صدق التألم للمعاصي والمنكرات

خُطْبَةُ الجُمُعَةِ

بِعِنْوَانِ

( صِدْقُ التَّأَلُّمِ لِلْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ )

كَتَبَهَا / عَبْدُاللهِ بْنُ فَهْدِ الْوَاكِدِ

إِمَامُ وَخَطِيبُ جَامِعِ الْوَاكِدِ بِحَائِل

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِينُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))

أَمَّا بَعْدُ أيُّهَا المسْلِمُونَ : لَقَدْ أَمَرَ اللهُ عِبَادَهُ بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرَاتِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) آل عمران) وَقَالَ سُبْحَانَهُ : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)آل عمران ) وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَوَابِطَ هَذَا الْإِنْكَارَ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا ، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فِإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فِإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ )) رَوَاهُ مُسْلِم.

وَتَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَأَلَّمُ لِوُجُودِ شَيْءٍ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا سَبِيلَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهَا بِيَدِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ ، إِنَّمَا يُنْكِرُهَا بِقَلْبِهِ ، لِأَنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنَ يَتَأَلَّمُ لِوُجُودِ هَذِهِ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ وَالْمُسْلِمُ لَا يُحِبُّ أَنْ يَرَى إِخْوَانَهُ وَأَخَوَاتِهِ يَقَعُونَ فِيهَا ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْخِلَافَ فِي طَرِيقَةِ التَّأَلُّمِ ، فَهَلْ التَّأَلُّمُ هُوَ تَوْجِيهُ الْإِتِّهَامِ إِلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَسْلِيطُ الضَّوْءِ عَلَى هَذَا الْجَانِبِ وَصَرْفُ عُقُولِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَتَوْجِيهُ أَنْظَارِ غَوْغَاءِ النَّاسِ وَعَامَّتِهِمْ إِلَى هَذَا الْإِتِّجَاهِ ، وَالظَّنُّ بِأَنَّ تَهْيِيجَ عَامَّةِ النَّاسِ سَيُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ ،

