كان رضي الله عنه وأرضاه عالما دينيا قضى حياته في العبادة وخدمة العلم والتعليم من شجرة طيبة أصلها ثابت بحيث لم يكن العلم عنده مجرد قواعد وأحكام وروايات وأقوال وأداة عيش وتملق بل كان علمه رداء نور روحه إيمانا وخلقا فياضا بالحب والخير والأنوار كما عبر عنه الأستاذ الجليل السيد أحمد الشرقي في قصيدته سليل الشرفاء:
نهل من صدر الطّهر صفاء وعلما وترعرع فــي مسكن الشّرف دارا
شب فــــــي كنف الخير عزّا ونُبلا فــي حضن أشرافٍ زانوه افتخارَا
رَشف حبّ الإيمـــان قوّةً وصدقــًا حتى أضحـــى الله في قلبه شعارَا
عــــاهد علـــى الأمانة قولاً وفعلاً واقتدى بالمؤمنين عهدًا واختيارَا
حَسنِيُّ السُّلالة من أصـالة الهُدى هــاجر أجدادُه الأمصار والأقطارَا
تألق في العلم صدقًـــا وحزمنًــــا وحمــــل الدّعاة أوزارهم جمـــارَا
أنــــــار بفضل الله سبُلاً للأجيــال هُدًى ورحمة للعالميـــــن ازدهاَرَا
زان خلَفَهُ فـــــي العلم تَواضعًـــا حبــــاهمُ الله وهــداهم أبـــــــرارَا
وإذا أردنا أن نلقب هذا الشيخ فلا نجد لقبا نَصِفه به أحسن من اسمه الأمين كما لا نجد وصفا له أعظم من وصفه بصاحب الخلق الحسن والسر المضمضم والعلم اللدني المفعم ينبوع القوة الباطنية لديه. فاسمه الأمين دل على أخلاقه وأمانته. كان أمين الدين، وأمين العهد مع ربه، وأمين سنة رسول الله صلوات الله عليه وسلم وأمين أسرته ومريديه من الطلبة والأساتذة. حيث قال فيه الأستاذ الجليل بنشامة المالكي محمد في قصيدته:
جمع الرزانة والأمانة والوفـــا ومضــــى حميدا جللته بشائـر
بكت الأمـيـنَ مقــاعدٌٌ ومجالس لمــــا احتفت به أزهر ومقـابر
أيــه الأمين حللت دار مقـــامة بين الكرام الغر مسك عــــاطر
حفت بك الأرواح في عليائهـا وسقتك من غدق الجنان حرائر
وقال فيه الفقيه العلامة خديم العلم والصوفية الأستاذ الجليل سيدي عبد السلام العمراني الخالدي في كتابه المخطوط بعنوان " تحفة الأنوار[2] فيما كان للعالم الصوفي والشيخ المربي سيدي الحاج الأمين الروسي من المعارف والأسرار وما لوارثه نجله عبد الجليل من نور واستبصار ما يأتي:
" الحمد لله الذي جعلني خادما لأحبائه، ناسخا لكتبهم، وناشرا لعلومهم وفهومهم، تبيانا لأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم بإذن من أصولهم وفصولهم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، الناصر بالحق للحق والهادي إلى صراط الله المستقيم وعلى آله وأصحابه وأتباعه وكل من هو في هدي الله مستقيم. أما بعد: فإن أستاذنا الجليل الناصح الأصيل الشيخ المربي لمن عاصره في كل جيل، حبر العلماء والصلحاء، سيدي الحاج الأمين الروسي الحسني ابن الشيخ المربي سيدي عبد الله نور ضريحه وجعل البركة والقبول فيمن أخلفه... أبلغ للعامة والخاصة قدره وشأنه... وهذه التحفة فيما كان لشيخنا وأستاذنا الصوفي المربي سيدي الأمين الروسي من المعارف والأسرار..وإنه لا يغيب عنا ما كان عليه من جد واجتهاد وحب الخير للقريب والباد. فقد ربى وارثه على شيم الأخلاق وحب الزاوية وعبادة الملك الخلاق...."
"...إن كلام شيخنا الأنور، سيدي الحاج الأمين الأزهر، في التصوف واسع ومتضلع فيه ببصيرة نافذة، وفراسة لامعة...".
