A view on shia for Hans Halm
قراءة في التشيع لهاينز هالم
عرض ونقد وتحليل /السيد علاء الخطيب
في مطلع عقد الثمانينات من القرن المنصرم ما انفك الباحثون الغربيون ومراكز
الدراسات الاستراتيجية ومعاهد البحث المختصة بالدراسات العربية والإسلامية من
الاهتمام وتسليط الضوء على التشيع كظاهرة سياسية وعقائدية وثقافية ونشطوا لمعرفة
أدق التفاصيل عن التاريخ الشيعي من حيث الجذور التاريخية ومرحلة التأصيل وربط كل
ذلك بالتجربة الحاضرة للمسلمين الشيعة اليوم. لم يعد الشيعة اليوم تلك المجموعة
المهمشة المعارضة على الدوام للظلم والأضطهاد بعد نجاح الثورة الاسلامية في إيران
وانتصارات حزب الله على الاسرائيليين وسقوط النظام الدكتاتوري في العراق, بل أصبح
لها كيانها ودولها وأصبحت مفرداتها الثقافية متداولة في الأعلام العالمي , فكان من
الطبيعي أن يعكف الباحثون على دراسة هذا الثقل المهم من المجتمع الإسلامي . فصدرت
الدراسات والكتب الكثيرة التي تحدث عن التشيع سواء من المسلمين أو من غيرهم .
ان البروفيسور هاينز هالم صاحب كتاب ( التشيع ) هو أحد الباحثين والمستشرقين
الألمان في مجال الدراسات الإسلامية وعلى وجه الخصوص الدراسات الشيعية فله مؤلفات
عديدة في هذا المضمارمثل ( الفاطميون وتقاليدهم في التعليم ) و( الاسماعيلية )
و(الغنصوية في الاسلام) وكتاب (التشيع ) الذي ألفه سنة 1987م باللغة الالمانية
وترجمته الى اللغة الانكليزية السيدة جانيت واطسون وطبع في اسكتلندا في دار أدنبرة.
لا يخلو هذا الكتاب الصغير نسبيا ً من الشطحات والمفارقات في تحليلاته التاريخية
للأحداث حيث يذهب بعيدا في بعض الاحيان في تحليله للوقائع التاريخية والسبب في ذلك
يرجع الى المنهج في تحليل التاريخ لدى الغربيين , فنراه يعتمد المنهج التفكيكي
والاستنتاجي المستند الى المزاج الغربي في الممارسة التي يقوم بها البشر المبني
أصلا ً على المنظومة الاخلاقية والفكرية والسياسية التي يؤمنون بها والتي يمتزج
فيها النظري بالعملي ويربط الفكر بالتاريخ. والكتاب من الناحية الاخرى يحتوي على
معلومات قيمة وذات أهمية عن التشيع, واستعرض في الفصل الأول مصطلح التشيع والنظرية
الساسية للشيعه وأهم ثوراتهم.
يقول هاينز: إن كلمة التشيع أطلقت على من وقف الى جانب الأمام على بن أبي طالب عليه
السلام في المعارضة ضد عثمان بن عفان ( الخليفة الثالث) و بذلك دلالة على ان
المعلومات التي أستقاها لم تكن من المصادر الشيعية , فهو يخالف النظرة الشيعية
لمصطلح التشيع, والحقيقة ان مصطلح التشيع يرتبط إرتباطا ً وثيقا ًبنص النبي على علي
(ع) بالخلافة في واقعة الغدير قبيل وفاة النبي الأكرم محمد (ص) وقد عُرف جماعة من
الصحابة الأجلاء في عهد النبي بموالاتهم الى علي بن أبي طالب كعمار بن ياسر و
المقداد بن الأسود وخزيمة ذو الشهادتين وأبو سعيد الخدري وسلمان الفارسي غيرهم ,
وليس له دخل بمعارضة عثمان بن عفان. وقد أشتهر هذا المصطلح في عهد الأمويين بصورة
واسعة بسبب المعارضة الساسية التي تبنوها أتباع أهل البيت عليهم السلام وخصوصا ً
بعد إستشهاد الأمام الحسين في سنة 61هـ .
وحينما يشرح مصطلح التشيع يقول لم أجد في المسيحية مصطلح يقابله لذا ليس من السهل
إيضاح المصطلح وتقريبه .
ويقول أن التشيع كمفهوم عقائدي وسياسي تعرض لتغيرات وتقلبات بسبب البعد الزماني
لحركة التشيع لذا لا يمكن تحديد مفهوم معين له إلا إذا أخذنا السياق التاريخي في
الاعتبار.
