jallab

الخليل مبدع أم مدع ناقل ؟

أصل المقال

http://www.alnoor.se/article.asp?id=262154

الذهاب إلى المنبع عبدالحسين العامر

ريسان الفهد

27/12/2014

قراءات: 315

عبدالله حسين جلاب هذا الشاعر المنشغل بالجمال منذ إصداراته السبعة الأولى والتي تجسّدت أكثر في انجازه (خلاصات النسّاج: في الجمال) وهو يستخدم دائماً كما عرفناه ،منذ السبعينات، النار الهادئة في إنتاج لوحاته الشعريّة مؤثثاً قصيدته ومؤسّساً لها معماريّة متقدمة، ذات نكهة خاصّة من خلل إثارتها أسئلة التأمل في عالم الدواخل.

هذا القلق، المتوتر، ذو الحسّ الذكيّ في الاختزالات والإزاحات التي هي جوهر الشعر واختصار مسافات الغور في الأعماق اللا مرئية والتقاط صور الإبهار في الكشف عن مكنونات الأشياء العصيّة بحسٍّ عالٍ وتقنية متفردة وهو يدخلنا غرابة عوالم قريبة من عوالم المتصوفة وعزلتهم المختارة في دهاليزهم المكتظة بالصمت الصاخب الإيقاعات بين عبق المباخر ودمع الشموع وتوليفٍ بين المعقول واللامعقول في تخيّلات سريالية ليعوضنا عن قبح الواقع حيناً وقسوته حيناً آخر في اصطفافه ،بتشكيلاتهِ، مع روّاد هذا الفنّ وتوظيفه حكايات وتخيّلات طفولة متشكّلة من خرز السِّحْر ونار المقابر والجنّ على لسان كائنات ومكوّنات تزخر بها جرار الحقول وقيعان الأنهار وصرر القواقع وأجنحة الفضاءات ليخرج لوحاته الشعرية المنتقاة بدقة البناء من الأفق الأوسع في عالم الحداثة وجنون الابتكار.

هادئاً؛ هادئاً يشتغل هذا الشاعر كأَنَّهُ يسير على خطى مقولة الأدب الفرعوني: (سرْ ببطءٍ تصلْ سريعاً).

لم يكتفِ الشاعر بهذا الاشتغال فحسب، إنَّما راح ينبش وينقِّب في بدايات أعماق الطين، هذا التنقيب الجديد المضني، قادنا أدباء ومثقفين ومهتمِّين بالشأن الشعريّ إلى المنبع الأساس منذ آلاف السنين قبل الميلاد، بتوكيد خطابه:

لأُعيدَ إلى البابليّ خيمته الأولى

وأثبِّتها كما كانتْ على ألواح الطين

بسببيها: الخفيف والثقيل

ووتديها: المجموع والمفروق

وفاصلتيها: الصغرى والكبرى

وعروضها: الموغلة في القدم..

انتزعها ،كلَّها،

من خيمة الفراهيدي وأخفشهِ،

في عواصف التقديس!

ابتدأ (خطابه الطينيّ) بأول العنوانات (صدى الطقطقات: العرجون، مؤكِّداً من خلال أصوات الطقطاقة (ططق- طق- ط) التي صنعها من العرجون - كم كان يذكرنا بلهو الطفولة: (وقت اصعد السماء إلى أعشاشي أزن الشعر العربي من ولادته حتى ولادته) وهو يستنبط من المفردتين (ططق- طق) التفعيلات التي تتشكل من ائتلاف (الأسباب مع الأوتاد والفواصل) ويدوّنها هكذا:

[ أنا خشان أضفت الرمز الرقمي ]

السبب:

الثقيل = طَ طَ = 1 1 = 2

الخفيف = طَقْ = 1 ه = (2)

الوتد:

المجموع = طَطَقْ = 1 1 ه = 3

المفروق = طَقْ طَ = 1 ه 1 = 2 1

الفاصلة:

الصغرى = طَطَطَقْ = 1 1 1 ه = 1 1 1 ه = 1 3 = (2) 2 = ((4)

الكبرى = طَطَطَطقْ = 1 1 1 1 ه = 1 1 3

التفعيلات:

1- فعولن = طَطَقْ طَقْ = 3 2

2- مفاعيلن = ططق طق طق = 3 2 2

وهكذا إلى التفعيلة العاشرة مستفعِ لنْ طق طق ط طق.= 2 2 1 2

ويستنبط من التفعيلات هذي بحور العربية كلها: ابتداء من الطويل وانتهاء بالمتدارك.

وتحت عنوان: في الدندنة (ما أنا من ددٍ ولا ددٌ مني) يشير إلى علم الدندنة المعروف بارتباطه بالموسيقى والعروض والإيقاع فمن المفردة (دد) يستنبط بإجراءات، بحور الشعر العربي، ففي الإجراء الأول يقطّع (دد) عروضيّاً على الحركة مرّة والسكون أخرى:

دَدٌ = دَدُنْ د 3

و= دَنْ = 2

والإجراء الثاني يستنبط من المفردتين (ددن- دن = 3 2 ) التفعيلات التي تتشكل من ائتلاف (الأسباب مع الأوتاد والفواصل) ويصوغ التفعيلات كالآتي:

-1 ددن دن = فعولن = 3 2

2- ددن دن دن = مفاعيلن = 3 2 2 = 3 4

وهكذا حتى يصل التفعيلة العاشرة دن دن د دن = مستفعِ لنْ = 2 2 1 2 ومن ثمّ يستنبط من التفعيلات بحور العربية كلها ابتداء من الطويل وانتهاء بالمتدارك.

