موضوع الغلاف
البصمة الكربونية
بقلم: أ.د/ نهله يونس
ماهي البصمة الكربونية؟
البصمة الكربونية مصطلح ظهر في تسعينات القرن الماضي علي يد باحثين كنديين والتي تعني مقدار ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي سواء الناجم عن أنشطة الأفراد أو المنظمات أو الدول. يستخدم مصطلح البصمة الكربونية للتعبير عن حجم الغازات الدفيئة التي تنطلق داخل الغلاف الجوي بسبب أفعال البشر. فمن ثم يستخدم ثاني أكسيد الكربون (مكافئ) للتعبير عن إجمالي تلك الغازات الدفيئة المتمثلة في ثاني أكسيد الكربون و الميثان و أكسيد النيتروز وغيرها). ويتم قياس البصمة الكربونية على مختلف المستويات على مستوي الأفراد والأنشطة والمنتجات وعلى مستوي الشركات والمنظمات والدول، وذلك سعيا للحد من الآثار السلبية للانبعاثات الناجمة عن تلك المستويات.
تأثير البصمة الكربونية علي مناخ الأرض
تؤثر البصمة الكربونية في مناخ الأرض ككل، وبناء عليه، كلما ارتفعت البصمة الكربونية، زادت ذروة الاحتباس الحراري بالجو، حيث أن تلك الغازات الدفيئة المتسببة في رفع البصمة الكربونية تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة. وعليه فقط ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض حوالي 1.1 درجة مئوية عما كان عليه في أواخر القرن التاسع عشر (قبل الثورة الصناعية)، وكان العقد الماضي (2011-2020) هو الأكثر دفئًا على الإطلاق، وكان كل عقد من العقود الأربعة الماضية أكثر دفئًا من أي عقد سابق منذ عام 1850.
وتشير السياسات المعمول بها حاليًا إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. في سلسلة من تقارير الأمم المتحدة، اتفق الآلاف من العلماء والمراجعين الحكوميين على أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية سيساعدنا على تجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخ صالح للعيش.
ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة؛ نظرًا لأن الأرض عبارة عن نظام، حيث كل شيء متصل، فإن التغييرات في منطقة واحدة يمكن أن تؤثر على التغييرات في جميع المناطق الأخرى. تشمل عواقب تغير المناخ الآن، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الشديدة، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي.
تأتي الانبعاثات التي تسبب تغير المناخ من كل جزء من العالم وتؤثر على الجميع، ولكن بعض الدول تنتج أكثر بكثير من غيرها. الاتحاد الأوروبي، والبرازيل) يمثلان حوالي نصف جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية في عام 2020. يجب على الجميع اتخاذ إجراءات مناخية، لكن الناس والبلدان التي تخلق المزيد من المشكلة تتحمل مسؤولية أكبر للعمل أولاً.
المساهمون الرئيسيون بالبصمة الكربونية
تعتبر كل البشرية بأنشطتها جزء من البصمة الكربونية للأرض، بشكل أو بآخر، ولكن، من أبرز الأمثلة التي تضيف جزء كبير إلى البصمة الكربونية ككل، حيث تعتبر مصادر أساسية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري:
إنتاج الكهرباء.
وسائل المواصلات.
الصناعة خاصة الصناعات التي تعتمد علي الوقود الأحفوري
التجارة والإسكان.
الزراعة.
استخدامات الأراضي.
وحيث أنه من الصعب إيقاف عن تلك الأنشطة، فإنه من المهم البحث عن طرق أكثر استدامة وصديقة للبيئة تصدر انبعاثات أقل ومن ثم تقليل البصمة الكربونية وبالتالي يكون لها أثر إيجابي على التغيرات المناخية والحد منها كما هو موضح لاحقا.
حاسبات البصمة الكربونية
يتم حساب البصمة الكربونية للأنشطة أو للأشخاص بطرق مختلفة تعتمد معظمها على طرح أسئلة عامة عن المنزل والسيارة واستخدامات وسائل النقل المختلفة ومدي استخدام وسائل الطاقة المتجددة وأسئلة أخري عن النظام الغذائي وعادات التسوق واستعمال الخدمات كلها أو بعضها. ومن تلك الآلات الحاسبة للبصمة الكربونية ما يلي:
آلة حسابية وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)
آلة حسابية حفظ الطبيعة The Nature Conservancy
آلة حسابية مركز حلول المناخ والطاقة
آلة حسابية آثار الكربون Carbon Footprint لشركة استشارية بيئية
آلة حسابية المناخ البارد Cool Climate Network وهي ملك لجامعة كاليفورنيا في بيركلي وتتميز بالمرونة و أنها توضح الخطوات التي يمكن اتخاذها للحد من انبعاثات الكربون الخاصة بكل شخص
في معظم الحالات لا يمكن حساب البصمة الكربونية الإجمالية بالضبط لعدم كفاية المعرفة والبيانات الخاصة بالتفاعلات المعقدة بين العمليات المساهمة، بما فيها أثر العمليات الطبيعية التي تخزن ثنائي أكسيد الكربون أو تطلقه إلى الجو.
