20th Century Music, Events  القرن العشرين - أهم الأحداث الفنية

هذه بعض التواريخ والأحداث التى حددت ملامح النهضة الموسيقية فى القرن العشرين

1914 البداية : أول أدوار سيد درويش  يافؤادى، زورونى كل سنة مرة نهج جديد فى الموسيقى

1917 فيروز شاه: أول أوبريت من تلحين سيد درويش

1919 نجم سيد درويش يسطع بالأناشيد الوطنية والأوبريتات مع ثورة 1919

1920 سيد درويش يؤلف فرقته المسرحية، العشرة الطيبة رواية مصرية

1921 سيد درويش يقدم محمد عبد الوهاب فى أوبريت شهرزاد

1923 وفاة سيد درويش وله 30 أوبريت تضم 200 لحنا وبداية حظر موسيقى سيد درويش، محمد عبد الوهاب يتعلم العود على  يد محمد القصبجى

1924 زكريا أحمد يبدأ تلحين 60 أوبريت تضم 500 لحن، أم كلثوم تغنى للقصبجى وأحمد رامى لأول مرة 

1925 أول أوبريت من تلحين عبد الوهاب، قنصل الوز، عبد الوهاب يكمل تلحين رواية سيد درويش كليوباترا

1926، عبد الوهاب يبدأ تلحين قصائد شوقي، أم كلثوم تنافس سلطانة الطرب منيرة المهدية وفتحية أحمد مطربة القطرين وتنشيء فرقتها الموسيقية

1927 بصمات سيد درويش تظهر فى أول اسطوانة يسجلها محمد عبد الوهاب من ألحانه، عبد الوهاب يتعرف على الموسيقى الفرنسية بصحبة أحمد شوقى فى باريس

1928 عبد الوهاب وخط جديد فى الموسيقى فى الليل لما خلى، أم كلثوم تصدح بشعر أحمد رامى وألحان محمد القصبجى إن كنت اسامح

1931 أم كلثوم تغنى لزكريا احمد لأول مرة اللى حبك يا هناه

1932 مؤتمر الموسيقى العربية الأول بالقاهرة، لا ذكر لسيد درويش ومحمد عبد الوهاب يتقلد لقب مطرب الملوك والأمراء، عبد الوهاب وحده فى الميدان بعد وفاة شوقى

1933 عبد الوهاب فى السينما الوردة البيضاء

1934 افتتاح الإذاعة المصرية بصوت أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، أم كلثوم تبدأ حفلاتها الشهرية لتستمر وتذاع على الهواء لمدة 40 عاما حتى 1973

1936 أم كلثوم تغنى لرياض السنباطى  لأول مرة وللقصبجي وزكريا وتتربع على عرش الغناء مع محمد عبد الوهاب

1936 أم كلثوم فى السينما تبدأ ستة أفلام بفيلم وداد قصة أحمد رامى

1939 مصر تفتح الباب للفنانين العرب وتقدم فريد الأطرش وأسمهان

1940 عبد الوهاب يبدع أول قصائده الكبرى، الجندول، وآخر حفلة عامة له فى طنطا

1941 عبد الوهاب يقدم ثانية قصائده الكبرى "الكرنك"

1941 القصبجى يبدع لأم كلثوم أروع ألحانه  رق الحبيب

1943 عبد الوهاب ينشد "دمشق" 

1944 عبد الوهاب يبدع "كليوباترا" 

1946 أم كلثوم تغني أول قصائدها الكبرى "سلوا قلبي" وتنال لقب "كوكب الشرق" وعبد الوهاب يبدع "الفن"

1947 آخر بطولة سينمائية لعبد الوهاب فيلم لست ملاكا مع نور الهدى وآخر أفلام أم كلثوم فاطمة أمام أنور وجدى

1948 عبد الوهاب ينشد فلسطين، أخي جاوز الظالمون المدى شعر علي محمود طه

1949 عبد الوهاب يبدع عاشق الروح وأم كلثوم تغني رباعيات الخيام

1951 أم كلثوم تنشد مصر تتحدث عن نفسها شعر حافظ إبراهيم

1952 الثورة المصرية: إعادة الاعتبار إلى موسيقى سيد درويش وانطلاق الأغاني الوطنية يقيادة عبد الوهاب وأم كلثوم، وظهور عبد الحليم والطويل والموجى

