من كتاب راعي الفضائل
من قصائد الشيخ المربي الفقيه العلامة سيدي يوسف بن الشيخ مولانا الحاج عليّ كوناتي القادري المسكاني[3].شيخ الطريقة القادرية المسكانية من دولة مالي.
لقد أنشد الشيخ يوسف بن الشيخ مولانا الحاج علي كوناتي القادري قصيدتين في حق شيخنا رحمه الله لمحبته له واطلاعه على مقامه بين أهل الله حيث قال
ومهما ذكرت مولانـا الأمين***وليّ الله فــــي القصر الكبير
أفيض صبابة دمعــــا غزيرا***فإنه كـــــــان أرحم بالصغير
وعنصر كل خير للعبــــــــاد***وارث جذه البدر المنيــــــــر
أرى المغبون من فاتته حقًـا***مصاحبة الأمين أبي المجير
عليه فأبوك يـــا عبد الجليل***عليه رحمة المولــــى الكبير
ثم قال فيه رضي الله عنه:
يا روضة ضمت العلامة الروســــــــــي***فخر البلاد الأميـــن خير مأنوس
متـــــــــــــى أراك بعين الرأس منتشقـا***إذ فيك أشرف مجذوب ومرموس
فلتشكري الله أن أعطاك سيدنــــــــــــا***والله حزت كمــــــــال كل ملموس
من يسأل الناس عن أزكى الورى نسبا***يقال ذاك الأمين العارف الروسي
ثم قال في الشيخ سيدي الأمين رضي الله عنه ارتجالا:
الله أكبــــــــــــــر هذا الشيخ مـــؤتمـن ** علــــــى حماية أهل القطر والوطن
شيخ شريف منيف عـــــــــــــــارف علم**فـــــــــي نشر منهج أهل الله لم يهنِ
عبدالجليل المربـــــي جيلم العرفـــــــــا**ء الكاملين ومحيي الفرض والسنن
لا زلت يــــــا شيخ فــــــــي خير وعافيةٍ**مؤيَّدًا بجنــــــود الفيض والمنـــــن
يـــــــا ربُّ أشكو إليك جور زمانـــــــــي**فالدهر ربـــــــي بالكروب رمانــــي
أنت المعدُّ لكل نائبةٍ فمـــــــــــــــــــــــــا**لـــــي عنك ربُّ غِـنًــــى لدفع هوان
أدعـــــــــــــــوك دعوةَ مذنبٍ مُسْتَعْطِفٍ**مُسْتَنْجِـــــــــدٍ مُسْتَرْحِـــمٍ حَـــيْـــرَانٍ
مُتَوَسِّلٍ بالذات والأسماء والــــــــــــــــ**إِسْـم العظيم الخـــاص بــــــــالقرآن
فبحقِّ مــــــــــــا في المحكم التنزيل منْ**سِرٍّ مصــــونٍ ظاهر البرهـــــــــــانِ
وبحقِّ جبريـــــــــل الأميـــــــــن وخدنه**خيرالعبـــــــاد محمد العدنــــــــــاني
بـــــــالعترة الأطهـــــــر سادات الورى**أهل الصفــــا والجـــود والإحســان
بالشاذلـــــيّ المغربـــــيّ الأصل ذي الـ**فيض العمــــــــيـــــــم ونفحة وتدانٍ
بالشيخ الدرقـــــــــاوي المجدّد الأعظم**كهف الفقير وعمدة الأعيـــــــــــــان
بالسيّد الروســــــــي الأمين الأكمـــــل **بكمــاله وجمـــاله الربَّـــــانــــــــــي
وبكل من لهمُ انتمـــــــــــــــى من سالكٍ**وأحبَّةٍ فـــــــــــي ســــــــائر البلدان
فاحفظ بعينك يـــــــــا إلهــــــي المغربَ**ملكًا وشعبًا من صروف زمــــــــــان
وانصرمحمدالسادس حامي حمى الـــــ**إسلام والإيمــــان والإحســـــــــــان
وافتحْ لنـــــا أبواب فضلك واكفنــــــــا**شرَّ الحســــــــــود الظالم الفَـتَّــــانِ
واجمع علــــــــى حقٍّ وحبٍّ صــــــادقٍ**الســـــــــــالكين طريقة العرفــــــان
واسق الجميــــــــــعَ بكــأس حبٍّ مترعٍ**وارحم أبــــــــــــا الأرواح والأبدان
أعني به الروســـــــي الأمين العـــارف**محـــــــــي الطريقة مظهر الرحمان
فبجـــاهه وعظيـــــــــــــم نسبة أصلــه**فاختم لنـــــــــا بالخير والإيمــــــان
وافتح علـــــــى عبدالجليل خليفة الــــ**روســــــــي الأمين العـارف الرباني
ثم الصلاة علــــــى النبيّ المصطفــــى**والآل والأصحــــــــاب بالإدمــــــان
"..الفقيه العلامة الشيخ المربي الشريف سيدي الأمين الروسي الحسني الإدريسي، عالم من علماء المغرب، مارس التدريس والخطابة والوعظ والإرشاد، وارتسم للذكر وتعليم التصوف في زاوية والده الشيخ سيدي عبد الله بالقصر الكبير ، إنتاجه العلمي دال على إرتباطه بمفاهيم الصحوة الفكرية والعلمية للمسلمين في العصر الحديث..".
