( 02 ) رسالة إلى صديقة
( 01 ) الحفاظ على البيئة
07 ) يوم ربيعيّ بين المتعة والعمل
بسم الله الرحمان الرحيم
مارث في 14 مارس 2012
صديقتي العزيزة سيرين
تحية عطرة وسلاما حارّا أبعث بهما إليك من ربوع مدينتي الساحلية إلى ربوع مدينتك الصحراوية .
أمّا بعد : صديقتي العزيزة ! ها أنا ذا أخطّ إليك بعض الأسطر المنتقاة من مخيّلتي المتواضعة لعلّها تكون حافزا لك للحضور إليّ في أقرب الآجال ...
فها هو البحر أمامي يرنو إليك بأمواجه الساجرة وسمائه الزرقاء ونوارسه التي لا تفتأ تحلّق تارة وتصطاد أخرى ... وممّا زاده رونقا وجمالا اكتظاظه بالمصطافين بين سابح ومستلق ، بين لاعب ونائم : فالأطفال لا يكفّون عن الصّياح واللعب ، والكبار لا يكفّون عن الحديث الضاحك والأكل لأطعمة متنوّعة.. أمّا بقية الأمسيات ، فكنت أقضّيها دائما في المنتزهات أو في أعالي الجبال أستمتع برائحة الشيح والزعتر والإكليل ...
صديقتي ! لعلّ ما يشرح الصدر هو منظر الغروب على شاطئ البحر حيث تودّعنا الشمس من وراء البحر ونستقبل ليل " الزارات " بنسماته العليلة وأصوات عرائس واحاته الخضراء...
صديقتي ! هذا غيض من فيض تزحر به مدينتي ، فأتمنّى قدومك كي تستمتعي ولو بجزء ممّا نحن فيه.
وأخيرا لكِ منّي السلام
صديقتك شيماء
شيماء بنمحمود
( 03 ) الطبيعة في الربيع
قرّرنا الخروج في نزهة بين أحضان الطبيعة في هذا الفصل البديع رفقة صديقتي مريم . وما أن وصلنا حتّى انبهرنا بما رأيناه من جمال :
ما أجمل الرّبيع عندما يقبّل تلك الشّجرة الحزينة العارية فتزهر رياحينها البيضاء ، ويمشي على ضفاف النهر الجاف فتتدفّق مياهه النقية فابتسم ثغر الأرض ونمت زهرات صغيرة ملوّنة تتراقص جذلا وحبورا ، شاركها الهواء النقي رقصها حين كان يداعب وجنات الزهر ، وعادت العصافير تغرّد من جديد وتشدو أناشيد السرور ، وقد بنت أعشاشها فوق الأغصان المزهرة ، والشمس تراقب هذا المشهد بعيون ملأى بالأمل وقد تربّعت في مملكة السّماء ونثرت جدائلها الذهبية على أكتاف الجبال .
هذا هو صباح أيّام الرّبيع ، أمّا الليل فيبدو كأنّه معرض جواهر أقيم لحور العين حيث يرسل القمر أضواءه ليّنة رخيّة هادئة هدوء الأحلام اللذيذة ، والنجوم تلمع كاللؤلؤ والمرجان ...
نظرة واحدة لكلّ مكان تروي قلوبنا الظمآنة وتأخذنا إلى عالم الهذيان . فهذا الفصل من أروع فصول السنة فكم أحبّ فصل الربيع فهو يذكي الحب والحياة في نفسي بألوانه وأنواره وبسماته كأنّه جنّة الله على الأرض . فسبحان من بثّها هنا !
نوال العزيزي
( 05 ) التضامن مع فلسطين
شاركت في قافلة خيرية اتّجهت صوب فلسطين لمؤازرة الشعب الفلسطيني معنويا وماديا والوقوف على معاناتهم .
وعند وصول الحافلة ، تهلّلت أساريري وعشّش الفرح في قلبي،لكن عند نزولنا،كانت صدمتنا قويّة : إنّه حيّ يشبه عجوزا كالحة الوجه ، فالأرض تبكي دما ، والشوارع ينعق فيها البوم حزنا ... بكيت كما تبكي الأمّ الثكلى ، فقد هوت نفسي إلى قبّة الصخرة ، على تل الزيتون ، إلى المسجد الأقصى المبارك ... لكنّ أشجار الزيتون تنتصب شامخة تتحدّى صولة الزمن . أمسكنا بجوازات سفرنا بأيدينا من أوّل بوّابة صهيونية ، وفُتشنا عيد المرّات ، لكنّنا كنّا عازمين على مواصلة الرحلة ... فجأة سمعنا دويّ الرّصاص وتصاعد الدخان ، وشاهدنا عملية كرّ وفرّ ، وانبعثت رائحة خانقة رائحة الغازات المسيلة للدموع ...بعد جهد جهيد ، وصلنا المدينة المقصودة ، فرحّب بنا سكّانها أيّما ترحيب ، وتعالت الزغاريد الفلسطينية المشيعة للشهداء ... قدّمنا ما استطعنا من إعانات وشاركنا المجاهدين أفراحهم وأحزانهم ومآكلهم الشهية ، وحملنا أغصان الزياتين في أيدينا وقفلنا راجعين ...
