أوزان الألحان

كتاب أوزان الألحان للدكتور أحمد رجائي

أبجدية العروض الرقمي اللازمة لفهم هذا الموضوع رقميا

من = مـَ ـنْ = مَ + نْ = متحرك رمزه 1 + ساكن رمزه ه = 1 ه = 2

كمنْ = كـَ ـمَـ ـنْ = 1 1 ه = 1 + 2 = 1 2 = 3

رمز السكون له دلالتان الأولى في أصل الكتاب والثانية في السطرين أعلاه لتعريف الرقمين 2 و 3

ويظهر الرمز ( ه ) الوارد في أصل الكتاب رمزا للنقرة المعادلة للرقم 2 ( دم - تك ) في بعض المتصفحات بشكل الرقم 5

تمنيت أن أقابل من له باع في الموسيقى ليسعفني في توضيح علاقة الإيقاع الموسيقي بالأرقام، لتوقعي أنه حيث يكون إيقاع وبالتالي قياس لانتظام زمني ما فثمة مجال لإمكانية استعمال الأرقام في التعبير عن ذلك، وكان أن وجدت كتاب ألحان الأوزان للدكتور أحمد رجائي وهو كتاب قيم من 576 صفحة يتناول فيه المساحة الواقعة بين إيقاعي الشعر والموسيقى مبينا أوجه الشبه والخلاف بينهما، ويستعرض تراث الإيقاع الموسيقى العربي وتاريخ طرق تدوين العرب لإيقاعاتهم الموسيقية، كما ويعبر عن الإيقاع الموسيقي بدلالة التفاعيل العروضية.ويستعرض المصطلحات العربية القديمة في التدوين الموسيقي وصولا إلى المصطلحات الحديثة، وينتهي بطريقة توحد الإيقاعين الشعري العروضي والموسيقي.

( ثم جاءت مساعدة الأخ الطبيب الأديب الشاعر شاكر الحارثي لتوضح لي بعض المفاهيم التي ساعدتني في بلورة الموضوع فله الشكر)

وفيما يلي شرح وجيز لزبدة الهدف من هذا الكتاب القيم، أرجو أن أتمكن فيه من نقل ما فهمته عن الإيقاع الموسيقي وعلاقته بالعروض والتعبير عنه رقميا.

وقد أضفت على أصل مادة الكتاب ما وجدته مفيدا من صور وتسجيل.

من هذا التعريف المختصر يتضح التماثل بين أهم مقطعين في الشعر والموسيقى، فالنقرة هي نظير المتحرك، والسكتة نظير السكون. وأهم أوجه الخلاف المتعلقة بالتدوين بين إيقاعي الشعر والموسيقى هي:

1-بينما تتماثل الأسباب الخفيفة في الشعر، فإن هناك نوعين من النقرات المتبوعة بالسكتة والمناظرة للسبب الخفيف أولاهما النقرة القوية (دمْ) والنقرة اللينة (تك).

2-السببان الخفيف والثقيل متعادلان في الخبب وفي فاصلتي الكامل والوافر فقط، ولكنهما متعادلان دائما في الموسيقى.

3-كل سكون في العروض - باستثناء المترادف من القوافي (2ه) - نهاية سبب أو وتد، وليس الأمر كذلك في الموسيقى، فإلى جانب السكتة المناظرة للسكون والتي تتبع النقرة وتساوي معها سببا، هناك سكتة طويلة في الموسيقى مستقلة عن النقرات وزمنها وحدها مساوٍ لزمن السبب، ويجري التعبير عنها في التدوين الموسيقي فلها نفس أهمية السبب وقيمته.

ويعتبر الصوت الكامل من أربعة أسباب مدة كل منها ربع صوت ، وكل سبب يمكن أن يكون تعبيرا عن نقرة قوية أو نقرة لينة أو سكتة طويلة[ =ضعف السكتة التي في السبب ] وفيما يلي قائمة بوحدات التعبير عن الإيقاع الموسيقي حسب الطرق المبينة:

وكون الصوت ( المستديرة) من أربعة أسباب يذكرنا برأي الدكتور أحمد مستجير .

