أخطاء شائعة:
1-ضرورة تجنب الخلط بين الدراسات السابقة والمصادر
من الضروري التمييز بين مراجعة الأدبيات السابقة (بمعنى الدراسات والأبحاث العلمية/ الأكاديمية قدر الإمكان) والمصادر(قد تشمل-بالإضافة إلى الأدبيات السابقة و حسب طبيعة الموضوع المصادر الأولية من وثائق كالدساتير ونصوص القوانين والاتفاقيات وغيرها، وتقارير صادرة عن منظمات دولية أو منظمات مجتمع مدني وغيرها، أو المجلات و الصحف رغم أنه يفضل التقليل منها قدر الإمكان، أو كتب أدبية حال كون الموضوع عن كيفية تناول قضية سياسية في الأدب مثلا، أو نتائج استطلاعات رأي مثلا، أو مقابلات، أو ملاحظات مباشرة). ورغم أن غالبية مصادر البحث يفترض أن تكون أكاديمية قدر الإمكان (بالإضافة طبعا إلى المصادر الأولية والبيانات الميديانية التي قام الباحث أو آخرون بتجميعها) إلا أن حداثة الموضوع أو طبيعته قد تفرض اللجوء إلى مصادر اخرى (مثل قد يقتضي تحلل أنماط المشاركة السياسية الالكترونية وتوجهات المدونين الرجوع إلى مدونات الانترنت كمصدر اساسي لبيانات البحث) لكن ذلك لا يعني تضمين هذه المصادر في الدراسات السابقة (لا يتم تضمين المدونات كدراسات أو أدبيات سابقة لأنها ليست كذلك وإنما مجرد مصدر، لكن يتم تضمين دراسات أخرى تناولت المدونات وتوظيفها السياسي مثلا.. بالمثل، إذا كانت البحث عن التوجهات السياسية للصحف الحزبية فلا يعني ذلك تضمين الصحف في الدراسات السابقة الخاصة بالموضوع.. كذلك إذا كان البحث عن التوجهات السياسية لسائقي التاكسي في القاهرة الكبرى، فإن المقابلات أو الاستبيانات مع سائقي التاكسي هي مصادر أساسية للبحث أو الدراسة، لكن لا يتم تضمين هذه المقابلات ضمن الدراسات السابقة لأنها ليست كذلك..)
2- ضرورة تقييم المصادر وملائمتها وجودتها حسب طبيعة البحث واحتياجاته وتجنب التحيزات قدر الإمكان
امتدادا لفكرة الحيادية والموضوعية في البحث العلمي بشكل عاميفترض أن يكون الحكم على المصدر حسب سياقه (وطبيعة البحث. مثلا، إذا كان البحث عن تحليل الفكر السياسي لأدباء الثورة في مصر.. كتابات بلال فضل و علاء الأسواني قد تصبح مصادر أساسية في هذه الحالة
وخارج هذا الاستثناء الخاص بطبيعة البحث، يظل الأصل في الرجوع إلى المصادر والمفاضلة بينها هو حسب موضوعيتها وأسس بناء الرأي والحجة فيها(غلى هذا الأساس قد لا يفضل مثلا الرجوع في تحليل قضايا نظرية سياسية إلى اديب أو شاعر لأن وقوع الموضوع خارج تخصصه المباشر يزيد احتمالات عدم دقة التحليل وبنائه لعى حقائق ومعلومات غير دقيقة أو جزئية، أو بسبب تعبيره عن رأي شخصي في صورة حقيقة علمية أو أكاديمية ، أو خطأ في المقدمات التي أدت لبناء هذه الحقيقة : كأن يشير مثلا إلى أن جميع الدول تضع دساتيرها من خلال التوافق عبر لجان منتخبة لهذا الغرض، وهو ما يخالف الواقع حيث توجد طرق متعددة لوضع الدساتير.. نفس الأمر ينطبق على أي شخص و لو كان أكاديمي متخصص...العبرة الأكبر بمضمون الكلام وليس قائله..لكن طبيعة القائل قد تفرض حذرا أكبر في التعامل دون تغليب ذلك على المضمون.. وينبغي الوعي في هذا السياق بالتوازن والحيدة في التقييم لتجنب الوقوع في مغالطة مهاجمة الشخص(بدلا من تحليل الفكرة ونقدها) مع إدراك دلالات التوجيه القرآني بأنه "إذا جاءكم فاسق بنبأ .. فتبينوا" (وليس فكذبوه أو ارفضوه أو أخرسوه)"
ما هي الدراسات السابقة؟:
يقصد بالدراسات أو الأدبيات السابقة عادة الدراسات والأبحاث العلمية/ الأكاديمية قدر الإمكان من ذات حقل البحث(النظم السياسية أو الفكر والنظرية أو العلاقات الدولية...) أو من حقول أكاديمية ذات صلة (علم النفس مثلا أو الاجتماع أو الجغرافيا السياسية...) التي سبق لها تناول موضوع الدراسة ومعالجة مشكلتها وتساؤلاتها البحثية أو جزء منها (أو الإطار العام لها أو مشكلات ذات صلة مباشرة بها) بشكل من الأشكال سواء في إطار المعالجة النظرية دون تطبيق محدد، أو بالتطبيق على حالة /حالات الدراسة ذاتها (لو أمكن)، أو حالات دراسية أخرى.