1953 محمد عبد الوهاب يبدأ التلحين لعبد الحليم حافظ

1955 الإذاعة المصرية تقدم فيروز والأخوين رحبانى والرحبانية يبدآن رحلة فن جديد مع فيروز ويعيدان النشاط للمسرح الغنائى

1956 العدوان الثلاثى وانطلاقة جديدة للأغنية الجماعية مع لحن الله أكبر لمحمود الشريف وعودة روح سيد درويش لللأغنية

1959 بناء السد العالى مع لحن السد لكمال الطويل بصوت عبد الحليم وتعاظم موجات الأغنية الوطنية، أم كلثوم تغنى للملحن الشاب بليغ حمدى حب إيه وعبد الوهاب يبدع "لأ مش أنا اللي ابكي" بأسلوب عالمي

1962 عبد الوهاب يقدم أفضل موسيقاه في "الخيام" و"حياتي" 

1964 محمد عبد الوهاب يلحن لأم كلثوم لأول مرة إنت عمرى فى سلسلة من عشر أغنيات

1966 السنباطى يبدع لحن الأطلال لأم كلثوم من شعر ابراهيم ناجى

1967 بدء المنافسة بين محمد عبد الوهاب وبليغ حمدى كملحنين لأم كلثوم، أم كلثوم تغنى فى باريس، النكسة وبداية ظهور الأغانى الهابطة

عودة التراث بموجة قوية فى مواجهة نكسة الفنون، عبد الحليم نويرة ينشئ فرقة الموسيقى العربية فى القاهرة ومحمد عفيفى ينشيء كورال سيد درويش فى الإسكندرية

1970 رحيل جمال عبد الناصر وبدء انحسار المد القومى والتيار الثقافى وانعـكاس الجو السياسى المحبط على الفنون

1973 آخر حفلات أم كلثوم تغنى فيها لمحمد عبد الوهاب ليلة حب ولسيد مكاوى يا مسهرنى

1990 آخر أغنيات محمد عبد الوهاب من غير ليه بصوته وهو يناهز التسعين

موسيقى القرن العشرين - موسيقى صنعت لتبقى - التجديد سمة أساسية

بحث وتحرير د.أسامة عفيفى

تميزت موسيقى القرن العشرين بالتجديد المستمر منذ أن ظهر سيد درويش فى أوائل القرن وإلى قرب نهايته

وحتى أواسط القرن التاسع عشر لم تكن هناك موسيقى عربية معاصرة فى أى من البلاد العربية إذ تكون الفن الموسيقى العربى من عنصرين قديمين هما التراث الشعبى والموشحات. أما الموسيقى المدونة فقد كانت تركية المنشأ والصبغة بحكم سيطرة ثقافة الاحتلال العثماني للمنطقة لعدة قرون

مع بداية القرن التاسع عشر كان لتغير الأوضاع الاجتماعية وزيادة الاحتكاك مع الحضارات الأخرى بالحرب تارة والتجارة أخرى دور كبير فى اتجاه المجتمع للتغيير، وكانت دولة محمد على التى أنشأها فى مصر على أنقاض حكم المماليك والأتراك إيذانا ببدء حركة قومية تتطلع إلى التطور واللحاق بالنهضة الغربية وتدعيم اتجاهات البحث عن الذات القومية والثقافية

وكان من الطبيعى أن تعكس الفنون هذه الاتجاهات وتعبر عنها، ولذلك يمكننا القول بأن تغير المناخ السياسى والاجتماعى كان هو المحرك الأول لكل ما شهدته المنطقة بعد زوال سيطرة الدولة العثمانية. لم تكن الاجتهادات الفنية فردية بصفة مطلقة، ولما كان الاستقرار هو سمة عصر محمد على فقد كان التغير فيه بطيئا  لكن مقدم الغرب مع نهاية القرن 19 أثار أجواء من الاحتكاك والاستنفار جعلت الحركات المحلية أسرع وأعمق وأشمل

فى أواسط القرن التاسع عشر ظهرت محاولات لتقديم موسيقى محلية الطابع فى مصر قادها عبده الحامولى ومحمد عثمان حتى نهاية القرن، وكانت الأشكال الفنية الأساسية هى الدور والقصيدة ولكن لم تكن النصوص تتحدث عن شيء غير الغزل والغرام 