"..ليس غريبا على مدينة القصر الكبير، المدينة الأقدم والأعرق في المغرب، المدينة التي ظلت قاعدة جهادية لعدة قرون، المدينة التي أنجبت العلماء والأدباء والشعراء أمثال: العالم الجليل أبي المحاسن يوسف القصري والعلامة عبد القادر بن علي الفاسي القصري وعبد الجليل الأندلسي القصري وغيرهم الكثير أن يظهر فيها الأستاذ العدل الشريف العلامة سيدي الأمين نجل الشيخ البركة الشيخ سيدي عبد الله الروسي الحسني..".
ويقول فيه كذلك منوها بمؤلفه "لمحات تاريخية" ما نصه: " يظهر اتساع أفقه، فقد سجل عدة ظواهر طبيعية، واجتماعية، وأدبية، ودينية، ويبرز هذا الاتساع في أفقه وانفتاحه على عصره فيما جاء في مقدمة كتابه السالف الذكر، حيث تبين أنه يتمتع بمنظور واسع وفهم ثاقب للإسلام، وربما خروجه عما هو معهود لدى الزوايا من تعصب وانغلاق وتحجر، فهو يدعو إلى الأصالة والمعاصرة في أفق الوصول إلى التوازن فيقول[3]:( فالأخذ بالأصالة والتواصل بأفكار المعاصرة توازن روحي وثقافي واستمرار فكري في صيرورة بناء حاضر ومستقبل الأشبال ) ويضيف قائلا: ( فالتوازن إذن واجب بين كل هذه المكونات). فما أحوجنا إلى هؤلاء الأعلام اليوم".
".. موسوعة تاريخية دينية وصوفية، فلقد كانت أخلاقه أخلاقا عالية مطبوعة على الصفاء والنقاء والإيثار محبا الخير للناس جميعا، هذا ما جعله محبوبا مكرما من لدن الناس جميعا...".
"..نعم، لقد كان رحمة الله عليه إنسانا كريما كأرفع ما يكون من الكرم، معظما عند الناس بأرقى وأجل ما يكون التعظيم، فهو نموذج من نوع خاص سواء في سلوكه الاجتماعي وفي علاقته الإنسانية، فلم يتخذ في حياته عدوا، ولم يتنكر لصديق، ويكفيه على ممر الأيام تكرر ذكره على جميع ألسنة الناس.".
"..في أسلوب شيخنا نفحات صوفية، ورقائق لدنية لا تتأتى إلا لمن شفت روحه ورقت، وعانقت "نسيم الوصال" سالكة بصاحبها أعلى المقامات".
"..كان يتميز بخصال قلما توجد في شخص واحد، وهي كثيرة، ومن بينها اللباس الأنيق، والكلام الدقيق، والتواضع والهدوء أثناء تقديم الدروس، وغزارة العلم، فلم يكن يعتصر ذاكرته اعتصارا، وإنما كان يتركها على سجيتها كالمزن ترسل الغيث إرسالا"." لم يستسغ حياة السكون والراحة، فشرع في إنشاء بستان كتاب لمحات تاريخية من الذاكرة الجماعية، كثير الأشجار متنوع الثمار، وفتح الباب لكل محب وزائر حيث يكتشف ثماره بالحواس، ويتذوقها بالعقل ويهضمها بالتدبر، وإذا ما ثم هذا أعطت مفعولها إذا ما توفرت إرادة تغيير المسار. فهو ينبه الغافلين ويرشد التائهين ويشجع المجدين والمجتهدين. فإذا ما انتهيت من زيارة البستان لاحقتك دعوته إلى الاعتدال والوسطية والأمل في الارتقاء إلى مرحلة الصوفية..".
