wahabi attack on karbala
الهجوم الوهابي على كربلاء
الهجــــــوم الوهـــــــابي عـــــلى كربلاء (18 ذي الحجة 1216 هـ - 2 نيسان 1801م )
تعرضت مدينة كربلاء الى هجوم وهابي (إرهابي) واسع النطاق ، وذلك بتاريخ 18 ذي الحجة 1216 هـ (2 نيسان 1801م) وحسب التاريخ الهجري كانت المناسبة ليلة الغدير ومعظم الأهالي في النجف الأشرف لأداء مراسيم الزيارة .
ويقدر عدد الوهابيين المهاجمين بستمائة هجان وأربعمائة فارس ، وفي روايات أخرى أكثر من هذا العدد بكثير ، وكانوا بقيادة (سعود بن عبد العزيز) ، وأغلق الأهالي أبواب سور البلدة ، إلا أنهم هاجموا عنوة إحدى الأبواب ، وتمكنوا من فتحها ، وشقوا طريقهم نحو المدينة المقدسة ، ليعيثوا فيها دماراً وفساداً ويهلكوا الحرث والنسل .
ويصف لنا هذا الموقف (لونكريك) بقوله : (..ودخلوا البلدة ، فدهش السكان ، وأصبحوا يفرون على غير هدى ، بل كيفما شاء خوفهم وأما الوهابيون الخشن فقد شقوا طريقهم الى الأضرحة المقدسة ، وأخذوا يخربونها فأقتلعت القضب المعدنية والسياج ثم المرايا الجسيمة ، ونهبت النفائس والحاجات الثمينة من هدايا الباشوات وامراء وملوك الفرس وكذلك سلبت زخارف الجدران وقلع ذهب السقوف وأخذت الشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة ، وقتل زيادة على هذه الأفاعيل قرابة 50 شخصاً بالقرب من الضريخ و500 أيضاً خارج الضريح من الصحن ، أما البلدة نفسها فقد عاث الغزاة المتوحشون فيها فساداً وتخريباً وقتلوا من دون رحمة جميع من صادفوه ، كما سرقوا كل دار ، ولم يرحموا الشيخ ولا الطفل ولم يحترموا النساء ولا الرجال فلم يسلم الكل من وحشيتهم ولا من أمرهم ولقد قدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة وقدر آخرون خمسة أضعاف ذلك) /راجع أربعة قرون من تاريخ العراق ، ص260.
ويصف لنا السيد عبد الحسين الكليدار آل طعمة هذه الحادثة الأليمة ماهو نصه (..جهز الأمير سعود الوهابي جيشاً عرمرماً مؤلفاً من عشرين ألف مقاتل وهجم بهم على مدينة كربلاء ، وكانت على غاية من الشهرة والفخامة ينتابها زوار الفرس والترك والعرب ، فدخل سعود المدينة بعد أن ضيق عليها ، وقاتل حاميتها ، وسكانها قتالاً شديداً وكان سور المدينة مركباً من افلاك النخيل مرصوصة خلف حائط من طين ، وقد أرتكبت الجيوش فيها من الفظائع مالا يوصف حتى قيل أنه قتل في ليلة واحدة 20 ألف نسمة ، وبعد أن أتم الأمير سعود مهمته الحربية التفت نحو خزائن القبر وكانت مشحونة بالأموال الوفيرة وكل شيء نفيس ، فأخذ كل ماوجد فيها ، وقيل أنه فتح كنزاً كان فيه جمة جمعت من الزوار ، وكان من جملة ما أخذه لؤلؤة كبيرة وعشرين سيفاً محلاة جميعها بالذهب مرصعة بالأحجار الكريمة وأوان ذهبية وفضية وفيروز وألماس وغيرها من الذخائر النفيسة الجليلة القدر ، وقيل من جملة مانهبه (سعود) أثاث الروضة وفرشها منها 4 آلاف شال كشميري و2000 سيف من الفضة وكثير من البنادق وقد صارت كربلاء بعد هذه الواقعة في حال يرثى لها وقد عاد اليها بعد هذه الحادثة من نجى بنفسه فأصلح بعض خرابها وأعاد اليها العمران رويداً رويداً ..) /راجع تاريخ كربلاء المعلى ، ص2 ، للسيد عبد الحسين الكليدار.
