تذكر دائما وأنت تخطط لتسود فتبقى أنت ولا غيرك ، أن للقدر دائما شؤونٌ أُخَر ، فيلقنك درسه بالطريق الصعب بعد أن استكبرت على الطرق السهلة اللينة في غير مرة وضربتها بقدمك، وكما أن البدايات التي لا تُرضي الله نهايتها لن ترضيك ويأتيك الخذلان من الجهة التي عصيت الله من أجلها ، بالمثل تماما ، عندما تشد حزام الناس ، وتعصر على أعناقهم وأنت تظن أنك بالجلوس واثقا لتقول ( اللي حصل ده مش هيحصل تاني في مصر ) هكذا يرهب من يرهب ، ويرتعد من يرتعد ، فأنت مخطيء تماما سيدي.
ظل صاحبنا القديم لثلاثين سنة لم يجرؤ أحد في عهده على أن يمد يده إلى عنق ضابط مباحث ! وبذات السخرية التي كان يسخرها من يسألني في العام 2010 هل تظن أن ثمة حراك قادم ، أجبت بل ثورة تصحيح ، هكذا كان تصورنا ومنانا وإن لم يتحقق.
أكررها بلا سائل ولا ساخر، ما من شيء يقف أمام قانون الطبيعة في الخلق ، لكل فعل رد فعل مهما تأخر، ولكل انفلات عن الحد نهاية مهما جبُن الناس وخشوا ، ولكل تأليه لعبد آية لمن يعبدونه من رب العبد وربهم الذي يخشون سواه وهو - تعالى - أحق أن يخشوه.
هل أبالغ ؟ هل أشمت في الرجل ؟ تظل ساذجا إن ظننتَ هذا سيدي ، أنا فقط أذكّر ، وأكرّر ، فرق السماء عن الأرض بين من يحترمك ومن يخشاك ، فرق بين من يعطي للبناء عن ثقة واطمئنان كما أكل الصينيون كل أربعة في طبق أرز واحد حتى يتخطوا مجاعتهم ووَعى حتى أصغر طفل صيني أنها مسألة بقاء دون إعلام كاذب ودون تضليل وفساد وإشغال للناس بنشر العهر في أيام مباركة ، وبين من يعطي كمن يعطي الجزية عن يدٍ وهو صاغر وتصدمه وهو جائع محتاج ، الأبّهة الفارغة ، والأنوارُ في الصحراء ، وتأليه البشر ، ونفاق ذوي السلطان وفساد ما بعده فساد ، "وواحد في الميه على كل قزازة كازوزة" وثلاث وثلاثين عن كل ورقة ، والقلاع على التلال كما قال محمود درويش منذ خمسين عاما .
وربما من لا يستفيق لكلام العاقل ، قد يستفيق بقبضة الجاهل وبطشه بلا فهم في كل إتجاه ، وها هو الوعي المنعدم ، وثقافة المادة والمنفعة والمتعة الجاهزة بلا عقل أو مرجعية أو ضمير ، أليس هذا هو شكل المواطن الذي تحرصون عليه وتربونه وتفرحون به ، أليست هذه بضاعتكم تُرد إليكم ؟!
أحد أكبر الأسباب التي تجيب عن دهشة الكثيرين ، فيم لم يخش هذا البسيط ضرب الضابط ، الإجابة ببساطة ، أنه أجهل من أن يفهم الجحيم الذي سوف يلاقيه كجزاء عن هذا الفعل ، ومن يجهل الشيء ، بديهي .. أنه لا يخشاه ، كما قد يضحك الطفل امام فيلم رعب لأنه لا يفهم الصورة ، وربما يرى في الأشكال المرعبة التي تتقافز أمامه على الشاشه شيئا يدعوا للضحك بدلا من الخوف ، الرجل بسيط .. معدم .. لا يفهم .. ولن يفهم .. فلئن تحرص على إبقاء هذا المخلوق بسيطا ،، جاهلا ،، معدما ،، لا يطالب بحقوقه ولا يعترض على شيء ،، فأنت في الوقت نفسه ،، تربي وحشا كامنا ،، وشرا مطلقا ،، قد ينال أول ما ينال .. منك أنت ،، بكل ما أوتيت من قوة مرعبة فعلا ! لأنه وصل إلى درجة أنه لا يفهم تلك القوة بقدر ما فهم (لحظيا) أنه يُحارب في قوته الذي أصبح بالكاد ،، يكفيه ،، فهمت ؟!
هذا سيدي ما يُسمى بقانون الطبيعة والذي احترمه حتى الخالق سبحانه فقال في حديثه القدسي : يا عبادي إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا .. (اللهم بلغت وليكن ما يكون)