Mohamed Fawzi  محمد فوزي

محمد فوزي

محمد فوزي 1918- 1966 إعداد وتحرير د.أسامة عفيفي

ينتمى محمد فوزي إلى الجيل الثاني من المجددين في الموسيقى العربية وهو ملحن ومطرب تلقائي موهوب اشتهر بأغانى أفلامه، وتمتع بشخصية مرحة جذبت إليه جمهور السينما، كما اشتهر بتلحينه أغاني خالدة للأطفال أحبها الصغار والكبار وذاعت شهرتها وامتدت حتى يومنا هذا ولم يجاره أحد في براعته في التلحين للطفل.

لحق فوزي بركب السينما عام 1944 وامتد نشاطه السينمائي في أكثر من 30 فيلما حتى عام 1959. قدم من خلال السينما وخارجها أكثر من 300 لحن، أغلبها بصوته، وممن غنى له المطربات نور الهدى ، ليلى مراد ، وصباح

بالإضافة إلى نشاطه الفني نشط محمد فوزي كمنتج سينمائي ناجح كما أنشأ أول مصنع لإنتاج الاسطوانات فى مصر وستوديو للتسجيلات الصوتية


ماما زمانها جاية 

تلحين وغناء محمد فوزي

محمد فوزي رائد أغاني الأطفال

لم يفكر أحد ويهتم بأغانى الأطفال بها كما فعل محمد فوزي ، وقد أصبحت أغانيه للأطفال تراثا بحق ، لا يكاد أحد من الجمهور لا يعرف هاتين الأغنيتين ذهب الليل طلع الفجر التى لحنها عام 1954 ، و ماما زمانها جاية ، التى أحدثت ضجة كبرى فى أوائل الستينات لما تضمنته من استخدام بارع لصوت طفل فى عامه الأول يضحك تارة ويبكى تارة بشكل رائع يشد إليه المستمع بين المقاطع الغنائية التى يغنيها محمد فوزي فى هيئة حوار قصصي، فيروي فوزي قصة فى كل مقطع يعلق عليها الطفل بضحكة منطلقة أو بتأثر بالغ وكأنه يعى تماما ما يروى له، والفكرة بالطبع موجهة لمن هم أكبر قليلا من عمر ذلك الطفل لكن تأثير انطباعاته كان حجر الزاوية فى اللحن ، وهى فكرة جديدة تماما ذات جاذبية شديدة جعلت كثيرين يحاولون تقليدها ، أما اللحن نفسه فقد استخدم فيه فوزي أسلوبا حديثا اعتمد على البيانو والأوركسترا الحديث بعيدا عن تقليدية التخت الشرقي

نشــأته

ولد محمد فوزي الحوّ في فى 15 أغسطس 1918 بمدينة طنطا بمصر، وتعلم أثناء وجوده فى طنطا ما استطاع من الفنون القديمة، وربما رجع السر فى شخصية محمد فوزي الاجتماعية إلى نشأته فى أسرة كبيرة العدد، فله 24 أخ وأخت من بينهم المطربة هدى سلطان 

في القاهرة

بدأ فوزى نشاطه الفني بالقاهرة عام 1938 بعد التحاقه بمعهد الموسيقى العربية، وعمل بالفرق الخاصة والمسرح القومي قبل اتجاهه للسينما. وقدم أعماله للإذاعة المصرية بدءا من عام 1950 ، لكن نشاطه الأهم تحدد باتجاهه للسينما التى شهدت معظم ألحانه

طموحات وإنجازات

خارج نطاق الموسيقى والتلحين عمل محمد فوزي كمنتج سينمائي من خلال شركة الإنتاج التى أسسها عام 1947 ثم أنشأ أول مصنع لإنتاج الاسطوانات فى مصر أسماه مصرفون عام 1958 وكذلك ستديو خاص لتسجيل الاغانى ، لكن هذه الأعمال شغلته عن الفنون الموسيقية

