهما يحصل من أمور حولك، فأنت متمسك بدينك ، فالناس تلهو بشهواتها ، ولكن أنت ليس لك دعوة بهم ، فإن كان من يقول بأن قضية فلسطين ليس لها حل ، فأنت ستكون مثل الجبل الذي لا يهتزمهما تعرض للزلازل ، أو العواصف أو الرياح ، فأنت كما أنت متمسك بقضيتك ، ولا يخر أي لا يقع هذا الجبل إلاّ لله تبارك وتعالى . فيجب أن تكون هكذا ، ثابت مثل الجبل ، لا تقع إلا من أجل الله تبارك وتعالى ، لأن الإٍسلام غالي جداً.

فأنا متمسك بالإٍسلام وسأظل أتكلم مع أصحابي في الدين ، حتى لو تعرضت للاستهزاء ، وأن تكون دعوتي للغير بأحسن وأفضل الطرق ، كما أمرنا الله "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"

الثبات لا يعني تهور ، وطريقتي بالدعوة تكون بمنتهى الرحمة وبمنتهى الجد .

والنبي أيضاً كان يدعو في كل صلاة :اللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ، (وهذا الرسول يدعو بهذا الدعاء فكيف بنا نحن) . فالثبات على نصرة هذا الدين شيء كبير جداً وغالي .

الثبات "ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون" سورة الأنفال

.

كذلك أيضاً قول الله تبارك وتعالى "وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثيرفما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين"

"وماكان قولهم إلاّ أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا

وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"

"فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين". سورة آل عمران

يجب أن تبقى ثابتاً لغاية أن تموت.

اسمع قول الله تبارك وتعالى "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"

"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو الفضل العظيم"

"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" سورة آل عمران

فيجب أن تكون قضية الإسلام أجمل وأغلى قضية في حياتك ، ويامن ستعيش فقط من أجل أن تأكل ، وتتزوج ، وتنجب ، ثم تموت ، ستموت صغيراً وتعيش صغيراً ، ولكن من يعيش وقضيته أن يكون الإسلام عالياً وغالياً ، سيعش كبيراً ويسعد أكثر من النموذج الأول ، ويتمتع بحياته ، فحياته لها معنى وقيمة ، وهو يعيش من أجل نصرة دينه .

لذلك سأحدثكم عن نماذج عاشت للإسلام، وكيف كان استعدادها لبذل الغالي والرخيص من أجل هذا الدين ، وهي نماذج لناس ضحت بأهلها وأولادها وأموالها ، من أجل أن تتحقق نصرة هذا الدين .

فأنت لم تتعرض لما تعرضوا له ، ولكن على الأقل يجب أن يكون الإسلام غالي عليك، وأهم أمر في حياتك ، وأكبر شيء ، وتموت وأكبر أمانيك أن ترى الإسلام مرفوع ، وأن تكون هذه قضية حياتك .

فاثبت على موقفك ، وسعيك لأن تأخذ بأيدي الآخرين للالتزام بتعاليم دينهم، فالثبات على نصرة الإسلام هذا هو المعنى الذي نريد أن نرسخه في أنفسنا.

فمن هذه النماذج ، نموذج عظيم لغلام ، قصة طويلة رواها النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رواها عنه صهيب الرومي ، وهذا الحديث في صحيح مسلم.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم ، وانظر إلى الثبات ، ويضرب النبي المثل بهذا الغلام الذي كان عنده تقريباً 12 عاماً : إنه كان فيمن كان قبلكم (النبي الذي يروي الحديث) ملك كان عنده ساحر ، كبر الساحر ، فقال للملك : إني قد كبرت فهلا أرسلت لي غلاماً أعلمه السحر. فأرسل إليه الملك غلاماً يعلمه (من أجل أن يأخذ عنه السحر) ، فكان الغلام يذهب إلى الساحر، وفي طريقه كان الغلام يمر على راهب ، كان يسمع من الراهب فيعبجه كلامه ، ثم يذهب إلى الساحر فيعلمه ما يختلف كثيراً عن ما يسمعه من الراهب ، فالأخير يعلمه دين ، والساحر يعلمه السحر .

فاحتار الغلام ، وفطرته كانت جميلة جداً ، واستمر في التعلم من الاثنين، فجاء في يوم يمر في طريق ، فوجد دابة تعترض طريق الناس ، والناس خائفة ولا تستطيع أن تجتاز الطريق. فأخذ الغلام حجر وقال اليوم أعرف أيهما أحب إلى الله الساحر أم الراهب . فأخذ الحجر وألقاه على هذه الدابة وقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة بهذا الحجر . فألقاه ، فقتلت الدابة. فقال قد علمت أن أمر الراهب أحب إلى الله من أمرالساحر.