الذي أفهم منه أن أصل كافة التفاعيل السباعية خببي مكون من أربعة أسباب ( والخماسية من ثلاثة أسباب) حذف ساكن أحدها ليشكل والسبب التالي له وتدا.

(مــافاعيلن، فاعــيـلاتن، مستفعـيـلن، مفعولاتـن) وبها يكون الخبب جدا لكافة البحور، ولعل أول ما انحدر منه كان الرجز، ولعل العرب لما رأوه في الخبب من بدائية لم يعتبروه

إيقاعا قائما بذاته بل ألحقوه بالمتدارك الذي لم يقبله الخليل لعدم وجود شواهد عليه حتى عصره، ويؤدي إقحامه في المتدارك إلى تحطيم منهج الخليل وساعة البحور.

وفرق العرب كذلك بين الرجز والراجز من جهة والشعر والشاعر من جهة أخرى ولعل ذلك أيضا لما رأوه من بدائية في وزنه.

وباستعمال الرموز الرقمية في تدوين وزن كل من إيقاعي الشعر والموسيقى تتوحد دلالة التعبير والرمز تماما بينهما. ومثال ذلك إيقاع المصمودي (28-ص104) السكتات بين قوسين

= دم دم (أس) تك دم (أس) تك (أس)، (في لغة المؤلف ه=سبب=2، وبالأرقام ه=سكون)

الشكلان التاليان يبينان العلاقة بين الموسيقى والعروض والرقمي منه خاصة بدلالة الرقمين 1 و 2

ويلاحظ هنا الفرق الوحيد بين هذه الأرقام والعروض الرقمي في رمزه ل 1 ه ه ب 3 في حين أنها في الرقمي مطابقةً لواقع الحال = 2 ه. ومعظم من تعامل مع العروض واللسانيات يتقاربون مع هذا إلى درجة أو أخرى. ورمزهم هذا بالرقم 3 محى من أذهانهم الوتد 11ه = 3 وبذلك انفصموا عن الخليل وعن حقيقة تمثيل الأرقام للأوزان . فالرمز ل 1 1 ه = 3 مصطلح يطابق الواقع. في حين أن الرمز 1 ه ه = 3 مصطلح لا يطابق الواقع، مما أدى إلى عدم تجاوز الأرقام جميعا بما فيها الرقمين 1 و 2 - رغم مطابقتهما للواقع - دورهما كمجرد رمزين إلى مجال التقعيد، كونهما اضطرا لمجانسة الرقم 3 = 1 ه ه عندهم فأضحيا بذلك مثله مجرد مصطلحين أو رمزين. في حين أن الأرقام قي الرقمي ممثلات حقيقة للوزن لم يعترضها شذوذ الرقم 3 = 1 1 ه فصلحت لأن يبنى عليها ويستنتج من خصائص علاقاتها تقعيد شامل يمثل الذائقة العربية كما صورها منهج الخليل، فتجدها تتناغم مع كل إيقاع آخر عبر هذه الرموز الرياضية الممثلة للواقع في كافة الإيقاعات. ذلك أن جوهر الأمور واحد ومستقبلها - الدماغ واحد - وفاطر سننها واحد أحد سبحانه وتعالى.

ونتيجة لعدم أخذ اللسانيات للوتد بعين الاعتبار فقد قصرت في التقعيد الشامل للعروض العربي . فاتسعت الفجوة بين تمثيلها الدقيق لواقع الأصوات البشرية في شتى اللغات ووصفها وتقعيدها لأعاريض الغرب من جهة ، وبين وقصورها واضطراب ما بني عليها من تقعيد للعروض العربي من جهة أخرى لإهمالها لمنهجية عروض الخليل ومركزية الوتد فيها. ولم يقارب الصواب ممن انطلقوا للعروض العربي من اللسانيات الحديثة إلا من أخضع اللسانيات لمنطق الخليل فأضاف عليها من خارجها ما يخصص الوتد مباشرة أو مداورة حتى وإن لم يسمه وتدا. وغني عن الذكر أن الوتد عماد الكم والهيئة وهذا ما يميز العروض العربي عن سائر الأعاريض. فهو يمبتاز عن الأعاريض الكمية بأنه ( هيكمي ) أي هيئوي كمي .

