فهرس النحو
١. نائب المفعول المطلق
٢. كان وأنواعها
٣. أسماء الإشارة للبعيد في القرآن الكريم
٤. أداة النصب "أنْ" وبعض استعمالاتها الخاصة في القرآن الكريم
٥. أنواع البدل
٦. بدل التفصيل
٧. نوعُ ضمير الغائب في الأمثلة التالية
٨. بحث مفصَّل في حرف الباء ومعانيه المختلفة
٩. مواضع حذف ألف "ابن" وإثباتها
١٠. أهمُّ مواضعِ كَسْرِ همزةِ "إنَّ"
١١. حروف النداء
١٢. أحرف الاستفتاح
١٣. أحرف أو أدوات التحضيض
١٤. العدد الأصلي والعدد الترتيبي
١٥. التوكيد بكلمة " نَفْس" أو "عَيْن"
١٦. أشهر الأوزان التي يستوي فيها المذكّر والمؤنَّث
١٧. صيغة الأمر من الفعل "رأى"
١٨. اللام المُزَحْلَقَة
١٩. استعمالات "أيّ" في اللغة العربية
٢٠. مسألة الكُحْل في النحو العربيّ
٢١. لام العاقبة
٢٢. بَحْث مُفَصّل في الاستفهام ومعانيه المختلفة
٢٣. ضمير الفصل
٢٤. صِيَغ المبالغة
٢٥. الممنوع من الصرف
٢٦. نَصْبُ الفعل المضارع بعد "أو" و "واو" المعية المُصاحِبة
٢٧. حَتَّى وأنواعها
٢٨. فاء السببية
٢٩. المفعول معه
٣٠. إسمُ الفعل
٣١. المؤنث اللفظي والمؤنث المعنوي
٣٢. صيغ مُنْتَهَى الجموع
٣٣. ضمير الشأن أو ضمير القِصَّة
٣٤. المنصوب بنزع الخافض (والخافض هو حرف جَرّ )
٣٥. تقديم المبتدأ على الخبر وُجوباً
٣٦. تقديم الخبر على المبتدأ وُجوباً
٣٧. إسم الآلة
٣٨. أسماء جامدة تأتي منصوبةً على الحال
٣٩. هاء السّكْت
١. نائب المفعول المطلق
الأصل في المفعول المطلق هُوَ المصدر الموافق لفِعْله في اللفظ والمعنى كما في الآيتين الكريمتين: "وكَلَّمَ اللهُ موسى تَكليما" (النساء: ١٦٤)، و"يا أيُّها الذينَ آمنوا صَلُّوا عليه وسَلِّموا تَسْليما" (الأحزاب: ٥٦). وقد ينوب عن المفعول المطلق :
١- المُرادف له في المعنى دون اللفظ نحوَ "قعدتُ جلوساً"، و" سِرتُ مَشْياً".
٢- المُشارك له في اللفظ دُونَ الصيغة نحوَ قوله تعالى: "وتَبَتَّلْ إليهِ تبْتيلا" (المُزَّمِّل: ٨). فصيغة المصدر من الفعل"تبتَّلَ" هي تبتُّل، لا تبتيل.
٣- اسم المصدر نحوَ "اغْتسلَ غُسْلاً". فمصدر اغتسل هُوَ اغتسال، لا غُسْل.
٤- ما كان وصفاً له نحوَ "جزاكَ اللهُ خيرَ الجزاء" و"هُزِمَ الجيشُ شَرَّ هزيمة ٍ" و"ضَربَ السيدُ عبدَهُ أشَدَّ الضرب".
٥- ما دلَّ على عددٍ منه كما في قوله تعالى: "فَاجْلِدوهُمْ ثمانينَ جَلْدةً" (النور: ٤).
٦- ما دلَّ على هيئةٍ له نحوَ "نامَ نِيمةَ الأطفالِ"، و"مَشى مِشيةَ الخائف".
٧- ما دَلَّ على نوعيةٍ منه نحوَ "جلسَ القُرْفُصاءَ" و"رَجَعَ الجيشُ القَهْقَرَى".
٨- إذا تقدَّمته كلمة "كُلّ" أو "بعض" أو "أيّ" الكمالية، أو اسم إشارة نحوَ قوله تعالَى: "فلا تميلوا كُلَّ الميلِ" (النساء: ١٢٩)؛ وقولِه: "ولوْ تَقَوَّلَ علينا بعضَ الأقاويل" (الحاقّة: ٤٤)؛ و"أكرمني صديقي أيَّ إكرام"؛ و"أحَبّني ذلكَ الحُبّ".
٩-إذا حلّت آلة معهودة مَحلَّهُ نحوَ: "ضَرَبهُ عصًا أو مِقْرَعةً أو سَوْطًا".
٢. كان وأنواعها
أشهرُ أنواع كان ثلاثة وهي: كان الناقصة (وتُسمَّى أيضا الناسخة)، وكان التامة، وكان الزائدة.
١- كان الناقصة أو الناسخة: تدخل على المبتدأ والخبر فترفع الأول وتنصب الثاني نحوَ: كان الجوُّ صافيًا؛ وقوله تعالَى: "وكان اللهُ بكُلِّ شيءٍ عليمًا" (الأحزاب: ٤٠).
