المدرسة المتعلمة

يوميات معلم في مدرسة متعلمة

بدأ اليوم الدراسي كعادته في المدرسة باجتماع بين معلمي التخصص الواحد لمناقشة الخطة اليومية لتطبيق طريقة أو إستراتيجية الاستقصاء في مواد العلوم . وشارك المعلم محمد مع أفراد تخصصه في مادة العلوم وحدد الطريقة التي يمكن اتبعاها في تطبيق الاستقصاء في مادة العلوم ، وكيف يمكن التركيز على نقل قيم الاستقصاء للطلاب مثل : قيم النقد السليم ، وقيمة عدم قبول الأدلة إلا بعد التأكد من صحتها وموثوقيتها وغيرها . ثم ناقشوا جدول الزيارات المتبادلة بينهم ، وما هي النقاط التي سيتم التركيز عليها في ملاحظاتهم على أدائهم .

وحسب جدول الزيارات تقرر زيارة المعلم محمد لزميله المعلم خالد . واتفقا على الإطار العام للزيارة وموضوعها الأساسي و هو تطبيق قيم الاستقصاء في درس العلوم وفق استراتيجية معينة ، كما اتفقا على أن الزيارة هدفها تطوير الأداء لهما وليس هدفها التقويم أو التفتيش . وتمت الزيارة كما هو مقرر لها ثم جلسا لمناقشة الأداء ، وأفضل الطرق لتطويره ، وخرجا بنتائج عامة في تطبيق الاستقصاء تقوم على الممارسة و الخبرة والملاحظة ، وكتبا تقريراً بذلك لمناقشته في اجتماع معلمي العلوم الشهري .

ومن المشاكل التي واجهتهم في تطبيق الاستقصاء هو " ضعف الطلاب في طرق الحصول على المعلومة " وهذا الضعف انعكس على استقصاء الطلاب لمعرفة الظواهر العلمية ، لأن أسس الاستقصاء تعتمد على أمور منها معرفة طرق الحصول على المعلومات .

لذا اقترح المعلم خالد على زميله محمد بعمل بحث إجرائي حول طرق حل هذه المشكلة . وبالفعل قاما بتعريف المشكلة ثم حددا الأسباب الممكنة للمشكلة ، ثم اقترحا بعض الحلول لتلك الأسباب وقاما بتجريبها على الطلاب فكانت النتائج وفق المأمول وكانت لها أثراً تربوياُ جيداً على الطلاب . ثم وثَّقا بحثهما الإجرائي في مجلة المدرسة التعليمية التي تصدر كل فصل دراسي وتشتمل على تجارب وبحوث علمية و منتجات تعليمية للمعلمين والطلاب .

وتتعدد طرق وأساليب التطوير المهني في هذه المدرسة المتميزة لتشمل الدروس النموذجية ، والزيارات المتبادلة ، والمحاضرات الأسبوعية التي يقوم بها المعلمون أنفسهم حول قضايا تربوية وتعليمية ، والزيارات الخارجية لمدارس أخرى للاطلاع على التجارب

المميزة ، وغيرها من طرق وأدوات تحقيق المدرسة المتعلمة التي تقوم على أربعة مبادئ :

أولاً - المدرسة المتعلمة هي التي يتعلم الأفراد فيها باستمرار كيف يمكن أن يتعلموا معاً .

ثانياً – المدرسة المتعلمة هي التي تنتقل فيها طاقات التعلم من معلم إلى أخر .

ثالثاً – المدرسة المتعلمة هي أن التي يدرك أفرادها كيف يكونوا فيها طلاب علم بصورة دائمة في مجتمع دائم التعلم والتطور

والتغير .

رابعاً – المدرسة المتعلمة هي مصدر دائم لإنتاج الأفكار والمشاريع التعليمة والتربوية .

مفهوم المدرسة المتعلمة

هي المدرسة التي يتعلم الأفراد فيها باستمرار كيف يمكن أن يتعلموا معا ، وكيف تنتقل طاقات التعلم من فرد إلى أخر ، وكيف يكون فيها المعلم طالب علم دائم في مجتمع دائم التعلم والتطور والتغير .

مرتكزات المدرسة المتعلمة ( الأسس التي تقوم عليها المدرسة المتعلمة )

أولاً – الرسالة والرؤية والقيم المشتركة : ما يميز المدرسة المتعلمة عن غيرها وجود التزام جماعي بمبادئ إرشادية تحدد بوضوح ما يعتقده أعضاء المدرسة وما يسعون إلى تحققه . وهذه المبادئ لا تحدد فقط من قبل مواقع قيادية بل الأهم أن تكون متجسدة في عقول وقلوب جميع العاملين في المدرسة .

