كيف يمكن اختبار العبارات القيمية أو التفضيلات

لا يستطيع التحليل العلمي التعامل مع المقولات المعيارية بشكل مباشر (مثل عبارة : ينبغي الأخذ بنظام التصويت الإلزامي في الانتخابات ، أو     يجب على رجال الأعمال ألا يعملوا بالسياسة  ) ، و إنما لا بد من تحويلها أو إعادة صياغتها بإحدى طريقتين :

الطريقة الأولى :  تحديد الجماعة المرجعية صاحبة القيمة أو التفضيل To change/Define the frame of reference

 أي أن يحاول الباحث أن يحدد من الذي يؤيد هذه المقولة المعيارية أو يطرحها ، و يدافع عنها . و قد  يكون صاحب هذه المقولة المعيارية أو المدافع عنها شخصا واحدا أو مجموعة من الأشخاص أو جماعة معينة أو غير ذلك من الفاعلين .  

مثال 1: 

الحكم القيمي :

 ينبغي الأخذ بالتصويت الإلزامي في الانتخابات : (أي أن ينص القانون على أن ضرورة  ذهاب الناخب للإدلاء بصوته في الانتخابات كواجب أو التزام ، مع تشديد العقوبة القانونية على عدم المشاركة ، في صورة غرامات مثلا أو نحو ذلك )

إعادة الصياغة بتحديد الجماعة المرجعية :

تؤيد قيادات الأحزاب الصغيرة الأخذ بنظام التصويت الإلزامي في الانتخابات.

 أو :

تعارض قيادات الأحزاب الكبيرة (ذات الحصة الأكبر من المقاعد في البرلمان ) الأخذ بنظام التصويت الإلزامي

و يلاحظ أن إعادة الصياغة بتحديد الجماعة المعيارية جعلت الاختبار الإمبريقي للمقولة ممكنا : إذ يستطيع الباحث  أن يلجأ  إلى أداة المقابلة مثلا أو الاستبيان من أجل جمع البيانات بشكل منظم بغية استطلاع مواقف قيادات الأحزاب المختلفة و أعضائها من قضية التصويت الإلزامي

و يمكن أن يعتمد الباحث على نتائج  هذه المقابلات للوصول إلى  استنتاجات معينة حول  العلاقة  بين درجة تأييد الأحزاب تغيير النظام الانتخابي القائم (ممثلا في درجة تأييد الأخذ بنظام التصويت الإلزامي من عدمه في هذه الحالة )  و  حجم استفادة هذه الأحزاب من النظام الانتخابي القائم ( مقاسا مثلا بعدد المقاعد البرلمانية التي نجح الحزب في الحصول عليها في إطار النظام القائم).

مثال 2 : 

المقولة المعيارية : ينبغي التوقف عن عملية الخصخصة  

إعادة الصياغة بعد تحديد الجماعة المرجعية :

يرى العمال ضرورة التوقف عن عملية الخصخصة

أو : 

يعارض رجال الأعمال التوقف عن عملية الخصخصة

أو :

 يؤيد الفلاحون عملية  الخصخصة 

أو : 

يعارض المخرجون المسرحيون المصريون عملية الخصخصة

و يعيب هذه الطريقة أنه في بعض الأحيان قد يشق على الباحث  أحيانا أن يحدد جماعة مرجعية معينة يمكن أن ينسب إليها الحكم القيمي  .

 كما أن تطبيق هذه الطريقة قد يؤدي - في بعض الأحيان- إلى طرح أسئلة محدودة الأهمية.فقد لا يجد الباحث أهمية نظرية أو عملية من إثبات (أو نفي)  تأييد جماعة بعينها للمقولة المعيارية موضع التحليل .

 و يواجه الباحث صعوبات أحيانا في تجميع بيانات بشكل منظم عن تفضيلات بعض الجماعات نتيجة اعتبارات متعددة (جماعات محظورة قانونا مثلا ، أو بعض أعضاء النخبة ممن يصعب للباحث الوصول إليهم ، ..). 

الطريقة الثانية : تحديد أسباب الحكم القيمي أو التوصية:

 وفقا لهذا الأسلوب ، يحاول الباحث إعادة صياغة العبارة القيمية بالبحث عن الأسباب أو العوامل التي يظن الباحث/ أو صاحب الحكم القيمي أنها السبب في إصدار هذه الأحكام أو التقييمات ، أي  اختبار الافتراضات و العلاقات المتصورة الكامنة خلف التفضيلات القيمية ( مثلا يؤدي الأخذ بنظام التصويت الإلزامي في الانتخابات إلى زيادة مستوى المشاركة السياسية ، أو تؤدي زيادة عدد الوزراء من رجال الأعمال إلى زيادة تركيز عائدات التنمية في شريحة محدودة من المجتمع ) ...و بالطبع يمكن تصور وجود أكثر من سبب أو علاقة ، و يمكن أن يكون هناك جدل حول مدى صحة بعض  هذه الأسباب و العلاقات ، و هو ما يشكل أساسا لصياغة المشكلة البحثية  و التساؤلات و الفروض

و  أخيرا ، يمكن للباحث أن يجمع بين الطريقتين ، كأن ينتقل الباحث مثلا بعد اختبار مواقف جماعات مختلفة من مقولة معيارية معينة  إلى البحث عن أسباب و تفسيرات التباين بين مواقف هذه الجماعات أو داخل الجماعة الواحدة ، و اختبار هذه التفسيرات  ، و هو ما قد يقود الباحث إلى إعادة النظر في تحديده للجماعات المرجعية ،و هكذا ..

فقد يرى الباحث أن موقف العمال تجاه عملية الخصخصة مثلا غير واضح ، فيلجأ إلى تقسيم هذه الجماعة المرجعية العامة حسب معيار الكفاءة أو مستوى الدخل أو غيرها من المعايير التي يتصور أنها قد تشكل سببا لتفضيلات الجماعة المرجعية .

تدريبات

حول المقولات القيمية التالية إلى فروض أو أسئلة قابلة للتحليل الامبريقي:

1- ينبغي وضع حد أقصى لفترات شغل المناصب العامة

2- ينبغي عدم السماح لرجال الأعمال بشغل مناصب حزبية قيادية/الترشيح لعضوية مجلس الشعب

3- ينبغي اشتراط  نصاب مالي \تعليمي للتصويت في الانتخابات 

4- الرئيس السادات أفضل من الرئيس عبد الناصر