"...قلت فالذي نعلمه عن العلامة الجليل والصوفي النبيل سيدي الحاج الأمين الروسي في علم الأذواق وشيم الحداق شيئ كبير جدا ومرادنا نبذة من حياته ونشاطه....."
.....................
[2] أنجز الفقيه العلامة الأستاذ سيدي عبد السلام العمراني الخالدي إلى حدود 1435 هجرية 2014 ميلادية الكتب التالية: اليواقيت الفريدة، النصوص الفقهية المختارة، الإشراقات الروحانية، الرسالة المحمدية الشاملة، صريح العبارة، الحجج القاطعة من الله على البشر، الجواهر الرفيعة، الدرر الناصعة، الأنوار المتداركة، الأنوار الساطعة، العقد الفريد، الأنوار الدررية الباهرة، الجواهر الباهرة، درر فقهية، الكنز الثمين، الكرامات الربانية المتعاقبة، الأنوار الباهرة، قبسات الأنوار، قطرات جبروتية متعاقبة، الفهرس المنور، المواهب والمنح الإلهية، البراهين القطعية، رسائل النور الهادي الخمسة، العبر القرآنية السامية، الإنوار الربانية في هذه القصائد الصوفية المثالية، فضل ذكر الله، العطايا الربانية السرمدية المتمثلة في الخصائص المحمدية، المنن الربانية الغزيرة، نفحات الطيب، النور الثاقب، الوحدة والأحدية والواحدية، مكاشفات أخبار آخر الزمان، بستان التمتع والغبط، بغية المنى، النور البصائري، العقد الأنور، التوضيح والبيان، الفهم الدقيق، بلعام بن باعوراء الإسرائيلي. ثم هناك غيرها لا زالت مخطوطة.
كان سلوكه جامع بين علوم الظاهر والباطن يحيي ليله ونهاره بالفرائض ونوافل الطاعات لا يفتر ولا يسأم ولا يغفل. كان أمين الأمناء على جوهر الإسلام في تاريخنا المعاصر. أمين الأمناء: أمانة الحق وأمانة الفكر وأمانة العقيدة وأمانة الإخلاص. كما جاء عند الأستاذ الجليل الشريف السيد مصطفى طريبق[1] في قصيدته تحت عنوان "راعي الفضائل" يرثي الفقيد رحمه الله:
اليـوم أبكــــي للأميــن وأحزن***والقــلـــب يخفـــــق رهبة لا يركـــــن
قد جئت أرثــي والرثاء فضيلة***فــــــي حق من يرعى الفضائل يؤمن
فــــــــالفقد فقده نكبة ومـصيبة***ما بعده أبدا مصـــــــــــــــــاب يحزن
رحل الكريم الطيب الشهم الذي***أخلاقــه القــرآن وهـــو المــــــؤمن
فالموت حكم الله مرحـى إن أتى***إنـــــــا لنــــــــا التقـوى كزاد يخزن
فالحكم حكم الله يومـا إن أتــــى***لا بــد طـــــــــــــرا نرتضيــه ونذعن
هذي قصيدة شـــــــاعر متألــــم***مـــــن مــــــــــوت شهم حبه متمكن
ولدي فيهـا كم محـــــاسن تبتدي***ولهــــا الأميــن المنتدى والموطن
مـــــا كان مني للرثـــــاء وسيلة***إلا الشمـائــــل وهـــــــي فيه أمـثن
قد جئت حقـــــا كي أعدد نوعهـا***لكننــــــــــــي عنهــــــــا فلا أتمكن
طيف التعـدد لـــــلفضائـــل عنده***ولها أرى كل المجــــــــــامع تعلـن
إنــــا عرفنـــــــاه فقيهـــا قد تفر***فـــــي التقــــى منه الحيـــاء تفنـن
بالعلم بــــــــاهى والتزود من منا***بعه وللإرشاد أضحـــــــــــى يتقـن
والعلم وحده ليس يكفــــــي أهله***من دون مـــــــا عمل شريف يعلـن
إنـــا عرفنا في الأميــــن مكارمـا***هـــــــي فيه بالشرف المعلى تكمن
يـــا أيهـــا الشهم الكريـــــم تحية***يـــــا من بحب الله دومــــــا توقن