٢- كان التامة: وهي التي تأتي بمعنى وُجِدَ، أو وقعَ، أو تَمَّ، أو أتَى. ويُعربَ الاسمُ الذي يليها على أنّه فاعل. ومن الأمثلة على ورودها في القرآن الكريم قولُهُ تعالَى: " وإنْ كانَ ذو عُسْرةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَة" (البقرة: ٢٨٠ ). ومعنى الآية: إذا وُجِدَ بينَكُمْ مَنْ كان مُعسِرًا فأمهِلوهُ إلى أن تتيسّرَ حالُهُ؛ وقولُهُ تعالَى أيضا: "قالتْ ربّي أَنَّى يكونُ لي غلامٌ ولم يَمْسَسْني بشرٌ" (آل عِمْران: ٤٧). ومن الأمثلة على ورودها في الحديث الشريف قولُهُ صلّى الله عليه وسلّم: "إذا خَطَبَ إليكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه فَزوّجوه. إلّا تفعلوا تَكُنْ فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض". ومن الأمثلة على ورودها في الشِّعر قولُ الشاعر المخضرم الربيع بن ضبع الفَزاريّ وهو من المُعمَّرين:
إذا كانَ الشتاءُ فأدْفِئوني
فإنّ الشيخَ يُهْرِمُهُ الشتاءُ
ومعنى " كان" في هذا البيت هُوَ "أتَى".
٣- كان الزائدة: هي عبارة عن حَشْو في الجملة لا محلَّ لها من الإعراب. وأكثر ما تقع في الحالات التالية:
(أ) بينَ "ما" التعجبية و"أفعل" التفضيل، نحوَ: ما كانَ أجملَ أيّامَ الشباب؛ وقول المتنبي مُعاتِبًا سيفَ الدولة الحمدانيّ:
ما كانَ أخْلَقَنا منكُمْ بِتَكْرِمَةٍ
لوْ أنَّ أمرَكُمُ مِنْ أمرِنا أَمَمُ
(وأَمَمُ هنا تعني قريب أي مُماثِل)
(ب) بين اسمين مُتعاطفين، نحوَ قول الفرزدق يهجو جريرًا:
في لُجّةٍ غَمَرَتْ أباكَ بُحورُها
في الجاهليةِ، كان، والإسلامِ
(ج) بين الصفة والموصوف، نحوَ قول الفرزدق:
فكيفَ إذا رأيتُ ديارَ قَوْمي
وجيرانٍ لنا، كانوا، كِرامِ
وقول القائل:
وماؤُكُمُ العَذْبُ الذي لوْ شَرِبْتُهُ
شِفاءً لِنَفْسٍ كانَ طالَ اعْتِلالُها
فجملة "طال اعتلالها" هي في محل جرّ صِفة لكلمة "نفس".
(د) بين "نِعْمَ" وفاعلها كما في قول الشاعر:
ولبستُ سِرْبالَ الشبابِ أزورُها
ولَنِعْمَ كانَ شبيبةُ المُخْتالِ
(ه) بين الصلة والموصول، نحوَ: باركَ اللهُ بالذي كانَ أعادَ الحقَّ إلى صاحبِهِ.
٣. أسماء الإشارة للبعيد في القرآن الكريم
ما الذي يسترعي الانتباهَ في الآيات الكريمة التالية؟ الإجابة على هذا السؤال مرفقة أدناه.
١- ونُودوا أنْ تلكُمُ الجنةُ أُورثتُموها بِما كنتمْ تعملون (الأعراف: ٤٣).
٢- يُذَبِّحونَ أبناءَكُمْ ويَسْتَحْيونَ نِساءَكُمْ وفي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ ربّكُمْ عظيم (البقرة: ٤٩).
٣- قالَ كذلِكَ قالَ ربُّكَ هُوَ عليَّ هَيِنٌ وقدْ خلقتُكَ مِنْ قبلُ ولمْ تَكُ شيئًا (مريم: ٩).
٤- قالَ كذلكِ قالَ ربُّكِ هُوَ عليَّ هيِّنٌ ولِنَجعلَهُ آيةً للنّاسِ ورحمةً مِنّا وكانَ أمرًا مَقْضِيّا (مريم: ٢١).
٥- وناداهُما ربُّهما ألَمْ أنْهَكُما عنْ تِلْكُما الشجرةِ (الأعراف: ٢٢).
٦- قالَ لا يَأتيكُما طعامٌ تُرْزَقانِهِ إلّا نَبَّأْتُكُما بتأويلهِ قبلَ أنْ يَأتِيَكما ذلِكُما مِمّا عَلَّمني رَبّي (يوسُف: ٣٧).
٧- قالتْ فَذلِكُنَّ الذي لُمْتُنَّني فيه ولقدْ راودتُهُ عن نَفْسِهِ فاسْتَعْصَمَ (يوسُف: ٣٢).
٨- وأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عليهِمْ سُلْطانًا مُبِيناً" ( النساء: ٩١).
الإجابة المفصّلة على سؤالي
تقترنُ أسماءُ الإشارة بهاء التنبيهِ للدلالة على القُرب، نحوَ (هذا، هذه (هذي)، هذانِ، هاتانِ، هؤلاءِ). والمُراد بالقُرب هنا هُوَ القرب المكاني كقولكَ: "هذه منازِلُنا" أو القرب الزماني كقولك: "هذا أوانُ الجَدِّ".
كما تقترنُ أسماءُ الإشارة بالكاف للدلالة على البعد فنقول "ذاكَ" وإذا أردنا الزيادة في البُعْد أضفنا اللام فقلنا "ذلك". والمقصود بالبعد هنا البعد المكاني كقولكَ: " تسكنُ جَدّتي في ذلكَ البيت القديم"، أو البعد الزماني كأنْ نقول: "عاشَ السومريّونَ في ذلكَ الزمن المُوغِلِ في القِدَم". وقد يُنَزَّلُ القريب منزلةَ البعيد للتعظيم كما في قوله تعالى: "ذلكَ الكتابُ لا رَيْبَ فيهِ" (البقرة: ٢)، أو للتهويل نحوَ قوله تعالى عن يوم القيامة: "ذلكَ يومٌ مجموعٌ لهُ الناسُ وذلكَ يومٌ مشهود" (هود: ١٠٣).