ويعتقد هاينز ان المسلمين إفترقوا الى سنة ً وشيعة بسبب الوضع السياسي والعقائدي
وهنا يجانب الصواب الى حدٍ ما في رأيه ويتحدث عن النظرية السياسية للمسلمين الشيعة
ويقول ان الشيعة واجهوا السلطة بمعارضة قوية لم تكن في يوم من الايام مترددة في
إستلام السلطة حتى في أحلك الظروف التي مرَّوا بها . والسلطة لدى الشيعة ليست هي
عملية ممارسة الحكم أو غاية بقدر ما هي إحقاق الحق ونصرة المظلوم لأن الشيعة
يعتقدون أن التغيير لا يحصل إلا من خلال مفاهيم وقيم عليا لا يمكن تحقيقها إلا من
خلال السلطة. وأن النظرية القائلة أن الأئمة بعد الامام الحسين عليه السلام لم يكن
لهم دور سياسي ليس لها أساس من الصحة ولا تصمد إذا ما رجعنا الى القرائن التاريخية
والى الدور المرسوم من قبل السماء للأنبياء والمصلحين على طول التاريخ ويؤكد ذلك
قول النبي (ص) (( من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فأن لم يستطع
فبلسانه......الخ)) وكذلك قول الأمام الحسين (ع) (( من رأى ساطانا ً جائرا ً
مستحلاً لحرمات الله ناكثاً ......الى قوله كان على الله ان يدخله مدخله)) من خلال
ذلك يتضح ان الشيعة ما فتفؤا ينشدون ذلك . وعند استعراضه للدور الذي قام به
الشيعة في التاريخ الاسلامي ومعاناتهم التي بدأت من بعد وفاة الرسول الاكرم (ص)
وحتى يومنا هذا , وهنا يقع بالمفارقة الأخرى فمرة يقول ان التشيع بدأ في أيام
الخليفة الثالث وتارة ً يقول أن معاناة الشيعة بدأت بعيد وفاة الرسول . وأستعرض
بالتحليل مراحل التغيرات الساسية في الحكم من الخلافة الراشدة على حد قوله الى
الملك العضوض للأمويين والثورات الشيعية بوجه الظلم والاستبداد من ثورةالامام
الحسين(ع) التي هزت ضمائر المسلمين والتي دفعت الشيعة الى التضحية والفداء فكانت
ثورة التوابيين التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي ثم أستعرض ثورة زيد بن علي
(الشهيد) وولده يحيى ومن بعد ذلك الثورات المتلاحقة للشيعة التي أصبحت مشاعل نور في
تلك الحقبة من التاريخ الاسلامي.
أما في الفصل الثاني الذي يعتبر أوسع الفصول فيتحدث فيه عن النشأة والجذور
التاريخية للشيعة الأمامية الاثنى عشرية ومراحل تطور مدرستهم الفكرية و السياسية
والفقهية وكيفية إزدهارها في زمن الامام الصادق (ع) وإستغلال الامام الصادق للمرحلة
الانتقالية من الدولة الأموية الى الدولة العباسية لنشر الفكر الشيعي وترسيخه لدى
الشيعة في الكوفة التي كانت عاصمة الأمام علي وتحتضن كبار القادة والموالين الذين
لا يؤمنون إلا بأحقية العلويين في الخلافة وهناك عرض على الامام الصادق (ع) التصدي
لقيادة الدولة لكنه رفض , ولم يبحث المؤلف سبب الرفض ولا الاسباب التي أدت الى ذلك
, وأكد على ان ابو سلمة الخلال هو الذي عرض الخلافة على الأمام .
في الحقيقة لم تعرض الخلافة على الامام الصادق من قبل أبو سلمة الخلال فقط بل عرضها
أبو مسلم الخراساني قائد الثورة في بلاد فارس أيضاً, وأبو سلمة أخذ يلح على الامام
وحاول إقناعه ولم يفلح بذلك, فعرضها على محمد ذو النفس الزكية والحسن الأفطس , وجاء
رفض الامام الصادق مبنيا ً على معرفة الظروف وبعد النظرة للأوضاع آنذاك , فأن
الامام كان يعلم أن أبا سلمة كان يريد غطاءا شرعيا ًً لحركته وهو يعلم (أي أبو
مسلم) أن الجماهير إنما تتحرك بدافع الولاء لأهل البيت , ولم يكن صادقا ً في عرضه
هذا والأحداث التي تلت تأسيس الدولة العباسية أثبتت ذلك . ويؤكد هاينز أن الصادق
قد أحدث حركة علمية نشطة ومهمة في مسجد الكوفة تخرج على أثرها المئات من الفقهاء
والعلماء الكبار .
العباسيون والعلويين:
يسجل الدكتور هاينز ملاحظاته على طبيعة العلاقة التي ربطت العلويين والعباسيين
ويقول أنها أتسمت بالقسوة ضد أهل البيت وأتباعهم وأن الأئمة بعد الصادق (ع) قضوا
نحبهم جراء الممارسات والقيود التي فرضها العباسيون على أولاد عمومتهم.
