الرسم العثماني
الرسم العثماني هو الطريقة التي ارتضاها عثمان بن عفان رضي الله عنه وأصحابه في كتابة كلمات القرءان الكريم، ورسم حروفه في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار.
الرسم العثماني هو الطريقة التي ارتضاها عثمان بن عفان رضي الله عنه وأصحابه في كتابة كلمات القرءان الكريم، ورسم حروفه في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار.
اختلف العلماء على ثلاثة أقوال:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الرسم العثماني أمر توقيفي، وأنه يجب الالتزام به في كتابة المصاحف، ولا يجوز مخالفته لأنه الرسم الذي ارتضاه الصحابة وأجمعت عليه الأمة؛ ومن الأدلة على ذلك ما روي عن الإمام السخاوي بسنده: (أن مالكًا رحمه الله سئل: أرأيت مَن استكتب مصحفًا، أترى أن يكتب على ما استحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكَتْبة الأولى).
أن الرسم العثماني ليس توقيفي، بل كان باصطلاح من الصحابة لأنهم كانوا حديثي عهد بالكتابة، وأنه لا يجب الالتزام به في كتابة المصاحف، وممن أيَّد هذا القولَ وانتصر له ابن خلدون والباقلاني، ودليل هؤلاء أنه لا مجال للتوقيف في مجال الإملاء الذي تحكمه قواعد، ونفى الباقلاني أن يكون هناك أي دليل يثبت التوقيف في الرسم، والتوقيف يحتاج إلى دليل.
أن الرسم العثماني ليس توقيفي، وأنه يجوز كتابة المصاحف بالرسم الإملائي لعامة الناس، بينما تكون الكتابة لأهل العلم بالرسم العثماني، وممن جنح إلى هذا القول شيخ الإسلام العز بن عبد السلام والإمام الزركشي؛ قال الإمام العز بن عبد السلام: (لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين).
القول الأول والله أعلم.
1. مراعاة القراءات المتنوعة في الرسم:
كتبت الكلمة القرءانية التي لها أكثر من قراءة بصور تحتملهم جميعًا بقدر الإمكان نحو: كلمة {عِبَٰدُ} في قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ} [الزخرف: 19] قرأت (عباد) و (عند) والرسم يحتمل القراءتين.
2. الدلالة على أصل الحركة:
ككتابة الكسرة ياء في قوله تعالى: {وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ} [النحل: 90].
3. الدلالة على أصل الحرف:
ككتابة (الصلاة) بالواو في قوله تعالى: {ٱلصَّلَوٰةَ} [البقرة: 3].
4. الدلالة على معنى خفي دقيق:
ككتابة (يدعو) بغير واو في قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ} [الإسراء: 11] للتنبيه على سرعة وقوع الفعل، وسهولته على الفاعل.
5. إفادة بعض المعاني المختلفة بطريقة لا خفاء فيها:
كقطع كلمة (أم) في قوله تعالى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109] ووصلها في قوله تعالى: {أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك: 22] فقطع (أم) الأولى في الكتابة للدلالة على أنها المنقطعة بمعنى بل، ووصل الثانية للدلالة على أنها المتصلة.
6. الدلالة على بعض اللغات الفصيحة:
ككتابة كلمة (رحمة) في بعض المواضع بالتاء المفتوحة نحو: {أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ} [البقرة: 218] للدلاة على لغة طيء.
7. إثبات اتصال سند القرءان خطاً ونطقاً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
8. حمل الناس على أن يتلقوا القرءان الكريم من صدور الثقات.
كُتبت المصاحف العثمانية خالية من النقط والشكل على عادة العرب ذلك الحين، وكان الاعتماد في القراءة على السليقة العربية السليمة وتلقي القرءان بالمشافهة، ولكن عندما اتسعت رقعة الإسلام ودخل غير العرب فيه، بدأ يظهر الخطأ في اللغة العربية وبالتالي في تلاوة القرءان، مما دعا العلماء إلى وضع قواعد لهذا العلم يساعد على القراءة الصحيحة.