ثانياً – القيادة المهنية المحترفة : وهي قيادة قادرة على تهيئة البيئة المناسبة لتعلم أفراد المدرسة وتضمن استمرار هذا التعلم وطرق توظيفه في إحداث تعلم حقيقي لدى الطالب .

ثالثاً – البحث والتعاون والتخطيط الجماعي المشترك : تُبنى المدرسة المتعلمة على مبادئ التعاون المشترك في جميع صوره التي تشمل : التخطيط ، والتنفيذ ، والتقويم ، والعمل المنسق ، والتأمل العام .

رابعاً – التركيز على العمل والتجريب : تركز المدارس المتعلمة على العمل ، فأعضاء تلك المجتمعات يحولون طموحاتهم إلى عمل ، ورؤاهم إلى واقع . ويدركون أن التعلم يحدث دائماً في سياق القيام بالعمل .

خامساً – التحسين المستمر : أعضاء المدرسة المتعلمة يدركون أن التعلم لا يتحقق بالثبات على تحسن معين وإنما بالاستمرار في التحسن .

سادساً – التركيز على النتائج : يدرك أعضاء المدرسة المتعلمة أن تقويم المشاريع التعليمية والتجارب والأفكار والمبادرات يكون على أساس نتائجها التعليمية التربوية وليس على أساس النوايا الحسنة . فالفكرة التعليمية الجيدة هي التي تؤدي إلى نتائج تعليمية جيدة .

برامج محور التأهيل والتدريب المعززة لمفهوم المدرسة المتعلمة

تشكل المدرسة المتعلمة صورة من الفكر المدرسي الحديث القائم على تفعيل طاقات المعلمين التعليمية ، ونقل خبراتهم في الوسط المدرسي ، وإناطة مسؤولية التطوير المهني في المدرسة لأفرادها ، وتبني وجهة إشراف حديثة قائمة على مبدأ " الإشراف المتنوع " الذي يركز على توزيع المهام الإشرافية على جميع أفراد العملية التعليمية وعدم تركزها في جهة معينة .

وقد تبنى محور التأهيل والتدريب هذه الوجهة التربوية التعليمية في تطوير وإنماء المعلمين مهنياً ، وتم بناء برامج مباشرة وأوعية تعليمية عامة لتعزيز تطبيق مفهوم المدرسة المتعلمة في بيئة التعلم، فمن تلك البرامج :

1- التطوير المهني لمجموعات التخصص : ويشمل البرنامج أدوات وأوعية لتطوير المعلمين في جانب التخصص العلمي ، مثل :

أ- تعزيز آليات تدريب الأقران كأسلوب من أساليب التطوير المهني للمعلمين يضمن تطوير أدائهم من خلال أقران التخصص .

ب- اللقاءات الدورية بين المعلمين : وتضم تقنين لقاءات دورية لمناقشة قضايا تختص بالمنهج الدراسي .

ج- الدروس النموذجية : ويتم فيها عرض دروس نموذجية من خلال تقنية الربط الشبكي بين المدارس ، ويتم النقاش حولها

وتقديم التغذية الراجعة .

2- تحسين التعلم من خلال البحوث الإجرائية : ويتم فيها تشجيع المعلمين على إجراء البحوث الإجرائية الخاصة بمجال

تخصصهم ، ثم مناقشتها ونشرها . وتم تحديد جائزة لأفضل بحث إجرائي يتم تحكيمه من قبل لجان متخصصة وينشر على بوابة

المشروع لتعميم الفائدة منه .

3- برنامج القيادة المحترفة للمدرسة المتعلمة : وهو مجموعة من البرامج التدريبية المباشرة التي تهدف إلى تطوير القدرات

الإدارية والفنية لمدير المدرسة وتأهيله لاحتراف الأدوار المهنية المطلوبة لتحقيق مفهوم المدرسة المتعلمة وقيادة التغيير، ومن

الأدوات التطبيقية المحققة لمفهوم المجتمع ألتعلمي بين المدارس مثل التوأمة بين المدارس ، وتدريب الزملاء في المدرسة أو في

المدارس الأخرى و أيضاً " ملتقى القيادات المهنية " وهو مؤتمر سنوي تٌعرض فيه التجارب الإدارية والفنية الناجحة في المدارس .

رسالة خاصة ...

أخي المعلم ... جميع الأفكار التطويرية تبدأ منك وتنتهي بك ، توجه إليك وتنطلق بك ، ثمارها في الميدان أنت كشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ...

أخي المعلم ...التطوير في واقع تعليمنا حاجة تحتاج إلى قبول منك واستجابة ، فقاعدة هرم التطوير وقمته أنت ، وجميع أفكارنا تبقى كسحاب مثقل بالماء لا تمطر إلا بك ، ولا تخضر أرض التعليم وتنمو شجيراتها إلى بحراثتك وسعيك المشكور في الدنيا والآخرة ، فهل أنت كما ينبغي أن تكون عليه أنت.

===================================================