والحقيقة أن الامام الصادق نفسه قد قضى نحبه أثر السم الذي دسه المنصور للتخلص منه,
ولم يكن الصادق بمعزل عن الفعل السياسي آنذاك, وكانت عيون السلطة تلاحقه في كل مكان
وليس بخافي على العباسيين تلك الرسالة التي بعثها أبو سلمة الخلال يعرض على الصادق
قيادة الثورة,والدكتور هاينز يذكر ذلك في الفصل الأول من كتابه وهذا يعني أن رجل
بثقل الصادق لا يترك حرا ً في عالم السياسة لأنه يشكل خطراً على الدولة الغير شرعية
أصلا ً ثم أن الخليفتان المنصور والسفاح كانا حاضريين عندما أجتمع بنو هاشم في دار
محمد ذو النفس الزكية وعندها قال الصادق كما تذكر المصادر التاريخية قولته الشهيرة
وهو يوجه الكلام الى عبد الله بن الحسن المثنى والد محمد ذو النفس الزكية ( والله
لا ينالها إلا صاحب القباء الاصفر وأشار الى المنصور) فمن الطبيعي أن يكون القضاء
على الامام هدفا ً للدولة فقد تركزت فكرة الفتك به في ذهن المنصور وهو يعلم أن مئات
الآلاف يقولون بأمامته وتجبى له الأموال, ويذكر لنا التاريخ أن المنصور أراد أن
يحصل على وثيقة على الصادق ليواخذه بها فبعث ابن المهاجر ( وهو أحد أعة أعوانه) الى
الصادق وبقية أهل البيت في المدينة ومعه أموال وأوصاه أن يتظاهر بأنه من أهل خراسان
وأن من الشيعة وقد جاء بهذه الاموال من الشيعة في خراسان وقال المنصور له إذا دفعت
لهم الأموال قل لهم أنا رسول و أحب أن يكون معي وثيقة بخطكم للذين بعثوني وحصل أن
رفض الصادق تزويده بالوثيقة وأخبره بنيته ففشلت تلك المحاولة إلا أن هاجس الخوف ظل
يلازمه حتى قضى عليه وهذا ما حصل بالفعل.
الصادق ودوره في التصدي لتيارات الانحراف:
ويورد هاينز في كتابه دور الأمام الصادق في تصحيح مسيرة التيارات المنحرفة من
المواليين لأهل البيت بمجيئه الى الكوفة فقد أتشرت فكرة الكيسانية القائلة بأمامة
(محمد بن الحنفية ) وهو أحد لأبناء الأمام علي بن أبي طالب وأنه هو المهدي المنتظر
ويطلق الدكتور تسمية على الكيسانيين غير واردة تاريحيا ً وهي ( الرباعيون) أي
الذين يؤمنون بأربعة أئمة فقط وهم علي (ع) والحسن والحسين ومحمد بن الحنفية.
والحق أن فترة الصادق كانت مليئة بالتيارات الفكرية المنحرفة وقد أخذ الامام على
عاتقه مواجهة تلك الانحرافات وأهل الباطل بقوة فتصدى للدهريين والكلاميين الجدليين
فنبههم عن غفلهم وأوضح لهم إنحرافاتهم وأخطاءهم, وكذلك كانت له وقفات مع الزنادقة
والغلاة الذين يغالون بأهل البيت ويرفعونهم الى درجة الربوبية أحيانا ً ولمعرفة
المزيد عن الموضوع يراجع ( الأمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر ج1 ص360-363).
الأثنى عشرية ومرحلة التأصيل والتجذُّر:
يحدد المؤلف القرن الرابع الهجري الفترة التي برز بها الفكر الأثنى عشري أي بعد
الغيبة الصغرى للأمام المهدي (عجل الله فرجه) سنة260هـ وإنتهاء دور السفراء الأربعة
إلا أن هذا القول ليس صحيحا ُ نسبيا ً لأن الشيعة يعتبرون أن الأنطلاقة الحقيقية
كانت في الكوفة وأن مدرسة (الكوفة) كانت بداية الانطلاقة الفكرية الشيعية،
بأعتبارها عاصمة الدولة الإسلامية في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، فمثلت
الكوفة بذلك «أول مركز للتشيع طوال عهد الدولة الأموية» وأن المفكرين الشيعة
تمتعوا بمساحة من الحرية على الرغم من الاضطهاد الذي تعرضوا له من قبل السلطة
العباسية . إلا ان المؤلف لم يذكر الجذر التاريخي لمصطلح ( الأثنى عشرية ) الذي
يقول عنه الشيعة في أدبياتهم أنه يرجع الى عهد النبي (ص) حيث روي في صحيح البخاري
ص729الحديث رقم 2034 كتاب الاحكام باب 1148 بسنده الى جابر بن سمرة: قال سمعت رسول
الله يقول ( يكون إثنا عشر أميراً) ويعلق 0أي الراوي فقال كلمة لم أسمعها ,فقال
أبي لإنه يقول كلهم من قريش.وكذلك في صحيح مسلم ج3 ص 1452,1453 الحديث رقم 1821
كتاب الأمارة الى نفس السند المتقدم يقول ( لا يزال هذا الين عزيزا ً منيعاً إلى
إثني عشرر خليفة) وكذلك في بقية الصحاح والاسانيد وفي كتب الشيعة أيضا ً, فقد ذكر
السيد شرف الدين في المراجعات نقلا ً عن الصدوق في إكمال الين الحديث الآتي (