ليس غريباً أن يرجع هذا الشاعر اليقظ من اجل اكتمال منجزه بحذر إلى الأساسيّات، إلى البدايات السحيقة لصوت الإنسان قبل التاريخ في الأوديّة والغابات، صائحاً: را . را . را . بو . بو .= 2 2 2 2 2 2 الواضع الأول أساس الشعر وأصول النظم، هذا ما أفصح عنه الأستاذان احمد أمين وزكي نجيب محمود في الجزء الأول من كتابهما (قصة الأدب في العالم- مصر 1943).

ويؤكّد الشاعر الباحث عبدالله حسين جلاب قائلاً:

لو قطّعنا الصياح ذلك عروضيّاً، لقطفنا الآتي:

/ ْ - / ْ - / ْ

/ ْ- / ْ

= فَعْ / فَعْ / فَعْ = 2 2 2

فَعْ / فَعْ = 2 2

وإذا جمعنا صيحتين؛ صيحتين ،من التوحش ذلك، ينتج الآتي:

فَعْلُنْ / فَعْ = 2 2 2

فَعْلُنْ = 2 2

النتائج ،هذي، تحيلنا إلى (الخبب) وهو بحرٌ منذ الخليقة، أصلٌ: لا وليد المتدارك.

وتحيلنا ،كذلك، إلى مبتدعهِ الأوّلِ بصياحهِ الغابيّ!

من ثمّ تناول للسير قدماً بالبحث، أهم أوزان الشعر الهندي التي تعود إلى منتصف الألف الثانية قبل الميلاد:

-1 آربا: تبنته السنسكريتية من لغات أواسط الهند.

-2 أنوشتوبه.. وهكذا.

ويورد ثلاثة أبحر هنديّة صافية تشبه ثلاثة أبحر عربيّة صافية كذلك، ويؤكّد في عروض الشعر الهنديّ أن أول من استخرجه (بنكلُ وجلتُ).

وفي (حاشية) يتناول كتاب الدكتور محمد طارق الكاتب (موازين الشعر العربي باستعمال الأرقام الثنائيّة) متسائلاً، بعد أن يرجع استعمال الأرقام في التقطيع العروضي، قيمةً للأحرف المتحركات والسواكن، إلى أصلها السنسكريتي قبل الميلاد:

أيّ إدهاش في اشتغاله هذا؟

أيّ ابتداع؟

بعدها يدخل بدراسة مكثفة في عروض الشعر الهنديّ وتفاصيل وافية واشتغال في غاية الدقِّة وهو يترجمها نيابة عن البيروّني على طريقة البحور السنسكريتية.

الشاعر البابليّ أول من ابتكر قصيدة النثر

في إشارةٍ وردتْ وهو يواصل حفريّاته في هذا الاتجاه مؤكِّداً:

(باستطاعتنا أن نترجم أصوات الشعر البابليّ ،بتفعيلاتنا، كما نريد لكنّ الشاعر البابليّ يتخطَّى بضرورته الشعرية، عروضه محقّقاً إيقاعه الخاص، فهو أول من ابتكر (قصيدة النثر) التي نختلف في تسميتها ونكتبها الآن.

ويضيف: أنّ أول من كتب الشعر في تاريخ السلالات هي الشاعرة (انخيدو أنا) ابنة سرجون الآكدي.

ويثبت لنا في المثال الثاني خطاب صاحبة الحانة إلى جلجامش:

قالت ال "سابيتم" (صاحبة الحانة) لجلجامش:

يا جلجامش أي شيء تسعى إليه؟

الحياة التي تنشد لن تجدها

حينما خلقت الآلهة البشرية

قدرت الموت على البشرية

وضبطت الحياة بأيديها

وأنت يا جلجامش ليكن كرشك مملوءً

وافرح ليل نهار

الترجمة الصوتية:

سَابيتُم أنَا شَاشُمْ ازكَّرا. أنا جلجامش

جلجامش ايشْ تَدَال

بَلْطَمْ شَا تَسَخُّورا لا تُتَّا

حِنُمّا ايلاني ابْنُو أويليَتمْ

ماتَم اشْكُونُو أنا أويليتِمْ

بَلْطَمْ أنا قاتيشونا اصطبو

أتَّا جلجامش لُو مَلئِيْ كَرَشْكا

أورَّى وموشي خِدَّادو أتَّا

الترجمة العروضية:

/ ه / ه / ه / / ه / ه / ه / ه / ه / / ه . / / ه / ه / ه / ه

/ ه / ه / ه / / ه / / ه /

/ ه / ه / ه / / ه / ه / ه / ه / ه / ه

/ / ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه / / / ه

/ ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه / / / ه

/ ه / ه / / ه / ه / ه / ه / ه / ه / / ه

/ ه / ه / ه / ه / ه / ه / / / ه / / ه / ه

/ / ه / ه / / ه / ه / ه / ه / ه / ه / ه

فعلن فاعلاتن فعلن فاعلن . فعولن فعلن = 2 2 2 3 2 2 2 2 3

فعلن فاعلن فعولُ = 2 2 2 3 3 1

فعلن فاعلاتن فعلن فعلن = 2 2 2 3 2 2 2 2 2

فعولن فعلن فعلن فعلن فَعِلُنْ = 3 2 2 2 2 2 1 3

فعلن فعلن فعلن فعلن مُسْتَعِلُنْ = 2 2 2 2 1 3 2 2 2 1 3 [= خبب]

مستفعلن فعلن فعلن فاعلن = 2 2 3 2 2 2 3

فعلن فعلن فعلن فَعِلُنْ فعولن = 2 2 2 2 2 2 1 3 3 2

فعولن مفاعيلن فعلن فعلن = 3 2 3 2 2 2 2 2 2

ويترجم لنا من البابلية القديمة:

قام في السهب الأعلى الحقيقي

لإنليل- أمره لا يتغيّر

أيها الملك مبدأ السماء المقدسة

وترجمتها الصوتيّة:

أن- أدين- زي- دا دار- أ

د أن- ليل- لا د يو- كَا- ني نو- كور

لوكَال أن- كو- كَا مي- تَ- بي

وترجمتها العروضيّة:

/ه - / / ه / - / ه - / ه / ه / - /

/ / ه - / ه / - / ه / / ه - / ه - / ه / ه - / ه /

/ ه / ه / / ه - / ه - / ه / ه - / - / ه

ويحولها إلى تفعيلات:

فَاعلنْ فعولن فاعلُ = 2 3 3 2 2 1 1

فعولن فعولُ فعلن فعلن فَعْلُ = 3 2 3 1 2 2 2 2 2 1

مستفعلن فعلن فاعلن = 2 2 3 2 2 2 3 = [ مستفعلن مفعولاتُ مس ]

ويستنتج لنا الشاعر الباحث ما يلي:

-1 الشعر العموديّ أسلوب بابليّ.

-2 عدد بحور الشعر البابليّ يشبه عدد بحور

الشعر العربيّ.

-3 نظم الشعر أسلوب بابليّ.

-4 البيت اليتيم أسلوب بابليّ.

5 - الدوبيت أسلوب بابليّ.

6- الرباعيّات أسلوب بابليّ.

7- الموشّح أسلوب بابليّ.

8- الضرورة الشعريّة أسلوب بابليّ.

9- شعر التفعيلة أسلوب بابليّ.

10- قصيدة النثر أسلوب بابليّ.

11- التدوير أسلوب بابليّ.

..... الخ.

ويختتم عبدالله حسين جلاب خطابه الطينيّ بالنتائج التالية:

لا علم العروض العربي: (الخليل بن احمد الفراهيدي)

ولا العبريّ

ولا السرياني: (الراهب انطون التكريتي)

ولا الفارسي

ولا اليوناني

ولا اللاتيني

ولا (جَنْدُ) السنسكريتي: (بنكلُ وجلتُ)

إنَّما علم العروض البابليّ الأصل.

الشاعر باحثاً

هذا الشاعر عبدالله حسين جلاب مثلما عُرف، يؤثّث قصيدته بجماليّات لافتة تدعو إلى التأمّل وعرف كذلك كيف يختار مشروعه الأدبيّ الجديد، إنَّها حفريّات يقظة وذكيّة جديرة بالاهتمام، وهو يؤشّر بمجسّه الخاصّ إيقاعات الأنغام الصوتيّة لبدايات التاريخ البشريّ وتأثيرها الروحي في المناجاة التي تتطلّب بحثاً متواصلاً للاقتراب من حقيقة الأشياء والمكوّنات الحقيقية لوجود الصوت الشعريّ. كتابه ،هذا، بلا حواشٍ فلمْ يشرْ إلى المصادر التي اعتمدها، بل ادخلها في المتن مباشرة، وهذه طريقة لم يسبقه إليها احد، فهو على علم بما يتطلبه هذا المشروع من التزام أمين بالبحث العلميّ والجهد المتواصل ليبتدع ،لنا، جديداً اسمه (خطاب الطين).

ريسان الفهد

الرد :

قادني استقصاء المقال أعلاه إلى التعرف على أستاذي الشاعر الباحث العروضي عبد الله حسن جلاب، ولدى تواصلي معه وجدت لديه علما وأدبا وفكرا وخلقا رفيعا، ووجدت مع ذلك بيني بينه اتفاقا من جهة واختلافا من جهة أو أكثر ، كل ذلك حفزني على التركيز على هذا الموضوع، مهتما بما نختلف حوله لأن الحوار بين وجهات النظر هو ما يحفز الفكر ويثري العلم.

سرني هذا الموضوع لتقاطعه مع مواضيع الرقمي التالية :

1.- العروض الرقمي والاثار :

2- رواية التخاب

3- عالمية العروض الرقمي

4- العروض المقارن

5- العروض والقداسة

6- العروض العربي ليس علما!

وفي أغلب تلك المواضيع كان يهمني إثبات منهجية الخليل في ( علم العروض ) أو الفرق بين (العروض) و (علم العروض ) ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إظهار قابلية ومزايا الرقمي في التعبير عن كافة المدارس والآراء العروضية، ومع ذلك وقبله وبعده استحضار تفكير الخليل ومحاولة التواصل معه والاستنارة به بشكل عام. والاستنارة بمنهجية الخليل وتفكيره يمكن لمن يعارضه كمن يؤيده أن يتفيد منها. فهي علم قائم بذاته بغض النظر عن توجهه لدعم هذه القضية أو تلك.

**************

ضعف الشبكة عنده لم يستقم معه تواصل الحوار، ولذا لجأت إلى الافتراض والاستنتاج مما تجمع لدي من موقفه والتوسع فيه استكمالا للفائدة، والهدف الأول الحرص على توضيح طرحه وما قد يقود إليه طرحه من ملابسات.

تعليقي وهذا أدق من كلمة ردي يتقسم إلى أربعة أقسام :

أ - قسم أتمنى أن يكون صحيحا وموقفي الذاتي فيه منحاز تماما لرأي أستاذي وهو تطابق أوزان الشعر العربي والبابلي بل وسواهما من اشعار اللغات السامية ( اللهجات العروبية )

سبق لي في موضوع (الآثار والعروض) أن تطرقت إلى احتمال وجود وجوه شبه بين أوزان العربية واللغات العروبية ( السامية) باعتبار التواصل الحضاري بين الأمة وجذورها واتصال تاريخ وحضارة المنطقة بكافة أطيافها.

