Fatheya Ahmad  فتحية أحمد 

فتحية أحمد 1975 - 1898 بحث وتحرير د.أسامة عفيفي 

موهبة غنائية فذة غنت ألحان سيد درويش أثناء حياته، ومنها "الحلوة دي"، و"طلعت يا محلى نورها"، و"زوروني كل سنة مرة". حازت فتحية أحمد لقب "مطربة القطرين" لنجاح عروضها في مصر والشام ويضاهي صوتها صوت أم كلثوم، منافستها الوحيدة. ولحن لها سيد درويش والقصبجي وزكريا أحمد والسنباطي والملحن السكندري محمد عفيفي 

من أشهر أغانيها من ألحان زكريا أحمد أغنية "يا حلاوة الدنيا" من كلمات بيرم التونسي،وقد غنتها في أوبريت "يوم القيامة" عام 1945

ولفتحية أحمد قدرة فائقة على أداء الغناء الحر "الموال" وفي أغانيها التي ضمت مقاطعا من هذا النوع من الغناء شهادة قاطعة على مقدرتها الفائقة صوتا وأداء. وإذا اعتبرنا أن أداء الغناء الحر مقياس حقيقي لقدرة المطرب، سنجد فتحية مصنفة في المرتبة الأولى في هذا النوع، بل وتتفوق على أم كلثوم

نشأة فنية

ولدت فتحية أحمد عام 1898 أي بعد مولد سيد درويش وبيرم بست سنوات تقريبا. بدأت حياتها الفنية بالعمل كمطربة مع والدها، أحمد الحمزاوي، الذي عرف كمطرب وملحن وصاحب فرقة غنائية. وكات فتحية إحدى شقيقات ثلاث مطربات، ولكنها كانت أوفر حظا من أختيها رتيبة أحمد ومفيدة أحمد. عملت رتيبة بالقاهرة واشتهرت بالأغاني الخفيفة مثل ديالوج التليفونات مع الشيخ احمد حسنين من تلحين السيد شطا، وديالوج "شوي العصاري يا درة" مع الملحن إبراهيم فوزي. وأقامت الأخت الثالثة مفيدة بالإسكندرية واشتهرت كمطربة أولى بالمدينة 

مطربة القطرين

تدربت فتحية أحمد على الغناء على أيدي ملحنين كبار منهم الشيخ أبو العلا محمد، ثم عملت بالفرق المسرحية في أوائل العشرينات، مثل فرقة نجيب الريحاني. كما قدمت أغانيها الخاصة في حفلاتها، واستمرت تغني من العشرينات حتى الخمسينات من القرن العشرين، وكانت إحدى أشهر ثلاث مطربات هن منيرة المهدية وفتحية أحمد وأم كلثوم. ومع نجاحها في مصر قامت قامت برحلات فنية سنوية إلى بلاد الشام، فاضافت نجاحا إلى نجاح، وهناك منحت لقب مطربة القطرين

يا حلاوة الدنيا

غناء فتحية أحمد

كلمات بيرم التونسي - ألحان زكريا أحمد

فتحية أحمد تعرّف عبد الوهاب إلى سيد درويش

كانت فتحية أول من عرف محمد عبد الوهاب بسيد درويش، وكان عبد الوهاب لا يزال فتى صغيرا يغني القصائد والأدوار القديمة. وأثناء زيارة سيد درويش لمسرح فتحية أحمد أثنت فتحية على عبد الوهاب أمام سيد درويش الذي طلب منه أن يسمعه شيئا مما يغنيه فأسمعه. وعلى الفور امتدح سيد درويش صوت عبد الوهاب وتنبأ له بمستقبل باهر في عالم الغناء. لكن سيد درويش أجل إسناد أي دور غنائي له إلى أن بلغ الطفل عبد الوهاب سنا معقولة ينضج معها صوته. وفي عام 1921 أسند إليه دور البطولة الغنائية في أوبريت شهرزاد وهو مازال في السابعة عشرة، وساهم ذلك اللقاء في اقتراب عبد الوهاب أكثر من سيد درويش فتعلم منه الكثير وأهم ما تعلمه كان التجديد في الفن 

لماذا لم تشتهر فتحية بألحان سيد درويش؟

اشتهرت فتحية أحمد بألحان ملحنين آخرين غير سيد درويش ولم تنسب إليها ألحان سيد درويش فلم تشتهر بها. وقد يبدو هذا غريبا لكن السر في ذلك يعود إلى طبيعة ألحان سيد درويش نفسها.