الأئمة بعدي إثنا عشر أولهم علية وأخرهم القائم , هم خلفائي وأوصيائي) مما تقدم
يتضح أن مصطلح الأثنى عشرية أوجده النبي وأن الفكر الأثنى عشري هو ذات الفكر الذي
جاء به الرسول (ص) .أما على صعيد حركة التأليف والكتابة ففي القرن الرابع بدأت
خصوصيات هذا الكيان العلمي ومعالم المدرسة الفقهية تتبلور بشكل أكثر وضوحاً من
السابق، وأصبحت مدينتا (قم والري) في (إيران) المعهد الديني الذي ترعرعت فيه الحركة
العلمية الجديدة التي اتسمت بطابع النمو والتطور عن المرحلة السابقة. فبرز في هذه
الفترة علماء كبار أتحفوا العلم والفكر بآثارهم الفذة من أمثال محمد بن يعقوب
الكليني (329 هجري) وأبي جعفر محمد بن علي القمي المعروف بالصدوق (381هجري)، فقد
دون هذان العلمان موسوعتين حديثيتين كبيرتين هما: الكافي في الأصول والفروع
للكليني، ومن لا يحضره الفقيه للصدوق، إذ احتوت هاتان الموسوعتان بين دفتيهما على
جملة الأحاديث الواردة عن أهل البيت (ع)، وبوبتها بشكل منهجي متناسق، وقد انتظم
هذان الكتابان في جملة (الكتب الأربعة) التي تمثل المنابع الأساسية لحديث أهل البيت
(ع) عند الشيعة.ثم يستعرض المؤلف مصطلح ( الأمامية) ويقول أنه حل محل
مصطلح (الرافضة ) الذي أطلق على أتباع مدرسة أهل البيت حتى نهاية القرن الرابع
الهجري. والجدير ذكره أن هذا المصطلح هو مصطلح سياسي أستخدم لأغراض إقصائية
وتنكيلية وهو يستخدم ليومنا هذا على أتباع مدرسة أهل البيت .
الدور الساسي لأئمة أهل البيت عليهم السلام:
لا يميل المؤلف وهويتحدث عن الخلافة الى الرأي القائل بأن أئمة أهل البيت وشيعتهم
(الأماماية) لم يكن لهم دور سياسي بعد الحسين(ع) وقد تحولوا من موقف المواجهة
بالقوة الى دور التوعية والتثقيف عكس ( الزيدية ) و الأسماعيلية الذين أستمروا
بالكفاح للوصول الى السلطة فلهذا تصور البعض أن الأمامية أصبحوا مجموعة لا تكترث
بالسياسة ويضيف بقوله أن موقف الدولة العباسية من الائمة يبطل هذا الاستنتاج
فالعباسيون ضايقوا الأئمة وزجوهم في السجون ودسوا للعديد منهم السم وشددوا الرقابة
على تحركاتهم وأصبح العمل السري هو الصفة الغالبة على تحركاتهم والتي لا يشعر بها
إلا الخاصة من شيعتهم , لذا لم يظهر عمل سياسي من قبلهم ولكن يحدثنا التاريخ عن
ثورات وتحركات لأتباعهم في مناطق كثيرة منها الكوفة على وجه الخصوص. وقد أصاب
المؤلف في تشخيصه هذا , فبالأضافة الى العمل السري فأن الأئمة لهم رؤية خاصة في
العمل الساسي فهم يرون أن القيادة الساسية هي حق مشروع وفق النصوص الإسلامية
الثابتة والتي تحمل دلالات واضحة (حسب رؤية مدرسة أهل البيت ) على إعطاء الامام حق
القيادة الفكرية والساسية والأجتماعية , ولكن يؤمن أئمة أهل البيت بضرورة توفر عدة
شروط لنجاح الممارسة الساسية
مفهوم العصمة عند الشيعة:
يرى المؤلف أن مفهوم العصمة تطور عند الفقهاء الشيعة ويقول أن أبن بابويه القمي
(الشيخ الصدوق ) المتوفي سنة281هـ -991م يعتقد أن الأمام منزه من الوقوع في الذنوب
ولكنه يرتكب الخطأ, ولكن الشيخ المفيد المتوفي سنة413هـ - 1022م يطوَّر هذا المفهوم
ويقول أن الأمام منزه من جميع الخطايا والذنوب الصغيرة والكبيرة. وهنا يقع المؤلف
في مفارقة وهي أن الشيخ الصدوق هو الوحيد بين علماء الشيعة الذي يقول بهذا ولم
يوافقه الذين قبله ولا بعده إذ أستند الى رواية ذي الشمالين , ويتفق جميع علماء
الشيعة أن الرسول لم يسجد سجدتي الهو قط. ويتفقون مع الشيخ المفيد في تعرَّفه
للعصمة بمعناها الأصطلاحي فقال في النكت الأعتقادية ص37 (لطفٌ يفعلُهُ اللهُ تعالى
بالمكلّف ، بحيث تمنع منه وقوع المعصية ، وترك الطاعة ، مع قدرته عليهما ) وعلق
العلماء على ذلك بقولهم (ليس معنى العصمة انّ الله يجبُرهُ على ترك المعصية ، بل
يفعل به ألطافاً ، يترك معها المعصية ، باختياره ، مع قدرته عليها) وليست العصمة
مانعةً من القدرة على القبيح ، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن ، ولا مُلجئةً له إليه
؛ بل هي الشيء الذي يعلم الله تعالى إنّه اذا فَعَلهُ بعبدٍ من عبيده ، لم يُؤثِر
معه معصيةً له .
