أول مقاومة شعبية ضد المستعمر الفرنسي "جويلية 1830"
"و مازالت دمائهم تسري في عروقي الى اليوم"
-----------------------------------------------------
بدأ اهل متيجة مقاومة الجيش الفرنسي مبكرا ، فقد تطلع الفرنسيون للاستحواذ المبكر على المتيجة و عاصمتها مدينة البليدة لعلمهم و يقينهم بانها الممول الرئيسي للعاصمة بما تزخر به من فلاحة و رعي و حتى الصناعة الخفيفة.
في 14 جوان 1830 وصلت سفن الجيش الفرنسي الى ميناء سيدي فرج غرب العاصمة
بعد إنزال سيدي فرج ومعركتي سطاوالي 19 جوان 1830 و سيدي خالف 25 جوان 1830 والتي كانتا اول اصطدام بين القوات الفرنسية وقوات الايالة الجزائرية "الجيش الانكشاري" بقيادة الداي التي اخطئت التقدير هذه المرة و أساءت التعامل مع حملة فرنسية خطط لها جيدا "جعلتهم يمضون معاهدة الاستسلام بسرعة البرق" بعد 21 يوم فقط من الانزال الفرنسي
تفطن وبسرعة سكان المتيجة والاطلس البليدي للتراخي الذي حدث من طرف حاكم الجزائر آنذاك "هم أصلا في خلاف مع حكام الجزائر العثمانية منذ تقريب 300 سنة كانوا يرفضون فيها الضرائب والتعامل بازدواجية" كما كان يعلم أبناء المنطقة أن الأرض يحميها أبنائها فقط وهو ما حدث فعلا
بانتقال الحكم من ايدي العثمانيين الى الفرنسيين كان قد وجب على سكان ارياف متيجة و جبال الاطلس البليدي توحيد الصفوف و الاستعداد لما هو قادم
تلقى المستعمر ضربات هنا وهناك في ارجاء المتيجة على شاكلة حرب الحقول وهو في طريقه لنشر معسكرات و تعزيزها لصناعة جسر ناري يربط العاصمة بالمتيجة ما يجعل مؤخرته محمية و هو الامر الذي لم يتحقق حيث لم يستطع رسم ذلك الخط الوهمي و تلقى عديد الصفعات من سكان المتيجة في مدة 18 يوم التي قضاها قادما نحو مدينة البليدة
في نفس الوقت كان القائد "محمد بن زعموم" قد تحصل على مبايعة من طرف اعيان و شيوخ الاطلس البليدي و متيجة بعد اجتماعات سريعة و مكثفة اثمرت في اجتماع تامنفوست على تعيينه لقيادتهم رفقة رجاله القادمون معه من عرش "ايفليسن" غرب منطقة القبائل
اختيار البطل "محمد بن زعموم" كان بسبب مكانته و مكانة عائلته النبيلة عند اعراش المنطقة المحيطة بالعاصمة عموما و بسبب حكمته و اخلاقه و قدرته على القيادة
خرجت من تلك الاجتماعات والتشاورات السريعة رسالة من الاعراش بقيادة الحاج بن زعموم الى قيادة الجيش الفرنسي بالعاصمة مفادها أن يكتفوا بالعاصمة وأن يحذروا من التقدم جنوبا نحو متيجة و جنوب البلاد
بدأ المستعمر يدرك ان الاستيلاء على مدينة البليدة يترتب عنه تجهيز عدة و عدد لابأس به فقام بتجهيز بين 1000 و 2000 جندي بقيادة الجنرال "بورمون" "حسب عدة مراجع" لاحتلال البليدة
في هذه الاثناء تجهز أفراد المقاومة الشعبية المتكونة من أبناء اعراش بني صالح و بني ميسرا و المتيجة بقيادة الحاج محمد بن زعموم و قاموا بمراقبة تحركات العدو و انشاء خطة تحول دون سقوط مدينة البليدة
