يقول الحافظ أ.د. سيدي عبد الجليل حفظه الله كما جاء في كتابه راعي الفضائل:
"..عندما سألت شيخي قدس الله روحه يوما ونحن في الدرس والتحصيل عن الكرامات والولاية، أجابني رحمه الله تعالى: اسمع يا ولدي، لقد أجمع العلماء أن الكرامة لمن اصطفاهم الله وخصهم بولايته. والولي هو من تولى الله تعالى بالطاعة وتولاه الله بالكرامة والرعاية " أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿64﴾."(سورة يونس). فالأمور الخارقة إن ظهرت على رسول أو نبي فهي معجزة يتحلى بها الرسل والأنبياء، وإن ظهرت على الولي في سيره من الأولياء فإنها كرامة. وإن ظهرت على عبد من عباد الله السالكين فإنها عون من الله لتقوية إيمانه بوجود قدرة الله التي لا تعلى عليها أية قدرة. فالله سبحانه وتعالى أعلم بخلقه من أوليائه والسالكين إلى حضرته. أما نحن فنحكم بالظاهر والله يعلم وهو المحيط بالسرائر.
كما جاء بأدلة من الكتاب والسنة نذكر منها الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم " إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله ". أما من كان مُهْمِلا للشرع، ولو طار في عنان السماء ومشي على الماء في المحيط أو الوادي وخفي عن الناس في حضرتهم فهو سوى ساحر كذاب أشر.
والمراد من وقوع الكرامات أن الله تعالى يشهد وليه من عطائه ويريه من آياته. قال تعالى: "لنريه من آياتنا"ما يزيده رغبة في السير من مقام إلى آخر مع منحه بفضله قوة لا تضاهيها قوة ولا سحر. ولكن لا يجب على السالك أن يركن إلى ما هو فيه ولكن يجب أن يبقى مع صاحب الكرامة سبحانه وتعالى ليصبح حرا بقدر عبوديته لله تعالى، غنيا بقدر افتقاره إلى الله.
وليؤكذ علي منبع أسرار الكرامات قال قدس الله روحه: يا ولدي إن "الله ولي الذين آمنوا" "وهو يتولى الصالحين". فإذا كان العبد قريبا من حضرة الله لطاعاته وإخلاصه وكان جل علاه قريبا منه برحمته وفضله وإحسانه فهناك تحصل الولاية لمن شاء وأحب. فكل كرامة ينالها ولي من أوليائه يرجع شرفها إلى النبي سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلم. فالكرامات ثمرات الطاعات. فبصيانة الجوارح بمقتضى الأحكام الشرعية تصدر الكرامات من كل الجوارح كالعين والقدم والقلب والأذن و.... فإن الولي باتباع القدوة ووقوفه عند حدود ما أتى به الرسول عليه السلام صح له ما ذكرته لك. أما من حظي برداء أنوار الجلال والجمال والكمال فهو الذي يعرف الكرامة المعنوية التي ليست بعدها كرامة إلا النظر إلى وجهه تعالى. فهذه الكرامة لا تعد ولا تحصى، نذكر منها:
· حفظ الله آداب الشريعة عن أوليائه.
· طهارة القلب من كل صفة مذمومة، وتحليتهم بالمراقبة مع الأنفاس.
· مراعاة حقوق الله في أنفسهم وفي الأشياء.
· تفقد آثار ربهم في قلبهم.
· توفيق من الله تعالى بإتيان مكارم الأخلاق.
· المسارعة إلى الخيرات.
· أنسهم مع الله في كل أوقاتهم.
هذه من كرامات الأولياء أهل الخشوع لتجلي الرحمن عليهم. هؤلاء مستورون لا يعرفون، دأبهم الحياء "يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". يعاملون الخلق بعين الجود والرأفة والشهود. مجهولون في الأرض وفي السماء معروفون معلومون. مقامهم معروف بين من تتلمذ عليهم وصاحبهم بكرة وأصيلا. هؤلاء وفوا بالعهد ورضوا بقضاء الرب. فسر على هذا المنهاج تفز برضى الله ما دمت حيا وميتا وتدخل في رحاب أوليائه فتلوح لك الأسرار من عيونها وتشرق لك الأنوار من سبحاتها فترتفع عنك الحجب...".
موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية الروسية الحسنية.
المملكة المغربية.
2004م - 2025 م