فلنـــا فكم كنت المبشـر دائمـــــــا***وجميع مـــــا تدعو إليه مأمـــــن
الفضل فضلك منبع لا ينتهــــــــي***ولأنت منه الأصــــل أنت المعدن
فإذا ذكرتك نالنــــــي هول الخشو***ع كأننــــــــي أبصرت شيئا يفتن
وكأن عيني تبصر البشرى تجــــــ***لت كا لسنـــا هذي الحقيقة تعلن
فلقد أرانـــــي الدهر منك محاسنـا***تعدادهــــــا عنه فلا أتمكـــــــــن
ذكراك في قلبـــــي ستبقـــى مثلما***الصبح المنـــــور لاح فينا يمعن
يــــــــــا سيدا خلقـا وخلقــــا همة***يـــا من لك الأفضال دنيا تحسن
مـــــــــــا كنــــت إلا رأفة ووداعة***منك الرضا والنصح دوما معلن
هذا الــــــذي منك ابتدا وعــــرفته***فأتيت أرثــي والحنـــايـا تحزن
مــــــا كنت إلا برعمــــا متفتحـــــا***والخير طبعك والشمائل أحسن
فالله يسكنك الجنـــــان فأنت حـــــ***قــــا أهـله ولذلك منك المـوطن
نم راضيــا في مرقد الصلحـاء كل***المبتغـــى معطـــــى لديك مؤمن
مـــــا المـــوت موتك بعد إلا رحلة***للفوز بالفردوس وهي المسكن
وليرزق الله الأهالــي الصبر يــــا***مـن كلنــا ندعــــــو إليك ونعلن
....................
[1] أقلام وأعلام من القصر الكبير في العصر الحديث للأستاذ محمد العربي العسري: صفحة 213 جاء فيها:عن منشورات "جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير" صدر للشاعر مصطفى الطريبق شعر موسوم بـ (إعدام البراءة) (2001). وهو أول ديوان يصدر له. وله عدا هذا العمل الشعري ديوانان آخران لم يعرفا بعد طريقهما إلى النور وهما:"بوح الوجدان" و"سنابل وأعاصير". هذا فضلا عن نصوص شعرية أخرى مبثوثة في العديد من الصحف والمجلات المغربية والعربية. لكن صاحب هذه النصوص ليس شاعرا فحسب وإنما هو ناثر كذلك، وسجله في هذا المجال زاخر بتراكم معرفي متنوع، يتمثل في مقالات وأبحاث نشرها مست مجال الدراسات التاريخية والأدبية والفقهية وغيرها. دون أن ننسى أن بحوزته أقاصيص نشرها تظهر أن لمترجمنا وجها آخر يعكس قدرته المتميزة على فن الحكي.
ويقول عنه رضي الله عنه الأستاذ الجليل سيدي محمد العمراني مقدم الزاوية التجانية بالعرائش ما نصه:
"...لقد ارتبطت صورة الفقيد الراحل لدى ساكنة العرائش عموما، والفقراء الطرقيين من مختلف المناهل والمشارب خصوصا، بصورة العالم الفواح، العارف والمطلع على كثير العلوم والفنون، وبنشاطاته في مجل التثقيف والتوجيه والدعوة بالحسنى إلى سبيل الحق، وكان رحمة الله عليه، خطيبا أصيلا، فصيحا مبينا، وضابطا محققا..."
ويقول فيه الأستاذ الجليل بن موسى محمد عن قدماء طلبة وطالبات المعهد الثانوي الأصلي بالعرائش:
".. موسوعة تاريخية دينية وصوفية، فلقد كانت أخلاقه أخلاقا عالية مطبوعة على الصفاء والنقاء والإيثار محبا الخير للناس جميعا، هذا ما جعله محبوبا مكرما من لدن الناس جميعا...".
"..نعم، لقد كان رحمة الله عليه إنسانا كريما كأرفع ما يكون من الكرم، معظما عند الناس بأرقى وأجل ما يكون التعظيم، فهو نموذج من نوع خاص سواء في سلوكه الاجتماعي وفي علاقته الإنسانية، فلم يتخذ في حياته عدوا، ولم يتنكر لصديق، ويكفيه على ممر الأيام تكرر ذكره على جميع ألسنة الناس.".
