عبرتُ بالتذكرة .. يوميات مُرتجلة على طريقة مقامات الحريري
1/1/2024 بقلم الأستاذ : محمد سلامه المحامي 

عبرتُ بالتذكرة .. يوميات مُرتجلة على طريقة مقامات الحريري

1/1/2024 بقلم الأستاذ : محمد سلامه المحامي

...............

بغض النظر عن إرهاقي الشديد، والملل البليد، والوحدة والتسهيد ، قررتُ أن أشارككم تجربتي اليوم في مترو الأنفاق، وسأكتب بأسلوب مقامات الحريري (1) ارتجالا ، ولا يملك ذاك إلا اثنين في العرب ، العميدُ (2) وصاحبكم ذو الأدب.

وهروبا من مشاكل عائلية بلا عائلة في الواقع ، وأزمات نفسيةٍ ليس لها من دافع، أقول بسم الله (وخير اللهم اجعله خير) ، عرجتُ صباحا على مترو كلية الزراعة ، قادما من دلتا الخُضرة والزراعة ، ألتمس استئنافا إلى دار القضاء ، بعينٍ لم تنم وفكر ٍ في عناء ، إذا فينا ينادي أفراد أمن المحطة ، أن زيدت الأسعار ، وادفعوا بلا انتظار ، وبمشهد ٍ عجيب ، سبق له الترتيب ، أحاط بنا العساكر ، تحسبا للناكر ، وتذمّر العوام ، وهمهموا بالكلام ، وطالت الطوابير ، كقبيلة ٍ حول زير ، ووصلتُ للشباك ، فقال أين النزول؟ ، قلتُ عبد الناصر ، وقلتُ ( منه لله ) ! فأمّن الحاضرون ، من خلفي يجمعون ( آه والله يا أستاذ .. حسبنا الله ونعم الوكيل ) فتلقفها العوام ، بوجع ٍ مُستهام ، وقالت النساء ( والله يابني حرام ) وأوشك الكلام ، بأن يبدوا هتافا ، وتختلج النفوس ، ويختل النظام .

وبحس أمنٍ دفين ، لمحتُ ركنا ركين ، وبعين صقر ٍ رزين ، ذو رتبة ٍ مستكين ، متابعا ما ثار حتى ، قلتُ ( يا واقعة طين ) !!

تلاقت العينان ، ورفع لي حاجبا ، فارتفع لي حاجبان ، ذو سلطةٍ ومحام  ، كلام بلا كلام ، فثبتّ كالشجعان ، وقلتُ ( مطرح ما ترسي ) وأنت لها يا مان ، بيد أن القدر ، لم يرض لي بالكدَر ، فأرسل الخلاص ، لمردد الإخلاص ، فإذ بذات ازدراء ، للناس في غباء ، تجاهلت الطابور، حتى وقفت أمامي ، وقللت احترامي ، فقلت ذي فرصتي ، لأهرب في سلام ِ ، وصحتُ ( دي قلة ذوق ) ، فشرشحت بالكلام ِ ، فهبّ فيها الجموع ، فجعلته الموضوع ، فأزاحها الأمناء ، واتفضل يا أستاذ ..

عبرتُ بالتذكرة ، ولمحتُ الرتبة َ يره ، فأومأ باهتمام ، رددتُ بابتسام ، ذو سلطة ٍ ومحام ، كلام بلا كلام ، تلاقت العينان ، وترجم الترجمان ، ( قاللي : نهارك طين ) ، ( وقلت : نهارك خرة ) .

..........

(1) مَقَامَاتُ الْحَرِيرِيِّ " كتاب أدبي من أمهات كتب الأدب العربي قرأته في مرحلة الثانوية الأزهرية بعد ان قرأت للعقاد جملة (من لم يقرأ مقامات الحريري فليس بمتأدب) وهي مقامات أدبية ألفها محمد الحريري البصري وهي من أشهر المقامات التي تنتمي إلى فن من فنون الكتابة العربية الذي ابتكره بديع الزمان الهمذانيّ، وهو نوع من القصص القصيرة تحفل بالحركة التمثيلية، ويدور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تعتمد على السجع والبديع.

(2) العميد : عميد الأدب العربي ، د.طه حسين.


LinkFacebook