الحقيقة أن الألحان كانت سببا في شهرة سيد درويش كملحن، ولكنها لم تضف شهرة إلى أي مطرب صغر أو كبر، على عكس المألوف من نجاح الملحن عن طريق الأصوات التي تقدم ألحانه للجمهور. وكان هذا هو الحال مع من لحنوا لأم كلثوم التي فاقت شهرتها شهرة ملحنيها.

أما سيد درويش الذي كان يلحن للمسرح وليس للغناء الفردي، باستثناء الأدوار، فكان لا يهمه كثيرا أن يكون المطرب ذا شهرة واسعة أو أداء خارقا، فقد كانت ألحانه للمسرح بسيطة، تستهدف أن يغنيها الجمهور في المقام الأول وليس المطربين المحترفين. ولذا نسبت ألحان سيد درويش إليه مباشرة وليس إلى أي مطرب رغم كونها بالمئات 

ولم يستطع غيره من الملحنين تحقيق ذلك إلى الآن، فلم ينسب لحن لملحن، بمن فيهم عبد الوهاب، إلا إذا كان مطربا في نفس الوقت. من ناحية أخرى لأن طبيعة الألحان المسرحية تحتم الاهتمام بالتعبير قبل الطرب، لم تمنح تلك الألحان الفرصة لمطربين والمطربات باستعراض قدراتهم الغنائية حيث كان أساسها التعبير عن المضمون وتوصيل الرسالة إلى الجمهور ليغنيها وليس فقط ليستمع إليها. بالتالي خلت الإشارة إلى ألحان سيد درويش من أسماء المطربين. 

وفي مثال آخر مع زكريا أحمد غنت له فتحية أغنية "يا حلاوة الدنيا" داخل أوبريت، لكن أسلوب زكريا الطربي منح الشهرة للأغنية والمطربة معا، بل إنه يروى أن تلك الأغنية قد أضيفت للأوبريت خصيصا لتغنيها فتحية أحمد، وإذا كان هذا صحيحا فهو يكشف السر في اقترانها باسم مطربتها، على عكس ألحان سيد درويش

يا ترى نسي ليه

غناء فتحية أحمد

كلمات محمد الحسيني - ألحان محمد القصبجي

أحب الورد

غناء فتحية أحمد

كلمات محمد الحسيني - ألحان محمد عفيفي

الملحن محمد عفيفي 

يروي رحلته مع مطربة القطرين

 فتحية أحمد

في السينما

قامت فتحية أحمد ببطولة سينمائية واحدة في فيلم "حنان" عام 1944 من إخراج كمال سليم. واشتركت بالغناء فقط في فيلم أحلام الشباب وفيلم عايدة عام 1942 حيث قامت بدور ابنة الملك المصري الأميرة أمينيرس مع أم كلثوم في دور عايدة جارية الأميرة وابنة ملك الحبشة، والمطرب إبراهيم حمودة في دور القائد المصري راداميس

المسرح الغنائي

غنت فتحية أحمد ألحان سيد درويش وكامل الخلعي وزكريا أحمد في العديد من الأوبريتات، وكان لها صولات وجولات أيام ازدهار المسرح الغنائي، وغنت في آخر أوبريت لها "يوم القيامة" عام 1945 أغنيتها الشهيرة "يا حلاوة الدنيا" 