ويصف لنا السيد محسن الأمين الهجوم الوهابي على كربلاء بالقول :
(في سنة 1216هـ جهز سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الوهابي جيشاً عظيماً من اعراب نجد وغزى به العراق وحاصر كربلاء ، ثم دخلها عنوة ، واعمل في أهلها السيف ، ولم ينجح منهم إلا من فر هارباً أو أختفى في مخبأ أو تحت حطب أو نحوه ولم يعثروا عليه وهم جيران قبر أبن بنت رسول الله (ص) السبط الشهيد ، ونهبها وهدم قبر الحسين (ع) وأقتلع الشباك لاموضوع على القبر الشريف ونهب جميع مافي المشهد من الذخائر ولم يرع لرسول الله (ص) ولا لذريته حرمة واعاد بأعماله ذكرى فاجعة كربلاء ويوم الحسرة وأعمال بني أمية والمتوكل العباسي ، ويقول أهل العراق -وهم أعلم بما جرى في بلادهم- أنه ربط خيله في الصحن الشريف وطبخ القهوة ودقها في الحضرة الشريفة . /راجع كتاب كشف الأرتباب ، ص16 ، للعلامة الأميني .
يقول صاحب كتاب مفتاح الكرامة (وفي عصره كان غزوهم للعراق : ان سعود الوهابي الخارج في أرض نجد أخترع ما اخترع في الدين واباح دماء المسلمين وتخريب قبور الأئمة المعصومين فأغار في السنة المذكورة على مشهد الحسين (ع) وقتل الرجال والأطفال وأخذ الأموال وعاث في الحضرة المقدسة فأفسد بنيانها وهدم أركانها ، وجاء في كتاب ناسخ التواريخ ص36 (أسرع سعود وأتباعه صوب النجف الأشرف وحاصر قلعة النجف وهاجمها عدة مرات ولكن لم يتمكن منها فرجع الى كربلاء بـ12 ألف فارس من ابطال الرجال ، فغافل كربلاء وداهمها وصادفت هذه الحادثة يوم عيد الغدير، وبدأ القتل والتذبيح بسكنة هذه المدينة حتى قتل منها خمسة آلاف رجل وامرأة ، وكسروا الضريح المبارك وسرقوا الجواهر والثريات والمفروشات واللآليء التي كانت حصيلة قرون عديدة من الهدايا الثمينة من الخلفاء والأمراء ونهبت الخزينة والقناديل الثمينة ، وبعد ستة ساعات من هذه الأعمال البربرية غادروا كربلاء) ، والنصوص كثيرة في سرد هذه الحادثة الأليمة التي أنتابت مدينة الحسين (ع) والتي سميت بحادثة الطف الثانية لبشاعتها . ونكتفي بهذا النص من كتاب (زبيل فرهاد) لمعتمد الدولة ص348 ( .. ولده الأكبر سعود مع 1200 فارس غدار فداهموا كربلاء يوم الغدير سنة 1216 هـ بصورة فجائية فعملوا في أهلها السيف فقتلوا ونهبوا وأسروا ما أستطاعوا ، فأستشهد في هذه الواقعة الكثير من العلماء الأعلام ..)