محمد فوزي في السينما

قدم محمد فوزي أكثر من 30 فيلما بدءا من عام 1944 أغلبها من إنتاجه

عام 1944 شهد أول ظهور لمحمد فوزي فى السينما في دور ثانوي فى فيلم "سيف الجلاد" أسنده إليه يوسف وهبي، وثاني أفلامه كان "قبلة فى لبنان" أمام أنور وجدي و مديحه يسري

عام 1946 كانت أول بطولة سينمائية له فى فيلم أصحاب السعادة أمام المطربة نور الهدى

عام 1947 أسس محمد فوزي شركه إنتاج حملت اسمه ونجحت فى إنتاج عدة أفلام ناجحة

عام 1951 أنتج فوزى فى خطوة مبكرة وجريئة فيلما ملونا هو ثاني الأفلام العربية الملونة "الحب فى خطر"

عام 1959 قدم آخر أفلامه ليلى "بنت الشاطئ" أمام ليلى فوزي وفايزة أحمد

كان محمد فوزي مشروعا كبيرا في حد ذاته ، فذهنه متقد دائما ، وكان لا يخشى المغامرة ، وأقدم على تنفيذ الأفكار التى كانت تراوده

الفنان والإنسان

رغم أن تجربة محمد فوزي مع الأغنية الطويلة لم تكتمل، فإن قصته معها جديرة بالاهتمام. كان محمد فوزي كغيره من الملحنين يتمنى أن يلحن لأم كلثوم، وكانا قد تعارفا واتفقا على أن يلحن لها أغنية بذاتها، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، فقد أطلع فوزي صديقه الملحن الشاب بليغ حمدي على كلمات الأغنية، ولم يكن بليغ يحلم بأن يقابل أم كلثوم ناهيك عن التلحين لها، ولم يكن قد تعدى الثلاثين من عمره. والقصة، كما رواها بليغ حمدي بنفسه في أحد البرامج التلفزيونية، فى غاية العجب. خلال أيام كان بليغ قد أعد لحنا لتلك الكلمات على سبيل التجربة ليس إلا، وما أن قابل محمد فوزي ثانيا حتى أخبره بتجربته، فطلب منه فوزي أن يسمعه ذلك اللحن التجربة، واستمع فوزي إلى اللحن فحاز إعجابه. يذهب بعدها فوزي إلى موعد مع كوكب الشرق التى سألته عما إذا كان قد فرغ من إعداد اللحن فأجابها بالإيجاب، فجلست لتسمع، وما أن ظهرت عليها علامات الارتياح وأبدت قبولها للحن حتى فاجأها محمد فوزي بأن ما سمعته ليس من تلحينه وإنما هو لشاب جديد فى عالم التلحين اسمه بليغ حمدي! 

لا يعرف أحد على وجه التحديد ماذا دار فى ذهن محمد فوزي ساعتها، لكن أم كلثوم غيرت الموقف تماما. فقد طلبت من فوزي أن يقابلها بذلك الملحن الجديد وأبدت استعدادها للقائه والاتفاق معه، هل نسيَت أم كلثوم اتفاقها مع فوزي أو تناسته؟ ما حدث أن فوزي سارع بتلك الأخبار إلى صديقه بليغ الذي طار فرحا غير مصدق، وبالفعل التقى بالمطربة الكبيرة التي فتحت له أبواب المجد، ولم يكن ذلك اللحن غير أغنية "حب إيه"، أول ما لحن بليغ لأم كلثوم عام 1960، أما محمد فوزي فلم تسنح له الفرصة بعد ذلك للتلحين لأم كلثوم أبدا وحتى وفاته عام 1966، كان محمد فوزي على هذه الدرجة من الصدق والأمانة والإيثار

نقــد محمد فوزى

- لم يدخل محمد فوزي تجربة الأغنية الطويلة والتى كانت محك الملحنين فى عصره

- كذلك لم يهتم كما يجب بقصائد الشعر الفصيح ومعظم أعماله بالعامية الدارجة

- رغم نجاحه الساحق فى تلحين أغاني الأطفال فإنه لم يكثر منها، وربما لو فعل لزاد رصيده ورصيد الفن بروائع منها

