...عندما غنى المحيط ترنيمة شفاء


تخترق أشعة الشمس الغيوم لتضيء السماء بألوانها المختلفة من اللون الذهبي، البرتقالي، والوردي، فتنقلك اللوحة من روعتها إلى عالم آخر يجعلك تتسائل عما إذا كنت في كوكب آخر. أو عما إذا كانت هذه الأرض حقا. لم تكن الشمس مشرقةً لتضيء جمال وجهكَ فحسب، بل لتاخذك الى عالم آخر، يجعلك تعيش فيه اللحظات بكل ذهول. انت تقف هناك برهبه من جمال اشعه الشمس الصفراء التي تنعكس على اللون الاخضر الموجود بعينيك. لا شيء يجعل اللون الاخضر بعينيك يتلألأ بقدر ما تفعل أشعة الشمس. على بعد أميال وأميال ترى المحيط يلامس السماء وتتساءل أين ينتهي وإلى أي مدى يسير المحيط؟  تتساءل عما إذا كان المحيط يتلاقي مع السماء أصلا. 


تستدير لرؤية المناظر الخلابة للغزلان التي ترعى عبر الوديان الواسعة من العشب الأخضر والنباتات الملونة. ترى خيول تركض وذيولها تضرب أجسادها بينما تركض بحرية وتستكشف الطبيعة كما هي. هذه التجربة ليس لها مثيل.


ليس هناك وصفة طبية أو جلسة علاج يمكنها أن تمنحنا الرضا والراحة العاطفية بالقدرالذي تمنحنا الطبيعة إياه. قد تنسى الأم الحزينة ما يحُزنها وتلقى راحة بالها برحلة إلى رمال الشاطئ. قد يهدأ الأب الذي يشعر بقلق على توفير الوجبة التالية لأطفاله عند لحظة تأمل يشاهد فيها النجوم ويجلس في صمت مع هدوء القمر. كثيرًا ما نسمع أن الطبيعة تشفي، لكن القول بأن الطبيعة تعالج جراحنا واحزاننا أمر يقلل من قيمتها. الطبيعة لا تداوي جروحنا النفسية فقط ؛ بل قد تعطينا الشمس بعض القوة الجسدية حينما نتعرض لقوة إشراقها ونشعر بدفئها. الماء في المحيط هو بمثابة الأمل لمستقبلنا حينما نحدق فيه وندرك أنه لا نهاية له. الأشجار والطيور هم أصدقاؤنا حينما يستمعون لنا عندما نحتاج للتنفيس عن مخاوفنا وقلقنا. مفتاح الراحة هو الخروج الى الطبيعة والسماح لارواحنا بالتنفس من خلالها، السماح لارواحنا بالتنفس بعيداً عن كل لحظات الحزن والقلق والبحث عن أنفسنا من جديد. 


يصف العديد من علماء النفس الطبيعة لمرضاهم وهناك سبب وجيه لذلك. للأسف نحن نعيش في مكان يفضل فيه الكثير منا تناول الحبوب بدلاً من التنزه في الغابة ، أو حتى في حديقة محلية. لذا أود أن أخبركم عن تجربة مركز REDA في توطيد علاقة اللاجئين بالطبيعة كأحد الطرق للعناية بصحتهم النفسية. لقد وجد العديد من اللاجئين السلام والراحة في الطبيعة من خلال تواجدهم في هذه الرحلات المجانية للأماكن الطبيعية. لذلك فإن الرحلات التي يقدمها مركز REDA  للاجئين في رأيي هي واحدة من أهم الخدمات التي يمكن أن يقدمها REDA.  


