في يوم 30 سبتمبر 2025 انطلقت رفقة صديق الى منطقة مرجة بني صالح جنوب الشريعة بولاية البليدة .
حيث تركنا السيارة بجانب كوخنا الجبلي الذي يتواجد في سفح جبل بوحنداس و انطلقنا في جولتنا الراجلة نحو جبل بابا محمد الذي يبعد مسافة 30 دقيقة نحو الجنوب.
الجو جد مناسب ، 25 درجة ، سماء مغشات ، رطوبة معتدلة.
عبرنا منطقة تاريحانت الرمزية تاريخيا حيث دفن فيها 6 من مجاهدي ثورة التحرير استشهدو باذن الله في معركة بوحنداس التي دارت في شهر سبتمبر من سنة 1957
عبرنا منطقة البير ثم عرجنا نحو سيدي امحمد حيث يجب أن نعبر وادي اغزر وامشاش الذي هو عبارة عن واد ينبع من معبر تيزي تالقاتس جنوب الشريعة ويتجه جنوبا نحو تسامدا نايث صالح عكس شقيقه واد كراش الذي ينبع من نفس المعبر لكنه يتجه شمالا نحو الواد الكبير ثم واد الحراش حين يصل المتيجة.
بعد عبورنا الصعب لكثافة الغطاء النباتي وخاصة الشوكي المكون من العلايق و القندول وصلنا سفح جبل بابا محمد في منطقة سيدي امحمد بالذات.
اخترنا الصعود المباشر نحو كاف النحل يسمى تاريخيا ايضا ازرو النحال بحثنا قليلا عن مخرج نحو شط الذراع ، هكذا نسمي الخط العلوي للجبل أو لذراع الجبل حين نمشي في اعلى خط و نجعل الشعاب في يميننا و يسارنا .
كل شيء هنا ساكن منذ مدة ، فقط آثار الخنازير الحلوف و آثار القردة التي تأكل حبات السقوقو قبل نضجها وتقوم بتكسير الاغصان الصغيرة
يبحث صديقي مولود عن طريق سهلة للوصول الى غابة الصنوبر التي تظهر فوقنا وتبعد بضعة دقائق
المسافة هنا لا تقاس بالامتار .. بالوقت فقط
كل الطرق كانت قندول و كروش صغير اشجار بلوط صغيرة تعيق العبور السلس ..
بعد ربع ساعة عبرنا شعبة صغيرة وصعدنا قليلا لنصل غابة الصنوبر أخيرا ، هنا سوف نستطيع المشي و التسلق بدون العبور عبر الاشواك ، فالابر الصنوبرية معروفة باحتلالها للارض وعدم السماح للنباتات الشوكية و الغير شوكية بالنمو .. وحتى ضل الصنوبر يجعل من الارض في اسفله غير صالحة للنباتات ، يعطينا ذلك متنفسا خاصة وان المنحدر شديد هنا.
قبل خروجنا من الغابة الى الارض الصخرية توقفنا للاستراحة ، كنا قد امضينا حوالي الساعة من الزمن في تسلق هذا المنحدر ويلزمنا بضعة وقت للوصول الى كاف النحل ذلك المكان الطبيعي المذهل.
استمتعنا بتصوير الحياة الطبيعية هنا ، حشرات ، حجل بري ، ازهار الخريف ..
تابعنا مسيرتنا عبر مسار صخري صعب و منحدر حتى وصولنا لاحدى القمم اسفل كاف النحل هنا لمحنا طريقا قديمة استخدمت من طرف أحد المقاولين الذي اشترى خشب هذه الغابة سابقا بعد ان كانت قد التهمتها النار في سنوات مضت
وجدنا جبح نحل من الفلين يعود لاحد ابناء المنطقة .. المنطقة معروفة بعسلها الفاخر الذي لن تحصل عليه الا بالطلب المسبق
آثار من التسعينات هنا وهناك ..
خرجنا اسفل كاف النحل نحو الطريق الولائي يسمى طريق الجيني يربط بين تيزي تالقاتس و ثنية الصنوبر ، نحن هنا في آخر متر من ولاية البليدة بخطوة واحدة نلامس حدود ولاية المدية ..
اتجهنا غربا نحو ثنية الصنوبر تيزي ن تايدا ثم دوار الحجر وهو دوار كانت تسكنه عائلات من بني مسعود رغم انه تقليديا يقع ضمن اراضي بني صالح فنقول انها منطقة تداخل في اشارة تاريخية جغرافية تدل على ان الاعراش القديمة كان نظامها قائما على التآخي و التآزر والمصاهرة خاصة ملاك الاراضي التي تقع في مناطق التداخل.
عبرنا نحو جبل مسنو الشهير من جهته الشمالية المطلة على جبال الشريعة في طريق مليء بالاشواك خاصة القندول الذي استعمر المنطقة بعد الحرائق التي مستها سنوات 2012
وصلنا منطقة العش عبر اراضي عائلة الحاج وانحدرنا في طريقنا التقليدي الذي يربط المنطقة بالعالم الخارجي ، وصلنا اسلان ثم عبرنا ثالا ن شريعث ووصلنا الكوخ منهكين ..
نصف يوم و ثماني كيلومترات فقط .. بلغة الارقام
لكنها بلغتنا كفت ووفت بتقاليدها وما نرجوه منها
كان المبيت في ملجانا الجبلي هادئا في اول الليل ثم مالبث حتى اصبحت الاصوات تتزاحم بعد منتصف الليل .. خنازير تشخر وتقلب الارض والحجارة هنا و هناك ، بومة تضفي على المنطقة هيبة لا مثيل لها ، عصافير الليل و بضعة ضفادع في الجداول القريبة ، نباح كلاب الفلاحين حين يلمحون شيئا يقترب منهم ، القمر كان تربيعا يضيء الغابة ويجعلها مرئية .
لتكتمل السهرة على ايقاع رسوم بديعة تتجلى فيها عظمة الخالق سبحانه وتعالى .. حيث قامت عنكبوت بنسج خيوطها في ساحة الكوخ بطريقة جعلتنا نتابعها حتى اكملت بناء فخها بل وحتى شاهدناها تحصل على طعامها و تلتهمه ..
غادرنا المنطقة في اليوم الموالي على أمل أن يتجدد الموعد قريبا.