وكثيرا ما قيل أن سيد درويش قد خلص الموسيقى المصرية من الطابع التركى ولكن من الظلم لمحمد عثمان والحامولى القول بأن ألحانهما لم تكن مصرية وأنها قد طبعت بالطابع التركى، إذ أن أدوارهما أعيد تقديمها بعد أكثر من 70 عاما كمادة تراثية واستهوت تلك الأعمال الجمهور المصرى بشكل كبير، ووجد فيها قيما فنية عالية الجمال، لكنها مع ذلك تصنف وكأنها موسيقى بحتة، ليس للنص فيها دور يذكر. وهى فى ذلك تشترك مع الموشحات الأندلسية فى كونها مواد لحنية صيغت على كلمات ليست ذات محتوى شعرى هام، لكنها عالية القيمة الموسيقية وإن كانت شكلية

ويشترك الدور فى تلك الحقبة مع الموشح أيضا فى التركيز على الجمال الشكلى دون عمق فنى والاعتماد على الحركات النغمية ذات الأبعاد المتقاربة والتدرج البطئ حتى الذروة اللحنية التى تكون عادة مستغرقة فى الطرب ويلاحظ عدم أهمية الكلمات وسيطرة الموسيقى تماما ، غير أن أدوار سيد درويش غيرت هذا كله فى القرن العشرين وانتقل الدور من الشكلية التطريبية إلى المدرسة التعبيرية  

مع بداية القرن العشرين ظهر المسرح الغنائى برعاية الشيخ سلامة حجازى الذى كان يقدم المسرح العالمى معربا ويطعمه بالقصائد العربية التى أجاد أداءها لما تمتع به من صوت حاز الإعجاب ولكن ألحانه كانت غاية فى التقليدية بحيث اعتمدت على نفس أسلوب الأدوار من التطريب الشكلى

فى أوائل القرن العشرين بمقدم سيد درويش تغير كل شيئ فى الموسيقى وقد أحدث الشيخ سيد تطورا حقيقيا وسريعا فانتقل إلى موضوعات جديدة وأشكال جديدة تميزت بقربها الشديد من الموسيقى الشعبية المحلية مع اتباع أساليب حديثة فى التأليف الموسيقى وأصبح للموسيقى بفضله شكل ومضمون. وقد تبع سيد درويش موسيقيون تميزوا بالموهية العالية مثل القصبجى وزكريا والسنباطى وهم وإن اختلفوا فى بعض الأشياء مع سيد درويش إلا أنهم أخلصوا لمدرسته التعبيرية ، وقد أجادوا ثم أضافوا أيضا إلى ما تركه الشيخ سيد

خلال القرن العشرين ظهر شعراء وزجالون موهوبون كونوا ثروة ثقافية هائلة استطاع من خلالها الموسيقيون الجدد تقديم محتوى نصى قيم ومن هؤلاء: بديع خيرى ، بيرم التونسى ، أحمد شوقى ، أحمد رامى  ، حافظ ابراهيم ، محمود سامى البارودى ، على محمود طه ، ابراهيم ناجى ، مأمون الشناوى ، حسين السيد ، صلاح جاهين

كما ظهر كتاب وروائيين أثروا الثقافة العامة منهم: محمد تيمور ، توفيق الحكيم ، طه حسين ، عبد القادر المازنى عباس العقاد ، لطفى السيد ، لطفى المنفلوطى ،  محمد حسين هيكل ، يحيى حقى ، زكى نجيب محمود ، نجيب محفوظ

وظهرت نخبة من المسرحيين الأكفاء منهم: جورج أبيض ، عزيز عيد ، نجيب الريحانى ، على الكسار ، يوسف وهبى

ومجموعة من السينمائيين منهم: محمد كريم ، أحمد بدرخان ، صلاح أبو سيف ، رمسيس نجيب ، آسيا

ومجموعة من الأصوات الجيدة منها: منيرة المهدية ، فتحية أحمد ، محمد عبد الوهاب ، أم كلثوم ، أسمهان ، ليلى مراد ، عبد الحليم حافظ ، فيــروز 

كما ظهرت مجموعة من الملحنين الجدد مثل: محمود الشريف ، محمد عفيفي ، فريد الأطرش ، منير مراد ، كمال الطويل ، محمد الموجى ، محمد فوزى ، بليغ حمدى ، سيد مكاوى ، الأخوان رحبانى

وإضافة إلى أسباب التغير السريع كان للتقدم التكنولوجى  الذى حمله معه القرن العشرين أثرا بالغا فى تغيير أشياء كثيرة ، فقد ظهرت المحركات السريعة فقادت السيارات والطائرات والدبابات وظهر المصباح الكهربائى والتليفون والمسجلات الصوتية والكاميرا والسينما والراديو والتليفزيون وكل ذلك حدث سريعا وترك آثارا كبيرة على الفنون