وقمت بالتلوين للتوضيح. ( في بعض المتصفحات يظهر الرقم 5 بالشكل الأجنبي والمقصود به ه علامة السكون)

وفيما يلي توضيح للخطوات التي في الجدول:

1-تم التعبير عن الإيقاع المعطى بمصطلحات الكتاب بما يقابل كل مصطلح بالأرقام،

§ دم دم (أس) تك دم (أس) تك (أس)=ه ه ~ ء ه ~ ء = 2 2 2 2 2 2 2 2

§ الحث أي الإسراع ويعني تنصيف المدة أي قسمة كل مقطع على اثنين فيصبح الإيقاع = 11111111

§ كما في الإضمار 1=ه =سكون، 1 1=1 ه=2، 11= 1 ه =2 وتكون الأولوية للربط بين كل (ه)سكتة (سكون) والنقرة (المتحرك) التي تسبقها

=1/51/1/51/51 = 1 2 1 2 2 = 233=مفاعلاتن (بجمع كل 21=3)

فكأن الإيقاع المحثوث = 1 / 1 ه / 1 / 1 ه / 1 ه = 1 2 / 1 2 / 2 = مفا عـــــ ـلا تن ( بجمع كل 1 2 = 3 )

لاحظ أن السبب(2)اكتسب لون المتحرك أو النقرة السابق/السابقة للسكون أو السكتة.

وإضافة إلى ما تقدم (28-ص77):"يميز الموسيقيون بين الإيقاعات السريعة والبطيئة بنوع وحدة الزمن التي تحسب المدة الكلية على أساسها." فقد يكون لدينا نفس الإيقاع بسرعتين مختلفتين كما في الإيقاع السابق:

المصمودي = (8) (ه ه ~ ء ه ~ ء ~) = (8) (2 2 2 2 2 2 2 2 )،حيث(8) تعني الزمن الكلي وعدم وضع إشارة عليها يعني أن الزمن الكلي مكون من ثمانية أرباع الصوت (ثمانية أسباب)

المصمودي الحثيث = (8َ) (ه هَ ~َ ءَ هَ ~َ ءَ ~َ) = (8-1)( 1 1 1 1 1 1 1 1)

وإشارة الفتحة على الرقم (8) تعني أن كلا من الوحدات الثماني عبارة عن نصف ربع الصوت أو ثمن الصوت، وهو ما يمثله بالتعبير الرقمي الرقم (1) المثبت بعد الرقم (8) في (8-1)، ولعله في حالة التعبير بالأرقام لا داعي لذكر هذا الرقم المميز للوحدات بجانب الرقم المعبر عنها لأنها توضح ذاتها بذاتها. ويمكن التعبير عنه بالطريقة التالية:

(8) (5َ 5 ءَ 5 ء)=ثمانية أثمان الصوت = (4) (1 2 1 2 2)= أربعة أرباع الصوت، فهو عبارة عن أربعة أسباب، أحدها ثقيل (11) موزع وذلك جائز في الإيقاع الموسيقي دون العروض الشعري. جيث المهم في الموسيقى المحافظة على الزمن الكلي.

وفيما يلي اقتباسات لبعض ما ورد في الكتاب (ص185-200)، بغرض توضيح استخدام الأرقام في التدوين:

وفيما يلي استعراض لبعض أسماء الإيقاعات المعاصرة وأوزانها:

وفيما يلي تمثيل بياني لإيقاعين أعلاهما بالرموز الموسيقية وأدناهما بالأرقام:

هل هذا يشكل مقدمة لنوتة موسيقية ؟ وهل لذلك من جدوى ؟ الجواب متروك لمن يتقن النوتة الموسيقية.

الجدول التالي إحلال تلقائي للأرقام مكان علامات النوتة الموسيقية المبسطة التي تليه ( الاتجاه من اليسار ليناسب النوتة الأصلية) فيها 2 2 = 4 آخر علامة وإن كان فيه خطأ في اللون أو السطر أو الإحلال فذلك لا يخل بالمبدأ.

