قلم : أ. إيمان شاكر الرمضان

๏ مواليد ١٩٩٣ بالدمام

๏ نوعية الكتابة : مقال

هل لديك دين «معنوي»؟


على نعش ذلك الراحل، يتساقط دمع الحداد وينبت ورد الفقد بين أحشاء التراب.. ينهال عليه الأحبة بالوداع عل الذي مضى يعود ولكن هيهات؟

! مجرد صور وتذكار ولدتها الذاكرة من رحم الحياة فأغتالها الموت في لحظة غير متوقعة

ننبش بأوراق الماضي، نتأمل بين السطور لربما أوقعنا بقلب المتوسد قبره.. جرحا غائرا أو تقرحت عيناه *ألما* بسهم طائش قد فرط منا

لا زلت أوقن بأن* اللسان * يكسر وهو بلا عظم، يغير خارطة الوجه لملامح مغترب قد أستطعم المرارة

: صدق علي بن أبي طالب حين قال

لا تظلِمنّ إذا ما كنتَ مُقتدراً فالظلمُ مرتعُه يُفضي إلى الندَم تنام عينُك والمظلوم منتبهُ يدعو عليك وعينُ الله لم تَنَمِ

_ فكم من *فتنة* أوقعت بين أخوين فتقاطعا ثم قست قلوبهما بعد

أن كانا شقيقا المحبة والمودة

_ وكم من * قذف * ترك نفسا حائرة على حافة الإنهيار، ليس لها معين إلا الله

لعلك تجد من يسدد دينك *المادي* ولكن حتما لن تفلت من دعاء لضعيف قد رفع يديه في جوف الليل يلهج بقلب قد تفطر من حماقتك

أمسينا نألف مجالس البطالين نقضم من لحم هذا وذاك. ننهش ببعضنا تحت بند ”التسلية“ نتقاسم الذنب بكل أريحية

ولكن سرعان ما يتحول هذا الفعل إلى *غصة* حينما نعلم بأن ذلك الإنسان قد فارق الدنيا، نتمنى من ساعة الزمن بأن تعود للوراء كي نسأله براءة الذمة، بيدا أن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر

الدين ”المعنوي“ رهين الميت ما إن أعتقك فهو يهز عرش الرحمن حينما يستغيث منك قبل مماته *بحسبي الله ونعم الوكيل*

لم نفكر كيف ننتشل أرواحنا من براثن المعصية بعد فوات الأوان؟

لم نصل بأنفسنا إلى مرحلة الندم، فنتيمم بالتراب والماء كان أمامنا ولم نعيره قدرا؟

*القوة* تكمن في تهذيب النفس لا في فرد عضلاتك لتصنع من أحدهم *أضحوكة* على مرأى الناس!

! و*السخاء* في صون كرامته لا إن تجعله ”فاكهة“ تؤكل بدم بارد

إن المظلوم لم يكن كذلك إلا من خلالك قد خرج من مجلسك ناقم عليك بعد أن كان قادم لأجلك وهو راض

كفانا ثقوبا، فما إن نملىء قرابنا بماء الحسنات إلا وقد أريقت على قارعة السيئات

*إستوفي دينك قبل رحيلك لديان الدين

!*رمم ما بطش به لسانك الذي ترك من وراءه كسر لم يجبر

.. بلمزة فاضحة.. بغيبة خانقة.. بظلم مقيت

! * نقح دائرة معارفك، لربما هم سر خيباتك، فإن الصاحب ساحب

: عزيزي القارىء

لندرك الوقت قبل أن يدركنا، ولنكن لطفاء ببعضنا، فالحياة خارجا قاسية بما يكفي

فقد قال رب العزة في كتابه الكريم: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ


”لجان البر“ جهة إغاثة أم إستغاثة


إن لله عباد يمشون على الأرض هوناً، يتنفسون إيثاراً، تحت ظل رعاية الله، نواياهم كالغيمة البيضاء زاخرة ”بأمنيات“ المحتاجين كي تمطر واقعاً

يتنافسون في حب الله

لستر أمةٍ حائرة •

لسد حاجة أب متعفف •

♡ لجبر خاطر يتيم •

يرجون أجراً كبيراً ورضاً مديداً من الله العلي القدير.