وقال عنه طلبة حفظة القرآن الكريم بالمدرسة الأهلية بالعرائش بلسان الأستاذ الجليل البشير الصمدي"
"..الحياة كلها على وجه الأرض منذ كانت إلى أن تزول أقصوصة صغيرة هزلية بالنسبة للأزل الإلهي ومع ذلك يبقى شيء يذكره الكون وتردده الملائكة: ألا وهو العلم النافع والعمل الصالح، ونعتقد جازمين بأن شيخنا الأستاذ سيدي الأمين وهب حياته كلها للعمل النافع في خدمة التربية الروحية وجميع العلوم الشرعية، وكان يعمل ليل نهار للآخرين لا لنفسه وهذا هو المهم تعلمناه منه رحمه الله سعة الصدر والقدرة على التحمل والصبر فقد كان رجلا صبورا أمام الشدائد، جعلت منه رحمه الله عدم التسرع في اتخاذ الأحكام والمواقف، فقد كان الرجل ينصت كثيرا ويحسن الاستماع، ويقاوم كل أشكال وأساليب الإقناع المزيفة لدى محاوريه والذي قد ينخدع لها المستمع العادي. يبطلها بتحليل واضح وصريح وينفذ إلى عمق المشكل، وغالبا ما كان رأيه صائبا، والواقع أن تجربته الطويلة العلمية الشرعية منحته قدرة كبيرة على فهم الواقع وإزاحة الأوهام التي تغلفها...".
"...هذا هو شيخنا كما عرفناه أيها السادة، ولا أملك في هذه اللحظة التي تجدني عاجزا عن تمجيده بما أملك من رصيد لغوي إلا أن أقف إجلالا له واعترافا لما تعلمناه منه وتقديرا له وتقديرا لما أسداه لصالح بلاده...".
كان رضي الله عنه ما جلس إليه أحد أو تعرف عليه أحد أو جماعة إلا غمرت قلوبهم بالنور الرباني وأخلاقه السمحة فأحبوه وتلك مكرمة عظمى يصطفي بها الله من أحبه من عباده فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. هذا ما عبر عنه الأستاذ الجليل السيد أحمد الشرقي في قصيدته العالم الوَرِع:
دمـــــوع النّسك سالت برضاه جفّفتها يد الرّحمة برضا مولاه
فــــاح مسك الوَرَع من بهــاه ملأَ القلــــــــوب نورًا من سناه
نبض اليقيـنُ عند فجر رؤيـاه لطلعة نـــــــــور الله قد كســـاه
إن بديــع الحسن شرفًـــا ولاّه جمـــــالَ الرحمة زوًا في علاه
طلائع التقوى بدت من محيّاه تجري إيمــانـــــًا في سرّ معناه
سبيل الرُّشد لم يــــــولِّ سواه فردًا فــي رحـــاب الهُدى لولاه
إنه من يدعو للعلا قد دعــــاه ومن أبدع روائع الإيمـان هداه
ليت شعري أبلُغُ به ذكــــــراه رحمــاك بالفقيه الـــــورع ربّاه
وقال عنه أ. د. إدريس خليفة[3] في قوله[4]:
الفقيه العلامة الشيخ المربي الشريف سيدي الأمين الروسي الحسني الإدريسي، عالم من علماء المغرب، مارس التدريس والخطابة والوعظ والإرشاد، وارتسم للذكر وتعليم التصوف في زاوية والده الشيخ سيدي عبد الله بالقصر الكبير، إنتاجه العلمي دال على ارتباطه بمفاهيم الصحوة الفكرية والعلمية للمسلمين في العصر الحديث.
وقال عنه د. محمد أخريف[5] في تقديمه لكتابه.
"...ليس غريبا على مدينة القصر الكبير، المدينة الأقدم والأعرق في المغرب، المدينة التي ظلت قاعدة جهادية لعدة قرون، المدينة التي أنجبت العلماء والأدباء والشعراء أمثال: العالم الجليل أبي المحاسن يوسف القصري والعلامة عبد القادر بن علي الفاسي القصري وعبد الجليل الأندلسي القصري وغيرهم الكثير أن يظهر فيها الأستاذ العدل الشريف العلامة بن الشيخ البركة الشيخ سيدي عبد الله الروسي الحسني..." .