ومما قلته :" في هذا الجو، قلت فلأنطلق في رياضتي العروضية انطلاقا معاكسا يقوم على افتراض تقارب ألفاظ تلك اللغات وعروضها من ألفاظ وعروض الشعر العربي بما في ذلك مد بعض حروف العلة حينا وقصرها حينا آخر على مجرد حركة، بما يؤدي إلى افتراض صلاحية عروض الخليل لتقرير أوزان عروض ذلك الشعر، وسينجم عن ذلك طبعا تباين طريقة اللفظ المنسجمة مع عروض الخليل عن تلك التي قررها الغربيون، فكما أنهم ربما حوروا اللفظ ليطابق الوزن طرائق عروضهم فذاك ما فعلته، وكلا الأمرين غير موضوعي، ولكن وجودهما معا يصب في مصلحة توازن وجهتي النظر، ويبقى من يتقن تلك اللغات منا واطلعوا على العروض العربي وسواه من عروض اللغات الأوروبية أقدر على الحكم الموضوعي.

وكم أتذكر هنا أستاذي محمد شاويش لطول باعه في هذه المواضيع جميعا، فلعله يطلع على هذا فيرجع إلينا لينير بثاقب فكره وعلمه هذا السبيل."

وهكذا يكون الأستاذ عبد الله حسين جلاب قد سدّ هذا الفراغ فللرجل من اطلاعه ومعرفته ما يجعلنا نطمئن إلى معلوماته بهذا الصدد. على أن نفرق بين معلوماته الموضوعية وآراءه التي يمكن أن يختلط فيها الموضوعي بالذاتي"

ب – قسم أختلف فيه مع أستاذي ولكني مستعد لتجاوزه جدلا مع بيان رأيي،

وهو القول بأن الخليل نقل عروضه بوعي عن العروض البابلي بل ورغم أن هذا ليس موضوعنا فسأشمل بالرد من قد يذهب أبعد ليقول" إن الخليل سرق العروض البابلي "

بحر الطويل موجود في العربية والبابلية. ثمة أحد احتمالين لتفسير ذلك

1- أن يكون العرب كأمة قد سرقوه من البابليين وإذ ذاك فالخليل عربي يسري عليه ما يسري عليهم.

2- أو أن أن يكون ذلك لوحدة الأرومة بينهما إذ " يرى الدكتور طه باقر الباحث الاثاري العراقي الشهير انه يجب علينا اعادة النظر اعادة جذرية فيما اصطلحت عليه معجماتنا القديمة الدخيل والاعجمي، فان القسم الاعظم منه مما اطلق عليه هذه التسمية الغامضة يمكن البرهنة عليه بالادلة التاريخية التي لا يرقى اليها الشك انه تراث اصيل من تراثنا اللغوي القديم ولاسيما من اللغات القديمة التي ازدهرت في مواطن حضاراتنا القديمة مثل السومرية والبابلية والاشورية اللتين هما من ارومة واحدة مع العربية."

العروض في الأصل يعني الإحساس بوزن الشعر ووصفه. وفي هذا يتدرج العروض بين الاعتبارات التالية وليس بينها كبير فرق

1- إحساس الطفل بالوزن

2- أورَّى وموشي خِدْ ...... من النص البابلي الذي أورده الأستاذ

3- ططق طق ططق طق طق .....تعبير أستاذنا أعلاه ومثله ددن دن ددن دن دن

4- ما أنا من ددٍ ولا ددٌ مني .....[ ومعدلة لتطابق البحر : وما أنا من دَدٍّ ولا ددُّ مني]

5- نعم لا نعم لا لا

6- قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

7- الهينمة والملالاة

8- فعولن مفاعيلن

9- 3 2 3 2 2 = 3 2 3 4

وكل هذه عدا إحساس الطفل أوصاف لفظية متشابهة الدلالة تصور وزنا واحدا، ويمكن هنا القول بثقة إن التعبير عن هذا الوزن إن وجد في أكثر من لغة فإنه سيحمل في تلك اللغات وصفا لفظيا متشابه الدلالة " وكلها تجريده 3 2 3 4 سواء كان ذلك بالعربية أو الهندية أو البابلية.

أوضحت وجهة نظري، ولكن حتى لو قلنا جدلا إن اللغة العربية وشعرها بابليان أصالة أو سرقة فإن ذلك لا يؤثر على القسم الثالث (جـ ) وهو بيت القصيد، بل إنه يزيده قوة وتألقا.

جـ - قسم أختلف فيه جذريا مع أستاذي. فأقول متحديا من يثبت لي بطلان قولي

" ((((إن الخليل هو الوحيد)))) هو الوحيد الذي أوجد (( علم العروض)) سواء أسميناه البابلي أو العربي. وهذا يقتضي التفريق بين (العروض) كوصف للجزئيات المأطورة بالمنهج و (علم العروض) الذي يتناول المنهج ذاته بشموليته.

هذا هو موضوع القضية التي لا أظنني استطعت توصيله لأستاذي في حواري معه. كما أعترف أنني افشل في توصيله لمعظم العروضيين العرب الذين ربما يعز عليهم أن يتبينوا أنهم لا يعلمون قديما كما حديثا ما هو منهج الخليل. هل أبالغ ؟ نظرة إلى موضوع الرقمي قبس من نور الخليل وموضوع ظُلِمَ الخليل كافية لإثبات قولي.

منهجية الخليل هي إطار العروض الرقمي ومحوره ولحمته وسداه. وهي صنو في دلالتها لتعبير (علم العروض) وفهم ذلك يقتضي دراسة الرقمي دراسة منهجية. لا أحد خارج الرقمي سواء من العرب قديما أو حديثا أو من المستشرقين من تعرض لشرح منهج الخليل كما ينبغي - بعضهم ذكر المنهج دون شرحه - . الرقمي وحده هو الذي يشرحه ويثبته ويثبت معه أنه المنهج الوحيد الصحيح لتناول العروض العربي.