تأثير البويهيون على التشيع:
يقر المؤلف أن خلال القرن الرابع الهجري تعرض الشيعة للأضطهاد الفكري والديني لذا
لا يمكن تتبع الفكر الأمامي ويعزو ذلك الى إستعمال التقية من قبل الشيعة لقسوة
الظلم المسلط عليهم من قبل الأنظمة الحاكمة آنذاك. وحين جاء آل بويه الى الحكم
وسيطروا على عاصمة الخلافة بغداد تنفس الشيعة الصعداء وشعروا بنوع من الحرية لم
يألفوها من قبل ,والحق أن البويهيون كانوا منفتحين على الجميع وتمتعت كل المذاهب
الأخرى بقدر من الحرية في زمانهم والوقائع كشفت إن مواقف وسياسات البويهيين تجاه
سائر القضايا، والعلاقات مع الأطراف الداخلية كانت محكومة بالانفتاح والمرونة
والحكمة السياسية والتسامح الديني, وعلى الرغم من أعتناقهم المذهب الشيعي لم يرغموا
أحد على التشيع, فكان أهل السنة هم الأكثرية في بلاد فارس، فيما كان الشيعة أقلية
صغيرة انحصرت أماكن تواجدهم على ساحل الخليج المقابل لمناطق الجزيرة العربية التي
كانت إحدى مراكز الحركات الشيعية، وخلال الحكم البويهي لم يطرأ أي تغيير على
انتماءات السكان الدينية رغم تشييع الأسرة البويهية الحاكمة، إذ ظلت فارس مقاطعة
سنية., وإمتاز عهد آل بويه بالخصب العلمي والأدبي بتأثيرهم الخاص، أو بتأثير
وزرائهم، ذلك إنهم استوزروا أبرع الكتاب وأبرزهم واعتمدوا عليهم في التخطيط. ويوكد
المؤلف أن البويهيين كانوا من الزيدية , وان معز الدولة هو الذي أعتنق المذهب
الامامي بتأثير وزيره الشيعي ( المهلبي ) ويقول المؤلف أن في سنة 352هـ 963م أقيمت
مراسم عاشوراء لأول مرة في بغداد وفي ذلك اليوم عطلت الأسواق وأغلقت المحال
التجارية أبوابها وأمتنع القصابون عن الذبح وذات السنة أحتفل الشيعة في 18 من ذي
الحجة ذكرى عيد الغدير.ويذكر انه قد حدثت حوادث بين السنة والشيعة في بغداد دفعت
السُنَّة الغاضبين من تدمير ضريحي الأمامين الكاضميين سنة 442هـ وحينما سيطر
السلاجقة على بغداد سنة 449هـ ونودي بالسلطان طغرل بك ملكا ً على الشرق عاد نفوذ
السنة اليها ومر الشيعة بفترة حرجة.
متى أصبحت إيران شيعية:
لم يحدد المؤلف سنة بعينها لتحول إيران الى دولة شيعية ولكنه يرى أن شمال غرب إيران
تحول الى مركز للتشيع مثلماهي الكوفة عقيب تسلم السلاجقة للسلطة في بغداد سنة 449هـ
, ولاحظ بروز زعامات علوية في الفترة ذاتها في المدن الإيرانية وأطلق لقب الشريف
على الزعماء وأنتشرت حالات التكريم للعلويين وإتجاذ قبورهم مزارات ولم تقتصر هذه
العادة على الشيعة بل شملت السنة أيضاً , وشهدت تلك الفترة وفي فترات لاحقة ومتأخرة
من حكم السلاجقة إنتشار مظاهر الحزن في أيام عاشوراء وكان المسلمون سنة وشيعة
يشاركون في هذه المراسم, ويعلنون البراءة من بني أمية ويلعنونهم. ونقل اللمؤلف عن
كتاب (النقد) لعبد الجليل القزويني الرازي في الفترة من 555هـ الى 565هـ , وبرز في
تلك الفترة وزراء ومسؤولون كبار من الشيعة وأنتشرت المدارس العلمية في العالم
الإسلامي . ولم تتحول إيران الى دولة شيعية حتى في ظل حكم الأليخانات المغول الذين
حكموا إيران ففي سنة 694هـ -1295م أعلن الأليخان (غازان ) اسلامه على المذهب
الحنفي, وسمى نفسه محمود وبذلك دخل الآلاف من المغول الإسلام, وكان محمود متسامحاً
منفتحا ً حيث قام بخدمات جليلة حيث بنى المدارس العلمية وعمَّر ضريح الأمام الحسين
وزار كربلاء وخصص أوقافا ً كثيرة لتمويل الحرم الحسيني وأعفى العلويين من الضرائب.