"...إن المؤلف يتمتع بمنظور واسع وفهم ثاقب للإسلام، وربما خروج عما هو معهود لدى الزوايا من تعصب وانغلاق وتحجر. فهو يدعو إلى الأصالة والمعاصرة بغية الوصول إلى التوازن فيقول: ".. فالأخذ بالأصالة والتواصل بأفكار المعاصرة توازن روحي وثقافي واستمرار فكري في صيرورة بناء حاضر ومستقبل الأشبال..." ويضيف قائلا: ".. فالتوازن إذن واجب بين كل هذه المكونات..".
نعم كان اطلاعه واسعا وفهمه عميقا لكتاب الله الكريم وسنة رسوله العظيم عديم النظير في زمانه علماً، وورعاً، ومعاملة، وحالاً مما جعله محبا للإنسانية جمعاء لا يفتر لسانه عن الدعاء بالخير وباللطف للكل. كان عاشق الله. وهذا صريح في رسالة الأستاذ السيد مصطفى بوحسينة السريفي:
"...كان سيدي الأمين بنفس الوقار والجلال الذي عرف بهما في عنفوان شبابه وهذه خصلة من الخصال التي يكاد سيدي الأمين ينفرد بها بين أقرانه. كل الخصال الحميدة اجتمعت فيه كأنها على موعد معه. هو الرجل الهادئ صاحب الابتسامة النقية من كل زيغ ونفاق. الرجل الحنون مع عياله ومع كل من يلتقي بهم لأنه كان دائما يردد المحبة يجب أن تكون في الله ولله..."
".. هذا هو الشيخ الفاضل الذي أعزه الله بالعلم والمعرفة والدعوة إلى دينه الحنيف والعمل ليل نهار على نصرته لا يثنيه عن ذلك أي عائق من العوائق لتمسكه الصادق بالله عز وجل...".
وقال عنه الأستاذ الجليل محمد بن عبد السلام بنموسى في تقريضه لكتاب لمحات تاريخية من الذاكرة الجماعية للشيخ رضي الله عنه وأرضاه ما نصه:
"... وإن استحضار الوقائع المنسية وإبراز خصوصيتها في كتاب لمحات تاريخية من الذاكرة الجماعية ليجعل القارئ يلهج بالثناء الجميل والشكر الجزيل لمؤلفه. إذ أن استنطاق النصوص والأبحاث التاريخية الواردة في الكتاب تشعر أن هناك الكثير من العناصر التي ألقت الضوء على جوانب غامضة في تاريخ شمال المغرب، أو بالأحرى في جزء منه تعرض للنسيان أو التناسي..."
"... وإذا كان خير العارفين يقول:"من أسدى إليكم معروفا فكافئوه.." فإن العلامة الشيخ الأمين يستحق الاعتراف والتبجيل والتقدير لأنه من رجالات التربية الذين أسهموا بحظ وافر في بناء العقول والنفوس قبل الاستقلال وبعده. إنه القدوة التي مدت الأجيال الصالحة بالعلم والعرفان. جزاه الله خير الجزاء. وبارك الله في العقول التي تعمل جاهدة من أجل خدمة العلم والعلماء. وتسهم بقسط وافر في ترقية الحياة الثقافية والاجتماعية والروحية والإنسانية...". متعك الله أيها الشيخ الجليل بموفور الصحة والعافية وأدام عليك هيبة العلماء ووقار الشرفاء ما حييت. والسلام عليك ورحمة الله."
وقال عنه الأستاذ الجليل الحسن ابن احساين في تقريظه لكتاب تحفة الخطاب للشيخ رضي الله عنه وأرضاه ما نصه:
"...وإذا كانت دماثة أخلاقكم وحسن ورعكم وتكوينكم الثقافي الحميد قد أهلكم لمهمتي الخطابة التي كنتم تقومون بها طيلة سنين عديدة إضافة إلى دروس الوعظ والإرشاد فإن ما جبلتم عليه من إباء وعزة نفس قد قوى فيكم هذه الأهلية وأكسبكم محبة الكثيرين من أصدقائكم وبطبيعة الحال أعتبر نفسي واحدا منهم.