لقد أنشدت السيدة " فيروز " أغنية القدس زهرة المدائن ، إنّها والله لكذلك ! فمتى يزول الاحتلال ويفيق المسلم والعربي من سباته الذي طال أمدا طويلا
مريم السبعي
الكاتبة : مريم بنت الحبيب بن علي السبعي ولدت بقابس في 07 / 08 / 2000 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المربي الفاضل : سامي الصياح .هي مغرمة بالسباحة وتطمح ان تصبح قائدة طائرة .
الكاتبة : شيماء بنت الفتحي بن عبدالله بنمحمود ولدت بقابس في 04 / 08 / 2000 تزاول دراستها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروسها في اللغة العربية على يد المربي الفاضل : سامي الصياح .هي مغرمة بالفنّ وتطمح ان تصبح طبيبة جراحة.
الكاتبة : نوال بنت البشير بن عمر العزيزي ولدت بمارث في 10 / 05 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المربي الفاضل : سامي الصياح هي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح طبيبة .
حلّ فصل الربيع سيد الفصول ، فخرجت إلى الغابة ، فإذا هي حديقة غنّاء تكسو أرضها أعشاب خضراء والأشجار المورقة حبلى بالثمار ، والعصافير تزقزق والفراشات ترفرف هنا ومناك ، وما زاد المنظر روعة خرير المياه كأنّها قطع موسيقية...
سرت مبهورة بما خلق الرحمان فأحسن خلقه ، فإذا بي أرى طفلا يكسّر أغصان شجرة مازالت في طور النموّ ، فتألّمت لتصرّفه وصحت :
ــ ماذا تفعل ؟
تجاهلني ولم يعرني انتبها فأعدت السّؤال ، عندها ردّ غاضبا : " ألا تريْن أنّي أكسّر الأغصان ؟ "
ــ ولماذا ؟
ــ وما شأنك أنت ! هيّا ابتعدي من هنا !
ازداد غضبي ولم أتمالك نفسي عن الكلام وقلت :
ــ ألا تعرف أنّ هذه الأغصان هي فروع الشجرة تغذّيها وتحمل ثمارها وأوراقها ؟ ألا تعلم أنّها تعطينا ظلالها نستظلّ بها حرّ الصيف ،وفيها تبني العصافير أعشاشها ، وتزوّدنا بالخشب والفحم ؟ فحسب رأيك ممّ صنع الكرسي الذي تستريح عليه والطاولة التي تدرس عليها ؟ أليس كلّ هذا من خشب الشجرة ؟ وألا تعلم أنّك حيّ بفضلها ؟
ــ وكيف ذلك ؟
ــإنّها تزوّدنا بأكسجين الحياة ، تصوّر لو يقطع كلّ شخص مثلك أغصان الأشجار ويعبث بها دون فائدة عندها ستكون حتما نهاية العالم ! سيتلوّث الهواء ولن يبقى الأكسجين .عندئذ هل سنستطيع العيش ؟ بالطبع لا ،لهذا يحرص البشر دائما على غرسها بكثرة لما لها من منافع على الصحة بتوفيرها لأغذية الوقاية . فكيف تفعل بهذا الكنز الثمين هكذا ؟
طأطأ الولد رأسه متأسّفا شاكرا متعهّدا بالاعتناء بها وإصلاح خطئه ، فشجعته على ذلك وانصرفت والفرح يملأ قلبي لأنّي استطعت أن أوجّه هذا الطفل لحماية البيئة كي يصبح عنصرا فعالا ومفيدا لمجتمعه
عزيزة النقاز
( 04 ) من فوائد الشجرة
كان أبي فلاّحا ، لذلك نشأت محبّة للأشجار ، شغوفة بها ، وكثيرا ما أساعد والدي على بتشذيب أشجار حقلنا وتسميد أرضه ... وما يحزّ في نفسي أنّ بعض الأطفال يقطعون أغصان الأشجار ويعبثون بها
بينما كنت أتجوّل كعادتي في الحقول المجاورة ، لمحت طفلا يقطع أغصان شجرة لمجرّد اللهو ، فآلمني هذا المشهد ، وقرّرت ثنيه عن صنيعه ، فتوجّهت نحوه وسلّمت عليه فردّ السلام دون أن يكف عن مواصلة العبث فبادرته قائلة : " ماذا تفعل؟
فأجابني : " لا شيء ، أنا ألهو بهذه الأغصان وأجد متعة في تكسيرها ." فسألته : " ألا تعلم فوائد الشّجرة ؟ إنّها تمنحنا الظلّ والثمار والخشب والفحم ، ثمّ أنسيت تعب الفلاّح في تنمية بهذه الشّجرة ؟ فهو يبقى سنين طويلة يعتني بها حتّى يكتمل نموّها ، وتأتي أنت فتكسّر أغصانها . "
فظهرت على محيّاه علامات الخجل والندم ، وهزّ رأسه قائلا : " معك حق ! لن أكرّر هذا العمل المشين ثانية .
شعرت بالارتياح والفرح لاقتناعه ، وصرنا صديقين نشارك سويّا في كل حملات النظافة والتشجير .