وفي سنة 710هـ تحول شقيق ألا ليخان محمود (أولجيتو)الى التشيع على يد أحد أكبر
العلماء الشيعة في ذلك العصر هو ( الحسن بن المطهر الحلي) وأدى هذا التحول الى
مجابهة قوية من السنة في أصفهان وشيراز وبغداد, وعاد الحكم سنيا ً بعد وفاة
اولجيتو.
الشيعة وسقوط بغداد:
يذكر المؤلف( وأحسب هذا القول أخذه عن أبن تيمية) : حينما قرر المغول بقيادة هولاكو
غزو بغداد وتمكنوا من إحتلالها سنة 656هـ - 1258م كان للفيلسوف والرياضي والفلكي
نصير الين الطوسي والوزير العباسي أبن العلقمي دورا ً في إسقاط الخلافة العباسية
وأنهما شجعا هولاكو على ذلك,لكنه يستدرك هذا القول ويذكر أن قرار إحتلال بغداد
وإسقاط عاصمة الخلافة لم يكن قرارا ً شيعيا ً بل هو قرار مغولي بحت وهو قبل أن تطأ
أقدام المغول بغداد, ويضيف :أن الطوسي وابن العلقمي لم يتمكنا من حماية الشيعة
مما لحق بهم في الكرخ من بغداد ولا ساعدا على المحافظة على ضريحي الأمامين الكاظم
والجواد من الدمار الشامل الذي تعرضا له. ثم أن هناك سؤال يطرح أولاً هو: هل كان
هولاكو بحاجة الى نصير الدين الطوسي وابن العلقمي ؟ ثم لنرجع الى أصل القول في هذا
الخبر , فقد نُقل هذا الخبر عن ( أبن تيمية) وهو خصم الخواجة نصير الدين الطوسي ,
وهل يعقل أن يأخذ قول الخصم في هذا الموضع . وسأنقل كلام أبن تيمية ليتسنى الوقوف
على الحقائق وسأترك للقاريء الحكم والتعليق. يقول ابن تيمية: هذا الرجل قد اشتهر
عند الخاص والعام أنّه كان وزيراً الملاحدة الباطنية الاسماعيليّة في الالموت، ثمّ
لمّا قدم الترك المشركون إلى بلاد المسلمين، وجاؤوا إلى بغداد دار الخلافة، كان هذا
منجّماً مشيراً لملك الترك المشركين هولاكو، أشار عليه بقتل الخليفة وقتل أهل العلم
والدين، واستبقاء أهل الصناعات والتجارات الذين ينفعونه في الدنيا، وأنّه استولى
على الوقف الذي للمسلمين، وكان يعطي منه ما شاء الله لعلماء المشركين وشيوخهم من
البخشية السحرة وأمثالهم.
ومن المشهور عنه وعن أتباعه الاستهتار بواجبات الاسلام ومحرّماته، لا يحافظون على
الفرائض كالصلوات، ولا ينزعون عن محارم الله من الفواحش والخمر وغير ذلك من
المنكرات، حتّى أنّهم في شهر رمضان يذكر منهم من إضاعة الصلوات وارتكاب الفواحش
وشرب الخمور ما يعرفه أهل الخبرة بهم.هنا يفسَّق ابن تيمية الشيعة
ولم يكن لهم قوّة وظهور إلاّ مع المشركين الذين دينهم
شرّ من دين اليهود والنصارى، ولهذا كان كلّما قوي الاسلام في المغل وغيرهم من الترك
ضعف أمر هؤلاء، لغرض معاداتهم للاسلام وأهله, وبالجملة فأمر هذا الطوسي وأتباعه عند
المسلمين أشهر وأعرف من أن يعرّف ويوصف.
ومع هذا فقد قيل: إنّه في آخر عمره يحافظ على الصلوات الخمس، ويشتغل بتفسير البغوي
وبالفقه ونحو ذلك، فإن كان قد تاب من الالحاد، فالله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن
السيّئات، والله تعالى يقول: (يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعاً).
لكنّ ما ذكره هذا، إن كان قبل التوبة لم يقبل قوله، وإن كان بعد التوبة لم يكن قد
تاب من الرفض، بل من الالحاد وحده، وعلى التقديرين فلا يقبل قوله.هنا فلينظر
القاريء أن أبن تيمية يقرر عن الله وهذا دليل على عدائه المستحكم لشيعة أهل البيت
وله كتابات وكتابات سار عليها السلفية الى يومنا هذا.