مقتطفات من الكتاب، وتعليق على بعضها.

1-(ص-47):"والإيقاعات العربية لا تظهر حلاوتها إلا بالاستناد إلى جملها، ويشوهها تقسيمها إلى أجزاء تشابه الإيقاعات الغربية.0000ولهذا فإنني من المؤمنين بضرورة البحث عن الجمل الإيقاعية بالأسلوب العروضي. فهذا الأسلوب، رغم أنه قاصر عن إبراز قوة النقرة أي النبرة، يوضح التركيب الإيقاعي ويساعد على توضيح الطريق أمام الشاعر لكي ينسج الكلام على منواله بدلا من إرغام الملحن على أن يركب الوزن الموسيقي على كلام الشعر لكي يولد ما سمي بالغناء المتقن، فيضطر إلى مطِّ بعض الحروف وخطف اللفظ في حروف أخرى."

2-(ص-166):"000ويوضح بيتر غيغر Peter Giger مؤلف كتاب "فن الإيقاع"

Die Kunts des Rhythmus كيف أن نظام التدوين، بما في ذلك تدوين الإيقاعات، قد خضع في أوروبا لعدة مراحل من التنميط باتجاه التبسيط.0000لئن جعل المبدأ الثنائي في التدوين الإيقاعات أكثر وضوحا إلا أنه أحدث ما يحدثه المسحج من تسوية السطوح في مقاييس الأوزان0000ومن هذا نفهم أن ما كان سائدا في أوروبا قبل القرن السادس عشر كان مبنيا على الفطرة الإنسانية، وأن ذلك التشويه القسري قد فرض على الموسيقيين بأمر سياسي.0000ولعل من المفيد أن نلاحظ أن ذلك كله قد جاء في الفترة التي أعقبت خروج العرب من الأندلس. لم يكن إخراج العرب من الأندلس قهر شعب مغلوب فحسب، بل كان عملا بربريا بحق الإنسانية كلها حيث أن الحقد امتد إلى الحضارة الإنسانية بتراثها الفني الفني والأدبي.000 فما أعجب إلا من أبنائنا الذين يساعدون الغرب اليوم على طمس معالم حضارتهم ذاتها ويفرضون علينا حضارة هي في الأصل ظالمة لشعوبها بالذات."

3-(ص-58):"موقع الإيقاع الموسيقي العربي في علم العروض العالمي

تصنف أعاريض الشعر في العالم إلى ثلاثة أنواع: العروض العددي والعروض النبْري والعروض الكمي." وفيما يلي تلخيص عن كل نوع:

العروض العددي: كما في العروض الإيطالي والفرنسي والإسباني ويتألف من مقاطع متساوية في الطول، بعدد متعارف عليه، والمقطع لديهم متحرك فساكن أي على وزن فعْلن وهو بذلك على شكل جزء من الخبب في العربية.

العروض النبْري:وهو يعتمد على عدد المقاطع ذات النبرات القوية بغض النظر عما [إهمال ما] يتخللها من مقاطع ذات نبرات لينة، كما في الأشعار الألمانية ذات الأصل الشعبي، والنبرة موجودة في العربية، ولم يعرها العروض اهتماما حيث المهم فيه موضوع البنية لا لكنة الكلام وإن كنا نطبق في لفظ أي كلمة تقوية الجزء المناسب منها [بداهةً وحسب ما يقتضي المعنى والوزن] وتلطيف الباقي. [دون إهماله]

العروض الكمي: وتعبير "الكمي" تعبير غربي ومعناه التمييز بين كميات الزمن بين المقاطع القصيرة والطويلة، ويدخل في هذا العروض الإغريقي والرومي القديم.