كيف يمكن تخفيض البصمة الكربونية؟
هناك عدة طرق أكثر استدامة وصديقة للبيئة يمكننا اتباعها من أجل تخفيض البصمة الكربونية مثل:
الحد من مخلفات الملابس: قطاع الملابس مسئول عن ما يقرب 10٪ من إجمالي انبعاثات الكربون عالميا وبالتالي يعد ثاني أضخم ملوث صناعي بعد النفط، ومن الجدير بالذكر أن حوالي 70 مليون برميل من النفط تستخدم سنويا لتصنيع ألياف البوليستر (الألياف الأكثر استعمالا بصناعة الملابس).
الحد من استهلاك اللحوم والأغذية: تصدر الثروة الحيوانية ومنتجاتها الثانوية بما لا يقل عن 32000 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بصورة سنوية، أو 51 ٪ من كل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل العالم، وهو ما يرفع بصورة كبيرة من أبخرة العادم الشاملة في كل وسائل النقل الجماعية، ومن المحتمل أن ترتفع هذه الانبعاثات في مجال الزراعة الحيوانية بحوالي 80٪ وصولاً لعام 2050 ما لم تقوم أنظمة إنتاج أغذية أكثر بقاء على نطاق كبير.
إعادة التدوير: تقليل استخدام المواد الخام وإعادة تدويرها لا يؤدي إلى تقليل النفايات فحسب، بل يقلل أيضًا من الحاجة إلى عمليات التصنيع كثيفة الاستهلاك للطاقة. إن إعادة التدوير يساعدعلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة عن طريق تقليل استهلاك الطاقة وهو الأمر الذي يحد من البصمة الكربونية. ومن أمثلة إعادة التدوير تجنب استعمال المواد البلاستيكية ذات الإستخدام الواحد واختيار المنتجات ذات الحد الأدنى من التغليف و فصل النفايات التي يمكن إعادة تدويرها و كذلك تحويل النفايات العضوية إلى سماد . اختيار البدائل الصديقة للبيئة في الخيارات اليومية دوراً محورياً في الحياة المستدامة. بدءاً من الأكياس وزجاجات المياه القابلة لإعادة الاستخدام إلى منتجات التنظيف القابلة للتحلل وخيارات الأزياء المستدامة، فإن اختيار الخيارات الصديقة للبيئة يقلل بشكل كبير من التأثير البيئي و يحد من البصمة الكربونية للأنشطة اليومية للأفراد.
تقليل انبعاثات قطاع النقل: تعديل عادات النقل عن طريق قيادة أقل و التي تعد أبسط طريقة للحد من البصمة الكربونية للسيارة، كما يمكن القيام برحلات قصيرة مشياً بالأقدام أو باستعمال الدراجة للمسافات القصيرة، وبالرحلات الطويلة يمكن مرافقة الاخرين للحد من كمية المحروقات المستعملة وايضاً الكربون المنبعث من كل شخص باستخدام وسائل النقل العام والسيارات المشتركة، يمكن أيضًا الحد من الأميال التي نقوم بها عن طريق الجمع بين الكثير من المهام في رحلة سيارة واحدة كلما أمكن. ويمثل ظهور السيارات الكهربائية خطوة هائلة نحو وسائل نقل أنظف. تعمل المركبات الكهربائية بمصادر الطاقة المتجددة على تقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير مقارنة بنظيراتها التي تعمل بالبنزين أو الديزل، مما يساهم في مستقبل أنظف وأكثر استدامة للتنقل في المناطق الحضرية. وكذلك الإعتماد علي طيران أقل حيث أن السفر الجوي هو من أكثر الأنشطة المحملة بالكربون، يمكن التقليل من بعض رحلات الطائرة من خلال السفر بالقطار أو من خلال الجمع بين عدة رحلات برحلة واحدة، حين يكون السفر هو الاختيار الوحيد، فيتم البحث عن رحلات جوية بغير محطات توقف، كونها تنتج انبعاثات غازات أقل من الرحلات المقسمة.
توفير الطاقة: تقليل استهلاك الكهرباء عن طريق تغيير مصابيح الإضاءة المتوهجة بمصابيح CFL أو مصابيح LED أكثر كفاءة من أفضل حلول توفير الطاقة والتي من الممكن تنفيذها بشكل فوري والمشجع علي ذلك قلة تواجد المصابيح المتوهجة بالأسواق. تدفئة وتبريد المنازل بكفاءة حيث يمكن توفير الطاقة المستخدمة في التدفئة أوالتبريد عن طريق المحافظة على ضبط الأنظمة وتجويد عزل المنزل والحد من تأثيرات الطقس وإغلاق أي تسرب الهواء، كما يمكن أيضًا ضبط منظم الحرارة بأعلى بعض الدرجات في الصيف وأقل بالشتاء.
الانتقال من الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة. الإعتماد علي الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها) يمكن أن يقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الوقود الأحفوري، ويخفف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
https://www.greenpeace.org/mena/ar/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%A8%D9%88%D9%86/
https://www.almrsal.com/post/1142668#reference-2