قام أبو الأسود الدؤلي بتنقيط المصحف نقط الإعراب بمداد يخالف لونه لون مداد المصحف: نقطة حمراء فوق الحرف المفتوح، ونقطة حمراء تحت الحرف المكسور، ونقطة حمراء أمام الحرف المضموم، ونقطتين للتنوين.
الخليل بن أحمد كان أول من وضع الهمزة والتشديد، وشكل الكلمات بالحركات بدلًا من النقط: فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسر شكلة مستطيلة تحته، والضم واو صغرى فوقه، والتنوين زيادة مثلها، وتكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلها حمراء، والهمزة المحذوفة تكتب همزة بلا حرف حمراء أيضًا، وعلى النون والتنوين قبل الباء علامة الإقلاب حمراء، وقبل الحلق سكون، وتعرى عند الإدغام والإخفاء.
وضع نصر بن عاصم نقط الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة رسمًا من بعضها بلون مداد المصحف فنقط الحروف المتشابهة بخطوط مائلة صغيرة حتى لا تختلط مع نقاط الإعراب.
لما تحول نقط الإعراب من نقاط حمراء إلى حركات، استبدلت نقط الإعجام من خطوط مائلة صغيرة إلى نقاط وجرى العمل على ذلك إلى عصرنا. وأخذ التحسين يتدرج في أطوار متلاحقة فوضعت أسماء السور وعدد الآيات، والرموز التي تشير إلى رءوس الآي، وعلامات الوقف، والتجزئة، والتحزيب، إلى غير ذلك من وجوه التحسين.
للمصحف العثمـاني في رسمه قـواعـد ظهر فيها المفارقة لطريقة الرسم الإملائي المعتاد في الكتابة حصـرها العلماء في ما يـلي:
وهي حذف حرف في الكلمة رسمًا لا لفظًا، ويدخل الحذف على أحرف المد الثلاثة وعلى اللام والنون، على النحو التالي:
1. حذف الألف:
2. حذف الياء:
3. حذف الواو:
4. حذف اللام:
5. حذف النون:
وهي إثبات حرف في الكلمة رسمًا لا لفظا وعلامته في المصحف الصفر المستدير، وهي تدور في الألف والياء والواو على النحو التالي:
1. زيادة الألف:
2. زيادة الياء:
3. زيادة الواو:
القاعدة العامة:
التفصيل:
1. ترسم على ألف:
2. ترسم على ياء:
3. ترسم على واو:
4. ترسم على نبرة:
5. ترسم على السطر:
6. تسقط الهمزة:
7. أحكام خاصة:
وهي إبدال حرف بآخر في الكلمة رسمًا لا لفظًا، وتنقسم إلى ما يلي:
1. إبدال الألف واو:
2. إبدال الألف ياء:
3. إبدال نون ألف:
4. إبدال تاء التأنيث المربوطة تاءً مفتوحة:
إبدال تاء التأنيث المربوطة تاءً مفتوحة نحو: {رَحۡمَتَ} [البقرة: 218] بخلاف الأصل، وسيتم شرحها بالتفصيل في موضع آخر.
الأصل في الكلمة أن تكتب مفصولة عن الكلمة التي تليها، لكنها جاءت موصولة بالكلمة التي تليها في مواضع مخصوصة نحـو: وصـل (بئـس) بـ (مـا) في {بِئۡسَمَا} [البقرة: 90]، وسيتم شرحها بالتفصيل في موضع آخر.
رُسم المصحف ليحتمل رسمه أكبر قدر ممكن من أوجه الخلاف، فإن لم يحتمل الرسم ذلك رُجح أحدهما كأن ترسم السين صادًا نحو: {وَيَبۡصُۜطُ} [البقرة: 245]، فإن كان وجه الخلاف بزيادة لا يحتملها الرسم فتكتب في أحد المصاحف بالقراءات التي فيها زيادة وفي باقي المصاحف بدون الزيادة.