فرجع الغلام إلى الراهب ، وأخبره بالذي حدث : فقال له الراهب : أي بني أنت اليوم أفضل مني عند الله وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل عليَّ (فالغلام أحسن من الراهب ، لأن الراهب لم يكن يدعو ، والغلام تعلم لأنه هو الذي ذهب إليه، بينما الغلام سيثبت ويتحرك بهذا الدين) . ودارت الأيام وكان عند الملك جليس أعمى ، فكان الغلام قد فتح الله عليه ، فكان إذا دعا لأي أحد بالشفاء فيشفى ، وهكذا كان الناس يقصدونه لكي يدعو لهم . وجاء للغلام الرجل الأعمى ، جليس الملك ، بالهدايا الكثيرة طالباً من الغلام أن يشفيه ، فقال الغلام : أنا لا أشف أحد ، إنما يشفي الله ، فإن آمنت بالله دعوت الله لك أن يشفيك .

فقال الرجل : آمنت بالله وأشهد بأن لا إله إلا الله ، فدعا الله له ، فشفي الرجل.

فذهب الرجل إلى الملك الذي سأله : من الذي ردّ إليك بصرك .

قال : ربي

فقال الملك : أنا

قال : لا ربي وربك الله.

فقال الملك : من أمرك بهذا ، فما زال يعذبه حتى دلّ على الغلام ، فما زال يعذب الغلام حتى دلّ على الراهب ، فجيء بالراهب ووضع المنشار في مفرق رأسه وقال له الملك : ارجع عن دينك ، فأبى ، فشق رأسه نصفين حتى صار ِفرقتين

(حديث مسلم) وهل ندري لماذا يروي لنا النبي هذا الحديث؟

فنحن لن نتعرض لما تعرض له الراهب ، ولكن لكي نستشعر دائماً بغلاوة ديننا .

فالإسلام يحتاج إلى جهد كل واحد منا ، فيجب الثبات ، وتبقى قضية فلسطين غالية في قلوبنا والمسجد الأقصى.

فجيء بجليس الملك ، وقيل له ارجع عن دينك ، فأبى ووضع المنشار على رأسه وشق نصفين . ثم جيء بالغلام (هنا مربط الفرس) فقال الملك (كان يريد أن يتسلى) فقال : خذوه واصعدوا به إلى أعلى الجبل حتى إذا كنتم على ذروة الجبل ألقوه. فصعدوا به إلى الجبل ، فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير(فهل نرى شدة إيمانه، وهو ليس بنبي وإنما غلام صغير، ونحن حتى لا ندر ما اسمه، ولكن المهم أن نكون مثله) .

فالغلام دعا بهذا الدعاء ، وهو دعاء جميل ولنتعلمه ، وندعو به وخصوصاً عند الخوف .

فرجف الجبل وسقطوا من على الجبل . فرجع الغلام يمشي إلى الملك (فهو كان ممكن أن يهرب، ولكنه يريد أن يأخذ بأيدي الناس)

فقال الملك : كيف عدت

قال : كفانيهم الله .

فنادى الملك لناس آخرين وقال لهم : خذوه واركبوا به سفينة حتى إذا كنتم في وسط البحر ألقوه ، فدعا الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير . فرجفت السفينة فغرقوا ، ورجع الغلام إلى الملك .

فقال الملك : كيف هذا

فقال الغلام : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به .

قال الملك : وما ذاك

قال الغلام : تأخذ سهما من كنانتي وتجمع الناس (ماذا يريد الغلام من وراء طلبه جمع الناس؟ وهل نرى ثبات هذا الطفل الصغير) وتأخذ السهم وتضعه في كبب القوس وتقول : باسم الله رب الغلام. إذا قلت هذا ستقتلني

فالملك جمع الناس وأراد أن يجرب وصوب السهم تجاه الغلام وقال : بسم الله رب الغلام وأطلق السهم فوقع في صدغه (خده) فوضع الغلام يده على صدغه فمات .

فقال الناس : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام. فآمن الناس جميعاً. فهل رأينا ثبات هذا الغلام..!

فنحن والحمد لله نعيش في بلادنا بخير ، ولكن نحن نحتاج إلى نفض التراب عن القلوب ، فتحت هذا التراب يوجد جوهرة جميلة جداً .

2 - التجرد للفكرة الإسلامية دون سواها

أن تتخلص لفكرتك ( الإسلامية ) مما سواها من المبادئ والأشخاص , لأنها أسمى الفكر وأجمعها و أعلاها , قال تعالى : ( صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَة )

والمسلم واحد من ثلاثة أصناف :

أ - مسلم مجاهد

ب - مسلم قاعد

ج - مسلم آثم

( ما الفرق بين الإخلاص والتجرد ؟ فنقول : أن الإخلاص أشمل وأعم من التجرد , لأن الإخلاص هو عبارة عن مجموعة من التجردات ; فأنا أتجرد لله في العمل , وأتجرد لله في الفكرة , وأتجرد لله في القول ... وهكذا .

