اعتنِ بنفسك

أحيانا أجد نفسي أضيع وقتي على مواقع التواصل الاجتماعي، تحديدا "إنستغرام"، أبحث عن  مشاركات وقصص أشخاص آخرين. عادة، أناس لا أعرفهم ولا أهتم بهم. يمكن أن تكون صديقة لم أتحدث إليها منذ سنوات، ولم أخطط للتحدث معها مرة أخرى، أو ربما شخصية "مؤثرة على إنستغرام" والتي تبدو حياتها ملخصة في صفحة مثالية. وهي تشارك  كل الهدايا والانتباه الذي يمنحها إياها زوجها. حتى انها تشارك مطبخها الرائع: الديكور وعدادات المطبخ من الكوارتز أو الرخام مع أجهزة فاخرة. أنظر من خلال الصور، وأشعر بالرهبة من جمالها، وكيف أن مطبخها هو حقا مطبخ أحلامي. فيما أتصفح صفحتها، أجد نفسي أتساءل عما إذا كان زوجها حقا من هذا النوع، ام انه يهديها تكرارا للتعويض عن شيء آخر ينقصه؟ لا يمكنه أن يكون مثاليا بعد كل شيء! أعلم أنني لست الوحيدة التي تفعل هذا. لست الوحيدة التي تضيع ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي في مشاهدة مقاطع الفيديو والصور التي لن تفيد حياتنا. وفي الواقع، أنها تعيق نموءنا وأهدافنا الشخصية. وسائل التواصل الاجتماعي ليست سوى طريقة واحدة من الطرق التي تهدر وقتنا. أنا هنا أشارككم النصائح حول كيفية الاعتناء بأنفسكم ,فقط أنفسكم. أريد أن أشارككم تجربتي في كيف قررت أن أضع نفسي أولا وكيف أتجنب النظر إلى المشاركات الغير واقعية على "انستاجرام" والتوقعات غير الواقعية في حياتي



نصيحتي الأولى،  إبتعدوا عن مواقع التواصل الاجتماعي! العديد من البحوث في الواقع تظهر أن وسائل التواصل الاجتماعي هي سبب رئيسي للإكتئاب بين شبابنا. هنا مقال من جامعة هارفارد يناقش كيف يمكن أن تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى الاكتئاب ومشاكل أخرى (Harvard Article). انها تمنع دماغنا من الإنخراط في أفكار وحوارات ذات معنى. لقد شهدت هذا مباشرة. أنا امرأة في ال‍ 32 من العمر، وعندما اجلس تلقائيا مع شخص بين ال‍ 18 وال‍ 25 من العمر اتصدم من لغتهم الضعيفة، عدم وجود محادثات ذات معنى، وقليل من المعرفة. أنتهى بي المطاف أتساءل مع نفسي، لماذا؟ هل أنا مجرد عجوز ومن جيل آخر أم أن شبابنا لم يعد ذكيا؟ والحقيقة هي: أن الزوجين المثاليين الذين ترونهم على وسائل التواصل الاجتماعي يسافران شهريا ويبدو أنهما يعيشان حياتهما، يصارعان أيضا العقم. وعندما تعجب بسفرهم تحسدهم، تذكر ان تكون شاكرا على اولادك الأصحاء. فالأسرة التي تبدو غنية جدا وتنفق ثرواتها بسخاء و بينما أنت تتمنى أن يكون لديك ربع ثروتها، هي أيضا العائلة التي لا تصلي والتي يفقد أبناؤها في هذا العالم. تذكروا أن تكونوا شاكرين على علاقتكم بالله وأنكم تفضلون ان تكونوا قريبين من الله وفقراء أو مجرد أشخاص مرتاحين عوضا ان تكونوا أغنياء وتائهين.. تذكري دائما الأشياء الجيدة التي لديك، ولا تقارني حياتك مع شخص تريه من خلال عدسة الشاشة. لأن هذا ليس حقيقيا. اقضوا وقتا في فعل اشياء  تحبونها لأن فعل هذه الاشياء  يجعلنا سعداء ويقودنا إلى حياة صحية وأكثر سعادة.


هذا يأخذني إلى نصيحتي التالية: اعتن بنفسك. أختر أن تكون سعيدا. أعلم أنه عندما أستيقظ في الصباح لدي خياران: إما أن أبقي في بيجامتي وأنا أتعامل مع طفلي الصغير وعمره سبع سنوات (أنا لست شخصا صباحيا)، أصنع قهوتي وأجلس لأشربها وأنا أتجاهل شكواهم ومناقشاتهم، أو يمكنني أن أختار ان ابدل ملابسي، وألبس بعض الاكسسوار، وأبتسم. الخيار الأول يحدد طاقة سلبية لأطفالي ولي. أما الثاني، فيسمح لي بأن أشعر أنني منتعشة وسعيدة ومستعدة لمواجهة يومي وتحدياته. عندما تستيقظ: ابتسم، سرح شعرك، ويمكن ان  تضعي بعض أحمر الشفاه  و توقعي يوما إيجابيا أمامك. قد يبدو ساذجا أن تستيقظي ذات يوم وتضع أحمر الشفاه وتجعلي شعرك يبدو جميلا لأنه ربما ليس شيئا نقوم  به عادة لكن قومي بتجربته، وأعدك أنه سيغير يومك.


