خلق الحياء
خُطْبَةُ جُمُعَة
خُطْبَةُ جُمُعَة
بِعِنْوان
بِعِنْوان
الحياء
الحياء
كتبها
كتبها
عبدالله بن فهد الواكد
عبدالله بن فهد الواكد
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل
الخطبة الأولى
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ السَّمِيعِ البَصِيرِ ، غافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
الحمدُ للهِ السَّمِيعِ البَصِيرِ ، غافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، جلَّ عن الشبيهِ والنظيرِ ، وتعالى عنِ الشريكِ والظهيرِ . وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ وملائكتُهُ وأنبياؤهُ عليهِ، كما وَحَّدَ اللهَ وعَرَّف بهِ ودعا إليهِ ، وسلم تسليمًا كثيرًا .
وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، جلَّ عن الشبيهِ والنظيرِ ، وتعالى عنِ الشريكِ والظهيرِ . وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلى اللهُ وملائكتُهُ وأنبياؤهُ عليهِ، كما وَحَّدَ اللهَ وعَرَّف بهِ ودعا إليهِ ، وسلم تسليمًا كثيرًا .
أَمَّا بَعدُ أَيُّها المُسْلِمُونَ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ القَائِلِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حقَّ تُقاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
أَمَّا بَعدُ أَيُّها المُسْلِمُونَ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ القَائِلِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حقَّ تُقاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
أيُّهاَ الأَحِبَّةُ في اللهِ : الحَيَاءُ خُلُقٌ نَابِتٌ وَأَمْرٌ ثَابِتٌ مُنذُ عَهْدِ النُّبُوَّةِ الأُولَى ، بَلْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَهُوَ خُلُقُ الإِسْلَامِ قَالَ عَليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الحَيَاءُ )
أيُّهاَ الأَحِبَّةُ في اللهِ : الحَيَاءُ خُلُقٌ نَابِتٌ وَأَمْرٌ ثَابِتٌ مُنذُ عَهْدِ النُّبُوَّةِ الأُولَى ، بَلْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَهُوَ خُلُقُ الإِسْلَامِ قَالَ عَليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلَامِ الحَيَاءُ )
وَ (الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ ) كَمَا وَرَدَ فِي البُخَارِي ، وَالحَيَاءُ يَهْدِي إِلَى الإِيمَانِ وِإِلَى الجَنَّةِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ ( الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ ) رَوَاهُ ابنُ مُاجَه
وَ (الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ ) كَمَا وَرَدَ فِي البُخَارِي ، وَالحَيَاءُ يَهْدِي إِلَى الإِيمَانِ وِإِلَى الجَنَّةِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ ( الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الجَنَّةِ وَالبَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ وَالجَفَاءُ فِي النَّارِ ) رَوَاهُ ابنُ مُاجَه
عَرَّفَهُ الحَافِظُ بْنُ حَجَرَ رَحِمَهُ اللهُ ( بِأَنَّهُ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ القَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي حَقٍّ )
عَرَّفَهُ الحَافِظُ بْنُ حَجَرَ رَحِمَهُ اللهُ ( بِأَنَّهُ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ القَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي حَقٍّ )
فَلاَ وَاللهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ
فَلاَ وَاللهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ
وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَــاءُ
وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَــاءُ
يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ
يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ
وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ
وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ
أَلْزَمَ اللهُ الحَيَاءَ الإِنْسَانَ فَأَصْبَحَ خُلُقاً لَهُ ، لِيَرْتَدِعَ عَنْ سِوءِ أَفْعَالِهِ وَمَشِينِ شَهَوَاتِهِ ، فَتُصْبِحَ مَحَاسِنُهُ مَأْثُورَةً وَمَسَاوِؤُهُ مَطْمُورَةً ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ بْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ ( وَالحَيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَيَاةِ فَإِنَّ القَلْبَ الحَيَّ يَكُونُ صَاحِبُهُ حَيًّا ، فِيهِ حَيَاءٌ يَمْنَعُهُ عَنِ القَبَائِحِ فَإِنَّ حَيَاةَ القَلْبِ هِيَ المَانِعَةُ مِنَ القَبَائِحِ التِي تُفْسِدُ القَلْبَ ، ثُمَّ قَالَ : فَإِنَّ الحَيَّ يَدْفَعُ مَا يُؤْذِيَهُ بِخِلاَفِ المَيِّتِ الذِي لاَ حَيَاةَ فِيهِ ) وَلَمَّا أكَلَ آدَمُ وَحَوَّاءُ مِنَ الشَّجَرَةِ فِي الجَنَّةِ ، بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا فَاسْتَحْيَا مِنْ بَعْضِهِماَ ، ( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) (22) الأعراف