ميساء الهريشي
( 06 ) ... وسقط طبق الحلويات
عيد الفطر مناسبة دينية جميلة ينتظرها الجميع بعد تعب صوم شهر رمضان ، ويحتفل بها المسلمون احتفالا متميّزا . وكانت أمّي من الذين يهتمّون بهذه المناسبة اهتماما خاصّا ، وتنتظره كلّ سنة بفارغ الصّبروتخصّص له ميزانية خاصّة لتشتري كلّ ما تحتاجه من لوازم الحلويّات . وككلّ سنة ، أعدّت أمّي أطباقها الشّهية بعد جهد وتعب ليوم كامل ... فأصررت على مساعدتها بأخذ الطبق إلى المخبزة، فوافقت بعد أن أوصتني بضرورة الانتباه والمحافظة عليه ... خرجت وطبق الحلوى فوق رأسي وأنا أشعر بالفرح والثقة بنفسي ، وكنت من حين إلى آخر ، أنزل الطبق لأتأكّد من سلامته ثمّ أرجعه فوق رأسي.. وفي إنزالي له في المرّة الأخيرة ، فقدت توازني وسقط الطبق أرضا ... لا يمكن أن أصف قمّة الحرج الذي شعرت به أمام المارّة ، إضافة إلى الخوف من ردّ فعل أمّي ... أخذت الطبق فارغا وعدت إلى البيت وأنا لا أدري ما أقول ... وعند ولوجي المنزل ، عبّرت دموعي لأمّي عمّا أريد قوله عن الحادثةة، ففهمت الأمر دون أن أنبس بكلمة ... وشعرت بغضبها ، ولكنّها تمالكت نفسها وقالت لي كلمة واحدة لن أنساها : " لن أعتمد عليك مرّة أخرى ، لقد خيّبت ظنّي ! " آلمتني كلماتها وأثّرت فيّ وفاقت وقعها وقع الشعور بالخوف ...
ولّت أيّام العيد ، وصدرت منّي مواقف عدّة تجاه أمّي أرجعت لي ثقتها فيّ من جديد ، ولكن بقيت الحادثة التي حصلت في يوم العيد في ذاكرتي أحدّث بها أمّي كلّما سمح المقام بذلك .
إيلاف الخريجي
الكاتبة : ميساء بنت حميدة بن حفيظ الهريشي ولدت بقابس في 30 / 01 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل : سامي الصياح .هي مغرمة بالرقص وتطمح ان تصبح قاضية
الكاتبة : إيلاف بنت مصطفى بن قويدر الخريجي ولدت بقابس في 18 / 11 / 2000 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل سامي الصياح .هي مغرمة بالرسم وتطمح أن تصبح طبيبة أطفال .
الكاتبة : عزيزة بنت عمار بن بلقاسم النقاز ولدت بقابس في 20 / 09 / 2000 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروسها في اللغة العربية على يد المربي الفاضل : سامي الصياح . هي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح محامية
إنه بشوش وحسن الأخلاق يرتدي سروالا و قميصا قد اضمحل لونهما. وله جسد ضامر ووجه بارز العظام . وعيناه لهما حور بديع وانف أفطس و أذنان صغيرتان وشعر اسود كمسلات القنفذ... كان يقيم أحواض الشجر ويسقيها بانتظام ، ويقلّع الأعشاب الطفيلية وعيناه إلى الأرض تتفقدان مسار الماء. وكان ينحني تارة ويقف طورا... وكان في منظره شيء من السحر وهو حريص أن يتقن عمله عملا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام : إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه .
كنت منشرحة لهذا المشهد أشدّ الانشراح ، وقضيت يومي كله وأنا ألهو حينا وأساعد الفلاح على القيام بعمله حينا آخر...
وعندما بدأت الشمس تميل للمغيب و الليل يسدل ستاره ، عدت إلى المنزل ، وتلك الأوقات الجميلة لا تزال مرسومة في ذاكرتي.
سماح الكبير
عند حلول فصل الربيع ، كان الجو جميلا والحرارة معتدلة . قررت الذهاب إلى الحقول للنزهة ، فحزمت أمتعتي وامتطيت السيارة في اتجاه المكان المقصود.
وما إن وصلت حتّى انبهرت بهذا الجمال الساحر : فما أجمل الربيع عندما يقبل تلك الشجرة العاربة فتزهر رياحينها من جديد وتكسي نورا هادئا نديا وعندما يمر من ذلك الجدول فينساب الماء رقراقا أو عندما يضفي لمساته الساحرة على الطبيعة فتخضر الأرض بالعشب الطري وتقدم أروع عطاء : فالأزهار ترقص بألوانها الزاهية وروائحها الفواحة ويشارك رقصها الهواء الندي فينبعث عبيرها الشذيّ والأشجار فتية ومتنوعة : أشجار سرول و صنوبر وبلوط وفلين ملتفة الأغصان تشتعل اخضرارا في ذلك الفضاء الندي الظليل و السماء صافية زرقاء لا تعكر صفوها غيمة كأنها عين طفل صغير . والشمس متربعة في كبد السماء ترسل أشعتها الذهبية وتشاهد هذا الجمال بعيون ملأى بالأمل ... فسبحان الله العظيم القدير خالق الكون...
وبينما أنا أتنقل من مكان إلى آخر أمتع بنظري إذ بي أرى فلاحا منكبّا على عمله . إنه كهل بلغ الخمسين من عمره وكأنه توقف هناك. الأعوام تمر وهو لايفتر.