وهنا التجرد للفكرة الإسلامية , وبلا شك فإن المخلصين لله لابد وأن يتجردوا لله في فكرتهم.

مثال .. من التجرد في الفكرة أن أعيش بمنهج الإسلام .. ولا اجعل فكري تابع لشخص من البشر .. ولكني متجردة لله تعالى .. و من الأساسيات في الفكر الإسلامي سؤال المتخصص (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )

أشيع كلام كثير في هذه الأيام عن الدول الدينية والمدنية والعلمانية.

و كل هذه مصطلحات سياسية , ولكي نعرف أيها يمكن ان تكون إسلامية لابد من سؤال أهل العلم وهم هنا أهل السياسة .

الدولة الدينينة : تقوم على أمرين

1 - تفويض إلاهي للسلطة السياسية و يكون الحاكم بهذا التفويض نائبا لله في الأرض ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا )

وليس مفوضا عن الناس ولا نائبا للأمة و لا خاضعا لمحاسبتها .

2 – وفيها حق اسئثار لحق صنع الجائز و الممنوع و الحلال والحرام , و ما يفعله الناس اولا تفعله .

إن اختل أحد هذين الشرطين فلا تكون دولة دينية .

والآن لنقارنها بالدولة الإسلامية لنعرف هل لها بها علاقة ؟

هل يحكم الحكام فيها بتفويض مزعوم من رب ا لعالمين سبحانه وتالى عن ذلك علوا كبيرا ؟

هل يستأثرون بحق التشريع بحيث لا يشرك الحاكم فيه أحد ؟

إن آيات الأحكام في القرآن على كثرتها ليست كل الأحكام الموجودة في الفقه الإسلامي و لكن بعضها حدود وأحكام , و بعضها أصول يستنبط منها الفقهاء أحكام أخرى تجد على الامة .. مثل نقل الاعضاء مثلا .

هذه الدولة الدينية أشقت العالم في العصور الوسطى بسبب عبارة تنسب لعيسى عليه السلام ( الذي تربطونه في الأرض مربوط في السماوات والذي تحلونه في الأرض محلول في السماوات )

هذا التعريف بهذا التعبير لا يعرفه تاريخ الإسلام قط , والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أسس أول دولة إسلامية في المدينة أسسها بموجب وثيقة بشرية تنظم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين و بينه صلى الله عليه وسلم كرئيس للدولة و بين المقيمين على أرضها من المسلمين واليهود والمشركين وذكرهم بقبائلهم و أعطاهم ما كان لهم من حقوق و قرر ما عليهم من واجبات بموجب وثيقة بشرية كتبت على عدة مرات لدخول قبائل جديدة و شروط جديدة لهذه الوثيقة .

هذا الأساس لحكم الدولة الإسلامية الأولى ينفي دينيتها , ينفي ادعاء أن هناك حقا إلاهيا للحاكم فهي قابلة للتعديل والزيادة والنقصان و ليست قرءانا .اتفق الناس على هذه الوثيقة و أقيمت على أساسها الدولة وحكم النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى أحكامها و الخلفاء الراشدون من بعده . و مرجعية هذه الوثيقة هي الشريعة الإسلامية .

أما الدولة الدينية بمفهومها السياسي فلا يقبلها الإسلام ولا الفقه الإسلامي ولا دعاة الإسلام.

فما هي الدولة المدنية ؟ هي الدولة التي تخضع لمبدأ المشروعية ( مبدأ خضوع الدولة للقانون ), يعني لقانون السائد في الدولة يحكم جميع الخلق و يحكم كل الوقائع ولا يحيد من تطبيقه عليه إنسان سواء كان حاكما أو محكوما , صغيرا كبيرا , أصحاب رؤوس الأموال مثل العمال والفلاحين . كل الناس أمام القانون سواسيه .

مبدا خضوع الناس للقانون قبل نزول القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معروفا .

لذلك الدولة الإسلامية هي اول دولة حقيقية في التاريخ لأنه توفر لها ثلاثة عناصر شعب وأرض وخضوع للقانون .

دولة يكون الناس فيها سواسية أمام القانون من أول قانون المرور والنظافة إلى قانون الأمن العام .

الحاكم في هذه الدولة لا تفرضه وراثة أو حق إلاهي .

هذه الدولة المدنية لابد لها من مرجعية : و هنا الأهمية

إذا كانت المرجعية تقول برفض النظر اصلا في النص الديني و ان تكون المرجعية للبشر فقط ودون الرجوع لمرجعية الدين الغالب في الدولة صارت علمانية او عالمانية .