أَلْزَمَ اللهُ الحَيَاءَ الإِنْسَانَ فَأَصْبَحَ خُلُقاً لَهُ ، لِيَرْتَدِعَ عَنْ سِوءِ أَفْعَالِهِ وَمَشِينِ شَهَوَاتِهِ ، فَتُصْبِحَ مَحَاسِنُهُ مَأْثُورَةً وَمَسَاوِؤُهُ مَطْمُورَةً ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ بْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ ( وَالحَيَاءُ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَيَاةِ فَإِنَّ القَلْبَ الحَيَّ يَكُونُ صَاحِبُهُ حَيًّا ، فِيهِ حَيَاءٌ يَمْنَعُهُ عَنِ القَبَائِحِ فَإِنَّ حَيَاةَ القَلْبِ هِيَ المَانِعَةُ مِنَ القَبَائِحِ التِي تُفْسِدُ القَلْبَ ، ثُمَّ قَالَ : فَإِنَّ الحَيَّ يَدْفَعُ مَا يُؤْذِيَهُ بِخِلاَفِ المَيِّتِ الذِي لاَ حَيَاةَ فِيهِ ) وَلَمَّا أكَلَ آدَمُ وَحَوَّاءُ مِنَ الشَّجَرَةِ فِي الجَنَّةِ ، بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا فَاسْتَحْيَا مِنْ بَعْضِهِماَ ، ( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) (22) الأعراف
فَسُبْحَانَ اللهِ لَمْ يَكُنْ فِي الجَنَّةِ مِنَ الإِنْسِ غَيْرُ آدَمَ وَزَوْجِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لمَاَّ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا طَفِقَا أَيْ أَسْرَعَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ لِشِدَّةِ حَيَائِهِمَا ، فَالإِنْسَانُ بِطَبِيعَتِهِ وَفِطْرَتِهِ السَّلِيمَةِ يَسْتَحْيِيِ مِنَ التَّعَرِّي وَالنِّسَاءُ بِطَبَائِعِهَا تَسْتَحْيِي مِنَ التَّعَرِّي وَالسُّفُورِ إِلاَّ إِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الفِطْرَةُ وَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ رَذَائِلِ القَنَوَاتِ وَقَاذُورَاتِ الإِنْتَرْنِتْ ، وَالسُّلُوكِيَّاتِ الشَّاذَّةِ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ سُوءَ عَمَلِهِ ، قَالَ تَعَالَى ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ )
فَسُبْحَانَ اللهِ لَمْ يَكُنْ فِي الجَنَّةِ مِنَ الإِنْسِ غَيْرُ آدَمَ وَزَوْجِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لمَاَّ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا طَفِقَا أَيْ أَسْرَعَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ لِشِدَّةِ حَيَائِهِمَا ، فَالإِنْسَانُ بِطَبِيعَتِهِ وَفِطْرَتِهِ السَّلِيمَةِ يَسْتَحْيِيِ مِنَ التَّعَرِّي وَالنِّسَاءُ بِطَبَائِعِهَا تَسْتَحْيِي مِنَ التَّعَرِّي وَالسُّفُورِ إِلاَّ إِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الفِطْرَةُ وَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ رَذَائِلِ القَنَوَاتِ وَقَاذُورَاتِ الإِنْتَرْنِتْ ، وَالسُّلُوكِيَّاتِ الشَّاذَّةِ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ سُوءَ عَمَلِهِ ، قَالَ تَعَالَى ( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ )
وَالحَيَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
وَالحَيَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
أَوَّلُهَا وَأَعْظَمُهَا هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ ، لِأَنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) وَلِأَنَّ اللهَ يُحِبُّ الحَيَاءَ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ( إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسِّتْرَ )
أَوَّلُهَا وَأَعْظَمُهَا هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ ، لِأَنَّ الحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) وَلِأَنَّ اللهَ يُحِبُّ الحَيَاءَ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ( إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسِّتْرَ )
وَثَانِيهَا : هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنَ النَّاسِ : فَلَا يَكْشِفُ لَهُمْ عَوْرَةً وَلَا يُهْمِلُ حُقُوقَهُمْ وَلاَ يُنْكِرُ لَهُمْ فَضْلاً وَلاَ يُخَاطِبُهُمْ بِسُوءِ أَدَبٍ وَلاَ يُعَامِلُهُمْ بِسَيِّءِ مَسْلَكٍ
وَثَانِيهَا : هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنَ النَّاسِ : فَلَا يَكْشِفُ لَهُمْ عَوْرَةً وَلَا يُهْمِلُ حُقُوقَهُمْ وَلاَ يُنْكِرُ لَهُمْ فَضْلاً وَلاَ يُخَاطِبُهُمْ بِسُوءِ أَدَبٍ وَلاَ يُعَامِلُهُمْ بِسَيِّءِ مَسْلَكٍ
وَثَالِثُهَا : هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ : وَهَذَا الحَيَاءُ لاَ تُحِسُّ بِهِ إِلاَّ النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ السَّامِقَةُ التِي يَسْتَحْيِي بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَيُحِسُّ صَاحِبُهَا أَنَّ فِي نَفْسِهِ شَخْصٌ آخَرَ يَسْتَحْيِي مِنْهُ .