الكاتبة : سماح بنت علي الكبير ولدت في 15/ 08/ 2000 بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية تزاول دراستها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل : جمال الفرجاني وهى مغرمة بالمطالعة وتطمح أن تصبح طبية مختصة في علاج أسنان .
( 09 ) ما أجمل الربيع !
هلّ الربيع بأيّامه التي تؤنس الخليج ، فقرّرت الذّهاب في نزهة إلى الحقول الخضراء أرفّه فيها عن نفسي . كنت أسير بخطى ثابتة حتى وصلت المكان المقصود. يا للروعة ! يا لها من طبيعة ساحرة خلابة !. الأرض مزدانة بالعشب الأخضر والأزهار مزركشة الألوان منها الأصفر الفاقع والأحمر القاني والأزرق الفاتح والأصفر الفاقع والأشجار كثيفة الظلال امتلأت بأعشاش العصافير. أشجار سرول وصنوبر وبلوط وفلين ملتفة الأغصان تشتعل اخضرارا في ذلك الفضاء الندي الظليل ....
جلست تحت شجرة باسقة الى جانب بحيرة لأستريح من وعثاء الطريق .فإذا بصفحة الماء تتراءى لي ملتمعة كالمرآة المصقولة والفضة البراقة. خيّل إلي أني أمام سبيكة من الذهب يكاد سنا بريقها يخطف الأبصار، وغير بعيد عنّي فلاّح يقوم بعمله بكل حرص وإتقان : إنه كهل ناهز عمره الخمسين، قصير القامة، أفطس الأنف له عينان سودوان كحبتي زيتون لهما حور بديع نحاسيّ البشرة، وفمه منشقّ عن ابتسامة عريضة وهي تتراءى على الفور سابحة على وجهه تبتلع تقساميه ، وقد أكسى جسمه قميصا بالسروال قد اضمحل لونه . كان يسوّي أحواض الأشجار المثمرة ثم يأخذ المرشّ ويسقيها حتى يتواصل نموّها وتثمر... وكان همّه ان يوفر قوت عائلته ويصون ماء وجهه. اقتربت منه وبادرته بالتحية فردها علي. ثم جلسنا نتجاذب اطراف الحديث حول الحال والصحة.
مرت سويعات كأنها دقائق لم أشعر بها وهي تمرّ. إلى ان أسدل الليل ستائره الحالكة فعدت إلى المنزل مثلوجة الفوائد بعد ان دوّنت أفكار هذا اليوم في مخيلتي .
سناء الزيتوني
الكاتبة : سناء بنت البشير الزيتوني ولدت بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية في 20 / 01 / 2001 تزاول دراستها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2مارس 34 مارث وتتلقى دروسها في اللغة العربية على يد المربي الفاضل : جمال الفرجاني وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح أستاذة جامعية
( 11) الراعــــــــــــــــــي
أشرقت شمس الكون فبعثت أشعّة سنّية نحو كوكب الأرض ، فأفاقت الدنيا من سباتها العميق ودبّت الحركة في الأجسام . إنّه يوم من أيام الربيع الباسمة. اكتست الأرض أبهى حلّة لديها وخرجت العصافير من أعشاشها تشدو وتحوم حول الازهار وكانت تتمايل وتتراقص حينا وتتهادى حينا آخر...حزمت أمري وقرّرت وأسرتي الخروج إلى البرّية للترفيه لأن النفوس إذا كلّت عميت...انطلقنا بالسيارة التي كانت تطوي الارض طيا بلونها الاحمر القاني ... وعندما الوصول ، وجدت الطبيعة حافلة باسمة ، توغّلت في غابة كثيفة ظليلة وافرة الظلال تنفذ عبرأشجارها الباسقة الظليلة أشعة الشمس في شكل خيوط عمودية لامعة أنارت المكان وبثت الدفء في أرجاء الغابة ، وأشجار السرول والصنوبر والبلوط والفلّين قد مسّها الربيع بعصاه السحرية فجعلها ملتفة الأغصان تشتعل اخضرارا في ذلك الفضاء الرحب النديّ الظليل... وهذه أشجار حبلى بالثمار اللذيذة الطيبة فمنها التفاح والبرتقال وأشجار الزيتون كأن ريشة فنان بارع رسمتها.أجلت بصري فإذا بي أرى راعيا يبدو في الخمسين من عمره وكأنه توقف هناك، فالأعوام تمرّ وهو صامد : هذه قامة هيفاء وسط قميص وسروال اضمحل لونهما، عيناه سوداوان كحبتي زيتون لامعين،أنفه أفطس...هو قنوع وعنيد الى الغاية القصوى،هو يتجلى بجسم ضامر وعظام وجهه بارزة يضع فوق رأسه مظلة تبعثر سعفها...جلست الى جانبه وبادرته بالتحية :
- السلام عليك ,كيف حالك؟
-أنا بخير!تفضلي!اشربي من هذه العين!إنّ ماءها صاف. - شكرا لك .