وأما الحديث عن الشهداء فأنهم بالالآف كما وصفتهم المصادر ، ودفنوا في (مقابر جماعية) إلا أن التاريخ (للأسف) حفظ لنا بعض أسماء الشهداء ، ومن جملتهم كانوا من السادة آل سيد يوسف الموسويين الذين عرفوا فيما بعد بـ (آل وهاب) تخليداً لذكرى أستشهاد جدهم في حادثة الوهابيين وهم كل من :1- السيد محمد موسى بن محمد علي / سادن الروضة الحسينية ، أستشهد داخل الحرم الحسيني مع اخوانه وهم : 2- السيد حسن بن محمد علي 3- السيد حسين بن محمد علي وأبناء عمومتهم من آل السيد يوسف والذين عرفوا بالسادة آل جلوخان والشهداء هم كلاً من :4- السيد مصطفى وأبنه :5- السيد مرتضى بن مصطفى وهؤلاء السادة المستشهدون جميعاً من خدمة الروضة الحسينية المقدسة . ومن الذين أستشهدوا من السادة آل النقيب الموسويين هم كلاً من :6- السيد محمد بن كنعان النقيب .7- السيد علي بن مرتضى النقيب .وهم من خدمة الروضة الحسينية المطهرة ، ومن الشهداء حسب ماجاء في بعض المصادر :
8- مهدي الحاج أحمد العواد . ومن الشخصيات الذين أستشهدوا في هذه الحادثة وزير نادر شاه كربلاء وهو :9- الميرزا حسين شاه زاده . وكذلك :10- الميرزا محمد طس الكهنوي11- علي تقي اللاهوري وشقيقه 12- الميرزا قمر علي وغلامه وخادمه ، ومن العلماء والسادة والأجلاء :13- الشريف السيد صادق ، أحد رجال كربلاء 14- والمفتي السامي علي 15- والتقي الورع غني علي ، من رجال الدين الثقاة 16- الملا عبد الصمد الهمداني ، وهم من الفقهاء المحدثين نزيل كربلاء وأحد أعلام الحوزة العلمية ، ويروى في كيفية أستشهاده أن الوهابيين أخرجوه من داره ووضعوا الحبل في عنقه وسحبوه وذبحوه كما يذبح الإرهابيون العراقيين في وقتنا الحاضر ، وكان يكرر قبل أستشهاده بالقول (ستخضب شيبتي من دمي) وذكره كثيراً من أصحاب المعاجم والتواريخ . ومن الذين أستشهدوا في الصحن الشريف عائلة الملا عثمان الكربلائي وهم كلا من زوجته وأطفاله الثلاثة ، وأما عن الملا عثمان فقد ذكرنا في أعداد سابقة وفي حلقات متسلسلة عن كيفية توجهه الى الدرعية وقتله لشيخ الوهابيين الأكبر عبد العزيز والد سعود الذي هجم على كربلاء وكيف أستشهد الملا عثمان حرقاً وهو حي ، عودة الى كربلاء ، وبعد هذا الحادث أضطربت كلاً من الدولتين القاجارية والعثمانية ، وكذلك العالمين العربي والإسلامي ، وحتى العالم الغربي لهول الصدمة في هذه الفاجعة الكبيرة التي أنتابت مدينة سيد الشهداء كربلاء المقدسة على يد الوهابيين وارسل العثمانيين من يحقق في الأمر وتبين أن والي كربلاء المدعو (عمر أغا) كان متواطئاً مع الوهابيين لأستباحة كربلاء والقضاء على أهلها ، بسبب حقده الطائفي وكان جزاؤه الإعدام على يد السلطات العثمانية وللشعراء دور في تخليد هذه الواقعة الأليمة ومنهم الشاعر والمؤرخ الشيخ محمد طاهر السماوي ، وكما جاء في ديوانه (مجالي اللطف بأرض الطف) / ص43 مايلي :
فشد لايثني هواه الثاني ومزق الكتاب والمثانيوهدم الشباك والرواق اواستلب الحلي والاعلاق اوقتل النساء والأطفال إذ لم يجد في كربلاء رجالا لأنهم زاروا الغدير قصداً فارخوه (بغدير) دما 1216