في زمان ساد فيه اليأس والإحباط وسالت أنهار الدم في كثير من أنحاء العالم ، وانتشر فيه الإرهاب المسلح والإرهاب الفكري ، حتى صار الكثير من البشر يتمنى الموت خوفا من مستقبل أكثر ألما ، بل إن بعض البشر أقدم فعلا على قتل أسرته ثم الانتحار
وصارت وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء تتنافس في عرض الأخبار الحصرية عن التفجيرات والحوادث وعدد القتلى والجرحى ، حتى قاطع الكثير من الناس هذا النوع من وسائل الإحباط
وأصبحت المسلسلات والأفلام لا تتناول إلا مشاهد العنف والدموية ، وإظهار القوة والنفوذ والسلطة على أنها وسائل الحصول على الحق في الحياة والعيش ، بغض النظر عن شرعية وقانونية هذه الوسائل ، فأصبحت الثقافة الشائعة أن طيبة القلب تدل على الضعف ومضيعة للحقوق
بل إن كافة هذه الوسائل الهادمة للأمل والتفاؤل ، رسخت داخل العقول أن النجاح في الخروج من دائرة الدم هي قمة السعادة
ثم اجتاحت الأزمات الاقتصادية معظم دول العالم فزادت الآلام وتقيحت جراح النفوس من وطأة الديون والأعباء
كل هذا وعلوم الصحة النفسية حائرة وسط تسارع وتيرة الأحداث التي تضرب وبقوة على النفس البشرية ، وتزداد يوما بعد يوم ، ومحاولات التهدئة تثبت يوميا فشلها أمام سرعة وقوة هذه الضربات
في الوقت نفسه الذي انشغل فيه معظم خبراء التنمية البشرية في تطوير القدرات الذاتية وصقل المهارات السلوكية للأفراد كوسيلة للتعايش مع هذا الوضع الرهيب ، ورغبة في وصول النفس البشرية إلى نقطة الرضا والتعايش مع الواقع المرير ، فصرنا جميعا منهمكين في برامج تدريبية تنمي مهارة الاتصال مع الآخر ومهارات الإقناع والثقة بالنفس ... الخ
وهي بالفعل مهارات حياتية وسلوكية تتطلبها الحياة العامة والعملية ، ولقد عملت وما زلت أعمل عليها منذ سنوات ، ولكن ...
بينما كنت منهمكا في العمل على إعداد أحد البرامج التدريبية عن طرق النجاح وكيفية التخطيط للمستقبل وأكثر الوسائل سهولة في سبيل تحقيق ذلك ، والبحث بين صفحات الكتب والمراجع والأبحاث العلمية ..
قرأت أحد الكتب عن النجاح وكيفية الوصول إليه بطريقة مبتكرة ، وكان الكاتب يتحدث عن اكتشافه طريقة جديدة تجعل النجاح أكثر سهولة ، وأن قناعة النفس بالقدرة على أداء الأمور هي الأداة الأكثر فعالية في تحقيق الأهداف
وهنا انطلقت داخلي صرخة قوية
حتى أنني سمعت تردد صداها في أنحاء غرفتي
صرخة في صورة سؤال
وفي الأيام التالية ، صار السؤال كنغمة رسالة الهاتف المحمول تتردد وتتكرر مع كل مكالمة فائتة ، وكان الاتصال دوما يتم مع كل خبر حزين أو حادث مؤسف ، ثم بدأ الرنين يستمر حتى مع قصص النجاح
وعندها أدركت أنني علي أن أستقبل الرسائل وأفهمها حتى أتخلص من الرنين المزعج الذي منعني النوم لأيام كثيرة
وما أن بدأت في دراسة الأمر – في سرية وهدوء - حتى أصبحت الرسائل أكثر قوة وأكثر وضوحا وأكثر إزعاجا ، فقررت أن أركز أكثر على هذه الدراسات وبدأت تسجيل هذه الرسائل :
· هل تشعر بالحزن والإحباط من ضغوط الحياة المختلفة؟
· هل فكرت أكثر من مرة في زيارة طبيب نفسي؟