- قيل من قبل محبي محمد فوزي فى تجاربه الفنية أنه أول من قدم أغنية بالصوت البشرى فقط، أى دون مصاحبة أوركسترا، (كلمني طمني)، والواقع أن هذه التجربة تعد فى رأينا خطوة للخلف لا إلى الأمام، فهي في عكس اتجاه التطور، وليس كل مخالف للمألوف يعد جديدا أو مبتكرا

- قيل أيضا أن محمد فوزي صاحب تجارب وريادات أخرى مثل أنه لحن أول أغنية رمضانية (المسحراتي) وأول أغنية لعيد الميلاد (عيد ميلادك أحلى عيد) ، وفى رأينا أن هذه النماذج لا ترقى إلى اعتبارها تجارب أو مبتكرات فنية حيث أن الجديد فيها ليس موسيقيا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التراث العربى ملئ بموضوعات شبيهة، وإذا كنا قد أدخلنا فى تقييم غيره من الفنانين اختيار الموضوع كمدخل للعمل الفنى مثلما كان الحال مع سيد درويش ومحمد عبد الوهاب فهناك فرق ، موضوعات سيد درويش خاصة المسرحية أحدثت انقلابا انتقل بالموسيقى من عصر تنغيم الكلمات إلى عصر التعبير عنها، وأصبح أسلوبه مدرسة لمن جاء بعده ، وفى حالة محمد عبد الوهاب فتح تقديمه للأغنية الوصفية مثل فى الليل لما خلى وقصائد الجندول والكرنك والنهر الخالد وغيرها مجالا واسعا للتعبير الموسيقى، ولا يمكن أن يقاس ذلك بأغنيات محمد فوزي لشهر رمضان وعيد الميلاد ، فلم يتعد التجديد فيها حضور المناسبات الاجتماعية فى الأغاني وهو حضور نصي محدود ينسب للمؤلف أكثر منه للملحن

- تذبذبت ألحان محمد فوزي بين الشرق والغرب، والشعبي والراقي، حتى داخل الأغنية الواحدة، لكن هذا التذبذب على أية حال كان المناخ السائد وقتها ولم ينج منه ملحن

- قدم محمد فوزي صورة غريبة لروميو ولجولييت في أغنيته السينمائية شحات الغرام، ولا ندرى كيف تسنى له تسويق هذه الصورة التى انقلب فيها العاشق إلى متسول يتسول الغرام من محبوبته ويغني لها في الشارع بينما تستمع لغنائه في شخصية المتسول وهي في شرفتها العليا! لم يسبقه إلى هذه الصورة أحد ولم يكررها أحد بعده

-  يقال عن محمد فوزي أنه تخصص فى الأغنية الخفيفة، لكن هذا الوصف ليس دقيقا تماما فألحان فوزي رغم تميز العديد منها بالسهولة تباينت بين الذوق الشرقي والذوق الغربي، وبين الجمل البسيطة والجمل المعقدة، وبين الأسلوب الشعبي والأسلوب الحديث، ولم تكن دائما سهلة المنال يستطيع غناءها كل فرد، بل فى أحيان كثيرة كانت ألحانه تحتاج إلى المطرب القدير لأدائها، بيد أنه لم يعرف عنه اهتمامه بالأغنية الطويلة

- كان بإمكان محمد فوزي الاهتمام أكثر بالتلحين الدرامي خاصة أنه امتلك مفاتيح الإنتاج والتمثيل والتلحين والغناء، لكن إنتاجه من الأوبريتات كان أقل مما يجب، وربما شغلته مشروعاته عن الدخول فى هذا الميدان الذى يحتاج إلى الكثير من التفرغ 

الرحيـــل

رحل الفنان محمد فوزي عن عالمنا في 20 أكتوبر عام 1966 عن 48 عاما، بعد صراع طويل مع مرض حار الأطباء فى تشخيصه أيامها إلى أن أسموه باسمه! ، لكن ذكرى فنه المرح الرشيق ما زالت إلى اليوم ملء الأذهان والأسماع. إعداد وتحرير د.أسامة عفيفي، محمد فوزي 1918- 1966