تفاعلات الغذاء والدواء
أ.م/ شيماء سامي محمود
أستاذ مساعد الفارماكولوجي - كلية الصيدلة - جامعة الزقازيق
مقدمة
كثيراً ما نسمع عن تفاعلات الأدوية مع الطعام والشراب، والذي يتمثل بحدوث تأثير للطعام أو الشراب الذي يتناوله الفرد على مكونات الدواء الذي يستخدمه أو العكس، الأمر الذي يجعل الدواء لا يعمل بالشكل المطلوب. ويذكر أن هذا التفاعل من الممكن أن يحدث بين الطعام وبين تلك الأدوية التي تباع بوصفة طبية أو من دونها، وكذلك المكملات الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات، والمعادن، وحتى الأعشاب.
نتحدث في هذا المقال عن:
انواع التفاعل بين الأدوية والطعام.
أشهر انواع الطعام التي تتفاعل مع الأدوية.
متى يصبح تناول الطعام مع الدواء ضرورياً؟
نصائح لتجنب تفاعل الأدوية مع الطعام.
انواع التفاعل بين الأدوية والطعام
يمكن أن يحصل التداخل من خلال الحركية الدوائية (Pharmacokinetics): حيث إن وجود الطعام في المجرى الهضمي قد يؤثر على التوافر الحيوي للأدوية (bioavailability) بشكل مباشر أو غير مباشرأو قد يحدث على مستوى الفعالية العلاجية (Pharmacodynamics).
كما يمكن تصنيفها إلى تداخلات عامة General interactions وفي هذه الحالات يجب السؤال "هل الدواء يجب أن يؤخذ مع أو بدون طعام؟" أو تداخلات خاصة Specific interactions أي الدواء يتأثر بنوع معين من الطعام.
من التعبيرات المستخدمة لوصف وقت تجرع الدواء بالتناسب مع تناول الطعام:
أشهر انواع الطعام التي تتفاعل مع الادوية:
فيما يلي أمثلة لأشهر أنواع الطعام التي تتفاعل مع الادوية:
1- الحليب ومشتقاته:
يجب تجنب تناول المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة لترقق العظام مع منتجات الألبان، حيث إن الحليب ومنتجاته تعتبر مصادر غنية للأيونات ثنائية التكافؤ، مثل الكالسيوم والمغنيسيوم اللذان يرتبطان مع هذه الأدوية وتمنع امتصاصها.
الفارق الزمني بين تناول الدواء وهذه المشتقات بفارق زمني ساعتين على الأقل.
2- الخضروات ذات الأوراق الخضراء:
يتعارض دواء الوارفارين وغيره العديد من الأدوية المضادة للتخثر مع الفيتامين ﻙ.
لذلك، فتناول الكثير من الخضروات ذات الأوراق الخضراء، ومنها الملفوف، والبروكلي، والسبانخ، والتي تحتوي، وبمقادير عالية، على الفيتامين ك، بشكل فجائي يعمل على التقليل من قدرة تلك الأدوية على منع التخثر.
ولكن إن هذا النوع من تفاعل الأدوية مع الطعام لا يعني بأنه على مستخدم تلك الأدوية التوقف عن تناول هذه الخضروات، حيث تظهر مشاكل هذا النوع من تفاعل الأدوية مع الطعام لدى من يزيدون أو يقللون من تناولها بشكل كبير ومفاجئ، كون ذلك يغير من فعاليتها.
لذلك، فإنه ينصح بتناول هذه الخضروات بكميات ثابتة إلى حد ما.
3- الجريب فروت وعصيره
تتفاعل هذه الفاكهة وعصيرها مع أكثر من 80 دواء، وذلك بطرق مختلفة بناء على كيفية استقلابها، فبالتالي إما أن تعمل على التقليل من امتصاصها مثل مضادات الهستامين. أو أن تزيد من مستوياتها في الدم بشكل خطر مثل أدوية الستاتينات الخافضة للكوليسترول.
إن شرب كوب صغير جداً من الجريب فروت أو تناول ما لا يزيد عن فصين منه قد يسبب مشاكل كبيرة لمن يستخدمون أدوية تتأثر بها. لذلك، فيجب التوقف تماماً عن شرب العصير المذكور وأكل هذه الفاكهة أثناء استخدام الأدوية التي يؤثر على مستوياتها بهذا الشكل.
4- عصير البرتقال او الليمون:
إن تناول عصير البرتقال أو عصير الليمون مع أحد الأدوية التي تحتوي على عنصر الألومنيوم مثل الأدوية المستخدمة في علاج حموضة المعدة والقرحة يزيد من معدل الألومنيوم في الدم.
ويعود هذا النوع من تفاعل الأدوية مع الطعام إلى وجود حمض الستريك في العصير الذي يساعد على امتصاص عنصر الألومنيوم من الجهاز الهضمي إلى الدم.