· لديك طموحات وأحلام ولكنك لا تستطيع تحقيقها ؟
· هل تبحث عن السعادة؟
· هل تبحث عن المال ؟
· هل تشعر بالملل ؟
· لا تجد وقتا للراحة ؟
· هل تشعر بسوء علاقتك بأسرتك؟
· هل تشعر بالفشل في محاولاتك للتخسيس ؟
· هل تبحث عن حب حياتك ؟
· هل تحلم بامتلاك فيلا ؟
· هل تحلم بامتلاك سيارة ؟
· هل أثقلتك الديون ؟
· هل تسعى للوصول للسعادة بأقل مجهود وتكلفة مادية ؟
· على تريد أن تكون سببا في إسعاد الآخرين؟
وأدركت أن الرسائل كانت تعني
" السعادة في رضا القنوع ، وليست في رضا الخضوع "
أي أن السعادة أن تحقق النجاح أو ترتضي من الإخفاقات بنفس قانعة أنك اجتهدت في الدراسة والتخطيط والسعي لتحقيق الأهداف ، ولكن إدارة الله وحده حالت دون تحقيق النجاح ، فترضى قانعا وسعيدا أنك فعلت ما في استطاعتك ، وأن الله بالتأكيد قد رضي لك خيرا أكبر
وأن السعادة مفقودة يقينا في ظل رضا الخضوع ، وهي أن تحدث نفسك ومن حولك بالرضا عن ظروفك وعيشك ، ولكن مرغما على تقبل ذلك ، متعللا بأنه ليس أمامك إلا الرضا ، فقناعتك هنا بأنك مرغم على القبول هو مصدر كافي لشعورك بالتعاسة
فكان تغيير مسار حياتي ..
أن أعمل جاهدا على دراسة وتربية وتنمية قدرات المولود الجديد
" مفاتيح السعادة "
بدأت في التحضير والتجهيز للأساليب والوسائل التي يمكنني الاعتماد عليها للدراسة العلمية والتطبيق العملي عليها ..
وفعليا على مدار 3 أشهر أخرى ، قمت بتطبيق هذه الأدوات على نفسي وعلى من حولي من أسرتي وبعض الزملاء والأصدقاء دون أن أخبرهم ، صحيح أن معظم المحيطين بي – محل الدراسة – شعروا مني ببعض التغيير في سلوكي ، وأصبحوا يرون في الشخص الذي أصبح أكثر تفاؤلا وأملا وإقبالا على السعي للنجاح والتميز ، رغم الظروف المحيطة بنا
لكنني التزمت الصمت حتى انتهيت من التجارب التطبيقية ، وأصبح البرنامج التدريبي الجديد جاهزا للانطلاق ، ليس فقط من أجلي وأجل من حولي ، ولكن حلمي كان أكبر من هذا كثيرا ، أن يجد كل إنسان طريقه لامتلاك مفاتيح سعادته
وهنا قررت أن أبدأ برنامج تدريبي وتطبيقي مكثف مع مجموعة من المدربين والباحثين عن السعادة الشخصية وإسعاد من حولهم
وتم وضع خطة التدريب بحيث تكون على مدار 80 ساعة تدريبية يتم تقسيمها على 16 يوم تدريبي ، يكون التدريب أسبوعي ولمدة 4 أشهر ، يمكن بعدها انطلاق المدربين الجدد بصفتهم " سفراء للسعادة " يعملون على زراعة بذور السعادة في نفوسهم ويعملون على رعايتها ،حتى تثمر ثم يعيدون زراعة هذه البذور في نفوس من حولهم ، لكي تتسع الدائرة شيئا فشيئا ، آملين أن تصل تلك البذور إلى كل البشر
وهذا الكتاب بين أيديكم هو الحلقة الأولى من سلسلة الكتب التي يمكنني عن طريقها زراعة بذور السعادة في القلوب الحائرة الباحثة عن السعادة ، والتي ستحتوي على " المفاتيح السبعة للسعادة "
وسيحتوى الكتاب الأول على المفتاح الأول ، الذي أتمنى أن تمتلكونه في نهاية الكتاب ، لتطبقوا ما فيه من ورش العمل ثم تحتفظون به في سلسة المفاتيح ، انتظارا لباقي المفاتيح السبعة ، لتكون يوما قادرا وبكل سهولة على العيش سعيدا وإسعاد من حولك