وبينما لم يدرك محمد عثمان أو الحامولى كثيرا من هذا فقد أدرك سيد درويش الاسطوانات الصوتية والجراموفون ثم أدرك عبد الوهاب السينما فترك المسرح كلية وإن استمر الشيخ زكريا فى المسرح فقد لحن للسينما أيضا كما لحن لها محمد القصبجى ورياض السنباطى بصوت أم كلثوم وغيرها

ومما لاشك فيه أن إضافة الصورة السينمائية بإمكانياتها الهائلة قد غذى الموسيقى بأبعاد جديدة كما زاد من جمهورها. وعلى هذا فقد تراجع نشاط المسرح الغنائى أمام التكنولوجيا الجديدة وأصبح الفيلم السينمائى هو البديل العصرى. على أن السينما لم تكن بمتناول شعوب المنطقة كلها ولذلك فقد طبعت جميع أغانى الأفلام على اسطوانات لاقت نجاحا كبيرا

ثم شارك ظهور الراديو فى تقليل الاعتماد على الاسطوانات كأداة انتشار أساسية ، ومع أواسط القرن العشرين كان فى كل بيت جهاز راديو يبث الأغانى مجانا ليل نهار 

ولكن هذه الثورة التكنولوجية أدت فى الوقت نفسه إلى تراجع جمهور الحفلات العامة التى كانت من سمات الحياة الفنية فى العواصم العريية خاصة القاهرة كما تراجع جمهور المسرح قبل ذلك تحت تأثبر السينما ، فتوقف عبد الوهاب عن تقديم حفلاته فى عام 1940 وتفرغ لملء الاسطوانات وإذاعة ألحانه عبر الراديو وقرر استغلال الفرصة لصالحه بالتلحين لغيره من أبطال وبطلات السينما وكون شركة إنتاج خاصة به هى صوت الفن مع المطرب الجديد عبد الحليم حافظ الذى صعد نجمه سريعا فى منتصف القرن ، واعتاد عبد الحليم تقديم حفلات غنائية محدودة مرة كل عام كما فعل ذلك منافسه فريد الأطرش فيما سمى بحفلة الربيع ، وكان لفريد صولات فى السينما قدم فيها أفضل ألحانه لكن جمهور الحفلات كان يمتعه بعزفه المميز على العود وأغنية بعينها هى أغنية الربيع تقدم فى ذات الموسم كل عام

لكن السينما نفسها قد تأثرت بظهور الإذاعة فاتجه الفنانون إلى هذا الوسط الجديد بكل قوة نظرا لسهولة الإنتاج والتوزيع من خلاله فتوقفت أم كلثوم عن السينما عام 1947 بعد فيلمها الأخير فاطمة وقدم عبد الوهاب آخر أفلامه لست ملاكا فى عام 1947 ، وبدأت السينما تتجه أكثر نحو الدراما مع غياب نجوم الغناء إلى أن ظهر جيل جديد من المغنيين كليلى مراد وعبد الحليم حافظ وغيرهما

احتفظت أم كلثوم مع هذا بتقليدها الذى بدأته عام 1934 تقديم حفلة عامة كل شهر ولم تتوقف عن هذا التقليد إلا بسبب المرض عام 1973. أفاد استمرار حفلات أم كلثوم ملحنين كبار كالقصبجى وزكريا والسنباطى الذين اعتمدوا على أم كلثوم فى توصيل ألحانهم للجمهور ، ومن بعدهم كل من لحنوا لها بما فيهم عبد الوهاب نفسه ، والحقيقة أن جمهور أم كلثوم لم ينقطع عنها أبدا من جميع البلاد العربية ، ومن المؤكد أن فن أم كلثوم هو فن من لحنوا لها بالدرجة الأولى

غير أن الظاهرة الفردية طغت على جميع أعمال من جاء بعد سيد درويش باستثناء الشيخ زكريا الذى قام بتلحين أكثر من 60 أوبريت ، وعاد الغناء والطرب الهدف فى المقام الأول وإن ظلت مدرسة سيد درويش التعبيرية تظل الجميع

