أشكال الغناء العربي - الأغنية Al Oghneyah (song)

بينما تطلق كلمة أغنية مجازا على أي نص غنائي بصرف النظر عن طريقة كتابته، هناك بالفعل قالب محدد بشكل خاص يسمى "أغنية" يحمل صفات معينة تميزه عن باقي أشكال الشعر الغنائي، وهو الأحدث في سلسلة قوالب الغناء العربي.

قبل انتشار هذا القالب كان هناك الطقطوقة والموال والدور والموشح والقصيدة والمونولوج والديالوج. وتتشابه الأغنية مع الطقطوقة في أن لكل منهما "مذهب" يكرر بين مقاطع النص، وقد يكون من بحر مختلف عن بقية الأبيات. لكن المذهب في الأغنية يختلف بأنه ليس مدخل الأغنية وإنما يكرر في نهاية كل مقطع أو "كوبليه" ويتكون من بيت أو اثنين، مع بعض الحرية في تغيير المفردات أو المعنى.

يعني هذا أنه بالإضافة إلى المذهب النصي هناك مذهب لحني أيضا يعتمد على تكرار لحن بيت أو اثنين على كلام مختلف قرب نهايات المقاطع أو الكوبليهات قبل المذهب النصي مباشرة

هذه التركيبة تتيح للملحن بناء اللحن بطريقة درامية مبنية على إمكانية العودة للحن مميز يختص به المذهب عند نهاية كل كوبليه وتختم به الأغنية، وبهذا يتم ربط أجزاء اللحن بتيمة مميزة

كتب لقالب الأغنية الاستمرار والتألق على حساب الأنماط الأقدم بفضل حرص المطربين على التفرد بالأداء والاستغناء تماما عن الكورس المعتاد في الأدوار والطقاطيق. لم يشذ عن هذا الاتجاه مطرب واحد منذ بدأ أحمد رامي بكتابة هذا القالب لأم كلثوم في أربعينات القرن العشرين. وعلى سبيل المثال لحن زكريا أحمد 24 لحنا لأم كلثوم خلال الثلاثينات لم يكن من بينها لحن واحد من قالب الأغنية، وجاءت كلها في 4 قوالب أقدم هي الدور، القصيدة، الطقطوقة، والمونولوج

وكما سبق لأم كلثوم تقديم أعمال اشترك فيها الكورس بالغناء الجماعي، كذلك كان لعبد الوهاب ألحان عديدة بمصاحبة الكورس، لكنهما فضلا الاستقلال بالغناء في أعمالهما اللاحقة وأصبح قالب الأغنية الحديثة هو المفضل لديهما ولدى كافة المطربين. وهكذا اختفت تدريجيا الطقاطيق والأدوار وأصبحت شيئا من الماضي. وبالطبع لم يتأثر قالب القصيدة بهذه الموجة فهي تعتمد اساسا على الغناء الفردي، وربما ساهم هذا في ازدهارها أكثر. وبينما ازدهرت القصيدة وتطورت ألحانها بشكل كبير انقرض تقريبا قالب المونولوج، وفقد بريقه الذي لمع في العشرينات على يد أحمد رامي، ربما بسبب افتقاره إلى الوهج الخاص الذي يتميز به "المذهب" في قالب الأغنية، إذ أن المونولوج لا يتكرر أي جزء من أجزائه في اللحن أو الغناء