الفقير إلى الله أ.د عبد الجليل الروسي الحسني
هذا المنهج له ضوابطه الشرعية يركز عليها الشيخ المربي سيدي الأمين الروسي الحسني رحمه الله في وصيته، ألا وهي تقوى الله بحيث يقول في وصيته:
".. مضت سنون منذ ولادتي بتاريخ ثمانية وعشرين من شهر نونبر سنة ألف وتسعمائة وثمانية عشر ميلادية ، وأنا أجوب دروب الحياة على اختلاف اتجاهاتها وإشعاع ضياء أنوارها، أنتقل من محطة إلى أخرى، باحثا عن ما هو أفضل وأحسن، محاولا التشبث بالقيم والأخلاق، خوفا من الضياع في دهاليزها والانزلاق في محظوراتها، مستعينا بالإشارات المؤدية إلى الغاية المقصودة. فكان واجبا على الراكب مثلي أن يكون حذرا ليضبط حركاته، ويتفقد زاده، حتى يعبر المسافات، ويقطع الدروب بسلامة ووعي. فخير ما أوصيك به يا حفيدي، الكتاب المنير، الساطع منذ الأزل، الجامع بين الوسيلة والهدف والغاية، المتكامل النابغ في نصوصه الظاهرية ومعانيه الباطنية، منبع الفكر الإنساني ومجمع الكتب السماوية، كتاب كريم شاف. وهو كتاب الله عز وجل، ودراسة شرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المتضمن في سر كلمة واحدة، سمعتها وقرأتها مرارا، وأنا في دروب العمل والتحصيل، ورأيت سرها ليلة في رؤية، رأيت أنوارا تنبثق من انشقاق السماء، فالتفت إلى والدي بجانبي وسألته عن ماهية الحدث؟ فأجابني رحمه الله كعادته بهدوء وطمأنينة وهو يتفحص وجهي، ويداه ماسكة يميني قائلا: اتق الله يا ولدي تر عجبا. مصداقا لقوله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا[1]. فإذا كانت الرؤيا لها معناها الظرفي، وظروفي النفسية لها تفاسيرها، فإن كلمة التقوى، يا حفيدي، هي المبتغى وهي أصل كل شيء. فلا شرف ولا رفعة نفس ولا همة إلا بها، ولا جاه ولا غنى إلا باستثمار كنوزها، ولا عدل ولا حرية ولا طمأنينة إلا بالحرص عليها، ولا إيمان ولا عقيدة ولا إسلام واضح إلا بجني ثمارها، فإذا أزيحت العناية بها، انهارت كل القيم المنبثقة عنها، كما تنهار القصور الرملية، أمام ما تبقى من أمواج المحيط على الشاطئ. وإذا أهملناها، طغت الطفيليات على كل ما زرعناه، وأصبح بذلك المجتمع عرضة لرياح شمالية وإعصار غربي يخرب كل ما بناه أجيالنا السالفة، يقول عالم الغيب والشهادة: إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين[2]. إنها الستر والوقاية من التلف لقوله تعالى: وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون[3]. إنها المقود والطريق والزاد والوقود، إنها الموصلة للإنسانية، إنها عين ومنبع النسيم المتواصل بين العابد المحب ومولاه.
فعليك يا حفيدي باللحاق ولك الوصول. يقول الله تعالى: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين[4] صدق الله العظيم..".
............................
[1] سورة الطلاق- الآيتان 2 و3.
[2] سورة الجاثية- الآية 19.
[3] سورة الزمر- الآية 47.
[4] سورة الزمر- الآية 73
الفقير إلى الله أ.د عبد الجليل الروسي الحسني
الفقير إلى الله أ.د عبد الجليل الروسي الحسني
موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية الروسية الحسنية
المملكة المغربية
2004م - 2025 م