أَمْ أَنَّ التَّأَلُمَ هُوَ أَنْ نُحَذِّرَ النَّاسَ مِمَّا حَذَّرَهُمْ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ فَنُحَذِّرَهُمْ مَثَلاً مِنَ الزِّنَا وَوَسَائِلِهُ وَمِنَ الشَّيْطَانِ وَحَبَائِلِهِ وَنُحَذِّرَهُمْ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ وَنَحُثُّهُمْ عَلَى حُسْنِ الْقِيَامِ عَلَى نِسَائِهِمْ وَحَثُّهُنَّ عَلَى السِّتْرِ وَالْعَفَافِ وَحُسْنِ الْقِيَامِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِحَثِّهِمْ عَلَى غَضِّ الْأَبْصَارِ وَحِفْظِ الْفُرُوجِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ قَالَ سُبْحَانَهُ ( قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ (31) النور ) فَنَحْنُ نُوَجِّهَهُمْ إِلَى مَا هُوَ فِي مَقْدُورِهِمْ وَهُمْ مَأْمُورُونَ بِهِ فَهُنَالِكَ فَرْقٌ شَاسِعٌ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ فَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَخْلُقُ الْفِتَنَ وُتُفْسِدُ اللُّحْمَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَتُقَوِّضُ بِنَاءَ السَّمْعِ وَالطَّاعِةِ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِهَا قَالَ سُبْحَانَهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ (59)النساء ) وَتُقَلِّلُ مِنْ شَأْنِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَفَعَ اللهُ قَدْرَهُمْ وَتُحْدِثُ الْفَوْضَى وَالثَّوَرَانَ وَالْهَيَجَانَ وَتُحَقِّقُ مَا يُرِيدُهُ الْأَعْدَاءُ وَالْمُتَرَبِّصُونَ أَنْ يَقَعَ فِي بِلَادِنَا الْآمِنَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ مِنْ شَتَاتٍ وَفَوْضَى ، فَتَؤُولُ بِالْمُنْكَرِ إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ نَكَارَةً ، وَتَنْكَدِرُ عَلَى النَّاسِ حَيَاتُهُمْ وَاسْتِقْرَارُهُمْ وَالَّتِي فِيهَا أَسْبَابُ إِقَامَةِ الشَّرَائِعِ وَالْعِبَادَاتِ وَيَنْفَتِحُ بَابُ الشَّرِّ وَالْفِتْنَةِ وَلَا يَنْغَلِقُ كَمَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي عُصُورٍ وَأُمَمٍ سَالِفَةٍ قَالَ شَيْخُ اﻹِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: " وَقَلَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامٍ ذِي سُلْطَانٍ إِلَّا كَانَ مَا تَوَلَّدَ عَلَى فِعْلِهِ مِنَ الشَّرِّ أَعْظَمَ مِمَّا تَوَلَّدَ مِنَ الْخَيْرِ " منهاج السنة(4/527-528) ، وَيَشْهَدُ لِصِدْقِ قَوْلِهِ مَا يَحْدُثُ الْآنَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ حَوْلِكُمْ وَلَا تَزَالُ الْفَوْضَى وَالْحُرُوبُ قَائِمَةً إِلَى سَاعَتِنَا هَذِهِ نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُطْفِأَ نَارَ الْحَرْبِ وَيَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْنَهُمْ وَاسْتِقْرَارَهُمْ ، وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ طَرِيقَةٌ تُوَجِّهُ النَّاسَ إِلَى الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْفَلَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ دُونَ أَنْ تُحْدِثَ فَوْضَى أَوْ فِتْنَةً ، لَأَنَّهَا طَرِيقَةٌ مَنْهَجِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ أَصْلُهَا دِينُ الْإِسْلَامِ وَتَعَالِيمُ الشَّرِيعَةِ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَابْتَلَى النَّاسَ بِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)الأنبياء ) وَلَوْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمَا خَلَقَ الشَّرَّ أَصْلاً وَلَكِنَّ خَلْقَ الشَّرِّ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِمْتِحَانِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا خَلَقَ اللهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحِكْمَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَسَابِقِ عِلْمِهِ جَعَلَ ذَلَكَ فِتْنَةً ثُمَّ قَالَ (وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) لِيَجْزِيَ النَّاسَ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِهِمْ وَتَعَامُلِهِمْ مَعَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ لَمْ يَتْرُكْ النَّاسَ هَمَلاً يَتَخَبَّطُونَ فِي ظَلَامِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ إِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ سُبُلَ الْخَيْرِ وَأَمَرَهُمْ بِسُلُوكِهَا وَبَيَّنَ لَهُمْ سُبَلَ الشَّرِّ وَحَذَّرَهُمْ مِنْهَا وَبَيَّنَ لَهُمْ سُبُلَ اتِّقَائِهَا وَطُرُقَ مُعَالَجَتِهَا

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ حَثَّ النَّاسِ أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالتَّوَاصِي بِلِزُومِهِ وَاسْتِشْعَارَ عَظَمَةِ اللهِ وَالْحِرْصَ عَلَى تَقْوَاهُ وَالْعَمَلَ بِشَرِيعَتِهِ وَتَرْسِيخَ الِإيمَانِ الْخَالِصِ فِي الْقُلُوبِ يَجْعَلُ النَّاسَ يُبْغِضُونَ الْمُنْكَرَاتِ وَيَنْفِرُونَ مِنْهَا

وَنَضْرِبُ لَكُمْ مِثَالَيْنِ عَلَى ذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا أَتَاهُ صَدِيقٌ لَهُ وَشَكَى لَهُ سُوءَ عِشْرَةِ زَوْجَتِهِ فَأَيُّهُمَا أَصْلَحُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ فَكُلُّ النِّسَاءِ كَذَلِكَ وَتَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إِلَى حِكْمَةٍ وَسِعَةِ بَالٍ فِي التَّعَامُلِ مَعَهَا وَسَتَصْلُحُ مَعَ الْأَيَّامِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) (رواه مسلم)