النصيحة الثالثة: هل سمعت من قبل بقول , انت من هم أصدقاءك نعم، هذا صحيح! هذا شيء كنت أفعله على مر السنين. إذا كنت أقضي وقت مع صديق، ولا أشعر بشعور جيد بعد أن ينتهي وقتنا سوية،  أفكر لماذا ذلك. أفكر في الطاقة التي تجمعنا معا وأفكر كيف يمكننا أن نستفيد بعضنا من خلال هذه الصداقة. أم إننا نؤذي بعضنا البعض بمحادثات سلبية ونضيع وقتنا؟ انظر حولك، انظر إلى الناس في دائرتك وفكر في الطاقة التي يصنعونها حولك. فإذا كنت لا تشعر بشعور جيد بينما أنت بجانبهم أو تشعر بأنهم في واقفون في طريق نموك الشخصي، فربما حان الوقت لإعادة التفكير في هذه الصداقة. إذا كنت تقضي وقتا مع شخص يجعلك تشعر بشعور طيب ويجلب لك أفضل ما فيك، إذا هذا هو الصديق الذي يجب الحفاظ عليه. لدي صديقة مصرية تشبع قلبي حرفيا وتجعلني أشعر كما لو أنني مشعة بالإيجابية والفرح. إن إجراء أي نوع من المحادثة معها يذكرني دائما بجمال الحياة وهي تؤكد دائما نقاط قوتي . إذا كنت تشعري بأنه ليس لديك خيار سوى أن تكوني مع أشخاص لا يدعمون نموك الشخصي، في المناسبات العائلية أو المجتمعية، حينها أبق المحادثة بسيطة وقومي بفتح مواضيع إيجابية للنقاش. أنت بحاجة إلى أشخاص في حياتك  ينهضون بك .


النصيحة رقم أربعة: اقرأ كتابا! فقراءة كتاب لا تفيد عقولنا فحسب، بل تفيد أرواحنا أيضا. وأنا شخصيا ما زلت أحاول إتقان هذه النصيحة. لدي كتاب بجانب سريري أقرأه ولكن ليس بالقدر الذي اريده. أحب قراءة كتاب جيد ولكن في بعض الأحيان يكون من الأسهل أن نتصفح هواتفنا قبل النوم بعشر دقائق فقط لقراءة آخر بريد إلكتروني حصلت عليه أو آخر رسالة تلقيتها. من الأفضل كثيرا أدمغتنا ونومنا أن ننتهي من يومنا بكتاب بدلا من النظر إلى  شاشة الهاتف . إذا كنت متدينا، فاختر كتاب ايمانك. إذا كنت لا تستمتع بالقراءة على الإطلاق وكنت تشعر أن هذه النصيحة ليست لك فقط فببساطة اجلس ولا تفعل شيئا. نعم، هذا صحيح، لا تفعل شيئا! هذه آخر نصيحة ليك.



النصيحة رقم خمسة: أعلم أنه يبدو ساذجا جدا و كأنه مضيعة للوقت. لكن أن لا تفعل شيء يمكن أن يصنع العجائب لكم. عندما نسمح لعقولنا بالاسترخاء من كل الأفكار وهموم يومنا فإننا نعطيه فرصة للتعافي . إذا كان عقلك مشغولا دائما يفكر فيما يجب القيام به، أو قائمة المهام، أو الغسيل، أو الأطباق المتسخة، أو ما تقوم بطبخه للعشاء غدا، فإنك ستحترقين. لذا أغلقه، خذ إستراحة بوضع قدميك لأعلى وأغلق عينيك، وفقط أطلق جميع الأفكار والمخاوف السلبية واجعلهم يبعدون ببطء واحدة تلو الأخري


هذه قائمة ببعض الكتب التي يمكنك البدء بها:




أنا لست متخصصة في الصحة النفسية أو طبيبة، لكنني أقضي قدرا كبيرا من الوقت في التعلم. أتعلم قدر المستطاع وبأشكال عديدة وآمل أن يكون صوتي في هذه المقالة طريقة لكم للتعلم ولسلامتكم العقلية. في النهاية، نحن جميعا بحاجة إلى الاعتناء بأنفسنا، لأنه إذا كنت لا تعتني بنفسك، فإنك لا تستطيع رعاية الناس الذين تحبهم. ابدئي بنفسك, انظري إلى المرآة وابتسمي وقولي لنفسك ان هذا اليوم هو اليوم الذي سوف تأخذين بالك من نفسك


إذا كنت تواجه صعوبة في الاعتناء بنفسك وتحتاج إلى مساعدة حول كيفية ومكان البدء، يرجى الاتصال بنا على مدونتنا و يمكننا توجيهك إلى شخص يفهم مخاوفك. انقر على الرابط أدناه وستجد العديد من المصادر وكذلك خط مساعدة على المدونة


4/27/2022