إنّ إطار العروض الرقمي ومحوره ولحمته وسداه هو إثبات وجود منهج شامل للخليل يتناول خصائص الذائقة العربية بشمولها وبساطتها وتميزها وكل ذلك يعني شمول وبساطة وتميز العروض العربي ومنهج الخليل فيه. ويتضمن ذلك إثبات أن الذائقة العربية محكومة بقواعد رياضية دقيقة أشبه ما تكون ببرنامج رياضي أودعه الخالق سبحانه الوجدانَ العربي فضبطت أوزانه كما يضبط برنامج الفطرة في النحلة هندسة خليتها. أما الوعي على البرنامج وشرحه فعمل عالم العروض بالنسبة للذائقة وعالم الأحياء بالنسبة للنحلة.

العروض يتناول القواعد الجزئية التطبيقية الضابطة للوزن، حسب قواعد الخليل في التفاعيل والبحور حسب مواصفات الخليل لها، وقُوَامةُ العروضيّ على ذلك مرتبطة بهذا الشرط في مجال ( العروض) .

منهج للخليل هو الذي يضع مواصفات التفاعيل وشروط تناوبها وتجاورها، ولا تكتسب التفاعيل شرعيتها إلا بالتزامها بتلك المواصفات. تخطي حدود (العروض) إلى (علم العروض) بالتفاعيل دون الوعي على علاقتها بالمنهج يؤدي إلى خلط وتشويه بالغين، تطرقت في الرقمي إلى أمثلة عديدة منه . لا علاقة للخليل ولا للذائقة العربية بالتفاعيل إذا لم تلتزم بمواصفات منهج الخليل. وكيف سيعرف التزامها به من لا يعرفه أصلا.

يثبت العروضيون العرب للمستشرقين منهجيتهم الشاملة في العروض العربي، وهم على حق في ذلك، فهكذا تقتضي العقلية العلمية للمستشرقين. ولكن العرب وجل المستشرقين يأخذون عروض الخليل كنِتَفٍ من المعلومات عن التفاعيل والبحور لا يأطرها منهج، ولا يلام الغربيون على ذلك، لأن العرب ذاتهم لم يدركوا وجود منهج للخليل. للخليل منهجه وهو الأرقى لتناول العروض العربي وهو الصحيح دون سواه. ذلك أن العروض العربي متميز عن الأعاريض البشرية كافة أثبتّ مرارا. ومن أدرك من العرب حتمية وجود المنهج لم يقم بتقديمه. وفي هذا الصدد أنقل قولين:

الأول للدكتور إدوار سعيد : "لقد كان أحد الضوابط المقيدة التي أثرت على المفكرين المسيحيين الذي حاولوا فهم الإسلام ينبع من عملية قياسية: مادام المسيح هو أساس العقيدة المسيحية، فقد افترض -بطريقة خاطئة تماماً- أن محمداً كان للإسلام ما كانه المسيح للمسيحية ومن ثم إطلاق التسمية التماحكية "المحمدية" على الإسلام هذا المبدأ ينطبق بتمامه على عروض الشعر العربي الذي بدأت عملية تحديثه على أيدي المستشرقين في عشرينيات القرن التاسع عشر تقريباً"

والثاني للدكتور خالد محيي الدين البرادعي: " هال بعضهم أن تتفتق العقلية العربية (البدوية) عن هذا العلم المفعم بالذهنية الرياضية المعمقة والمنظمة وظل بين استهتار حيناً وتهاون حيناً حتى ظهر إلى الناس أن علم العروض عملية معقدة ومنظمة وتدل على وعي مكتشفه حتى لكأنه تجاوز به عصره[1] وأنه ليس مجرد إشارات يستدل بها على سليم الوزن من فاسده وأن هذا العلم المكتشف في البيئة العربية يدل على ما هو أعمق"

ويضيف : " فيحاول الطيبون من العرب وراء أساتذتهم في الغرب الالتفاف على هذا التفرد الإبداعي لتهديمه بمحاولة إيجاد سوابق له في الآداب الأخرى وكما كثرت النظريات المفترضة بلا علم أو سند تاريخي حول فرعية اللغة العربية وأنها تنتمي لأصل ضاع"

إنكار بعض العرب وجود منهج للخليل وجهل غالبيتهم إن لم يكن كلهم بأصل المنهج، واقتصار من قال بوجود منهج على التعميم دون السعي لشرحه إلى إشاعة عمى ثقافي وأدبي فيما يخص هذا الموضوع، وقد تناولت في بعض صفحات هذه الدراسة ما قاد إليه ذلك من أخطاء ارتكبها عروضيون كبار. العروض الرقمي منهج فكري في المقام الأول وهو طرح جديد يتم تقديمه بطريقة جديدة متسلسلا على التوالي كالرواية، فلا يُفهَم لاحقُه بدون فهم سابقِه، وجدّته قائمة في طريقة تقديم المعلومات المعروفة بشكل يؤدي إلى بناء تصور متكامل عن منهج الخليل.