يُلاحظُ في الآيات أعلاه أنّ أسماء الإشارة للبعيد أُلحقت بآخرها كافُ الخطاب بحيث توافقُ المخاطَبَ إفرادًا وتَثْنِيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا. فإذا كان المخاطَبُ مفردًا مُذكّرًا "أنتَ" قِيلَ "ذلكَ"، وإذا كان مفردًا مؤنّثًا "أنتِ" قِيلَ "ذلكِ"، وإذا كان مثنًّى "أنتما" قِيلَ "ذلكما"، وإذا كان جمعَ مذكّر "أنتم" قِيلَ "ذلكم"، وإذا كان جمعَ مؤنث "أنتُنَّ" قِيلَ "ذلكُنَّ". وما قِيلَ في "ذلك" يصحُّ على "تلكَ"، فيقال "تلكما" للمثنّى و"تلكم" لجمع المذكّر.
وهذه القاعدة تكادُ تكون مطّردة في القرآن الكريم كلّه.
وجدير بالتنويه بأنّ هذه المُلحقات باسم الإشارة ليست ضمائرَ، بل هي حروف مبنية لا محلَّ لها من الإعراب، خِلافًا للكاف الإسمية التي تُعرَبُ مضافًا إليه كما في "كتابكَ، كتابكِ، كتابكما، كتابكمْ، كتابكنَّ".
وهذه الظاهرة اللغوية عُرِفتْ أيضًا عند قدامى الشعراء. فهذا دُرَيْد بن الصِّمّة يقول:
تَنادَوْا فقالوا أرْدَتِ الخيلُ فارِسًا
فقلتُ أعبدُ اللهِ ذلِكُمُ الرَّدي
ويقول جميل بثينة:
وعندَ أميرِنا حُكْمٌ وعَدْلٌ
ورأيٌ بعدَ ذلِكُمُ أصيلُ
ويقول حسن عبّاس، مؤلف كتاب "النحو الوافي"، وهو بحقّ موسوعة نحوية مرجعية جديرة بالإسم، إنّ هناك وجهين آخرَيْن صحيحين لاستعمال كاف الخطاب:
الأول أنْ تُبنَى الكاف في "ذلكَ" على الفتح في كُلّ خِطاب للمذكر مفردًا كان أو مُثَنًّى أو جمعًا، وأنْ تُبنَى على الكسرِ "ذلكِ" في كُلِّ خطاب للمؤنث مفردًا كان أو مثنّى أو جمعًا.
والثاني، وهو المستعمل في لغتنا العربية المعاصرة، أن تُبْنَى الكاف في "ذلكَ" على الفتح أيًّا كانَ المُخاطَب.
٤. أداة النصب "أنْ" وبعض استعمالاتها الخاصة في القرآن الكريم
تُستعمَل أداة النَّصْب "أنْ" في القرآن الكريم، إضافةً إلى استعمالها المألوف، بمعنى "لِئلّا" أو "لِكَيْلا". ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى:
١-"وألقَى في الأرضِ رواسِيَ أنْ تميدَ بِكُمْ وأنهارًا وسُبُلًا لعلكمْ تَهْتَدون" (النحل: ١٥)؛
٢-"يا أهلَ الكِتابِ قدْ جاءَكُمْ رسولُنا يُبيِّنُ لكُمْ على فَتْرَةٍ منَ الرُّسُلِ أنْ تقولوا ما جاءنا مِنْ بَشيرٍ ولا نذيرٍ" (المائدة: ١٩)؛
٣-"وأنِيبوا إلى ربِّكُمْ وأسلِموا لهُ من قبلِ أنْ يأتيَكُمُ العذابُ ثُمَّ لا تُنصَرون. أنْ تقولَ نفسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرّطتُ في جَنْبِ اللهِ وإنْ كنتُ لَمِنَ الخاسرين" (الزُّمَر: ٥٤ و٥٦)؛
٤-"وإذْ أخَذَ ربُّكَ مِنْ بَنِي آدمَ مِنْ ظُهورِهِمْ ذُرَّيتَهُمْ وأشهدَهُمْ على أنفُسِهِم ألستُ بربِّكُمْ قالوا بَلَى شَهِدْنا أنْ تقولوا يومَ القيامةِ إنّا كُنّا عن هذا غافلين" (الأعراف: ١٧٢).
٥. أنواع البدل
أنواع البدل المشهورة ثلاثة وهي:
١- بدل كُلّ من كُلّ (أو البدل المُطابق)، وهو الذي يُساوي المُبْدَل منه في المعنى مساواةً كاملةَ، كما في الآية الكريمة: "اهْدِنا الصراطَ المستقيمَ صراطَ الذين أنعمتَ عليهم" (الفاتحة: ٦-٧)، والآية: "لَنَسْفَعاً بالناصيةِ ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئة" (العلق: ١٥-١٦)، والآيتين:"ولا تُخْزِني يومَ يُبعَثون يومَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنون" (الشعراء: ٨٧- ٨٨).