الصفصافة - فتحية - السنباطي.wmv

الصفصافة

غتاء فتحية أحمد

كلمات علي محمود طه

ألحان رياض السنباطي

فتحية أحمد بين أم كلثوم وعبد الوهاب

أشرنا في الحديث عن الخمسة الكبار في تاريخ الموسيقى العربية إلى أن أم كلثوم كانت الصوت الذي حمل ألحانهم إلى الجمهور إلا أنها لم تعاصر سيد درويش في حياتها الفنية حيث رحل مبكرا عام 1923 قبل أن تصل أم كلثوم إلى أي شيء يذكر في عالم الفن. لكن أم كلثوم ظلت على بعدها عن عبد الوهاب منذ بداياتهما المتزامنة تقريبا ولنحو 40 عاما حتى غنت من ألحانه عام 1964

شيء مشابه حدث في حياة فتحية أحمد، فقد غنت من ألحان الخمسة الكبار ما عدا واحدا هو محمد عبد الوهاب. في حالة أم كلثوم كان استثناء سيد درويش طبيعيا لأنها لم تلحق به، أما في حالة فتحية فالأمر يدعو للدهشة لأن المستثنى كان عبد الوهاب، وكان الاثنان على قيد الحياة وفي أوج شهرتهما وتعاصرا لأكثر من 40 عاما أيضا لكنهما لم يلتقيا فنيا في عمل ما. وهذه الملاحظة قد تمر مرور الكرام لكنها لا تخلو من خلفيات تستحق التأمل. لقد كانت فتحية أحمد قمة مساوية لأم كلثوم صوتا وأداءًا، وسبقت شهرتها الاثنين معا عبد الوهاب وأم كلثوم، وكانت نجمة الغناء أثناء حياة سيد درويش وغنت من ألحانه فما السبب في بعدها عن عبد الوهاب أو بعده هو عنها؟

السبب في رأينا هو نفس السبب الذي منع محمد عبد الوهاب وأم كلثوم من الاجتماع في عمل واحد طيلة 4 عقود تربع خلالها كل منهما على قمة فنية عالية. وهو الذي أشار إليه الملحن السكندري محمد عفيفي، الذي لحن لفتحية عدة ألحان كما أعد لأم كلثوم ألحانا لم يتم تسجيلها، بأن كلا منهما كان يخشى الآخر .. كان عبد الوهاب يخشى أن يفسر نجاح ألحانه لأم كلثوم بصوتها وكانت هي تخشى أن يفسر نجاح غنائها بألحانه. شيء من هذا القبيل حدث بين محمد عبد الوهاب وفتحية أحمد، وتشابه الموقفين واضح، وهو يشير إلى المكانة التي بلغتها فتحية أحمد في عالم الغناء أكثر مما يحجبه منها

في حالة أم كلثوم تم حل المعضلة بوساطة سياسية عندما تدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للجمع بين أم كلثوم وعبد الوهاب، لكن القدر لم يمنح نفس الفرصة لفتحية أحمد التي اعتزلت في الخمسينات. لكننا قد نجرؤ على إضافة عنصر آخر هو خشية عبد الوهاب مواجهة فتحية أحمد التي نشأت في مسرح سيد درويش، وبالنسبة لعبد الوهاب فإن الاقتباس من ألحان سيد درويش كان شيئا تلقائيا لا إراديا، من فرط إعجابه وتشبعه به، وظل يلازمه لأكثر من نصف قرن بعد رحيل سيد درويش الذي طمرت ألحانه طمرا بعد وفاته. وربما كان من الأفضل لعبد الوهاب أن يتجنب التعامل مع شخصيات عاصرت سيد درويش وحفظت فنه 

ونضيف عنصرا ثالثا إلى المشهد بالقول بأن عبد الوهاب لم يلحن لأحد غيره إلا متأخرا في الخمسينات وظل طوال العشرينات والثلاثينات والأربعينات يلحن لنفسه فقط باعتباره مطربا أيضا، وقد يكون له العذر في ذلك بأنه، كمطرب، لم يشأ أن ينافس نفسه بالتلحين لصوت قدير آخر

إعداد وتحرير د.أسامة عفيفي، فتحية أحمد، استمرت فتحية أحمد تغني باقتدار حتى الخمسينات، لكنها اعتزلت بعد ذلك حتى رحلت عن الدنيا في 5 ديسمبر 1975 بعد أن ساهمت بالكثير من الموهبة والكفاءة في مسيرة الفن