والاظهر أنّه إنّما كان يجتمع به وبأمثاله لمّا كان منجّماً للمغول المشركين،
والالحاد معروف من حاله إذ ذاك، فمن يقدح في مثل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من
السابقين الاوّلين من المهاجرين والانصار، ويطعن على مثل مالك والشافعي وأبي حنيفة
وأحمد بن حنبل وأتباعهم ويعيّرهم بغلطات بعضهم في مثل إباحة الشطرنج والغناء، كيف
يليق به أن يحتجّ لمذهبه بقول مثل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر،
ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، من الذين أُوتوا الكتاب
حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويستحلّون المحرّمات المجمع على تحريمها،
كالفواحش والخمر في شهر رمضان، الذين أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات وخرقوا سياج
الشرائع، واستخفوا بمحرّمات الدين، وسلكوا غير طريق المؤمنين.
لكن هذا حال الرافضة دائماً يعادون أولياء الله المتقين، من السابقين الاوّلين من
المهاجرين والانصار والذين اتّبعوهم بإحسان، ويوالون الكفّار والمنافقين... إلى آخر
كلامه .حريٌ بالمؤلف أن يدقق في مثل هذه الأمور الحساسة للغاية.وكان عليه الرجوع
الى ابن الفوطي صاحب كتاب ( الحوادث الجامعة) وهو ممن شهد سقوط بغداد وأسر في
الحادثة.وكذلك الى ابن الطقطقي المولود سنة 660 والمتوفّى سنة 709 صاحب كتاب الفخري
في الاداب السلطانية, والى مصادر أخرى.
تطور مدرسة النجف العلمية:
في الفترة التي حكم الأليخانات فيها إيران أزدهرت وتطورت حوزة النجف وأصبحت مركزا ً
علميا ًودينيا ً مهما ً للتشيع وبنيت فيها المدارس الدينية ابتداءاً من العام 666هـ
. لعل المؤلف يريد القول ظهور المدارس الدينية في النجف أما كون النجف مركزا ُ
علميا ً فكان قبل هذا التاريخ بكثير أي منذ ان نزل الشيخ الطوسي بها سنة448هـ-1056م
ولو أن هناك رأي ٌ آخر يقول أن النجف كانت مركزا ً علميا ً قبل ان يسكنها الشيخ
الطوسي بأعوام والدليل على ذلك بروز العوائل العلمية فيها كآل شهريار وآل طحال
وغيرهم ثم أن الشاعر ابن الحجاج المتوفي سنة391هـ -1000م عندما زار النجف أنشد
قصيدة يقول فيها:
ياصاحب القبة البيصا على النجف
من زار قبرك واستشفى لديك شفي
الى قوله:
وقل سلامٌ من الله السلام على
أهل السلام وأهل العلم والشرفِ
تطور الفقه الأمامي في مدرسة الحلة:
يتطرق البرفيسور هالم الى تطور الفقه عند الشيعة في مدرسة الحلة بعد تدمير بغداد
وقم على أيدي المغول ويبحث مسألة الاجتهاد والتقليد, ويؤكد ان مدينة الحلة ازدهرت
علميا ً وكان لها عطاءاًعلميا ً ورجالات قادوا الحركة العلمية الشيعية وأرسوا
قواعدها أمثال أبو القاسم جعفر ابن الحسن الحلي (المحقق الحلي) صاحب كتاب شرائع
الاسلام في مسائل الحلال والحرام, ويذكر ان عمر المحقق 53سنة حينماغزى المغول
بغداد, , ثم جاء دور العلامة الحلي الذي كان عمره 7 سنوات عند الغزو ليكمل البناء
فألف كتاب ( مبادئ الوصول الى علم الأصول) والجدير ذكره أن العلامة الحلي هو تلميذ
الخواجة نصير الدين الطوسي . وهو القائل ان المجتهد ليس كالمعصوم وأنه يمكن ان يقع
في الخطأ ويصحح فتواه.
التشيع والتصوف:
ثمة خلط وقع فيه المستشرقون الغربيون في ربط التصوف بالتشيع ,والبعض يعتبرهما وجهان
لعملة واحدة ,وسبب ذلك الخلط باعتقادي الأول هو الالتقاء في تقديس أهل البيت (ع)
والتوسل بهم كواسطة ووسيلة الى الله سبحانه وتعالى ,والثاني يعتقد المستشرقون أن
صفي الدين الأردبيلي وهو جد الاسرة الصفوية التي حكمت إيران وقد كان صوفيا ً هو من
أحدث هذا الخلط , وصفي الدين هذا لم يكن شيعيا ً بل كان سنيا ً.لكن البعض يذهبون
الى رأي آخر ويستندون في ذلك الى تأثر السيد حيدر الحسيني الآملي أحد علماء الشيعة
بـ (أبن عربي) والسيد الآملي المتوفي سنة787هـ هو أحد تلاميذ أبن العلامة الحلي,
وصاحب كتاب (جامع الأسرار) الذي جمع فيه بين التشيع والتصوف أو فيما يسمى بالحكمة
الألهية. يلتفت المؤلف الى أ،التصوف نشأ في أوساط المذهب السني وأشتهر في البلدان
السنية أكثر من إشتهاره في البلدان الشيعية ويكاد يكون معدوما ً بينهم , ولا ينسى
الدكتور هاينز وهو يتحدث عن التصوف من ذكر الدراويش ومنهم العارفون الذن إتخذوا
الدروشة كوسيلة للمقاومة ضد الغزاة المغول وتمكنوا من حشد الامكانات لتكوين جبهة
ضغط أثمرت في رأي المؤلف عن تأسيس الدولة الصفوية.