٢- بدل بعض من كل (أو بدل جزئي) وهو الذي يكون جزءاً حقيقياً من المُبدَل منه ولا بُدَّ من اتصاله بضمير يعود للمبدَل منه مذكور، نحوَ "قرأتُ الكتابَ نِصْفَهُ"، أو مُقدَّر كما في الآية الكريمة: "وللهِ على النّاسِ حِجُّ البيتِ مَنِ اسْتطاع إليه سبيلا" (آل عِمْران: ٩٧)، والتقدير مَنِ استطاع منهم.
٣- بدل اشتمال وهو الذي يدلّ على معنى في متبوعه، نحوَ "يُعجبني محمدٌ خُلُقُهُ"، وهو، كبدل البعض من الكُلّ، لا بُدّ من اتصاله بضمير يعود للمُبْدَل منه، كما في الآية الكريمة: " يسألونكَ عنِ الشهرِ الحَرامِ قِتالٍ فيهِ" ( البقرة: ٢١٧).
وهناك بدل رابع يطلق عليه النحاةُ اسمَ البدل المُبايِن وهو ينقسم بدوره إلى ثلاثة أقسام: بدل الغلط، وبدل النسيان، وبدل الإضراب. ولا داعيَ للخوض في هذا النوع من البدل غير الحقيقي في رأيي الشخصي.
ملاحظة:
١- يجوز إبدالُ الإسم الظاهر من ضمير المتكلم كما في قول النابغة الجَعْديّ:
بلغنا السماءَ مجدُنا وسناؤُنا
وإنّا لَنَرْجو فوقَ ذلكَ مَظْهَرا
فمجدنا هُوَ بدل اشتمال من ضمير المتكلم في الفعل "بلغنا"،
أو من ضمير الغائب كما في الآية الكريمة: "وأسَرّوا النَّجْوى الذين ظَلَموا" (الأنبياء: ٣) حيث أُبدِلَ "الذين" من "الواو" التي في الفعل "وأسَرّوا".
٢- يجوز إبدال الفعل من الفعل كما في الآية الكريمة: "ومَنْ يَفعَلْ ذلكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لهُ العذابُ يومَ القيامة" (الفرقان:٦٨-٦٩) حيث أُبدِل الفعلُ "يُضاعَفْ" مِن الفعل "يلقَ".
٦. بدل التفصيل
بدلُ التفصيل عند النُّحاة هو البدل الذي يُفصِّل المُجْمَل الذي قَبْله، كما في قولِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: "كُلُّ المُسلمِ على المُسلمِ حَرام: دمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ"؛ وقولِ كُثَيِّر عَزَّة:
وكُنتُ كَذِي رِجْلينِ رِجْلٍ صحيحةٍ
ورِجْلٍ رَمَى فيها الزّمانُ فَشَلَّتِ
وقول الشَّنْفَرَى في لاميّة العرب:
ولِي دونَكُمْ أَهْلونَ سِيدٌ عَمَلَّسٌ
وأرقطُ زُهلولٌ وعَرْفاءُ جَيْألُ
وقول عُمَر بن أبي ربيعة:
فَكانَ مِجَنّي دُونَ مَنْ كنتُ أتّقي
ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ ومُعْصِرُ
ومن النُّحاة مَنِ اعتبر هذا النوع من البدل "بدلَ بعض من كُلّ"، ومنهم من اعتبره "بدلَ كُلّ من كُلّ"، بل ومنهم مَن ألحقَ هذا النوع من البدل ببدل الاشتمال.
وفي بدل التفصيل غالبًا ما يكون المُبْدَلُ منه مُثنًّى أو جمعًا فيسردُ البدلُ كلَّ أجزاء المُبْدَلِ منه ويستوفيها، نحوَ قول الإمام عليّ كرّمَ اللّهُ وجهَه: "الصبرُ صبرانِ : صَبْرٌ على ما تكرهُ، وصبرٌ عَمّا تُحِبُّ"؛ و"الكلمةُ ثلاثةُ أنواعٍ : اسْمٌ، وفِعْلٌ، وحَرْفٌ".
ويقعُ بَدَلُ التفصيل أيضًا بعدَ اسم الاستفهام، نحوَ: مَنْ مِنَ الأخوةِ سألتَ؟ أزيدًا أَمْ عَمْرًا أَمْ عليًّا؟ فكلمة زيد هي بدل تفصيل من اسم الاستفهام "مَنْ".
ومن النُّحاةِ مَنْ أجازَ في بدل التفصيل الإتباعَ على الأصل، نحوَ:
"أخَذَ الحديثَ عن مَشايخِه: زيدٍ وعليٍّ ومحمّدٍ" (أي الجرّ في هذه الحالة)،
والرفع على تقدير الضمير (وهُمْ): زيدٌ وعليٌّ ومحمدٌ،
والنصب على تقدير فعل محذوف (أعني): زيدًا وعليًّا ومُحمّدًا.
ومن الأمثلة على هذا الجَواز قولُهُ تعالَى: "قدْ كانَ لَكُمْ آيةٌ في فِئتيْنِ الْتَقَتا: فِئةٌ تُقاتِلُ في سبيلِ اللهِ وأخرَى كافرةٌ" (آل عِمْران: ١٣)، ولم يَقُلْ: فئةٍ ... وأخرَى كافرةٍ.
هذه خلاصة لِما قاله النُّحاة في هذه المسألة.