قد يظن من اعتاد التفاعيل أنه مجرد تكرار لها بترميز مختلف لا جديد في مضمونه. ومن محاذير دراسته أن يحكم قارئُه عليه بخلفية سواه، فيقرر مسبقا أن بعض التفاصيل غير ضروري. وقد واجهت ذلك كثيرا. ينبغي لمن يريد فهم مضمون العروض الرقمي أن يهيئ نفسه للتعرف علم جديد لا مجال لفهمه دون التدرج في دراسته بدء من أبجديته مع عدم التسرع في الحكم على خلفية التشابه مع المعلومات السابقة لديه. وهذا ما يتطلب الصبر في الدراسة وخاصة فهم الدورتين الأولى و الثانية فمعظم من أبدعوا في العروض الرقمي هم ممن لا سابقة معرفة لهم بالعروض، ومن كان يتقن التفاعيل فإن فهمه للرقمي يعتمد على تناسيه المؤقت للتفاعيل التي قد لا يوجد فرق بين مكوناتها في العربية وسواها من اللفات السامية، لحين إلمامه بشمولية الرقمي ليعود للتفاعيل مالكا لها يتصرف بها بدل أن تصوغ له تفكيره. وتحسبا من هذا الانطباع أفتح كوة على العروض الرقمي من خلال هذا الشكل

د- قسم حول الذاتي والموضوعي في طرح أستاذي.

الموضوعي قابل للأخذ والرد، ويمكن نظريا التوصل فيه إلى اتفاق. أما الذاتي المتعلق بنظرة ربما تكون نابعة من موقف أيديولوجي أوسع، فلا مجال للاتفاق حوله . فالمنهجية كما تعلمتها من الخليل تقضي أن هذا الاختلاف الذاتي فرع للاختلاف الأيديولوجي المبدئي الذي ينبغي أن يكون هو موضوع الحوار، وعندها فقط يمكن أن يكون موضوعيا ولكن مجاله ربما يشمل الإنسان والكون والحياة .

لا يمكن أن يختلف التعبير عن ذات الوزن في الجوهر.

ورد في قول أستاذي عبد الله جلاب :" من خيمة الفراهيدي وأخفشهِ،في عواصف التقديس" غابت عن التعبير كلمة ( التصنيم ) ورغم غيابها فقد ذكرتني تعابيره بتعابير أستاذي مهدي نصير وحواري معه وقد ورد فيه لفظا البداوة والتقديس وأجد من المناسب هنا نقل ما يلي من قولي هناك وهو يشمل الرد على هذا الموضوع ويزيد عن مساحته :

ما كتب بالأزرق هو قول أستاذي مهدي نصير[2]:

د1 - " أيَّةُ إيقاعاتٍ تحملها التراكيب السابقة ؟ ولماذا لم يتم استنفاذ الطاقة الهندسية الكاملة والكامنة في نموذج الخليل ‏الفَـذِّ وغير الوحيد نظريَّاً والوحيد فعليَّاً وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في الصحراء وأغلق البابُ على ما ‏يمكن أن يتم ؟ هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق اللغوي الديني المهيمن والذي هو ‏صيغة أخرى من تأبيد وتقديس اللغة بإيقاعاتها الصحراوية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للغة الحيَّة أن ‏تولِّد عشرات بل مئات النماذج القابلة للحياة والنمو والتطوُّر في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى‎ !‎

أنا أعرف نموذج الخليل الفذ من خلال دوائره، ولا أجد هذه التراكيب السابقة فيه.‏

أستاذنا يقول بأنها كامنة فيه، فليته يبين لنا كيفية كمونها فيه، ربما كان أستاذنا يرى نموذجا آخر للخليل هو ‏الذي اشار إليه بدائرة الخليل الواحدة. ‏ليت أستاذنا يدخل ليشرح لنا .

د2- ‏"وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في الصحراء وأغلق البابُ على ما يمكن أن يتم ؟

هذه عبارة في غاية الخطورة الفكرية والثقافية. وهي عبارة ذاتية مائة بالمائة. تأبيد وتصميم واجترار"

أي حسم ‏وإيمان يقيني لا يتزعزع يصدر عنه أستاذنا في حملته على ما تم فعلا في الصحراء؟ أتصور أنه يعني الشعر ‏العربي الجاهلي الذي استنبط الخليل توصيفه في العروض. ولا يعني الخليل الذي عاش في البصرة في عصر ازدهار ‏فكري. وقد كنت أوثر أن لا أدخل مع أستاذي في حوار حول الذاتي من آرائه. ولكني لم استطع المرور دون طرح ‏بعض الأسئلة مستعملا ذات الفاظه حتى لا يتفرع الحوار حول المصطلح:‏

· أليس النحو العربي موصفا للغة تمت فعلا في الصحراء؟

· أليست المعاجم اللغوية تمت فعلا في الصحراء؟

· أليست اللغة العربية كلها مما تم فعلا في الصحراء؟

لا أدري إن كانت نظرة أستاذنا تشمل ما هو أخطر من ذلك مما قد يعتبره تم فعلا في الصحراء.‏

إن الحفاظ على ثوابت اللغة ومنها النحو والعروض والمعجم والتي كان غرض الخليل منها تمييز الأصيل من ‏الدخيل فيها ليس تصنيما، بل إنه حفاظ على شخصية الأمة، لقد وسعت هذه اللغة النقلة الهائلة من الجاهلية ‏للإسلام، ووسعت كافة العلوم البشرية التي أدركتها في زمن الخليل وبعده دون أن تغير ثوابتها. إن الحفاظ على ‏ثوابت اللغة بشكل عام مرتبط بحفاظ الأمة على ذاتها المتمثلة في عقيدتها ودينها الذي هدم الأصنام وأطلق للفكر ‏عنانه .‏

د3- "‏هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق اللغوي الديني المهيمن والذي هو صيغة أخرى ‏من تأبيد وتقديس اللغة بإيقاعاتها الصحراوية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للغة الحيَّة أن تولِّد ‏عشرات بل مئات النماذج القابلة للحياة والنمو والتطوُّر في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى‎ !‎"