"...لقد ارتبطت صورة الفقيد الراحل لدى ساكنة العرائش عموما، والفقراء الطرقيين من مختلف المناهل والمشارب خصوصا، بصورة العالم الفواح، العارف والمطلع على كثير العلوم والفنون، وبنشاطاته في مجل التثقيف والتوجيه والدعوة بالحسنى إلى سبيل الحق، وكان رحمة الله عليه، خطيبا أصيلا، فصيحا مبينا، وضابطا محققا...".
"..عرفت أستاذي سيدي الأمين بن عبد الله الروسي مربيا وقدوة قبل أن يكون مدرسا منهجيا برا تقيا جمع الله له بين نعمة العلم ومنة العمل النافع..".
".. سيدي الأمين الروسي الأستاذ الجليل، والصوفي النبيل، والعلامة العدل النزيه نقول في حقه، ونرجو الله أن يكون قولنا يوفي ولو بعض حقه، أو ما يليق بشرفه وعمله، فيه حلية العلماء، ونزاهة الفضلاء، وسكينة شيوخ التصوف المتحلين بالوقار واللين في تدريسه وعلمه، يعطيك من العلم والفقه ما تريد، ويزيدك بالسكينة والشرح المفيد".
"..لا تسل عن دروسه في الميدان الصوفي النقي، فلا عجب فهو ابن الشيخ البركة الصوفي المحترم سيدي عبد الله الروسي الحسني، فالدر من معدنه والطيب من مسكه. والله ينفعنا بعلمه وفضله ويعم الشيوخ بالرحمة والرضى إنه سميع مجيب..".
".. الشريف الحاج الأمين الروسي الحسني لم يغادرنا بعد التحاقه بالرفيق الأعلى لأن الرسول قال بموت المرء لا ينقطع من ثلاث: صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. في هذا الشخص اجتمعت هذه الأوصاف، الصدقة الجارية هي تواب ما لقنه لنا والعلم الذي أسداه لنا تنقله من جيل لآخر قبال ثوابه، والابن الصالح فنحن لا نفتر بالدعاء له بأن يتغمده الله برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. والسلام.
"..لأن الشيخ المرحوم بكرم الله كان قدوة حسنة في الأخلاق وزرعها فيمن تتلمذ عليه، حيث ورث ذلك عن أبيه المرحوم الولي الصالح سيدي عبد الله الروسي دفين الزاوية الدرقاوية بمدينة القصر الكبير، والذي كان مشهورا في زمانه بين أشياخ التصوف السني بالمغرب. حيث كان يتبعه الآلاف من المريدين الذين تتلمذوا على يديه وأخذوا عنه. فكان من جملة المربين في الطريقة الصوفية السنية الأخلاقية، الشيئ الذي جعل العديد من الرواد الذين اجتمعوا حوله وأخذوا الأوراد التصوفية عنه سواء داخل مدينة القصر الكبير والعرائش أو من القرى المجاورة لهما، بل داع صيته على مستوى المدن والقرى النائية في شمال المغرب".
في رسالته عنوانها "الساكنة العرائشية تفقد أعلامها" يذكرنا بالشيخ العارف بالله وينوه بالمنارة العلمية العرائشية التي سماها "الأمين" التي أضاءت كل من حقول الثقافة والفكر وأثمرت في نفوس الأجيال من الطلبة والمريدين ما نصه:
".. نؤكد على أن منارة علمية اسمها الأمين ستظل تنير طريق الأجيال المغربية المتعطشة للعلم والمعرفة وأن الإنتاجات العلمية والروحية لهذا الشيخ العارف بالله ستبقى على مر السنين مرجعا ضروريا لكل دارس لفكر وثقافة وتاريخ وللفقيد سيدي الأمين الروسي. تغمده الله برحمته فهو شجرة أثمرت في زمانها وستبقى معطاة في زماننا وزمان الأجيال من بعدنا فلنتعهد حتى نتمكن من قطف ثمارها عندما نرغب ولله ما أعطى وما أخذ رحم الله الفقيد وأجزل له الثواب وأسكنه فسيح جناته".
......
موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية الروسية الحسنية.
المملكة المغربية.
2004م - 2025 م