في مساء يوم 23 جويلية 1830 و بعد 18 يوم من سقوط العاصمة وصل الجنرال "برومون" الى أسوار مدينة البليدة التي استقبله اعيانها عند "باب دزاير" في هدوء تام جعل القيادة الفرنسية تعتقد ان البليدة على وشك الاستسلام حيث ان الجيش الفرنسي قضى ليلة هادئة في معسكره خارج اسوار البليدة "طريق دزاير" و حتى داخل المدينة يقال ان بعض الجنود تجولوا قليلا فيها قبل ان يرتاحوا للغد الذي كان يعتقد انه يوم الاستسلام
في الغد الباكر و صباح يوم 24 جويلية 1830 قاد الحاج محمد بن زعموم رفقة رجاله المقاومون المكونون من اعراش المنطقة هجوما كاسحا من ثلاث جهات أعالي الدويرات و يمة مغيثة من طرف أبناء غلاي و بني ميسرا لضرب ميسرة الجيش الفرنسي ، اما أبناء بني صالح فقادو الهجوم عبر جهتين ، مناطق سيدي الفضيل عبر اغزر امقران "واد سيدي الكبير" لضرب الميمنة ، و من أبواب البليدة الجنوبية "باب الرحبة و باب القبور" لتمشيط المدينة و طرد الغزاة عبر باب دزاير نحو طريق العاصمة
يقال حسب المراجع و الروايات الشفهية ان الجيش الفرنسي خرج منبطحا و قد خسر بين 100 و 150 من جنوده إضافة الى خسائر مادية معتبرة
و لم ينتهي هذا الهجوم هنا حيث ما ان احكم البليديون سيطرتهم على المدينة حتى قام رجال المقاومة للجهة الشرقية "بني خليل و بني ميسرا" بمطاردة بقايا الجنود الفرنسيين و ظرب مؤخرتهم حتى شمال بوفاريك و ربما ابعد
ليكون بذلك أول فوز محقق من طرف المقاومة الشعبية الجزائرية بالمتيجة والاطلس البليدي التي لملمت نفسها في ظرف 18 يوم فقط ضد أعتى القوى في ذلك الوقت
يقال إن الجنرال برومون تلقى خبر تعيينه ماريشالا كمكافئة له على احتلال العاصمة وهو يهم بالهروب من البليدة عبر متيجة نحو العاصمة، ليتلقى خبر عزله بعد أيام.
تعتبر الأيام بين 5 جويلية و24 جويلية 1830 أيام فخر لكل أبناء المنطقة البليدية بجبالها وريف متيجتها ومدينتها
اعادة الجيش الفرنسي الحملة على البليدة في نوفمبر 1830 واعادت مقاومة المنطقة تلقينه درسا في الدفاع عن الأرض حيث توالت الحملات وصمدت المقاومة في المتيجة والاطلس البليدي لمدة 12 سنة كاملة بقيت مدينة البليدة وجبالها عصية على الاستعمار الفرنسي في وقت لم تصمد فيه العاصمة بقيادة الجيش الانكشاري و الإمبراطورية العثمانية اكثر من 21 يوم ليمضي الداي معاهدة الاستسلام
جويلية هو شهر من شهور السنة الشمسية، لكنه عيد المقاومة الجزائرية في قلوبنا
--------------
ڤدوالي محمد و شريف و اعمر او عدقادر بن علي بن محمد بن علي آيث محمد البوحنداسي.
المراجع:
-تاريخ الجزائر ابو قاسم سعد الله
-جريدة الشعب 31 - 10 - 2012
-بن زعموم و بداية المقاومة الشعبية المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي عام 1830 نسخة محفوظة 25 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
-http://blida.unblog.fr/category/histoire/
-https://www.almrsal.com/post/621315
- الفجر - يومية جزائرية مستقلة - فاطمة الزهراء زعموم تعرض ”عزيب زعموم حكاية أرض” نسخة محفوظة 24 نوفمبر 2016
-الاطلس البليدي د. معمر امين بن سونة