المركب التائه

تامل في حركة الحياة البشريه ومسيرتها القادمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث للناس كافة سيدنا محمد وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين أجمعين .

امابعد :-

عاشت البشرية ما مضى من يومها ( الطويل عند الخلق , القصير عند الخالق ) وحالها كحال مركب تائه في بحر الزمن , تقوده أمواج ( الحق والباطل ) يمينا وشمالا , تقدما وتراجعا . فما تكاد أن تخرج من مرحلة طفولتها بهدي نبي أو مصلح او حكيم حتى تعود أليها , وياليته عود إلى ما كانت عليه ولكنها تعود دائما إلى طفولة أدنى وأسوء مما كانت عليه .

بل عادت في ساعة من ذلك اليوم الطويل ( وهو القرن الماضي– القرن العشرين ) إلى حال ينذر بخطر هلاكها ودمارها , حيث عاشت مراهقة مجنونه تكاد أن تفسد كل خير فيها وفي ميراثها , وهي اليوم تصر إصرارا عجيبا على نقل ميراث وثقافة مراهقتها إلى ما بقي من عمرها ( وأجيالها اللاحقة ) ليعيشوا في جنون وضياع , لا قائد لمركبهم المترنح الحائر إلا الشيطان واولياء الشيطان المستكبرين في الارض , ليعزف هذا القائد الباسل على اوتار انفسهم ( المنحرفة عن فطرتها ) لحن الاحتضار , وينسج أكفان جثثهم بخيوط أوهام ( ثقافاتهم و معتقداتهم وعولمتهم ) ويحفر قبورهم بكل آلات الاعمار وأسلحة الدمار التي عشقوها , وهاهو اليوم يقود المركب التائه وركابه العابثين إلى جبل مسبح غاضب , مغريا راكبي المركب بأنه جودي نجاتهم وسعدهم , وهو ينتظر لحظة سعده لينظر كيف يتحطم المركب الغبي وهو يصطدم بأول صخرة من الجبل الصامت الصابر المنتظر وصول مركب الراشدين , ولكن الجبل سيحطمهم بعدما عرف انهم مراهقين عابثين .

واملي بالله الواحد القهار ان يبعث طفلا من بين الجموع ليصرخ بالكبار ان انتبهوا قبل حلول الدمار , فياخذ الله بيد ذلك الطفل لينقذ المركب والركاب من طيش اولئك الكبار الصغار.

واني لكبير امل بالله ان يعيد للبشريه رشادها الذي رسم خطوطه الانبياء بوحي فاطر السماء . فيعيش اهل مركبها امنين يسيرهم راشدوهم الى جزر الخير ومرافئ السلام , ويستثمروا تراث البشريه ودولها والحضارات السابقه كلها , فما كان فيها من خير زادوه , وما كان فيها من شر درسوه واوجدوا الخير الذي يقابله او الخير الذي حجبه ذلك الشر , بل اكثر من ذلك افترضوا كل ما يحتمل من شر واوجدوا كل مايمكن ان يقابله من سبل الخير , ليعيش كل انسان بتراث جميع الانبياء , وبتراث جميع الحضارات , وبميراث الله الذي لانهاية لمداه . والحمد لله اولا واخرا.