أَوْ أَنْ يَقُولَ لَهُ : طَلِّقْهَا وَالْبُيُوتُ مَلْأَى بِالنِّسَاءِ هَذِهِ مَا تَسْتَأْهِلُ أَنْ تَبْقَى مَعَكَ فَصَدَّقَهُ وَطَلَّقَهَا فَتَفَرَّقَتْ الْأُسْرَةُ وَتَشَرَّدَ الْأَوْلَادُ وَتَقَطَّعَتْ الْأَرْحَامُ وَخَرَجَتْ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَأَوْلَادُهَا عِبْأً مَادِّيًّا وَتَرْبَوِيًّا عَلَى كَاهِلِ الْمُجْتَمَعِ فَأَيُّ الطَّرِيقَتَيْنِ أَسْلَمُ ؟

وَلَوْ أَنَّ صَدِيقًا شَكَى لِصَدِيقِهِ قَسْوَةَ وَالِدِهِ فَأَيُّهُمَا أَحَقُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ : هَذَا وَالِدُكَ وَمَهْمَا فَعَلَ مَعَكَ فَهُوَ يُحِبُّكَ وَيُرِيدُ الْخَيْرَ لَكَ وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ بِسُوءِ تَصَرُّفَاتِكَ قَسَى عَلَيْكَ وَهُوَ لَا يَزَالُ وَالِدُكَ وَحَقُّ الْوَالِدَيْنِ حَثَّ اللهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)الإسراء) أَوْ أَنْ يَقُولَ لَهُ : وَالِدُكَ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْكَ فَاخْرُجْ عَنِ الْبَيْتِ وَاتْرُكْهُ وَلَا تَرُدْ عَلَيْهِ فَيَضِيعَ هَذَا الشَّابُ وَقَدْ يَقَعُ فِيمَا لَا تُحْمَدُ عُقْبَاهُ بِسَبَبِ سُوءِ الصُّحْبَةِ وَسُوءِ النُّصْحِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْأَمْثِلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَطَرِيقُ الْخَيْرِ وَالْإِصْلَاحِ وَالنُّصْحِ وَالْإِرْشَادِ عَلَى مُسْتَوَى الْفَرْدِ أَوِ الْأُسْرَةِ أَوِ الْمُجْتَمَعِ أَوِ الْأُمَّةِ بِأَسْرِهَا وَتَوْجِيهِ النَّاسِ لِمَا يَنْفَعُهُمْ وَاضِحٌ جِدًّا وَكُلُّكُمْ يَعْلَمُهُ وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّذْكِيرِ وَتَبْصِيرِ النَّاسِ بِمَسَالِكِ النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ وَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ بِهِ

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَتَابَ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَأْنِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ :

يَتَعَذَّرُ أَنْ تَكُونَ هَنَاكَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ أَوْ عَصْرٌ مِنَ الْعُصُورِ لَا تَحْدُثُ فِيهِ مُنْكَرَاتٌ حَتَّى فِي عَهْدِ أَفْضَلِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَلَكِنَّهَا تَقِلُّ فِي زَمَنٍ وَتَزِيدُ فِي آخَرَ وَقَدْ شَرَعَ اللهُ وَرَسُولُهُ سُبُلًا شَرْعِيَّةً لِلتَّعَامُلِ مَعَهَا وَلَا يُخْشَى مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَجَّهَنَا إِلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْخَشْيَةَ مِمَّنْ يَرْكَبُونَ هَذِهِ الْمَوْجَاتِ وَالزَّوَابِعِ بِعِلْمِهِمْ أَوْ بِجَهْلِهِمْ وَيُوَظِّفُونَهَا لِمَقَاصِدَ وَأَغْرَاضٍ تَمُسُّ أَمْنَ أَوْطَانِناَ وَلُحْمَةَ شَعْبِنَا وَاسْتِقْرَارَ بِلَادِنَا حَفِظَهَا اللهُ وَأَدَامَ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ نِعْمَةَ الْأَمْنِ وَالْإِسْتِقْرَارِ ، وصَلُّوا وَسَلِّمُوا عِبَادَ اللهِ ، عَلَى خَيْرِ أَنْبِيَاءِ اللهِ ، وَصَفْوَةِ خَلْقِ اللهِ ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ سُبْحَانَهُ فَقَالَ (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

صدق التألم للمعاصي والمنكرات.doc

word file size A5



صدق التألم للمعاصي والمنكرات.pdf

PDF file size A5