أيها السالك، إن الفلاّح الذي يشق الأرض ويفجرها بيده ويسقيها بعرقه ويرعاها بحلمه وصبره ويتعهدها بمجهوده، إذا جمع إلى ذلك كله إيمانا بربه وإخلاصه في عمله كان واليا من أولياء الله. والعامل الذي ينتج، والتاجر الذي يتعامل مع الناس بصدق ولا يغش ويزن بالقسطاس المستقيم مراعيا حدود الله فهو ولي من أولياء الله. والموظف الذي يؤدي واجبه مُقدرا مسؤوليته أمام الله والعباد فهو ولي من أولياء الله. وهكذا نجد أيها المريد أن الولاية هي عبارة عن تنفيذ أوامر الإسلام وتعاليم الدين. فمن شاء أن يكون وليا لله فليطع رسوله في كل أوامره ونواهيه. قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم[1]. إن أولياء الله تعالى هم أحباؤه وأصفياؤه وأعزاؤه. أخلصوا لله في حبهم وتوكلوا على ربهم. فالولي من كان قلبه هواه حب الله، دائم التفكير في عظمة الله. إِنْ رأى، رأى دلائل قدرة الله، وإن سمع، سمع آيات الله وإن نطق، نطق بالثناء على الله تعالى، وإن اجتهد، اجتهد في طاعة الله. وحينئذ يكون وليا من أولياء الله لأنه لا يصدر عنه إلا ما يرضي الله تعالى. روي عن مولانا رسول الله صلوات الله عليه وسلم أنه قال: إن لله عبادا متى أرادوا أراد. وقال تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور[2]. وقال بعض العارفين بالله: أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة وحسن المثوبة. لهم بشرى في الحياة الدنيا بنصرته. ولهم البشرى في الآخرة برضوانه وجنته. بذلك يكون الولي من اعتدل في طاعة الله قولا وفعلا وحسا وداوم على ذلك. فعناية الله ترعاه في كل حين من حيث لا يشعر وتدفع عنه الأحزان وتبلغه رضوان الرحمان. روي في الحديث القدسي عن رب العزة أنه تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيدنه. إن الله تعالى يعلن فضله على عبده . فقد لا يدري الولي من كرامته شيئا. إن طريق الحق واحد لا يتعدد. يسلكه المخلصون من أوليائه، ويتبع سبيله المؤمنون لا يزيغون ولا يظلون. يتمسكون بتعاليم الله ويتجنبون ما حرمه الله. ليس له مرجع سوى القرآن الكريم وأحاديث نبي الله الأمين. والإقتداء بعمل السلف الصالح من خيار أمة الإسلام.
.................
[1] سورة آل عمران الآية 31.
[2] سورة البقرة الآية 256.
موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية الروسية الحسنية.
المملكة المغربية.
2004م - 2025 م