مثال: إذا كان الباحث يعمل على موضوع تحليل تأثير المشاركة السياسية الالكترونية للشباب المصري على سلوكه التصويتي في الانتخابات، فقد يجد محدودية للدراسات حول هذا الموضوع مباشرة، لكنه قد يجد دراست أخرى ذات صلة أو حالات أخرى تفيده في بحثه، ويقوم بالتالي بتصنيف الدراسات السابقة بين:
أولا: دراسات نظرية تناولت المشاركة السياسية الالكترونية وأنماطها وتأثيراتها بشكل عام،
ثانيا:دراسات أخرى تناولت تأثيرات المشاركة الاكترونيىة على انماط المشاركة التقليدية في دول أخرى غير مصر(في الولايات المتحدة مثلا، ويفضل إذا كانت هناك دول أقرب في خصائصها وطبيعة سياقها العام من الحالة المصرية)،
ثالثا: بالنسبة للدراسات الخاصة بالحالة المصرية، فهي محدودة نسبيا، وولكن يمكن تصنيفها أيضا بين:
1- دراسات تناولت المشاركة السياسية للشباب المصري بشكا عام،
2- ودراسات أخرى ركزت على المشاركة الالكترونية للشباب المصري وأنماطها وتفسيراتها،
وقد يخلص الباحث إلى وجود محدودية في الدراسات التي تناولت تأثيرات هذه المشاركة الالكترونية على أنماط المشاركة التقليدية للشباب المصري (في الأحزاب والانتخابات والمظاهرات...) وهو ما ستحاول الدراسة القيام به..
ملاحظة : اعتمد التصنيف السابق على التمييز بين الدراسات حسب دراسات نظرية وأخرى تطبيقية، وداخل الدراسات التطبيقية حسب المعيار الجغارفي، ثم معيار دوائر الموضوعات داخل الحالة المصرية من الأكثر اتساعا للأكثر تحديدا.. وتوجد أشكال أخرى للتصنيف ، بعضها قد يكون أفضل لاسيما إذا كانت هناك دراسات أكثر عن الحالة المصرية مباشرة، ففي هذه الحالة قد لاتكون هناك حاجة لإضافة دراسات نظرية ودراسات للحالات الأخرى، والتركيز مباشرة على دراسات الحالة المصرية ، وتنيفها حسب طبيعتها بين دراسات وصفية (أنماط المشاركة الالكرتونية وأشكالها)، ودراسات تفسيرية (ركزت على اسباب ظهور المشاركة الالكترونية) ، وأخيرا دراسات تقييمية (وهي الأكثر اتصالا بموضوع البحث وتتعلق بتأثيرات المشاركة الالكترونية للشباب على أشكال المشاركة التقليدية أي الانتقال من الواقع الافتراضي غلى الواقع الفعلي، وهذه قد تصنيف في اتجاهات فرعية بدورها بين تأثيرات إيجابية (بمعنى توسيع نطاق المشاركة التقليدية أو زيادة أشكالها غير العنفية) أو سلبية (بمعنى العزوف السياسي عن المشاركة التقليدية أو تشجيع أنماط المشاركة العنيفة).. وهكذا).
ويمكن الرجوع لتفاصيل أكثر حول بعض معايير وأشكال تصنيف الدراسات السابقة على الرابط التالي.