ارتويت من الماء وقضيت بجانبه سويعات كانت أحلى سويعات قضيتها في حياني ، وعدت إلى منزلي ومازالت مشاهد الطبيعة الخلابة راسخة في ذاكرتي. سيرين بنعمر
الكاتبة : سيرين بن خليفة بن عمر ولدت بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية في 13 / 02 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المربي الفاضل : جمال الفرجاني وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح طبيبة
( 12 ) عشق الحيوانات
كانت لي قطة جميلة : فروها ناعم ، لونها أبيض عيناها زرقاوان ... أحبها كثيرا وأقدّم لها الطعام والشراب وألاعبها يكرة الصوف . لقد ربيتها منذ الصغر وجمعت بيننا ألفة ومودّة.
وذات يوم عدت من المدرسة ، ذهبت إلى غرفتي لأطعم قطتي بعض السمك الذي أحضرته لها من المتجر فلم أجدها ، بحثت عنها في غرقة الجلوس وباقي غرف المنزل ولكن دون جدوى ... فانتابتني الحيرة ودارت في مخيلتي أسئلة عديدة لم أجد لها أجوبة : قلت في نفسي:" لعلّ أحدا من أفراد الاسرة نقلها الى مكان من الأمكنة في حديقتنا الواسعة." بحثت عنها في كل ركن من أركان الحديقة لكن لا أثر لها ... فبدأ القلق يستبد بي وغابت إشراقة وجهي و ماتت البسمة على شفتي وانطفأ بريق عيني.
وعندما رأتني أمّي على تلك الحالة الفظيعة قالت لي:"ما بك يا بنيتي شاحبة الوجه ؟ " رددت قائلة :" لم أجد قطتي" أردفت أمي قائلة:" آخ ! نسيت أن أخبرك ، لقد أخذتها سلمى ابنة جارنا لتلعب مع قطتها ميمي."
فانطلقت أجري كالسهم نحو بيت جارنا وعندما طرقت الباب فتحت لي سلمي فأبصرت قطتي تمشي وراءها عندئذ ارتسمت علامات الفرح على محيّي وتهللت أساريري وعلى شفتي ابتسامة عريضة مشرقة.سألتني سلمى قائلة:" تفضلي ما حاجتك؟" قلت مندهشة من سؤالها:" جئت آخذ قطتي"
وما كدت أكمل كلامي حتى ارتمت قطتي في حضني ... عدت إلى المنزل وأطعمتها السمك الذي أحضرته...
فاطمة الفقيري
الكاتبة : فاطمة بنت مسعود الفقيري ولدت بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية في 29 / 04 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 5 بالمدرسة الابتدائية 2مارس34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المربية الفاضلة : حياة دادي وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح أن تصبح طبيبة .
( 14 ) جازاك الله خيرا
رغبت في قضاء العطلة في بيت جدتي . وفي الموعد المقرر لذلك ، وقفت صباحا في المحطة أنتظر قدوم الحافلة. وما أن قدمت الحافلة وتوقفت بالمحطة حتّى تدافعت الأمواج البشرية تتزاحم يالمناكب تريد الصعود في وقت واحد ، وتجري نحو الأماكن الفارغة لاحتلالها . ولمّا هدأ الزحام وخمدت اللهفة صعدت عجوز على مهل فوجدت كل الاماكن مشغولة حينئذ أمسكت بعمود معدني وظلت تنتظر الرحيل صابرة . وفجأة انتبهت لحالها فقمت وأخذت بيدها بلطف ثمّ ألححت عليها كي تجلس مكاني فارتمت على المقعد وهي تردّد :" جازاك الله خيرا" فوقفت بجانبها متشبثة بالعمود. وبعد قليل دوّى المحرك بصوت عال وأغلق الباب ، ثمّ انطلقت الحافلة البطيئة متمايلة في سيرها غير عابئة براغب في الركوب تأخر فجرى حذوها يدقّ بابها الخلفي دقات رجاء وتوسل ، وما لبث أن تحوّل إلى دقات غضب ويأس ... قطعت الحافلة الشوارع المكتظة بالسيارات و الراجلبن مخلفة وراءها المحلات التجارية والمقاهي … وعندما خرجت من المدينة انطلقت تطوي الأرض طيا متجهة نحو الضواحي القريبة… كنت أشاهد الطبيعة من النافذة : ما أجمل الربيع عندما يقبّل تلك الشجرة الحزينة العارية فتزهر رياحينها ، ويمشي على ضفاف النهر الجاف فتتدفّق مياهه الزرقاء النقية ، وقد ابتسم ثغر الارض فأزهرت أزهار ملونة تتراقص جذلا وحبورا وقد شاركها الهواء العليل رقصها والعصافير المغردة تهاديها.
لقد قضت العجوز رحلة مطمئنة ونلت أنا مقابل إيثاري وتعبي راحة الضمير… وعندما وصلت الى المكان المنشود وجدت جدتي في انتظاري.
سيرين الزريبي
الكاتبة : سيرين بنت عبد الله الزريبي ولدت بمارث في 16 / 01 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس34 مارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المربي الفاضل سامي الصياح وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح طبية جراحة
( 08 ) بين أحضان الطبيعة
رحل الشتاء بزوابعه المقلقة ورياحه الشمالية القارسة وحلّ محلّه فصل الربيع فصل التجديد ، فاستيقظت القرى من نومها على نسماته المنعشة الباردة واستحالت الحقول جنات ساحرة مسّتها يد ساحر عبقري تركها متعة للسمع والبصر...