"ونستنتج من كل ما سبق قوله، أن الإيقاع الموسيقي العربي بالأشكال التي استقر عليها اليوم هو عددي ونبري وكمي في آن واحد وهو قد يكون موصّلا أو مفصلا أو مختلطا يضم النوعين معا، فموقعه يغطي كل أنواع العروض في كل أنحاء العالم عبر التاريخ الإنساني كله، بل ويزيد عليه بما تضيفه مقومات الموسيقى إلى مقومات الشعر [بل لعل الأدق أن يقال إن هذه اللغة وعروضها مكتملان ولا يعدو سواهما أن يكون على درجة ما من سلم يرقى إليهما أو ينحدر منهما]

4-الموصل والمفصل وببعض التجاوز يمكن القول عن الموصل في الإيقاع الموسيقي أنه ما تكوَّن من أسباب خفيفة متوالية ويكون إيقاعها رتيبا ، والمفصل ما كان فيه أسباب خفيفة وأوتاد أو ما كان فيه سبب أو أسباب ثقيلة وينتقل بذلك إلى التنوع والانسيابية والتموج، ومن وسائل الحصول على المفصل من الموصل ما يعرف بالتمخير (ص179) "الذي يعني بكل بساطة، باللغة العروضية إحلال الأوتاد محل الأسباب، وهذا بالضبط ما يسميه موسيقيو عصرنا السنكبة، أي إدخال السنكوب على بنية الإيقاع بدون تغيير مدته."وفي الكلام عن الموصل والمفصل والتمخير تقاطع مع الأوزان الخببية والسببية في الشعر.

4-(ص-68) :"وزحاف الفاصلة يكون في الشعر بتسكين المتحرك الثاني منها، وبذلك تتحول (لِمَ لا) إلى (لِمْ لا) [211تكافئ 22 الإضمار أو العصب]، أي أن زحاف الفاصلة [زحاف هنا حسب المفهوم التقليدي] يحولها إلى سببين خفيفين، أما في الموسيقى فقد سبقت الإشارة إلى أن الفاصلة يمكن اعتبارها سببين أحدهما ثقيل والآخر خفيف. كما أشرنا إلى أن من المسموحات الارتجالية إجراء التبادل بينهما نظرا لتساويهما في المدة الزمنية التي يستغرقها كل منهما. غير أن زحاف الفاصلة في الشعر هو التحول من الثقيل إلى الخفيف، ويجب أن نعرف أن العكس، أي إحلال السبب الثقيل محل الخفيف غير مسموح به في الشعر." ثم جاء في الهامش: "ونرى ذاك مباحا عندما يقصد قول الشعر على وزن الإيقاع الموسيقي، وقد فعل فعل هذا بعضهم في قصائد من بحر الخبب، وجملته (فعِلن)، ومنهم نزار قباني في قصيدته المغناة: زيديني عشقا زيديني يا أحلى نوبات جنوني

22 22 22 22 22 22 112 22

ويتجلى ذلك في حركة الجيم في "جنوني" حيث يقتضي الوزن العروضي أن يكون محلها ساكنا. وقبلها قال نزار في قصيدته المغناة "قارئة الفنجان":

قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب

22 112 22 22 22 31 31 22 5

ويتجلى ذلك في حركة اللام في "ولدي". وهذا التصرف منتقد عروضيا مقبول موسيقيا. وإن المرء ليستحي أن ينتقد شعرا سحر الجماهير."

وقد مر معنا أن ذلك جائز في الخبب على الإطلاق فهل ثمة من توفيق بين القولين، أرى ذلك في ما ورد من أن الخبب قد يكون أصلا لجميع الأوزان فلعله جاء في مرحلة الأصول كما يقول إخوان الصفا (28-ص108):"إن أصول الوزن الشعري والإيقاع واحدة." فبقيت فيه هذه الخاصية المشتركة مع الموسيقى لقرابتهما الأوثق، وانتقلت هذه الخاصية جزئيا إلى (الرجز – الكامل) وهما أشبه ما يكونان ببحر واحد نتج من الخبب مبكرا فحمل من صفاته الفاصلة التي ينتقل سببها الأول من خفيف لثقيل وبالعكس وما (الوافر –الهزج) إلا تدوير للبحر المذكور.