لعل تلك المكانة الفريدة التي أختصها رب العباد لهؤلاء كالشوكة في عين الحاقدين!

أبت نفوس أن تسدد خطاهم ”بدعوة“

أو ”بكلمة حق“ تثلج صدورهم

بل وتعدى ذلك بأن يقذفون المتطوعين في إستغلال التبرعات ”لأوجه شخصية“

تُجَرِّد المتطوع من ذمته وإنسانيته.

فأمست الجمعيات الخيرية تعاني من إنحسار ”المتطوعين“ فهي كالأم المتغربة التي تنظر الباب على أمل رؤية طيف يرف قلبها بقدومه!

أين المتحابين في الله؟

أين عمّار الأرض؟

بات البعض يرغب في التطوع فيرهب:

”مخافة“ تجريمه بتهمة ”السرقة“ •

”مخافة“ تلويث سمعته التي ستطال أسرته •

”مخافة“ أن يشار له بإصبع الإتهام والريبة في أكل مال الفقير واليتيم •

أمسى المشائخ والوكلاء بلا حرمة، تجاسر عليهم الجاهل والحاقد بلا رادع، وكأن بذلك يسعون إلى إثارة الجلبة وتجويف هدف الجمعية الخيرية لتكون بلا هوية.

إن ”المتطوعين“ يتكبدون عناء توفير سبل العيش للمستفيد بكل حب، بل وتطور الأمر في تدشين دورات من مختلف المجالات لإعادة تأهيل المحتاج بحيث ينتشله من حالة العجز إلى حالة الإنتاجية..

إن ”المتطوعين“ سعوا في خلق فرص وظيفية عن طريق المؤسسات المانحة والتعاقد معهم في سبيل تأهيل العاطلين لكي يسنح لهم المجال في الإستقلالية المادية.

إن ”المتطوعين“ يقيمون حملات تبرع بالدم بلا مصلحة، فتتحول الجمعية إلى غرف عمليات لكي يؤمنوا لأهل المريض ”أقرب متبرع“ وفي وقت ”قياسي

!! - نحن نبحث عن السعادة في أزقة المقاهي وعلى عتبة الإستراحات ”متوهمين“ بأننا حققنا ”الراحة“ المطلقة إلا أنها وقتية، آنية!

فما إن تحل من ملذات الدنيا إلا وتتوالى عليك الهموم من كل صوب، فتضع رأسك على وسادتك وأنت فارغ العمل، غارق في زحام مسؤولياتك

بينما السعادة الحقيقية ”تتحقق“ عندما تستثمر العمل الدنيوي للحياة الأخروية، ستشعر حينها بأن قدميك لم تطال الأرض، بل سيأخذك عملك إلى عنان السماء، لأنك تخلقت بخلق إسلامي

• ومن أوجه ذلك الإستثمار هو ”التطوع“

ستشعر حينها بأن السعادة ليست تحت بند * الأخذ * فقط، بل بالعطاء ومد يد العون

سيمد الله في عمرك وسيغيثك من مطبات الحياة، ستترتب أولوياتك وستصغر مشاكلك لأنك أرضيت ربك قبل نفسك

بالإضافة إلى أن الأعمال التطوعية ستكسب الفرد ”مهارات جديدة“ والتي بدورها ستصقل شخصيته في حياته العامة، من ضمنها:

_ أن يتحلى بالصبر وتحمل المسؤولية

- يعمل على توكيد مكارم الأخلاق في نفس المتطوع ومنها: الرقابة الذاتية والبذل والتآزر

_ يزيد من الترابط *المجتمعي* ويحث المتطوع بتفقد أحوال الغير والمساهمة في تنمية أبناء وطنه على مختلف الأصعدة

كلمة للمترصد/ إن التعميم لغة الجهلاء فإذا رأيت فاسد بين الصالحين فلا تبرزه وتقمع البقية!!