هزّني الشغف لزيارة البساتين المجاورة ، هناك توغلت في غابة أشجارها باسقة على اختلاف انواعها تشتعل اخضرارا ، والعشب رفراف عليه بقية قطرات الندى زادته حسنا وإشراقا ، والماء يلمع صافيا رقراقا ، والشمس تلثم خدّه البراق...
انطلقت أجري وأستنشق ملء صدري عبق الأرض فجرى الدم في عروقي وتورّدت خدّاي ، وأغرقت بصري في فلاّح يستظلّ بظلّ الشجرة ويفترش الحشيش ويقبّل الأوراق : إنه رجل في الخمسين من عمره تجلّى بجسد ضامر لا يكلّ ولا يملّ ، ذو وجه جعّده الزمن وجبين عريض وأنف أفطس وفم منشق عن ابتسامة عريضة ... كان يرتدي ملابس مهترئة : سروال ممزّق وقميص بال ومظلة تبعثر سعفها فعلت فيه الشمس فعلها ... و الخراف حوله راحت ترتع في بساط العشب تستنشق استنشاقا وثغاء أمّهاتها يستحثّ عدم الابتعاد عنها .
ولما تقهقرت شمس الأصيل في عرض السماء مسرعة في انحدارها ، قفلت راجعة وفي مخيلتي أفكار هذا اليوم البهيج لأسرد لحظاتها الشيقة على أسماع لأمي....
ندى المومني
الكاتبة : ندى بنت عزالدين المومني ولدت بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية في 19 / 10 / 2000 وتزاول تعليمها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروسها في اللغة العربية على يد المربي الفاضل : جمال الفرجاني . هي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح طبية أطفال
( 10 ) إنقاذ عصفور
انتهينا من الدرس فرنّ الجرس وخرجت من المدرسة رفقة صديقتي كعادتنا في ذلك اليوم الشتائي الممطر الذي كادت فيه الرياح ان تأتي على كل شيء فلا ترانا الا ونحن نقفز بين الرصيف والطريق لكثرة المياه.
حينما فارقت صديقتي سالكة طريقا مختصرة متجنبة برك المياه ، إذا بعصفور جريح ذي لون رمادي وريش ناعم واقعا تحت شجرة . أسرعت نحوه وحملته بين يدي ألاطفه حينا وأمسح على رأسه حينا آخر وهو ينظر إلىّ بنظرة عطف وحنان كأنه يقول:" أنقذني من الموت." قلّبته يمنة ويسرة حتى اكتشفت أنه مكسور الجناح . تألمت لحاله وأشفقت عليه فأخذته معي الى البيت...
وعند دخولي ، اعترضتني أمّي وكأنها كانت تعرف كل ما حدث قائلة :" ما هذا الذي بيدك يا بنيتي وكيف عثرت عليه ؟ "
قلت وأنا واثقة من نفسي :" هذا عصفور عثرت عليه في الطريق وسأسعى لمداواته."
ردّت أمي وعليها علامات الغضب :" أنا أرفض فكرتك إنه يحمل لنا الجراثيم ، وأختك الصغرى لن تتركه لحاله."
وبعد حوار طويل أقنعتها خلاله بضرورة الرفق بالحيوان عملا بالقول المأثور : ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء
شكرتها على تفهّمها ومساعدتي على القيام بما عومت عليه ...
و بعد أسبوع من العلاج استرجع العصفور عافيته فأطلقت سراحه في الفضاء الرحب ملقيا علىّ نظرة الوداع ثم طار...
نورس العقربي
الكاتبة : نورس بنت محمد العقربي ولدت بمارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية في 04 / 10 / 2001 وتزاول تعليمها بالسنة 5 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل : محمد المومني
وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح طبية أطفال
( 13 ) الفلاح الصغير
أتى الربيع بشمسه الوهّاجة وظلاله الوافرة ، بهوائه المعتدل ونسيمه الوديع ، بغدرانه الهادئة وسواقيه الرقراقة...
غرست بحديقة منزلنا شجرة تفاح وواظبت على العناية بها ....
وذات يوم رحت كعادتي أتفقد شجرتي فكانت المفاجأة أن وجدتها يانعة ، فتهللت أسارير وجهي بشرا ورحت أركض مسرورة كعصفور غادر قفصه. وازداد شوقي لرؤيتها كل يوم وصرت اتابع نموها المرحلة تلوى الأخرى إلى أن أثمرت ...
وبعد مدو ليست بالقصيرة ، نضجت ثمارها وحان موعد جنيها ، فأحضرت سلّة فارغة ورحت الى ان وصلت شجرتي ....
ولكن لم تكتمل فرحتي : لقد وجت بعض أغصانها مكسّرة وبعض ثمارها مرمية على الارض ... بدأت أبحث عن الفاعل وبدأت تدور برأسي عدة أسئلة لم أجد لها أي جواب ، واستبد بي اليأس والكآبة والحزن فعدت إلى المنزل أجرّ أذيال الخيبة ...