الدولة الصفوية:
يشير الكاتب الى تأسيس الدولة الصفوية وعلاقها بالتشيع فيقول: حينما نشأت الدولة
الصفوية سنة 906هـ - 1501م إتخذت تبريز عاصمة لها وبدأ التشيع في مرحلة جديدة حيث
تبنى الشاه عباس ونجله طهماسب المذهب الأمامي كمذهب رسمي للدولة , وقامت حركة ترجمة
الكتب الشيعية الى الفارسية كـ (كتاب قواعد الإسلام) وبرز عالم إمامي كبير الشيخ
علي ابن عبد العال الكركي العاملي الذي كان يقطن النجف آنذاك وجاء الى إيران تلبية
ً لدعوة الشاه إسماعيل , لقد منح الشاه العلامة الكركي صلاحيات واسعة والأشراف على
الأمور الدينية في عموم الأمبراطورية الصفوية, فقام بتنقية التشيع من بعض الممارسات
الصوفية الذي أدخلت اليه من العصر السابق(أي بعد الأليخانيين) وعمل على توطيد نظرية
نيابة الامام الغائب التي أنتقلت الى المجتهدين في عصر الغيبة. وحينما تسلم الشاه
عباس حفيد الشاه طهماسب الحكم تخلص نهائيا ً من تأثير المتصوفة ( القزل باش) وكان
هذا الحاكم محبا ً للعلم والادب وقد منح العلماء صلاحيات وأصبحوا بمثابة الحكام,
وهو الذي نقل العاصمة من تبريز الى أصفهان الذي تحولت الى التشيع بعد أن كانت أهم
المعاقل السنية في إيران, ويتضح من قول المؤلف ما يرد دعوى الكثيرعن الصفوية
الشيعية,فالأمر الاول هو أن الدولة الصفوية حينما أنشئت لم تكن دولة شيعية بل على
العكس من ذلك , والدليل الذي يعضد هذا القول عدم وجود كتب فقهية وأصولية باللغة
الفارسية مما أضطروا الى الترجمة كما ذكرنا , وكذلك أن الذي أرسى دعائم التشيع هو
الكركي وهو عربي من لبنان وكذلك العلامة الحلي هو عربي من العراق فالسؤال المطروح
هل التشيع العربي أثر في الصفويين أم الصفويون أثروا بالتشيع العربي ؟ والجدير ذكره
أن إيران أصبحت دولة شيعية في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر
الميلادي أي أواخر القرن العاشر الهجري, فلينظر المتتبع.
المناظرات:
يختتم الكاتب الفصل الاخير بتسليط الضوء على المناظرات والنقاشات التي دارت بين
فقهاء الامامية في القرنيين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين حينما نمت سلطة
الفقهاء وتعاظم دورهم وأصبحوا هم المسيطرين على السلطة الفعلية في الدولة تحت شعار
( نيابة الامام الحجة), فحدث تنافس كبير بين الكركي والاردبيلي ( الشيخ أحمد )
وتفجر خلاف حول رأي فقهي فالشيخ الكركي يؤيد فرض الضرائب على الحكام الجائرين ,
ويرى الملا أحمد الاردبيلي المتوفي 993هـ خلاف ذلك.
يعلق الكاتب بقوله أن هذا القسم يوضح التطور الفكري والفقهي لدى الشيعة الأمامية
ويربط هذا التطور بالتغيرات السياسية التي حدثت في العالم الإسلامي , ولنا وقفة
أخيرة مع الكاتب . ان الذي رآه اختلاف بين العلماء هو أمر طبيعي بين العلماء الشيعة
الذين يمتازون عن الآخرين بوجود الاجتهاد المطلق عندهم فيتوصل كل فقيه الى المسألة
عن طريق مباني فقهية معينة , ثم أن المؤلف نظر وكما أسلفت في بداية العرض بمنظار
غربي بحت لعملية الخلاف.
في الختام يبقى ا، نوضح مسائل مهمة وهي: ان الكاتب قد بذل جهدا ً كبيراً في هذا
الكتاب وحول قدر الامكان ان يكون موضوعيا ً . والكتاب حوى بين دفتيه معلومات مهمة
وهو بمثابة تعريف القارئ الأوربي بالتشيع وسجل له أنه أبتعد الى حدٍ ما عن الخلافات
والحساسيات وأتخذ الموضوعية والعلمية في البحث ولقد علقت ونقدت الكتاب من وجهة نظر
شيعية ونقلت رأي الشيعة في بعض المسائل المهمة والله ولي التوفيق.
علاء الخطيب/ هولندا