حتى النقد اللاذع المستمر ، كان يحمل في طيّاته شيء من أمل ، شيء من اعتبار أنك تخاطب عقولا تزن الكلام وأشخاص يشعر ضميرها بما توخزه به من مباديء وإنسانية وقيم دينية ، فإذا صمت مثل هؤلاء الناصحون ، وإذا كفَّ صاحب الشكوى شكواه ، فاعلم أن كل شيء انتهى .. واعلم أنك خسرت أمثال هؤلاء الأنقياء الناصحين ، والشباب الأطهار ، ولم يبق لك في الأخير سوى الرجال السكارى من المخدرات ، والنساء الساعيات بلا شرف ، وكلاهما يغطّ في جهل ويعربد في جرأة ، بينما يتوارى كل ذي خلق وفضل في الظل يائسا من الحال ، صامتا في كل الأحوال ، ولمجتمع هكذا حاله .. هالك لا محالة ، مهزومٌ بلا حرب ، تأكله فوارق الطبقات من الداخل ، ويسقط كالثمرة العفِنة في الأخير ، لا ينفعه جيش ، ولا تنقذه استدانة ، حتى يرى مجموعة أخرى من الناجين بعقولهم أن هذا المكان الحضاري المتميز لأولى به بشر حقيقيون يعمرونه وينفعون به أنفسهم والناس : وهذا عين قوله تعالى (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) سورة محمد ، آية 38
وفي التاريخ عشرات الأمثلة لمن يقرؤه - عن نفسي - أرى أننا نسير بالملليمتر على خطى الرومان في مصر قبيل الفتح الإسلامي ، واللافت فيه إستعباد الرومان للمسيحيين المصريين واضطهادهم واثقالهم بالضرائب على الرغم من اعتناق الرومان للدين المسيحي في نهاية عهد امبراطوريتهم ، فلم يمنع إتحاد الديانة من اتخاذ الرومان للمسيحيين المصريين عبيدا وعمالا لديهم واستنزافهم ماليا لسد فساد الدولة الرومانية في آخر عهدها ، لهذا تحديدا رحب المصريون بالفتح الإسلامي ليس حبا في الإسلام عند الكثيرين (( وده تحديدا سبب إن أغلب المصريين وبكل أسف منافقين تماما في موضوع الدين ده بالمناسبة ، بحيث انك تعرف واحده مومس اصلا وتلاقي صفحتها على الفيسبوك كأنها الشيخ الشعراوي )) ولكن كان قد وصل الأمر بالمسيحيين إلى حد الإستسلام لأي حكم جديد يخلصهم من هذه المذبحة الإنسانية التي استمرت قرابة سبعمائة عام ، فهل من فاتح جديد ، لهذا الهرقل الجديد ؟!