وبغتة سمعت صوت صخور تصطدم بغرستي فالتفت فاذا أولاد العم صالح يرمون الحجارة ، توجهت نحوهم قائلة : " لماذا ترمون شجرتي بالحجارة ؟ " ولكنهم لم يجيبونني ولم يتفوه أحد منهم بكلمة ، ثم وقفوا في صف واحد مطأطئين رؤوسهم معتذرين ... قبلت اعتذارهم وأوصيتهم بعدم تكرار هذا الصنيع والعمل على حماية النباتات حفاظا على البيئة .
ثم عدت إلى شجرتي ووضعت تحتها السماد وأحطتها بسياج حديدي صنعته بنفسي وعدت إلى المنزل وبعض الحسرة مازالت تلازمني....
ندى بن محمود
الكاتبة : ندى بنت نور الدين بن محمود ولدت بمارث في 22 / 01 / 2002 وتزاول تعليمها بالسنة 5 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس34 مارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلمة الفاضلة حياة دادي وهي مغرمة بالمطالعة وتطمح ان تصبح أستاذة في اللغة العربية .
( 15 ) يا للمفاجأة !
في يوم من أيام الربيع البديع ، تفتّحت فيه الأزهار واخضرّت أوراق الأشجار واجتمعت الطيور على الأغصان تشدو وتغني بأعذب الألحان وتنشـــــــد بصوتها البديع أنشودة الربيع ، قرّرت الذهاب إلي الضيعة بمفردي لأرفّه عن نفسي قليلا لأنّ النفوس إذا كلت عميت.
وصلت الضيعة ، وما إن وطِئت قدماي أرضهــــــا حتى انبهرت بمناظر الطبيعة : ارض قد كساها العشب حلّة جديدة وأزهـــار ملوّنة مختلفة روائحها حامت حولها فراشات مزركشة الألوان ونحل يمتص رحيقها ، وأشجار مورقة اخضرارا حطّت فوقها عصافير تزقزق .... فتراني أقفز هنا وهناك كالأرنب ثم ارتاح بين ظلال الأشجار من حين لآخر، وعندما تعبت انحنيت لأقطف زهرات متنوعة من بنفسج وأقحوان وشقائق النعمان لأهديها لأمي بمناسبة عيد ميلادها ...
وفجأة بينما أنا على تلك الحال من السعادة والانشراح إذ برز لي من بين الأعشاب ثعبان ذو جثة ضخمة مكشرا عن أنيابه ... فلا تسأل عن حالي وعماّ أصابني من خوف وفزع ... انطلقت كالصاروخ أجري مسرعة عائدة إلى المنزل وقلبي يكاد ينتزع من مكانه...
وعندما وصلت المنزل حدّثت أمّي وأبي عمّا وقع لي وأخبرتهما أنني لن أزور الضيعة ثانية وحدي ، فسخرا من جبني وخوفي لكنهما شاطراني الرأي.
سرور الصياح
الكاتبة : سرور بنت حاتم الصياح ولدت بمـارث في 10 / 06 / 2001 ، تزاول تعليمها بالسنة 5 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية ، تتلقى دروس اللغة العربية على يد المربي الفاضل : محمد المومني ، تهوى المطالعة وتطمح ان تكون طبية .
( 16 ) " فاتن" والعصفور الصغير
ـ ولكن يا أمّي إنه مسكين انظري إلى جناحه المكسور وقد صدق من قال:" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء."
اقتنعت أمي بهذا الكلام وقررت إدخاله بفرح وسعادة وقالت لي:
ـ جازاك الله خيرا يا ابنتي.
ـ شكرا يا أمّي !
وهكذا اعتنيت به عناية فائقة حتّى التام جرحه . وبعد مدّة ليست بالقصيرة ، جاء اليوم الموعود الذي أطلقت فيه العصفور عاليا في السّماء ... كان يزورني كلّ يوم اعترافا بالجميل ... وبينما كنت يوما حزينة مالّة جاءني يرافقه سرب من الطيور وغنوا لي أغنية جميلة . فرحت كثيرا ذلك اليوم وبقي في ذاكرتي لم أنسه أبدا وأصبح لي يوما مثاليا وتاريخيا وبقيت احكي عنه حتى سنحت لي الفرصة عندما كبرت وأصبحت كاتبة مشهورة كتبت قصّة " فاتن والعصفور الصغير" وكم كانت فرحتي عندما شجّعتني أمّي على هذا العمل المفيد الجيد .
وذات يوم قلت في نفسي : يا ترى أين العصفور؟
قلت هذا متمنّية أن يأتي ..............
فاتن الناعــس
الكاتبة : فاتن بنت فاضل الناعس ولدت بمارث في 23 / 07 / 2001 تزاول دراستها بالسنة 5 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس34 مارث ـ ولاية قابس ـ الجمهورية التونسية وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل : محمد المومني . وهى مغرمة بالرسم وتطمح أن تصبح طبية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــ حسنا ! حسنا !
قلت هذا واتّجهت نحو الثلاجة مسرعة وقدّمت لها ما توفّر من الطعام ... شرعت في الأكل بشراهة حتى امتلأت بطنها ثم شربت الماء حتّى ارتوت ... وأنا أنظر إليها بتأثّر شديد ، سألتها :
ــ هل عندك أبوان ؟
ــ لا ! لا ! لقد توفّيا منذ نعومة أظفاري .