وهنا يصرح أستاذنا في ربط اللغوي بالديني وهو محق في ذلك. ‏

وهنا تأخذ الذاتية الفكرية لدى أستاذنا منحى صاخبا لا يمكن إلا الجهر بفهمي لطبيعته وردي عليه فهو يقرن ‏الديني باللغوي ويعتبر ذلك صيغة من تأبيد وتقديس اللغة بإيقاعاتها الصحراوية ،

لم يذكر أستاذنا كلمة تصنيم!! مع التأبيد والتقديس

نعم استاذي الديني مقدس مؤبد لدى من يؤمن بعد الله تعالى بـمحمد عليه السلام خاتما للنبيين ويتلو قوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر ‏وإنا له لحافظون " واللغة العربية بثوابتها هي التي وسعت كتاب الله وحكمها من التقديس والتأبيد حكمه. وهي الأوسع في العالم والأقدر على هضم وتمثيل ما تحتاجه، ولا ‏يسعني هنا إلا الإشارة بمقارنتها باللغة البحرية الإنجليزية والتي يجمع الباحثون أنها بخصائصها دون العربية ‏بمراحل. واشير هنا أيضا إلى العبرية التي بعثها العدو من الماضي ويعلّم بها في جامعاته رغم أن أغلب أفراده خواجات ‏يتقنون اللغات الأوروبية. ‏

كل لغات البشر لها ثوابت لا تتغير، فلماذا نعيب هذا على العربية وحدها ؟ وندعوه تصنيما. وهي المؤتمنة على كتاب الله الخالد محطم الأصنام المادية والفكرية.

-----------------------------------

وصلني من أستاذي عبدالله حسين جلاب ما يلي :

نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

عروض الشعر البابليّ

عبدالله حسين جلاب

( من كتابي : خطاب الطين/ استنباطات

إصدار دار أمل الجديدة – سوريا – دمشق

الطبعة الأولى :2013 )

طه باقر ،العلامة، يخبرنا وهو يستنطق الطين، في كتابه (مقدمة في أدب العراق القديم):

يعتمد الوزن ،أي العروض، في الشعر البابليّ، مثل أشعار بعض الأمم الأخر كالشعر العربي واليوناني واللاتيني وغيرها، على مبدأ تجزئة الكلمات إلى مقاطع طويلة وقصيرة، أي بحسب مصطلحات العروض العربي "الأسباب والأوتاد"، التي أساسها

الحركة والسكون:

السبب الخفيف: متحرك وساكن

السبب الثقيل: متحركان

الوتد المفروق: ساكن بين متحركين

الوتد المجموع: متحركان وساكن.

وفي بعض الأشعار الأخر النبرات أي التشديد أو التخفيف وبجمع مقاطع عدة يتألف ما يصطلح عليه في الشعر العربي "التفعيلات". ثم بجمع تفعيلات عدة يتكوّن شطرا البيت. وعلى هذا الشكل جاء إلينا الشعر البابلي مدوّناً على ألواح الطين. وقد يترك الكتبة فواصل ما بين شطري البيت أي ما بين الصدر والعجز، وما بين الوحدات الشعرية الأكبر في بعض الأحايين.

أما عدد بحور الشعر البابلي ومضاهاة هذه البحور أوزان الشعر العربي فإنّه موضوع بحث خاص وطريف وجدير بالدرس من جانب العروضيين العرب.

ونختتم هذه الملاحظات الموجزة عن الشعر البابلي بذكر بعض الأمور الأخر الموضحة مما يتعلق بأسلوب تأليف الشعر وأجزائه. فبعد تأليف البيت الواحد بجمع تفعيلات عدة ،كما ذكرنا، كان النظّامون يجمعون أبيات عدة لتأليف وحدات شعرية اكبر، بعضها من بيتين (دوبيت) أو أربعة أبيات (الرباعيّات) وبعضها من أكثر من أربعة أبيات مثل الدور أو الموشّح.

والغالب أنهم كانوا يراعون في هذا التأليف والجمع وحدة المعنى، مثل توضيح فكرة خاصة أو تكميلها أو توكيدها. فقد يكون معنى البيت الثاني في (الدوبيت) مكملاً أو موضّحاً معنى البيت الأول أو رجعاً وصدى معناه كما في البيتين التاليين من ملحمة جلجامش:

"صرخت عشتار كالمرأة في الولادة"

"انتحبت سيّدة الآلهة بصوت شجيّ".

أو يكون البيت الثاني مغايراً أو مفارقاً معنى البيت الأول تمهيداً لتدرج موضوع القصيدة العام، والمثال على ذلك البيتان من أسطورة الخليقة:

"حينما في العلى لمْ يُنْبَأْ عن السماء

وفي الأسفل لمْ تُذْكَرِ الأرضُ باسم".

وللمثال على وحدة المعنى في الأبيات الأربعة أي الرباعيات، نقتبس الرباعية التالية من أسطورة الخليقة، وهي الأبيات الأربعة التي جاءت على لسان الإله أبسو ، زوج الإلهة تيامة في تبرير عزمه على القضاء على أبنائه من جيل الآلهة الحديثة، إذ يقول:

"أمرضتني أعمالهم

فلا أستريح نهارا ولا استطيع النوم في المساء

لأقضينّ عليهم واضعاً حدّاً لأعمالهم

لكي يعمّ السكون فنستطيع النوم".