كما كتبت في مقال سابق بالمدونة ، إذا لم تكن صحتنا النفسية على ما يرام، فلن نتمتع بحياة مليئة بالرضا أو حتى حياة منتجة وسعيدة. كثيرمن البالغين، وفي هذه الحالة كثير من اللاجئين، لم تلامس أقدامهم رمال البحر منذ أن كانوا أطفالًا.  لم يشعر الكثيرون بمتعة اللعب برمال الشاطئ بين أصابعهم. عندما نكون في الطبيعة، فإننا ننسى أنفسنا، ونتركها تنطلق وتمرح بسهولة!  بتلقائية نسمح للأصوات والروائح ومشاهد الطبيعة من حولنا بأن تأخذنا في رحلة، قد نتذكر فيها مشاهد جميلة من طفولتنا، أو نشعر فيها أن المحيط يهتم بنا، وحتى نسمح لأنفسنا بمشاهدة الطبيعة في صمت. هذا هو تماماً ما شعر به العديد من اللاجئين في رحلتهم إلى Bodega Bay و Point Reyes في كاليفورنيا. رأي الكثير منهم المحيط لأول مرة وملأت الدموع أعينهم عندما شعروا بحياة أخرى خارج منازلهم ودائرتهم اليومية. شكر الكثيرون منظمي الرحلة على الابتسام في وجوههم والسماح لهم بالعناية بهم.  شعروا أنه قد سُمح لهم بقضاء لحظات دون أي مسؤولية.  استطاعت الأمهات العازبات التنفس بعمق بينما أبقى أعضاء REDA أطفالهم مشغولين. قالت بعضهن إنهن لم يتخيلن أبدًا رؤية المحيط فهن لم يتخيلن قط مغادرة سكرامنتو!  بدون هذه الرحلات، لم تكن هؤلاء الأمهات قادرات على تحمل تكاليف الذهاب مع أسرهن للتنزه والترفيه عن النفس لكنهن سعدن أن بإمكانهن للحظات التوقف عن القلق بشأن إطعام أطفالهم أو مايفعله أطفالهم.  لقد كن ممتنات للغاية لأخذ استراحة من الأمومة والمسؤولية.  ملأ ضحك الأطفال ومحادثات الكبار الشاطئ وهم يطيرون طائراتهم الورقية الي ذكرتهم بهذه المسابقات المنتشرة في أفغانستان.  كانت السماء الباردة مليئة بالطائرات الورقية الجميلة والكبار وكان أطفالهم يشاهدون بسلام ورهبة.  كان هناك زوجان مسنان لديهما طفل معاق وحفيدان معاقان يقومون بتربيتهم ورعايتهم.  استطاعوا توفير جليسة لأبنائهم وانضموا إلى رحلة الطبيعة في Point Reyes.  كانوا ممتنين للغاية لكونهم خارج دائرتهم اليومية وفي الطبيعة كزوجين بدون أي أطفال. وذكر لاجئ عراقي أيامه كقائد سفينة عابرة للمحيطات. أخبر قصصًا عن كيف أمضى جزءًا كبيرًا من حياته في المحيط ولم يعتقد أبدًا أنه سيتمكن من زيارة المحيط مرة أخرى.  ذكرته الرحلة بأن لديه هوايات وخبرات ويمكنه إفادة اخرين بها حتى أنه عرض إعطاء دروس لأي شخص يرغب في التعلم منه ومن خبرته بل وأعطانا جميعا درسا في كيفية الاستعانة بالنجوم لمعرفة الاتجاهات.  لقد شعر أنه كان مساهمًا مهمًا وكان ذلك بسبب الطبيعة.  قامت أم وحيدة تعمل بتحضير وجبات طعام لتغطية نفقاتها وقدمت خدماتها في مجال الطهي لـمركز  REDA.  كان جميلا جدا رؤية تأثير الرحلة عليها وكأنها أرادت أن ترد الجميل. لاجئ آخر كان بستانيًا قبل أن ينتقل إلى كاليفورنيا ولا يزال حبه للزراعة موجودًا. لذاعرض نقل معرفته عن النبات ودروس الزراعة للأخرين.  فعلا، إن العطاء التلقائي خاصة عندما لا يكون لديك أصلا الكثير يخبر الكثيرعن هؤلاء الأشخاص. لقد سمح هذا التواجد في الطبيعة ومع أشخاص آخرين بتغيير رؤية اللاجئين لأشياء كثيرة. ففي العادي،  يعيش العديد من اللاجئين حياة بسيطة  وينسون خلال حياتهم اليومية من كانوا ذات مرة ونجاحاتهم السابقة وسعادتهم.  تأتي هذه الرحلات إلى الطبيعة بمثابة تذكير لهم بأن الحياة بإمكانها أن تكون مرة أخرى بخير. وتأتي الرحلات لتعزيز ثقتهم في أنفسهم وتعزيز صورتهم الإيجابية عن ذواتهم وتذكر العديد من اللاجئين بقيمتهم الذاتية وكان من الجميل مشاهدة ذلك.


 لا شك أن التواجد في الطبيعة قد يساعد في التقليل من مستويات التوتر ويساعد ايضاً على استعادة تركيزك - وبالتالي يؤدي إلى فوائد صحية طويلة المدى. في المرة القادمة التي تحتاج فيها إلى استراحة، ما عليك سوى المشي في الخارج.  بغض النظر عن المكان الذي تعيش فيه، يمكنك زياره الأماكن الطبيعية بالقرب من منزلك. يمكن أن يكون في أخر الشارع القريب من شقتك، أو في حديقة محلية حيث يمكنك رؤية وسماع الأطفال يلعبون، أو في ممر للمشي.  تجول بجانب السناجب واستمع إلى الطيور ودع حواسك الطبيعية تتفتح. دع قلبك يشُفي غندما ينزع ببطء من طبقات الإجهاد التي تغلفه. اترك عقلك بعيدًا عن كل المشاعر والأفكار السلبية التي قد تحيط بك. أغمض عينيك، واجلس تحت شجرة، فلا بأس أن تتسخ قليلا, ودع الطبيعة وجمال الله يوجهان أفكارك. أعتقد أن الطبيعة مخلوقة لتكون وسيلة راحة لنا. في المرة القادمة التي تشعر فيها بالصداع أو تشعر بالقلق، خذ خطوة للخارج وتنفس فقط