تكتشف بعد عمر طويل، انك أضعت السنين تشرح للأشخاص الخطأ وتعبر عن دواخلك لمن لا يعتبرون بها، جتى إذا صادفت الأصدق والأنسب والأفضل .. تجد نفسك فارغ الطاقة ، مبتور المعاني ، عاجزا عن تفسير صمتك ، وتبيان مشاعرك ، وتبرير حزنك ، أو حتى إظهار حبك ! تكتشف بعد عمر طويل أنك اعتدت وحدتك كحضن وحيد يضمك بعد فشل التجارب مع من لا يستحق كل مرة ، فتشعر أن حتى الحب الحقيقي ، أصبح يبدوا كما لو أنه لم يعد ليستحق التجربة ، وأن وحدتك التي اعتدتها أأمن من أي تجربة بعد كل ما حدث ، وأن النهاية محتومة ككل من سبق ، وأنك ولأول مرة .. أصبحت تعجز عن الشرح .. تمل من البوح .. تأبى أن تخوض في شيء معروف النتائح مسبقا .. فالخبرة أصبحت اكبر من التجربة .. والحاجة إلى الأمان والسلام النفسي واجتناب مجتمع عبثي منافق كهذا .. أصبحت أكبر من الحاجة إلى حب ولو حقيقي .. أو إلى متعة ولو اشتد إليها نزق لا يهدأ .. أو حتى إلى مجرد الذوبان في محيطك فتفعل ما يفعله الآخرون !
تكتشف بعد عمر ٍ طويل .. أن المستحيلات .. يصنعها رفضنا لما كان يوما ممكنا .. بحثا عن الكمال وسط مجتمع كلما تقادمت عليه السنون .. شذّ وفسد وانعدمت فيه الفرص لأمثالك ممن يتحرّون الصدق ولا يقبلون بأنصاف الأشياء ! ولا يرتضون راحة للجسد وأرواحهم متعبة بلا راحة ! لينتهي الأمر كما بدأ منذ مطلع أول قصيدة لم تنتهي منذ أربعين سنه (( انا والروحُ والفؤادُ .. يتامى )) !!
26/1/2025
محمد سلامه