ثق يقيناً بأن هناك من يقتص من كل ذي نفس دنيئة، تسعى ”عبثاً“ في سرقة اللقمة من فم الجائع

فلا تجعل الجمعيات الخيرية بيئة غير جاذبة بتشكيك المتجهين للتبرع بنزاهة الجهة المسؤولة.. قل خيراً أو اصمت عزيزي القارئ / أغث الجهات الخيرية بكل ما أوتيت من حكمة سواءاً بقلمك، بلسانك، إعترض في وجه كل من يمس تلك النفوس النقية التي تواصل الليل بالنهار، كي ينام المحتاج قرير العين


! عندما تصنع متنمر وأنت لا تعلم


دائماً ندندن على أوتار مستهلكة، ونتحين الفرص لكي نلقي الضوء على مشاهد موثقة تكشف عن واقعة تنمر جديدة.

نقنع أنفسنا بأننا ضحايا الفئة الفاسدة، وكأن تلك الفئة أمطرت علينا كحجارة من سجيل لا أنها نتيجة تربية مضطربة.

فعلى سبيل ما قيل عن أحد الشعراء قديماً:

نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزماننا عيب سوانا

نجعل المتنمرين شماعة لأخطاءنا، نتناسى بأن ذلك الظل الدخيل لم يأتينا من النافذة خلسة، بل فتحنا له الباب على مصراعيه.

أبعدنا أطفالنا عن أحضاننا لتتلقفها أحضان الخدم وفي متناول السائقين.

عاقبناهم بسبب شقاوتهم الطفولية التي لم تخلو منها طفولتنا السابقة، لنكافئهم بالأجهزة دون إشراف والتي بدورها تخدش براءتهم، وتصنع من عقولهم مشروع مجرم ومتطرف.

وغالباً نختار الحلول السريعة كالضرب فهو لا يستغرق إلا دقائق ليبكي طفلاً، في حين أننا لم نلقي بالاً بأن كل صفعة تزرع خوفاً، وكل إهانة لفظية تترك ندبة تدمي قلبه لسنوات.

المتنمر لم يستقيظ صباحاً ليرى نفسه كذلك فجأةً، بل مرّ بتأريخ من العذابات النفسية والجسدية!

فهو كالقنبلة الموقوتة، بأي ساعة تدوّي ليشهد مجتمعه إضافة متنمر آخر يصنف تحت إحتمالين:

الإحتمال الأول/ أن يذيق غيره من كأس المرارة الذي تجرّعه كنوع من تنفيس الغضب المكبوت وكتعويض لشعور النقص أو النبذ الذي مر به سابقاً.

الإحتمال الثاني/ أن يمسي منزوياً ومهزوزاً يندب حظه، ساخطاً في حق من تسبب في تدميره.

لم يكن وراء ذلك الغرباء بالدرجة الأولى.

بل من الأشخاص المحيطين به!

فهم من شارك في تشكيله أولاً.

وصفة مجانية لولي الأمر:

1 - إحرص على تربية أبناءك في بيئة صحية بعيدة عن العنف والإستبداد، فالقسوة لا تولد إلا عدوانية لاحقاً.

2 - كن على علاقة وطيدة بأبناءك وافتح باباً للحوار، فالإحتواء يقيك من عواقب قد تكتشفها متأخراً.

3 - راقب أبنائك على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والإنتباه لأي علامات غير عادية.

وأخيراً تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات لدى الأطفال ينشأ جيلاً سوياً ومنتجاً.

ثق يقيناً أيها القارئ بأن الوقاية خير من العلاج.

إعداد وتصميم : سعيد الرمضان