٧. نوعُ ضمير الغائب في الأمثلة التالية
١- ما هُوَ اسمُ والِدِه؟ ٢- ما هيَ المُشكلة؟ ٣- مَنْ هُما العُمَرانِ؟ ٤ - مَنْ هُمُ الفينيقيّون؟ ٥- مَنْ هُنَّ أزواجُ النبيّ؟
ليس لضمير الغائب في الجُمَل الواردة أعلاه إسمٌ يُعْرَفُ في النحو العربيّ لسبب بسيط وهو أنّ العرب لم تستعملْ مِثْلَ هذا التركيب. فلم تَرِدْ أمثلة على هذا الاستعمال في كُتُب النحو العربي ولا في مؤلفات الكُتّاب القدامى وأقوال فُصحاء العرب. كما أننا لا نعثر على أمثله عليه في القرآن الكريم ولا في الحديث الشريف ولا حتّى في الشِّعر العربي القديم على حَدّ علمي.
ففي الأسلوب القديم كانوا يسألون: ما اسمُ والده؟ ما المشكلة؟ مَنِ العمران؟ مَنِ الفينيقيون؟ مَنْ أزواجُ النبيّ؟ ولم يستعملوا ضمير الغائب بين المبتدأ والخبر. فقد وَرَدتْ في القرآن الكريم أسئلة كالآتي: "القارعةُ ما القارعة؟"، و"ما يومُ الفصل؟"، و"وما أدراكَ ما الطارق؟". وفي الحديث الشريف: "أتدرونَ مَنِ المُفْلِس؟"، و"ما الرُّوَيْبِضَة؟". ويقول المتنبي:
أُطاعِنُ خيلًا مِنْ فَوارسِها الدّهرُ
وَحيدًا وما قَوْلي كَذا ومَعِي الصبرُ؟
والذي ينبغي التنبيه إليه أن ضمير الغائب في الجُمَل المذكورة أعلاه ليس هُوَ ضمير الفصل (أو العِماد) كما في قولِهِ تعالَى: " فأولئكَ هُمُ الفائزون"، ولا ضمير الشأن نحوَ قولِهِ تعالَى: "هُوَ اللهُ أحَد"، وقول أبي الفرج السّاويّ:
هِيَ الدنيا تقولُ بِمِلْءِ فيها
حَذارِ حَذارِ مِنْ بَطْشي وفَتْكي
ولا التوكيد لضمير الغائب نحوَ: "قالَ هُوَ هذا الشيءَ بِلسانه".
٨. بحث مفصَّل في حرف الباء ومعانيه المختلفة
لحرف الباء مَعانٍ عِدّة أهمُّها:
١- التعدية (تصيير الفعل اللازم مُتعدِّيًا)، نحوَ قولِه تعالى: "ذهبَ اللهُ بِنُورِهِمْ" (البقرة: ١٧)، أي أَذهبَهُ.
٢- الإستعانة، نحوَ "كتبتُ بالقلمِ"؛ "قطعتُ الخشبَ بالمِنشار"؛ "سافرتُ بالقِطار".
٣- العِوَض، نحوَ قولِه تعالى: "وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دراهمَ معدودةٍ" (يوسف: ٢٠).
٤- البدَل، نحوَ قول بعض الصحابة: "ما يَسُرُّني أنّي شهدتُ بَدْرًا بالعَقَبة"، أي بدلًا منها. ومِثْلُهُ قولُ القُرَيط بن أُنَيْف أحد شعراء "ديوان الحماسة":
فليتَ لي بِهِم قَوْمًا إذا رَكِبوا
شَنُّوا الإغارةَ فُرْسانًا ورُكْبانا
أي بَدَلًا منهم.
٥- الإلْصاق وهو نوعان: (أ) الحقيقي، نحوَ "أمْسكتُ بِيَدِ الطِّفل"؛ (ب) المجازي، نحوَ: "مَرَرْتُ بدارِك أمس"، أي بمكان قريب منها.
٦- الظّرفية وهي نوعان: (أ) الظرفيّة الزمانية، نحوَ قولِه تعالى: "وهُوَ الذي يتوفّاكُمْ بالليلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بالنهارِ" (الأنعام: ٦٠)؛ (ب) الظرفية المكانية، نحوَ قولِهِ تعالَى: "ولقدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ" (آل عِمْران: ١٢٣)؛ "إنَّ أَوَّلَ بيتٍ وُضِعَ للناسِ لَلَّذي بِبَكَّة" (آل عِمْران: ٩٦).
٧- القَسَم، نحوَ "باللهِ عليكَ"؛ "سألتُكَ باللّهِ"، "بِرَبِّكَ قُلْ لي".
٨- التَفْدِيَة، نحوَ "بأبي أنتَ وأُمّي يا رسولَ الله".
٩- المُصاحبة، نحوَ قولِه تعالى:"يا نُوحُ اهْبِطْ منها بسلامٍ مِنّا وبركاتٍ عليكَ" (هود: ٤٨).
١٠- السَّبَبيّة، نحوَ قولِه تعالى: "فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُم لَعَنّاهُمْ" (المائدة: ١٣)؛ "يومَئذٍ تُحَدِّثُ أخبارَها بِأنَّ رَبَّكَ أوْحَى لَها" (الزلزلة: ٤-٥)؛ "إنّكُمْ ظَلَمْتُم أَنْفُسَكُم باتِّخاذِكُمُ العِجْلَ" (البقرة: ٥٤).
١١- التوكيد، والباء هنا تكون زائدة، كما في الأمثلة التالية: "كَفَى باللهِ شهيدًا" (الإسراء: ٩٦)؛ "أليسَ اللهُ بِأحْكَمِ الحاكمين" (التين: ٨)؛ " بِحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقَيْماتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ" ( حديث شريف)؛ "حَضَر الرئيسُ بِنَفْسِه".
١٢- التبعيض، نحوَ قولِه تعالى: "عَيْنًا يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ" (الإنسان: ٦)، أي يشربُ منها.