كما أن تنوع مواضيع تلكم الخطب المنبرية التي يضمها كتابكم المنوه به يدل قاطعة على قدرتكم في مراعاة مستوى السامعين وتباين مداركهم وما هم بحاجة إليه من معلومات وإرشادات حول دينهم الإسلامي الحنيف مع مراعاة ما يحث عليه من وسطية واعتدال وابتعاد عن الخزعبلات والمهاترات ليسعدوا في دنياهم وآخرتهم. الشيء الذي يتبين منه أن كتابكم تحفة الخطاب يمكن اعتباره نموذجا يقتدى به خصوصا وأن صاحبه من الرجال الذين ارتدوا رداء التصوف النقي الناصع عن جدارة، وطوعوا ألسنتهم كي تكون رطبة بذكره تبارك وتعالى مع المداومة في نفس الوقت على تمجيده والسير على هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مع الصلاة عليه في كل وقت وحين إخلاصا منهم في محبتهما وامتثالا لدعوة الإسلام العظيمة التي من انضوى تحت لوائها وعمل بمقتضاها سعد وأصاب ومن تنكب عنها خسر وخاب..."
وقال فيه الأستاذ الجليل مصطفى بوحسينة السريفي في تقريضه لكتاب لمحات تاريخية من الذاكرة الجماعية:
".. رجل قل نظيره في مثل هذه الأيام وأصبح كرمز للزهد والتعبد خلال الفترة الممتدة من بداية الخمسينات إلى يومنا هذا. إنه الشيخ الجليل والعالم العارف بأمور الدين والدنيا الرجل الصادق في قوله وعمله المتواضع البشوش المختزن للجمال الرباني الوقور في هيأته وهندامه هو الحاج الشريف سيدي الأمين الروسي الحسني عضو رابطة المغرب منذ تأسيسها إلى يومنا هذا. عرفته منذ طفولتي عندما كنت أجري وألعب بحومة الجامع الكبير بالعرائش وكان الفقيه سيدي الأمين يتردد على الزاوية الدرقاوية[6] الصغيرة الكائنة بحومتنا قرب الديوان المغلق وكنا كأطفال عندما نلاحظ قدوم الفقيه سيدي الأمين نذهب إليه نقبل يديه ثم ننصرف ونترك الفقيه يلج الزاوية التي كانت تبدو لنا كدار للسكنى بابها شبه مقفل لا يفتح إلا بقدوم سيدي الأمين.
وقال فيه الأستاذ الجليل محمد بن عبد السلام بنموسى في تقريضه لكتاب الشيخ رحمه الله كتاب نسيم الوصال ما نصه:
"...لقد تنوسيت بعض العلوم والمعارف الدينية والروحانية في عصرنا الحاضر أو كادت تنسى، لأن الهوة التي تغاضينا عنها زمنا، اتسعت حتى وجدنا أنفسنا في النهاية خارج منظومتنا. ولأن من سنن الله البقاء في الزمن مهما تغير فإن الله قيض لكل زمان رجاله يتحدون متغيراته ويسهمون فيه ويضيفون إليه.
من هنا جاء كتاب الفقيه العلامة الشريف سيدي الأمين الروسي الحسني "نسيم الوصال" واسطة العقد، وهمزة الوصل للتذكير بواجبات عملية متنوعة تصل العبد لمولاه في مصبحه وممساه. وسره وعلانيته وحركاته وسكناته. فيمتلئ قلبه بذكر الله وتطمئن نفسه إلى ما في يد الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
إني لأعلم وأنا من تلامذتك أن ما جاء في كتابك "نسيم الوصال" ليس إلا الأقل القليل مما جادت به قريحتك وفاض به علمك على طلابك ومريديك، في المعاهد والمساجد والزوايا، بل في كل ناد حللت به طيلة عمرك المديد.