وبالإضافة إلى ما سبق أن أوجزناه من الخصائص الأساس التي تميز الشعر البابلي كالعروض وطريقة التأليف والجمع والتعبير اللغوي الخاص، فإن هذا الشعر يشارك الأشعار العالمية الأخرى في الخاصية الأخيرة أي اختيار الألفاظ الشعرية المعبرة. ولكل لغة، على ما هو معروف، مفرداتها وألفاظها واستعمالاتها الشعرية المتعارف عليها بين أبناء تلك اللغة. وعلى ما هو معروف أيضا في الشعر العربي ينماز الكلام في الشعر في نمط تركيبه عن الأسلوب المتبع في النثر، ومن ذلك التحرر قليلا أو كثيرا من الالتزام بقواعد التركيب في لغة النثر والتحلل من الكثير من قيوده، كالتقديم والتأخير في أجزاء الكلام لإحداث الانطباع أو التأثير الشعري الخاص، ولضرورة الوزن، وقد قيل: "يجوز في الشعر ما لا يجوز في النثر".

استنتاجات

1- مبدأ العروض البابلي هو تجزئة الكلمات إلى مقاطع كبيرة وصغيرة، أساسها الحركة والسكون.

2- بجمع مقاطع عدة تتألف التفعيلات.

3- بجمع تفعيلات عدة يتكون شطرا البيت.

4- فواصل بين الصدر والعجز.

5- فواصل بين الوحدات الشعرية الأكبر كـ (فاعِ - لاتن) و (مستفعِ - لن) للدلالة على الوتد المفروق أولاً والمجموع ثانياً.

الأسلوب ،هذا - ذلك، هو ليس للدلالة على الوتدين، فتفعيلة الرمل تكتب ،في بحرها، سالمة أي بلا فاصلة هكذا (فاعلاتن) وتفعيلة الرجز تكتب ،في بحرها، سالمة أي بلا فاصلة هكذا (مستفعلن) كذلك.

هذا جانب أما الآخر فأن تفعيلة الخبب (فعلن) وهي وحدة صغرى، تأتي مقسومة ،بفاصلة، في بعض الأبيات السومريّة والبابليّة هكذا (فَعْ - لُنْ) أي من سببين خفيفين لا من وتد مفروق ومجموع، فالمسالة ابعد من ذلك، هي أن الفاصلة رمز لبيت شعري مدوّر.

6- الشعر العمودي: أسلوبٌ بابليّ. يطول ويقصر صدره وعجزه كذلك.

7- عدد بحور الشعر البابلي يضاهي عدد بحور الشعر العربي أي يشبهه.

8- نظم الشعر: أسلوبٌ بابليّ.

9- البيت اليتيم: أسلوبٌ بابليّ.

10- الدوبيت: أسلوبٌ بابليّ.

11- الرباعيّات: أسلوبٌ بابليّ.

12- الموشّح: أسلوبٌ بابليّ.

13- الضرورة الشعريّة: أسلوبٌ بابليّ.

فالشاعر البابليّ ،بكسره الوزن، يحقّق قصيدة ذات إيقاع بأحرف متحركات وسواكن، هيَ ما نطلق عليها الآنَ ،خطأً، (قصيدة النثر).

14- شعر التفعيلة: أسلوبٌ بابليّ؛ فالشعر البابليّ موزون لكنّه غير مقفّى.

15- من تفعيلات الشعر البابليّ:

(فاعِ – لاتنْ) / ْ / - / ْ / ْ

(مستفعِ – لنْ) / ْ / ْ / - / ْ

(فعْ – لنْ) / ْ - / ْ

مُسْ – تَفْعِ / ْ - / ْ /

فَعْلُنْ / ْ / ْ

فَعِلُنْ / / / ْ

فَعْلُ / ْ /

فَعْ / ْ

فاعلن / ْ / / ْ

فاعلُ / ْ / /

فاعِ / ْ /

فاعلاتن / ْ / / ْ / ْ

فاعلاتُ /ْ / / ْ /

فَعِلاتن / / / ْ / ْ

فالاتن / ْ / ْ / ْ

مستفعلن / ْ / / ْ / ْ

مُتَفْعِلُنْ / / ْ / / ْ

مُسْتَفْعِلُ / ْ / ْ / /

مستفعِ / ْ / ْ /

فعولن / / ْ / ْ

فعولُ / / ْ /

مفاعيلن / / ْ / ْ / ْ

مفاعلن / / ْ / / ْ

مفاعيلُ / / ْ / ْ /

مفاعَلَتُنْ / / ْ / / / ْ

مُتَفاعلنْ / / / ْ / / ْ

مفعولاتُ / ْ / ْ / ْ /

------------------------------------------------

لقيت أستاذي اليوم مبكرا على الفيس بك وأسعفتنا الشبكة.

من أقوال أستاذي :

1- العروض الرقمي للهند

2- المنهج لبابل

---------------

فشلت في توصيل فكرتي إليه حول ( منهجية الخليل ) والفرق بين (العروض ) و ( علم العروض )

____________________________________________________________________________

[1]بل وعصرنا وربما القادم من العصور.

[2] قلت مضاهيا هذا القول لأوضح ما بذهني : " ولماذا لم يتم استنفاذ الطاقة العلمية الكاملة والكامنة في نموذج ماندلييف الفَـذِّ وغير الوحيد نظريَّاً والوحيد فعليَّاً وتم تأبيده وتأبيدُ وتصنيم واجترار ما تمَّ فعلاً في البيئة الثلجية وأغلق البابُ على ما يمكن أن يتم ؟ هل كَسرُ تلك القدسية سيدخل في باب كَسرِ القداسة عن النسق الكيماوي الديني المهيمن والذي هو صيغة أخرى من تأبيد وتقديس الكيمياء بمعطياتها السيبيرية التي ولدت في لحظةٍ تاريخيَّةٍ ما ويمكن للكيمياء الحية أن تولِّد عشرات بل مئات العناصر القابلة للحياة والتفاعل وإنتاج مركبات جديدة في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ أخرى "