١٣- معنى "عَنْ"، نحوَ قولِه تعالى: "الرَّحمنُ فاسْأَلْ بِهِ خَبيرًا" (الفُرْقان: ٥٩)، أي فاسْألْ عنه؛ "يَسْعَى نُورُهُمْ بينَ أيديهِمْ وبِأَيْمانِهِم" (الحديد: ١٢)، أي وعن أيمانهم.
ومِثْلُهُ قولُ الشاعر عِلْقِمة الفحل:
فَإنْ تَسْأَلوني بالنِّساءِ فإنّني
بصيرٌ بِأَدْواءِ النساءِ طَبيبُ
إذا شابَ رأسُ المرءِ أوْ قَلَّ مالُهُ
فليسَ لهُ من وُدِّهِنَّ نَصيبُ
١٤- معنى "على"، نحوَ قولِهِ تعالى: "ومِنْ أَهْلِ الكِتابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤدِّهِ إليكَ" (آل عِمْران: ٧٥)، أي على قنطار.
١٥- معنى "إلى"، نحوَ قولِهِ تعالى: "وقدْ أحسَنَ بِي إذْ أَخْرَجَني مِنَ السِّجْنِ" (يوسف: ١٠٠)، أي أَحسنَ إليَّ.
٩. مواضع حذف ألف "ابن" وإثباتها
إذا جاءت كلمة "ابن" بين عَلَميْنِ أو كُنْيتيْنِ أو لقبينِ مُضافةً إلى ما بعدَها حُذِفتْ ألِفُها كِتابةً وأُسقط التنوينُ من الاسم الذي قبلها منعًا لالتقاء ساكِنيْن. فعلى هذا نقول: "قَدِمَ محمدُ بْنُ عبدِالله"، و"هذا أبو الحسنِ بْنُ أبي القاسم"، و"سيفُ الإسلامِ بْنُ سعود بن عبد العزيز".
وتثبُتُ ألِفُ "ابن" ويُنوَّنُ الاسمُ الذي قبلَها (ما لم يكن مُعرَّفاً) في الحالات التالية:
١-إذا لم تكنْ كلمة "ابن" صفةً، نحوَ "إنَّ محمدًا ابْنُ عبدِالله". فكلمة "ابن" في هذا المثال خبرُ إنّ، لا صفة لمحمد.
٢-إذا أضيفت كلمةُ "ابن" إلى الجَدّ أو الأُمّ كأنْ نقول: "عليٌّ ابْنُ عبدِ المُطّلب" و"المسيحُ ابْنُ مريم".
٣-إذا اتصلتْ كلمة "ابن" بضمير المتكلّم أو المُخاطَب أو الغائب، نحوَ: "هذا زيدٌ ابْني"، و"هذا حسينٌ ابْنُكَ"، و"هذا عمرٌو ابْنُهُ".
٤-إذا تقدّمَ كلمة "ابن" استفهام"، نحو "هلِ الحسينُ إبْنُ عليّ؟".
٥-إذا وقعت كلمة "ابن" مُثَنًّى أو جمعًا، نحو: "الحسنُ والحسينُ ابْنا عليّ"، و"خليلٌ وعامرٌ ورامزٌ أَبْناءُ المرحوم".
هذهِ خلاصةُ ما قاله النُّحاةُ في هذه المسألة.
١٠. أهمُّ مواضعِ كَسْرِ همزةِ "إنَّ"
تُكسَر همزةُ "إنّ" وجوبًا في المواضع التالية:
١- إذا وقعتْ في صَدْرِ الكلام، نحوَ قولِه تعالى: "إنّ شانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (الكوثر: ٣)؛ "إنّ المُتَّقينَ في جَنّاتٍ وعُيون" (الحِجْر: ٤٥)؛ "إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسلامُ" (آل عِمْران: ١٩).
٢- إذا وقعتْ بعدَ القَوْل ومشتقاته، كما في الآيات التالية: "قالَ إنَّكَ لنْ تستطيعَ مَعِيَ صَبْرًا" (الكهف: ٦٧)؛ "قُلْ إنّي لا أمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا ولا رَشَدا"(الجِنّ: ٢١)؛ "وقولِهِمْ إنّا قَتَلْنا المسيحَ عيسى ابْنَ مريمَ رسولَ اللهِ" (النساء: ١٥٧).
٣- إذا وَقَعتْ في جوابِ القَسَم، نحوَ: "قُلْ إِي ورَبّي إنَّهُ لَحَقٌّ" (يونس: ٥٣)؛ "ويَحْلِفونَ باللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وما هُمْ مِنكُمْ" (التوبة: ٥٦)؛ "أَهؤلاءِ الذين أقْسَموا باللهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ إِنّهُمْ لَمَعَكُمْ" (المائدة: ٥٣)؛ "قالوا تاللّهِ إنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ القديمِ" (يوسُف: ٩٥)؛ "والعَصْرِ إنَّ الإنسانَ لَفِي خُسْر" (العصر: ١-٢).
٤- إذا وقعتْ بعدَ حرف الاستفتاح "ألا"، كما في قولِه تعالى: "أَلا إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدونَ ولكنْ لا يَشْعُرون" (البقرة: ١٢)؛ وقولِه: "أَلا إنَّ حِزبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحون" (المجادلة: ٢٢)؛ وقولِه: "ألا إنَّ أولياءَ اللهِ لا خوفٌ عليهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنون" (يونُس: ٦٢).
٥- اذا اتصلَ خبرُها باللام المُزَحْلَقة، كما في قولِهِ تعالَى: "وإنّها لكبيرةٌ إلّا على الخاشعين" (البقرة: ٤٥)؛ وقولِه تعالى: "وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظيمٍ" (القلم: ٤).