قامت الإذاعة المصرية بإنتاج عدد من الأوبريتات الإذاعية لملء الفراغ اشتهرمنها عدة أوبريتات لكن تلحينها وأداءها أسند إلى الصف الثانى من الفنانين كما قامت بإنتاج الأغانى الفردية ، وقد أثمر هذا الاتجاه عن زيادة نشاط من كان ليس له نصيب فى السينما ومن هؤلاء من الملحنين أحمد صدقى وأحمد عبد القادر وعبد العظيم عبد الحق ومحمد عفيفى

ومن المطربين ابراهيم حمودة واسماعيل شبانة وكارم محمود وحورية حسن ، وقامت الإذاعة أيضا بإعادة تقديم أوبريتات سيد درويش مثل العشرة الطيبة بقيادة محمد حسن الشجاعى ونجحت فى إعادتها للواجهة فى أواخر الخمسينات

وهنا يجدر تذكر أن موسيقى سيد درويش قد تم مواراتها عن عمد لفترة تعدت الثلاثين عاما ، وكان القصر الملكى وبعض الموسيقيين من قدامى الأكاديميين وراء ذلك ، فلم تسترد أنفاسها إلا بعد زوال سلطانهم عام 1952 وعودة الفنون القومية والشعبية للازدهار

وقد أدى انحسار المسرح الغنائى والحفلات العامة والاعتماد على الفنون المعلبة إن جاز التعبير إلى ظاهرتين جديدتين :

* زوال تأثير الجمهور المباشر على المادة المقدمة ، فلم يعد الجمهور يستطيع إعلان حكمه الفورى على أى شيئ يقدم

* حرية أكثر للموسيقيين فى إملاء ما يرونه دون خوف من مقاطعة الجمهور فشجع ذلك الكثيرين على إجراء تجارب موسيقية جديدة ، وبعيدا عن السينما فقد كانت المخاطرة مأمونة العواقب نسبيا لعدم ارتفاع تكلفة الإنتاج

فى أواسط القرن العشرين شهدت الموسيقى ازدهارا كبيرا فى مصر بالذات وأنشئ معهد للموسيقى الأكاديمية الغربية هو الكونسرفاتوار الفرنسى ساهم فى تدعيم الحركة الموسيقية بالعازفين المهرة وقائدى الأوركسترا وصاحب انتشار التعليم العام نشاط تعليم الموسيقى فى المدارس مما أدى إلى ارتفاع حدود التذوق الموسيقى لدى فئات كبيرة من الشعب 

كما شهدت تلك الفترة عودة قوية للأغانى الوطنية وعودة أيضا لإحياء التراث الموسيقى فأنشأ عبد الحليم نويرة فرقة الموسيقى العربية فى القاهرة وأنشأ محمد عفيفى فريق كورال سيد درويش فى الإسكندرية

فى أواخر القرن العشرين لم تعد الموسيقى كما كانت فى أوله أو أواسطه ، وإنما تم التخفف تدريجيا من قيود الجدية والأكاديمية بسبب تغير أشياء كثيرة على صعيد السياسة والاقتصاد تغير معها المزاج العام فى المنطقة العربية. فقد حل الشعور بالهزيمة بعد نكسة عام 1967 محل المد القومى وتسببت الحروب فى إضعاف اقتصاد مصر ، وساعد ظهور الثروة البترولية فى الخليج على انتقال مراكز التمويل إلى بلاد الجزيرة العربية ، وقد صاحب حركة الهبوط الفنى فى مصر حركة صعود الفن البدوى القادم من الخليج ، كما قل نشاط الرحبانية فى لبنان

وقد شهد القرن العشرين أنماطا من الفن الهابط فى فترات مختلفة خاصة إبان الحرب العالمية الثانية لكنها ظلت سجينة علب الليل ولم تجد طريقها مطلقا إلى القنوات العامة كالراديو والتليفزيون ، غير أن موجة الهبوط الأخيرة استطاعت فرض نفسها على تلك القنوات مما أدى إلى هبوط الذوق العام ، وزاد الطين بلة غياب الكبار عن الساحة 

ولا يفهم لماذا ازدهرت الحركة الفنية فى مصر إبان الاحتلال البريطانى وهى تواجه حكاما طغاة واحتلالا أجنبيا بينما فقرت فى ظل الاستقلال والحكام الوطنيين فى نهايات القرن .. ويبقى هذا السؤال للتاريخ للإجابة عليه، بحث وتحرير د.أسامة عفيفى، القرن العشرين، أهم الأحداث الفنية