إن "نسيم الوصال" لبنة سدت فراغا نطمع أن تتلوها لبنات أخرى تثبت أرجل من فازوا بالوصال على الطريق. وليس هناك أصدق من رائد خبر مجاهل الطريق، فاستسهل الصعب من أجل غاية حفت بالمكاره.
فخذ سيدي بيد مريديك ومن ذاقوا لذة الوصال على يديك إلى المراد. فأنت عهد فيك رائد أمين ومثلك لا يكذب أهله. دامت لك العافية وزينك الله بالحلم والعلم ومتعك بلذة الوصال إنه سميع مجيب.."
.................................
[3] عميد كلية أصول الدين بتطوان ورئيس المجلس العلمي فيها ، كان أحد العلماء الذين تخرجوا من دار الحديث ، وكنت مشرفاً على أطروحته ، وهو باحث جيد وشخصية علمية ، أسندت إليه بعد حصولـه على الدكتوراه عمادة كلية أصول الدين ، وهو أحد طلابي الأوفياء الذين يتمتعون بقدرات مميزة في البحث. محمد فاروق النبهان .
[4] تقديم أ.د . ادريس خليفة لكتاب لمحات تاريخية من الذاكرة الجماعية لمؤلفه الشيخ سيدي الأمين الروسي الحسني طبعة 2000م. المكتبة الوطنية للمملكة المغربية
[5] رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بمدينة القصر الكبير المحروسة.
[6] الزاوية الدرقاوية الروسية الحسنية بمدينة العرائش قرب المسجد الأعظم على يسار المدرسة الأهلية.
عهدنا في روحه الطيبة، طيلة حياته وحتى عند خروج روحه الطمأنينة والسكون والهدوء. لم يعترض على قدر الله وقضائه يوما، فإذا تحرك حمد الله، وإذا سكن حمد الله، وإذا مرض حمد الله، وإذا شفي حمد الله، وإذا فرح حمد الله، وإذا تألم جسمه حمد الله، وإذا استراح حمد الله، وإذا استيقظ حمد الله، وإذا استقبل القبلة حمد الله، وإذا سافر حمد الله، وإذا حل حمد الله، وإذا أقبل رمضان حمد الله، وإذا استقبل الأعياد حمد الله. كان يحمد الله في كل الأوقات وفي كل الأماكن وفي كل الحالات راكبا راجلا متحركا أو ساكنا لا يفتر لسانه وقلبه عن ذكر الله. كان لسانه رطبا بذكر الله. وكلما حمد الله، حمد الله على حمده حتى قالوا فيه طلابه ومن عرفه من قريب:" إنه رجل الجنة في الأرض" امتثالا لقول الله تعالى: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[7].
فالحامدون الله كثيرا هم الذين رأوا نهاية الأمور في ابتدائها وهم أهل السوابق الذين شرعوا في حمده جل علاه ابتداء. فهؤلاء هم الحامدون على الشهود حقا بلسان الحق المبين.
لذلك كان رحمه الله يكرر دائما عند أذكاره:
لَكَ الْحَمْدُ مَوْلاَنَا عَلَــــــى كُلِّ نِعْمَةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ النَّعْمَـاءْ بِقَوْليِ لَكَ الْحَمْدُ
فَلاَ حَمْدَ إِلاَّ َأْنتَ مُنـــىَ بِنِعْمَةِ تَعَالَيْتَ أَنْ يَقْوَى عَلَـــى حَمْدِكَ الْعْبْدُ
فإذا كان الناس تعمر وترحل ويبقى وجه ربي ذي الجلال والإكرام، فإن أهل الله من العلماء المتقين أمثال الشيخ لا تنتهي حياتهم بمجرد موتهم بل هم خالدون بما تركوا من ثمرات طيبة منشورة في الأقطار من تلامذة وطلبة وأتباع ومريدين يعملون على بث العلم والأخلاق في صدورالأشبال شأنهم شأن الأنبياء والمرسلين وهم ورثتهم والحمد لله. وهذا ليس بعجيب، بحيث كان رحمه الله دائما يردد على الكبير والصغير قولته المشهورة: " إن التعليم هو العروة الوثقى للأمة.".
............................
[7] سورة يونس.
موقع الطريقة الشاذلية الدرقاوية الروسية الحسنية.
المملكة المغربية.
2025م - 2004 م