٦- إذا وقعتْ بعد كلمة "إذْ" أو كلمة "حيثُ" نحوَ: "لمْ أُكلِّمْ مُديري عنكَ إذْ إنّه في رحلة خارج البلاد"؛ "جلستُ حيثُ إنَّكَ جالسٌ".
٧- إذا وقعتْ بعدَ أدوات الجواب (كَلّا، لا، بَلَى، نَعَم، أَجَلْ، إي) كما في الآيات التالية: "كَلّا إنّ الإنسانَ لَيَطْغَى" (العَلَق: ٦)؛ "كَلّا إنَّها كلمةٌ هُوَ قائِلُها"(المؤمنون: ١٠٠)؛ "فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنّا نعملُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إنَّ اللهَ عليمٌ بِما كنتمْ تَعْملون" (النحل: ٢٨).
١١. حروف النداء
حروف النداء في اللغة العربية سبعة وهي: يا، أيَا، هَيَا، أَ، أَيْ، آ، وا، منها ما يستعمل لنداء القريب ومنها ما يُستعمل لنداء البعيد ومنها ما يُستعمل للإثنين.
١- يا: حرف نداء يُستعمل للقريب وللبعيد وهو أكثر حروف النداء استعمالا في لغتنا. كما يُستعمل هذا الحرف للنُّدْبة والاستغاثة. من الأمثلة على استعماله في النداء قولُ النابغة الذبيانيّ:
يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
أقْوَتْ وطالَ عليها سالِفُ الأبَدِ
وقولُ أمير الشعراء شوقي:
كيفَ تَرْقَى رُقِيَّكَ الأنبياءُ
يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ
ومن الأمثلة على استعماله للندبة قولُهُ تعالَى: "يا حسرةً على العبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسولٍ إلّا كانوا بهِ يستهزِئون" (يس: ٣٠). ومِن الأمثلة على استعماله للاستغاثة قولُ القائل:
يا لَقومي ويا لَأَمثالِ قومي
لِأُناسٍ عُتُوُّهُمْ في ازْديادِ
٢- أيَا: يُستعمل لنداء البعيد نحوَ قول الإمام الشافعي:
أيَا بومَةً قدْ عَشَّشتْ فوقَ هامتي
على الرُّغْمِ مِنّي حينَ طارَ غُرابُها
وقول المتنبي:
أيَا مَنْ عادَ روحُ المجدِ فيهِ
وصارَ زمانُهُ البالي قَشِيبا
٣- هيا: يُستعمل لنداء البعيد نحوَ قول الحطيئة:
فقالَ هَيَا رَبّاهُ ضيفٌ ولا قِرًى
بِحقِّكَ لا تَحْرِمْهُ تَالليلةَ اللَّحْمَا
٤- أ: يُستعمل لنداء القريب أَو ما نُزِّلَ منزلته نحوَ قول امْرئ القيس:
أفاطِمَ مهلًا بعضَ هذا التدلُّلِ
وإنْ كنتِ قد أزمعتِ صَرْمي فأجْمِلي
وقول المتنبي مُخاطبًا حُمّى أصابته:
أَبِنْتَ الدهرِ عندي كُلُّ بِنْتٍ
فكيفَ وصلتِ أنتِ مِنَ الزِّحامِ
٥- أَيْ: يُستعمل غالبًا لنداء القريب. ومِنَ الأمثلة على استعماله ما قالته أمامة بنت الحارث الشيباني في وصيّةٍ مشهورة لابنتها عشيةَ زفافها إلى عمرو بن حجر الكندي أمير كِندة: " أَيْ بُنَيَّة! إنّكِ غداً ستُفارقينَ البيتَ الذي فيهِ نشأتِ والعُشَّ الذي فيهِ دَرَجْتِ إلى بيتٍ لمْ تعرفيهِ وقَرِينٍ لم تَألفيهِ ، فكوني له أمَةً يكنْ لكِ عبدًا".
٦- آ: يُستعمل لنداء البعيد نحوَ: "آ سعيدُ ارْجعْ إلى البيت قبل حلول الظلام".
٧- وا: حرف نداء يُستعمل للندبة والتفجُّع، نحوَ قول عنترة العبسي:
فَوا ذُلَّ جيراني إذا غِبتُ عنهمُ
وطالَ المَدَى ماذا يُلاقونَ مِنْ بَعْدي
وقول المتنبي:
واحَرَّ قلباهُ مِمَّنْ قلبُهُ شَبِمُ
ومَنْ بِجِسمي وحالي عندَهُ سَقَمُ
١٢. أحرف الاستفتاح
الاستفتاح هو استهلال الجملة بأحد حَرْفَي الاستفتاح وهما: "ألا" و "أما". أمّا الغرضُ من استعمال أحد هذين الحرفَيْن فهو تنبيهُ السامعِ إلى ما سيقولُهُ المتكلم وما يعتبرُه أمراً مُهِمّاً يستحقُّ الاستماعَ له والإنصات.
ومن الأمثلة الكثيرة على ورود "ألا" في القرآن الكريم والشعر القديم ما يلي:
"ألا إنّ نصرَ قريب" (البقرة: ٢١٤)؛ "ألا إنَّ أولياءَ اللّهِ لا خوفٌ عليهِم ولا هُمْ يَحْزنون" (يونُس: ٦٢)؛ "ألا إنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ ولكنْ لا يَعْلمون" (البقرة: ١٣)؛ "ألا إنّ حِزبَ اللّهِ هُمُ المُفلحون" (المجادلة: ٢٢).