اما إذا كانت المرجعية للشريعة الإسلامية أي للنص و هو إما قرآن أو سنة , والإجتهاد فهذه الدولة المدنية تكون إسلامية .

وهل الذين يقومون بالإجتهاد يفرضون اجتهادهم على البقية ؟ لا

قولي صواب يحتمل الخطأ و قول غيري خطأ يحتمل الصواب .

إذا الدولة الإسلامية كانت دوما مدنية ولم تكن دينية قط .

و قال العلماء عن الحكام : إمام التغلب ( من حكم المسلمين بسيفه ) يطاع لأنه إمام ضرورة إذا لم نطعه سفكت الدماء , فتوفيرا لسفك الدماء نطيعه و نحن مضطرون . والضرورة تقدر بقدرها إذا ذهبت الضرورة ذهب إمام التغلب .

3 - الأخوة في الله

وأريد بالأخوة : أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة , والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها , والأخوة أخت الإيمان , والتفرق أخو الكفر .

وأول القوة : قوة الوحدة ، ولا وحدة بغير حب .

وأقل الحب : سلامة الصدر .

وأعلاه : مرتبة الإيثار .

( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ) ( الحشر : 9 )

والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه ، لأنه إن لم يكن بهم ، فلن يكون بغيرهم ، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره ( وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) ( والمؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا ) ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ( التوبة : 71 ) وهكذا يجب أن نكون .

إن لم نحب بعضنا فلن تكون بيننا وحدة مهما حدث , واعلم

أن أعلى مراتب الحب في الله هي أن تؤثر أخوك المسلم بما لديك من خير ,

وكأنك تنظر إليه أنه أنت , وأنت هو ,

وكأنك تضع التمرة في فمه فتجد حلاوتها في فمك أنت من شدة حبكما لبعضكما في الله ,

و أقل مراتب الحب هو أن يكون صدرك سليما إتجاه أخوك المسلم , فلا تحمل عليه ضغينة ولا حقدا ولا كرها , وإنما لا لك ولا عليك .

لو صدقنا في حبنا لما بقيت فلسطين محتلة والمسجد الأقصى أسير يشكو إلى الله ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على المسلمين قبل الناس , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ,

لو أحببنا بعضنا , ما سمحنا أن نرى مسلما يراق دمه أو يشاك بشوكة .

ولكننا يجب أن نبقى على الطريق , ندعوا إلى الأخوة والحب في الله إمتثالا لأمر الله ورسوله .

4 - العزيمة

هل سمعتم بقصة الشاب الصيني الذي ذهب لرجل كبير في السن سائلا إياه مفتاح النجاح فأحضر الرجل العجوز إناء به ماء فاستغرب الشاب وقال له العجوز أنظر إلى الإناء ماذا ترى؟ فنظر الشاب إلى الإناء وإذا بالعجوز يمسك برأس الشاب ويغمره في الماء فحاول الشاب المقاومة

فأقبض الرجل العجوز بقوه أكبر ولكن الشاب قاوم بشده واخرج رأسه من الماء فأستغرب الشاب من تصرف هذا العجوز فقال له العجوز هل رأيت مدى حاجتك للهواء فقال الشاب: نعم قال العجوز : هكذا النجاح لا بد أن تطلبه كطلبك للهواء.

إذا وصلت رغبتك في الحصول على الحكمة درجة رغبتك في الحصول على الحياة في لحظة الغرق ستحصل على الحكمة . (سقراط)

اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد

كيف تحكم أن هذا الشيء غير ممكن ؟ الجواب: جرب

" لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها ". (أثر )

لقد فشل أديسون مئات المرات قبل أن يكتشف ضوء المصباح الكهربائي

وهنري فورد أصيب بالإفلاس خمس مرات قبل أن ينجح في اختراع سيارته

ولقد تم رفض كولونيل ساندروس من قبل أكثر من ألف مطعم قبل أن يزدهر بوجبة كنتاكي الشهيرة

ولقد سطر لنا التاريخ بأحرف من ذهب نماذج مشرقه لصنّاع النجاح وروّاده:

فها هو عمر بن عبد العزيز يبنى دولة إسلامية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً،فأمن الناس على أنفسهم وأهليهم وأعراضهم وأموالهم ، وعزوا فلم يجرؤ أحد على إذلالهم، وفاض المال حتى لم يجدوا من يأخذه وكل ذلك في سنتين لا غير!!

وقد فر عبدالرحمن الداخل ليشيد ملكا في قعر بلاد النصارى فكانت الدولة الاموية في الاندلس ، واقام حضارة إسلامية دامت قرونا طويلة، أخرج الله بها الغرب من ظلمات جهلهم إلى علم سادوا اليوم به الدنيا.