وَثَالِثُهَا : هُوَ حَيَاءُ الإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ : وَهَذَا الحَيَاءُ لاَ تُحِسُّ بِهِ إِلاَّ النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ السَّامِقَةُ التِي يَسْتَحْيِي بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَيُحِسُّ صَاحِبُهَا أَنَّ فِي نَفْسِهِ شَخْصٌ آخَرَ يَسْتَحْيِي مِنْهُ .
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : الحَيَاءُ نَهرٌ عَذْبٌ فُرَاتٌ يُرْوِي الأَفْئِدَةَ وَيَسْقِي القُلُوبَ وَيَرْتَقِي بِذَائِقَةِ المُجْتَمَعَاتِ وَيَخْلُقُ بَيْنَ النَّاسِ صِلَةَ حَيَاءٍ وَكَرَامَةٍ يَحْتَرِمُ فِيهَا الكَبِيرُ الصَّغِيرَ وَيُوَقِّرُ فِيهَا الصَّغِيرُ الكَبِيرَ وَتُرَاعَى فِيهَا الحُقُوقُ ، وَتُجَلَّلُ النَاسُ بِرِدَاءِ الحِشْمَةِ وَالإِحْتِرَامِ .
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : الحَيَاءُ نَهرٌ عَذْبٌ فُرَاتٌ يُرْوِي الأَفْئِدَةَ وَيَسْقِي القُلُوبَ وَيَرْتَقِي بِذَائِقَةِ المُجْتَمَعَاتِ وَيَخْلُقُ بَيْنَ النَّاسِ صِلَةَ حَيَاءٍ وَكَرَامَةٍ يَحْتَرِمُ فِيهَا الكَبِيرُ الصَّغِيرَ وَيُوَقِّرُ فِيهَا الصَّغِيرُ الكَبِيرَ وَتُرَاعَى فِيهَا الحُقُوقُ ، وَتُجَلَّلُ النَاسُ بِرِدَاءِ الحِشْمَةِ وَالإِحْتِرَامِ .
وَقَدْ وَصَفَ اللهُ مَجِيءَ ابْنَةِ شُعَيْبَ لِمُوسَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ) فَمَا أَجْمَلَ هَذَا الوَصْفَ العَظِيمَ ، فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الطَّاهِرَةُ العَفِيفَةُ سَلْفَعًا مِنَ النِّسَاءِ رَصْعَاءَ رَسْحَاءَ خَرَّاجَةً وَلاَّجَةً مُخَالِطَةً لِمَعَامِعِ الرِّجَالِ إِنَّماَ كَانَ الحَيَاءُ يَكْسُو حَرَكَاتِهَا وَسَكَنَاتِهَا وَلَوْلَا حَاجَةَ أَبِيهَا لَمَا خَرَجَتْ ،
وَقَدْ وَصَفَ اللهُ مَجِيءَ ابْنَةِ شُعَيْبَ لِمُوسَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ) فَمَا أَجْمَلَ هَذَا الوَصْفَ العَظِيمَ ، فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الطَّاهِرَةُ العَفِيفَةُ سَلْفَعًا مِنَ النِّسَاءِ رَصْعَاءَ رَسْحَاءَ خَرَّاجَةً وَلاَّجَةً مُخَالِطَةً لِمَعَامِعِ الرِّجَالِ إِنَّماَ كَانَ الحَيَاءُ يَكْسُو حَرَكَاتِهَا وَسَكَنَاتِهَا وَلَوْلَا حَاجَةَ أَبِيهَا لَمَا خَرَجَتْ ،
الشَّيْطَانُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ عَدُوٌّ لِلإِنْسَانِ ، لاَ يَفْتُرُ عَنْ إِغْوَائِهِ وَإِضْلَالِهِ يُوقِعُهُ فِي الْكُفْرِ وَفِي الشِّرْكِ وَفِي المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ وَيُقَنِّطُهُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَيَنْزِعُ عَنْهُ لِبَاسَ السِّتْرِ وَالحَيَاءِ وَالعَفَافِ ، فَالشَّيْطَانُ لاَ يُرِيدُكَ أَيُّهَا المُسْلِمُ عَلَى خَيْرٍ وَصَلاَحٍ ، إِنَّمَا عَلَى شَرٍّ وَبَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ ،
الشَّيْطَانُ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ عَدُوٌّ لِلإِنْسَانِ ، لاَ يَفْتُرُ عَنْ إِغْوَائِهِ وَإِضْلَالِهِ يُوقِعُهُ فِي الْكُفْرِ وَفِي الشِّرْكِ وَفِي المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ وَيُقَنِّطُهُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَيَنْزِعُ عَنْهُ لِبَاسَ السِّتْرِ وَالحَيَاءِ وَالعَفَافِ ، فَالشَّيْطَانُ لاَ يُرِيدُكَ أَيُّهَا المُسْلِمُ عَلَى خَيْرٍ وَصَلاَحٍ ، إِنَّمَا عَلَى شَرٍّ وَبَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ ،