ــ يا لك من مسكينة! وكيف تحصلين على طعامك؟
ــ كنت أشتغل في بيت أحد الأثرياء ... ولكنّه طردني لعدم قدرتي على القيام بشؤون المنزل .
ــ كيف تشتغلين ؟ هذا لا يعقل ! طفل في مثل سنّك ويشتغل ! هذا حرام !
ــ ماذا سأفعل ؟ هذا هو قدري ! عليّ أن أذهب الآن ! شكرا جزيلا على كرمك !
ــ اسمعي أيّتها البنية ، أنا أتمنّى لك من صميم قلبي أن تجدي مكانا تأوي إليه وشخصا يرعاك ، وأعدك أنّي سأسعى إلى مساعدتك !
شكرتني من جديد وانصرفت ... أمّا أنا فعدت إلى البيت حزينة يكاد القلب ينفطر له وأنا أفكّر في حالة هذه البنية اليتيمة وفي كل الأطفال اليتامى فاقدي السند وواجب المجتمع نحوهم ...
رؤى الحيوني
يوم الجمعة كنت عائدة من المدرسة . كان يوما ممطرا ، باردا ، قارسا : زمجر فيه الرّعد ولمع البرق وهطلت المطر بغزارة.
وإذا بي في الطريق أجد عصفورا مسكينا يتألم ويتوجّع ، أشفقت عليه ثم حملته لأرى ما يؤلمه. يا إلاهي ! إنّ جناحه مكسور! يا للمسكين !
وفجأة خطرت ببالي فكرة جيدة : أن أحمله معي إلى بيتي وهكذا أعالجه وأضعه في ركن من البيت ، ركن آمن دافئ ليشعر بالراحة ولا يقلقه شيْء . ولا شكّ أن أمّي ستحبّه كثيرا وتقبل آن يدخل البيت .حملته بين ذراعي برفق وحنان ووضعته داخل جيبي لكي لا تبلله الأمطار . أسرعت إلى البيت بخطى حذرة لكي لا يسقط و أنا أقول له:
ـ لا تقلق يا صديقي! لا تقلق يا مسكين! فأنت ذاهب إلى حيث الأمان والحنان! ستصبح صديقي.
قلت هذا و أنا على ثقة بالنفس,وكم غمرتني الفرحة عندما أجابني بزقزقات تعبّر عن فرحه...
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان عندما خطوت الخطوة الأولى في المنزل : لقد تحوّل الفرح إلى حزن والسعادة إلى همّ ، فأمّي رفضت إدخاله البيت قائلة: ـ ما هذا الذي أتيْتِ به يا بنيتي؟
ـ هذا عصفور مكسور الجناح ، لقد أشفقت عليه يا أمّاه.
ـ لن يدخل البيت أبدا ، أنا أُدخل عصفورا بريا في منتهى القذارة ، لن أدخله أخرجيه الآن هيّا! قالت هذا بغضب شديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 17 ) " رؤى " والمتسوّلة الصّغيرة
ذات يوم شتويّ ، الطقس فيه بارد ، كنت جالسة على أريكة بقاعة الجلوس أتابع برنامجا ثقافيا باهتمام ، حين تناهى إلى سمعي طرقات على الباب ...
قمت من مكاني على مضض ظانّة أنّ الطارق أحد الأجوار كالعادة ، وفتحت الباب ، فما راعني إلاّ أنّي وجدت طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها ستّ سنوات واقفة وراء الباب ، مادّة يدها النحيلة تتوسّل بصوت مرتعش لعلّ الله يرزقها بشخص يقدّم لها يد العون ... كانت ترتدي قميصا ممزّقا ذهبت الشمس بلونه وسروالا قصيرا باليا . كانت حافية القدمين ، خائرة القوى وقد برزت عظام جسمها النحيل كأنّ ليس له جلد يغطّيه ، واصفرّ وجهها صفرة تحاكي صفرة الأموات ، وشعرها الأشقر أشعث مغبرّ وفد انسدل على كتفيها الصغيرين ، وعيناها السوداوان شاحبتان دامعتان دموع الألم العميق من قسوة الحياة وجفاء الأهل والأصدقاء والناس أجمعين ...
آلمني حالها كثيرا وراودتني أسئلة كثيرة : كيف تتركها أمّها وحيدة في هذه الحالة وهذا البرد ؟ ولكن هل لها والدان ينفقان عليها ويحميانها من قرّ الشتاء وحرّ الصيف وغوائل الدهر ؟ مسكينة هذه البنت البريئة ، ليس لها أيّ ذنب ، فهي تريد فقط أن تعيش مستورة هانئة سعيدة مثل بقية الأطفال...
بادرتني بالسؤال في صوت مرتعش :
ــ هل عندك شيء أسدّ به رمقي ؟ إنّي لم أعد أحتمل الجوع والعطش . أرجوك !
الكاتبة : رؤى بنت مراد الحيوني ولدت بتالة ولاية القصرين الجمهورية التونسية في 18 / 07 / 2000 تزاول دراستها بالسنة 6 بالمدرسة الابتدائية 2 مارس 34 مارث وتتلقى دروس اللغة العربية على يد المعلم الفاضل : جمال الفرجاني وهى مغرمة بالمطالعة وتطمح أن تصبح طبية جراحة.