فهل هما رأيان في ما يجوز في الخبب أو لا يجوز، أم هما ازدواج في صفات الخبب بين الإيقاعين الموسيقي والشعري؟ والموسيقي هنا مرتبط بالإيقاع البدائي الذي يفترض أن البشرية عرفته أول ما عرفت، ولعل الخليل لم يعتبره من الشعر لهذا السبب، بل لعل العرب لقرب صلة الرجز به اعتبرت الرجز دون الشعر والرجازين دون الشعراء، وبقي من صفات الخبب في الكامل فاصلته وفي البسيط ضربه، حيث ينتقل السبب فيهما بين الخفيف والثقيل، وهو مالا يوجد في الطويل الصحيح أو المقبوض الضربِ مثلُه، الأمر الذي قد يكون عاملا من عوامل تفضيل العرب الطويلَ على سواه من البحور.

يلاحظ القارئ كثرة استعمال (لعل) و(كأن) في هذا المقام وما ذلك إلا لأن الآراء فيه ظنية، ولا يعلم الحقيقة عن هذه اللغة وجوانب الكمال فيها إلا الله سبحانه وتعالى.

ويكاد المؤلف يلتقي مع ع. مستجير ومع ما ورد في باب حوار في قوله:"000وعلى هذا نستطيع في موائمة الشعر مع الإيقاع أن نأتي بشعر يتضمن الفاصلة ونطابقها على إيقاع يتضمن في نفس الموضع سببين متواليين، أو أن نفعل العكس، [ويتجاوز مقولة ع. مستجير وباب حوار مكملا دون اشتراط الفاصلة] أو أن نأتي بشعر يتضمن سببا خفيفا فنضع في موقعه من الإيقاع سببا ثقيلا، أو العكس. وهذا ما يتيح الاستفادة من بحور شعرية معروفة، أو ولادة أوزان شعرية مطابقة تماما للإيقاعات الموسيقية، حسب رغبة الشاعر."واسترعى انتباهي دقة قول المؤلف "أوزان جديدة" وليس بحور جديدة.ومن الموافقات التي وجدتني ألتقي فيها مع الشاعر تسميته لحذف الساكن "زحاف السبب والمقصود به هو السبب الخفيف" (ص67)،ولو أنه استعمله مقابل زحاف الوتد (العلة)، واستعملته مقابل زحاف الخبب والأحرى أن يقال التبديل الخببي (11↔2).

5-(ص511):"الأشعار التوائم، ونقصد بالأشعار التوائم الشعر الذي يقال على وزن الإيقاع تماما، أي بالتزام حركاته وسكناته حتى لو انتهى الإيقاع بنبرة سريعة أي ما يعادل الحرف المتحرك، وفي مواءمتنا للإيقاع بالأشعار التزمنا بالمطابقة الكاملة في غالب الأحيان وإن كان ذلك يعتبر من لزوم ما لا يلزم، ولا نهدف من ذلك إلا إثبات إمكانات اللغة العربية، والبرهان على أن الأوزان التي نظم عليها الشعراء ليست سوى جزء ضئيل من إمكانات اللغة والأوزان." ومن ذلك:

تبقى ضرورة الانتباه إلى فارق أساسي بين الموسيقى والشعر، ذلك أن الموسيقى كمية في طبيعتها، في حين أن أوزان الشعر في بحور الخليل هيئة وكم وتهيمن فيها الهيئة على الكم.

ولكن الكم في الخبب يهيمن على الهيئة ، ولذا كان الخبب أقرب لطبيعة الموسيقى وذلك في تكافؤ سببيه الثقيل والخفيف وهذا ما يبحثه الكتاب تحت عنوان الموصل والمفصل ( ص - 84).

الكم والهيئة :

قد يتطلب فهم الموضوع الرجوع إلى :

2 (28-ص100،101) اهتدى الشيخ على الدرويش إلى جعل ساق العلامة الموسيقية إلى أعلى لتمثل النقرة القوية دمْ، وإلى أسفل لتمثل النقرة الضعيفة تك، وتفوق بذلك على المدونين الأوروبيين الذين يميزون النبرة القوية بالإشارة (^ ).