5- الأطعمة التي تحتوي على التيرامين:
قائمة الأطعمة التي تحتوي على التيرامين هي قائمة طويلة، فنذكر هنا بعضاً منها فقط كما يلي: الشوكولاتة والجبن القديم والأفوكادو واللحوم المدخنة.
إن زيادة مستويات الحمض الأميني التيرامين تعمل على زيادة ضغط الدم بشكل مفاجئ والذي يعد خطيراً عند تناول ما يحتوي على هذه المادة مع الأدوية تتعارض مع تحلل هذه المادة مثل مثبطات الأنزيم المؤكسد أحادي الأمين، وهو أحد أشكال مضادات الاكتئاب والأدوية التي تعالج الباركنسون.
لذلك، فعلى الطبيب إعلام أي مريض يستخدم أدوية تتعارض معها هذه المادة تجنب جميع المواد الغذائية التي تحتوي عليها.
يعد هذا من التداخلات التي يؤثر فيها الدواء على الغذاء، ويجوز العودة لتناول هذه الأطعمة بعد شهر على الأقل من إيقاف الدواء.
6- الألياف:
إن تناول الألياف الغذائية بكميات كبيرة، قد تؤثر على امتصاص بعض الأدوية إذ أنها تقلل من فترة مكوث الغذاء والدواء في الجهاز الهضمي وتزيد سرعة طرحها مع الفضلات مما يقلل من امتصاص الدواء وبالتالي يقلل من فعاليته داخل الجسم.
7- ملح الطعام أو الأطعمة التي تحتوي على الصوديوم بكميات كبيرة (الوجبات السريعة):
يتنافس الصوديوم مع الليثيوم (الذي يستخدم لعلاج اضطراب ثنائي القطب) على طريق إعادة الامتصاص الكلوي مما يزيد من إطراح الليثيوم.
8- الأغذية الغنية بالبوتاسيوم:
يجب تجنب تناول الأغذية مثل الموز، والمشمش والجوافة والخضار مع مدرات البول المحافظة على البوتاسيوم مثل الأميلورايد والترايامترين لتجنب زيادة مستوى البوتاسيوم في الدم والذي من أهم أعراضه عدم انتظام ضربات القلب.
9- الكافيين:
المضادات الحيوية من فئة Gyrase inhibitors مثل السيبروفلوكساسين، والنورفلوكساسين تمنع استقلاب الكافيين في الجسم مما ينتج عنه التوتر والأرق وتسارع ضربات القلب.
متى يصبح تناول الطعام مع الدواء ضرورياً؟
1- زيادة فعالية بعض الأدوية:
الأدوية مثل السبيرونولاكتون والجريزيوفالفين والكيتوكونازول والفيتامينات المنحلة بالدسم مثل فيتامين أ ود وك وهـ تمتص بشكل أفضل بوجود وجبة دسمة.
اللوفاساتين يؤخذ مع الوجبة المسائية لزيادة امتصاصه.
2- الحصول على الفعالية المثلى للدواء:
تناول الأدوية التي تحتوي على الميجليتول والأكاربوز مع أول لقمة (with first bite) يؤدي للحصول على الفعالية المثلى لها حيث أنهما يعيقا هضم الكربوهيدرات ويمنعا بالتالي ارتفاع سكر الدم.
3- حماية المعدة من التأثير الضار لبعض الأدوية:
مضادات الالتهاب الستيرويدية وغير الستيرويدية يجب أن يتم تناولها مع الطعام أو الحليب.
4- زيادة تحمل المريض للدواء:
إذا كان تناول الدواء يسبب إحساساً مزعجاً عندها يسمح بأخذه مع الطعام.
5- زيادة زمن بقاء الدواء في المعدة:
مثل الكيتوكونازول والأدوية المضادة لعدوى بكتيريا الهليكوباكتر بيلوري (جرثومة المعدة).
نصائح لتجنب تفاعل الادوية مع الطعام:
1- القيام بقراءة النشرة الملحقة بأي دواء والمعلومات المكتوبة على علبته قبل استخدامه، وسؤال الطبيب أو الصيدلاني إن كان هناك أمراً غير مفهوم أو حاجة لمعلومات أخرى.
2- يجب سؤال الطبيب أو الصيدلاني ما إن كان هناك دواء، أو طعام، أو شراب، أو مكمل غذائي، أو أعشاب يجب تجنبها مع استخدام الدواء المراد تناوله، وذلك بعد إعلامهما بالحالة الصحية والأدوية الأخرى المستخدمة.
3- أخذ الدواء مع كوب مليء بالماء، إلا إن أرشد الطبيب بغير ذلك.
4- تجنب فتح الكبسولة وأخذ محتوياتها إلا بعد سؤال الطبيب، فذلك قد يؤدي إلى اضطراب في أسلوب عملها.
5- تجنب أخذ الفيتامينات والمعادن مع الأدوية إلا بعد سؤال الطبيب أو الصيدلاني، فإن ذلك قد يسبب المشاكل.
6- تجنب خلط الأدوية بالسوائل الساخنة، فدرجات الحرارة العالية قد تدمر عمل الدواء.