31/3/2023

حتى وأنا في مكاني ، أتكيء على مقعد من قلوب من حجارة أتحفتني طيلة العمر بمآس لما يتحملها مثلي، وأبحث في حائظ الدنيا الأصم عن ثقب تركه القدر بالخطأ فنفذ منه بصيص أمل وبضعة أنفاس من اكسجين تسمح لي بالبقاء حيا.. حتى على هذه الحالة .. يكاد بابي الصدئ يحطمه الركل والخبط وطلب الدخول الحثيث وكأنها الجنة! أتهادى للباب أفتحه بصعوبة بالغة بيد مرتعشة وقلب خالص بأوجاعه لا ينقصه زائر ولا سائل ، فإذ بإحداهن ، تقف وقد جالت ببصرها في محتوياتي البسيطة برهة وصدّعتني بالأسئلة برهة ثم لا تلبث أن تبتسم لنفسها لتدرك أن الباب المزخرف من الخارج ، وما سمعته مني صدفة ، وعني صدفة ، قد أوحى لها على غير الواقع بأن ثمة ( مغارة على بابا ) خلف هذا الباب ، وأن تلك الشخصية مختلفة بعض الشيء ، بما يندر أن يصمد أمامه هذا الفضول الأنثوي القاتل فتظل حينا تجول تطالع هذه الغرابه الملفته وأنه لربما فيها شيء من ثراء أو فرصة أو ربما متعة بطريقة مختلفة كإختلاف صاحبها.. فإذ بها لا تجد إلا الإنسان .. أبسط ما يكون ، وأحوج ما يكون ، وأصدق ما يكون ، خلف هذا الباب ، أشيائي بسيطة وهواياتي شتى ، عنيد لا يستفزني أمر إلا انجزته ، مرهقٌ .. لشدّ ما عانيت وكافحت وقاومت .. وودّي خالص لا ريب فيه، يندر أن تثمّن إحداهن تلك "الأشياء" أو المعاني كما تثمن الوظيفة والمرتب والسن المبكرة وقطعة الذهب والسيارة!

ما يؤلم حقا .. انني لا أفعل أي شيء يجلب عليّ هذا الطرق الحثيث من الخارج في البداية .. حتى أنني لا احسن أبدا الحديث عن نفسي فما أبوح به دائما من باب الصراحة والصدق، أكتشف ان الناس يكتمونه تجملا .. وكم كان اولى بي ذلك! بل أنا أحوج ما أكون من غيري إلى هذا وأنا اكتم لعنة اربعين سنة مطالب في وقت ما لا محالة ولو في نقاش عابر بتفسير كيف – بالله - قضيتها بمفردي تماما وكيف لم انتبه ان هذا وحده .. مخيف جدا !


ورقة يوميات

محمد إسماعيل سلامه

31/3/2023