قَالَ تَعَالَى (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) الأعراف
قَالَ تَعَالَى (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) الأعراف
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ ...
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ ...
الخطبةُ الثانيةُ
الخطبةُ الثانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ المُسْلِمَ المُؤْمِنَ حَقَّ الإِيمَانِ ذُو حَيَاءٍ وَحِشْمَةٍ وَعَفَافٍ ، وَلَكِنَّ الحَيَاءَ لاَ يَمْنَعُ المُؤْمِنَ وَالمُؤْمِنَةَ مِنْ قَوْلِ الحَقِّ قَالَ تَعَالَى ( وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ) قَالَ بْنُ حَجَرَ رَحِمَهُ اللهُ ( وَلاَ يُقَالُ رُبَّ حَيَاءٍ يَمْنَعُ مِنْ قَوْلِ الحَقِّ أَوْ فِعْلِ الخَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا ) وَكَذَلكِمُ فَإِنَّ الحَيَاءَ لاَ يَمْنَعُ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَدْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ عَنْ حُكْمِ الإِغْتِسَالِ مِنَ الإِحْتِلاَمِ وَقَالَتْ فِي أَوَّلِ سُؤَالِهَا : يَارَسُولَ اللهِ ، إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ( نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءَ الأَنْصَارِ ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ) نسألُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنَا وإياكُم وَجَمِيعَ المُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الحَيَاءِ وَالحِشْمَةِ وَالمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وصلوا وسلموا على محمدٍ ؛ فقد أمركم الله بذلك فقال ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسلموا تسليما )
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنَّ المُسْلِمَ المُؤْمِنَ حَقَّ الإِيمَانِ ذُو حَيَاءٍ وَحِشْمَةٍ وَعَفَافٍ ، وَلَكِنَّ الحَيَاءَ لاَ يَمْنَعُ المُؤْمِنَ وَالمُؤْمِنَةَ مِنْ قَوْلِ الحَقِّ قَالَ تَعَالَى ( وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ) قَالَ بْنُ حَجَرَ رَحِمَهُ اللهُ ( وَلاَ يُقَالُ رُبَّ حَيَاءٍ يَمْنَعُ مِنْ قَوْلِ الحَقِّ أَوْ فِعْلِ الخَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا ) وَكَذَلكِمُ فَإِنَّ الحَيَاءَ لاَ يَمْنَعُ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَدْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ عَنْ حُكْمِ الإِغْتِسَالِ مِنَ الإِحْتِلاَمِ وَقَالَتْ فِي أَوَّلِ سُؤَالِهَا : يَارَسُولَ اللهِ ، إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ( نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءَ الأَنْصَارِ ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ) نسألُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنَا وإياكُم وَجَمِيعَ المُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الحَيَاءِ وَالحِشْمَةِ وَالمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وصلوا وسلموا على محمدٍ ؛ فقد أمركم الله بذلك فقال ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسلموا تسليما )
![](https://www.google.com/images/icons/product/drive-32.png)
PDF A5
PDF A5
![](https://www.google.com/images/icons/product/drive-32.png)
WORD A5
WORD A5