يقول لَبِيد بن ربيعة:
ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهَ باطِلُ
وكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالةَ زائلُ
ويقول أبو العلاء المَعَرّيّ في ديوانه المُسمّى "سِقْط الزَّنْد":
ألا في سبيلِ المَجدِ ما أنا فاعِلُ
عَفافٌ وإقْدامٌ وحَزْمٌ ونائلُ
ومن الأمثلة على استعمال "أما" في الشعر القديم قولُ حاتم الطّائيّ:
أما والذي لا يَعْلمُ الغَيْبَ غَيْرُهُ
ويُحْيي العِظامَ البِيضَ وهيَ رَميمُ
وقولُ أبي العَتاهِيَه:
أما والّلهِ إنّ الظُّلمَ لُومُ
ولكنّ المُسيءَ هُوَ الظَّلومُ
(لومُ تخفيف لُؤْم)
١٣. أحرف أو أدوات التحضيض
التحضيض في اللغة هو الحثُّ على القيام بفعلٍ ما أو الترغيب القويّ فيه. وأحرفُ التحضيض تتصدّرُ الكلام سواء تلاها فِعلٌ أو اسمٌ ظاهر. وأشهرُ هذه الأحرف هَلّا، لولا، لوما، أَلا، أما.
إذا تَلا أحدَ هذه الأحرف فعلٌ مضارعٌ كان معناه الحضّ على فعل شيء ما. ولكن إذا تلاهُ فعلٌ ماضٍ أفاد معنى اللوم أو العتاب أو التوبيخ.
وإليكم أمثلةً على استعمال هذه الأحرف:
هَلّا
هَلّا تقولُ كلمةَ حقّ تُنصِفُ بها المظلومَ.
هلّا لِسانَك تصونُ عن النَّميمة.
يقول عنترة بن شدّاد:
هَلّا سألتِ الخيلَ يا ابْنَةَ مالكٍ
إنْ كُنتِ جاهلةً بِما لمْ تَعْلمي
ويقول أبو فِراس الحمدانيّ:
هَلّا كَفَفْتُمْ عنِ الدّيباجِ ألْسُنَكُمْ
وعن بناتِ رسولِ اللّهِ شَتمَكُمُ
ما نُزِّهَتْ لِرسولِ اللّهِ مُهْجتُهُ
عنِ السِّياطِ فَهَلّا نُزِّهَ الحَرَمُ
(الديباج هو محمد بن عبدالله الديباج أحد رواة الحديث. تُوفّي عام ١٤٥ للهجرة)
لولا
"فَلولا إنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينينَ تَرْجِعونَها إنْ كنتمْ صادقين" (الواقعة: ٨٦-٨٧).
"لولا تَستغفرونَ اللّهَ لَعلّكُم تُرْحَمون" (النمل: ٤٦).
"لولا إذْ سَمِعْتُموهُ ظَنَّ المُؤمنونَ والمُؤمناتُ بِأَنفُسِهِمْ خيراً وقالوا هذا إفْكٌ مُبين" (النور: ١٢) .
لوما
"لَوْما تَأتِينا بالمَلائكةِ إنْ كنتَ مِنَ الصّادقين" (الحِجر: ٧).
ألا
"ألا تُقاتِلونَ قوماً نَكَثوا أيْمانَهُم وهَمّوا بِإخراجِ الرّسول" (التوبة: ١٣).
"ألا تُحِبّونَ أن يَغفرَ اللّهُ لكم" (النور: ٢٢).
يقول أحد الشعراء:
يا ابْنَ الكِرامِ ألا تدنو فَتُبْصرَ ما
قَدْ حَدّثوكَ فَما راءٍ كَمَن سَمِعا
أَما
قال أحد الشعراء:
أما تُضيفُ إلى ما أَسدَيْتَ مِن نِعَمٍ
فَضْلَ المَعونةِ في اللَّأْواءِ والمِحَنِ
(اللأواء هي الشدّة)
١٤. العدد الأصلي والعدد الترتيبي
ألف-العدد الأصلي
١-جاءَ تلميذٌ واحدٌ.
جاءتْ تلميذةٌ واحدةٌ.
٢-جاءَ تلميذانِ اثْنانِ.
جاءتْ تلميذتانِ اثْنَتانِ (أو ثِنْتانِ ).
٣-رأيتُ/سَلَّمتُ على تلميذينِ اثْنَيْنِ.
رأيتُ/سَلَّمت على تلميذَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ (أو ثِنْتَيْن).
الأعداد ٣ إلى ١٠
٤- ثلاثةُ/ثلاثةَ/ثلاثةِ أولادٍ
ثلاثُ/ثلاثَ/ثلاثِ بناتٍ
٥-العددان ١١ و١٢
جاءَ/رأيتُ/سَلّمتُ على أحَدَ عَشَرَ مُعلّمًا.
جاءت/رأيتُ/سلَّمتُ على إحْدَى عَشْرَةَ مُعلِّمةً.
جاءَ اثْنَا عَشَر مُعلِّمًا.
رأيتُ/سلّمتُ على اثْنَيْ عَشَرَ مُعلّمًا.
جاءتِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مُعلّمةً.
رأيتُ/سَلّمتُ على اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مُعلِّمَةً .
٦-الأعداد ١٣ إلى ١٩
تكون مبنيّةً على فتح الجزأين
جاءَ/رأيتُ/ سلّمتُ على ثلاثةَ عَشَرَ ولدًا.
جاءتْ/رأيتُ/ سلّمتُ على ثلاثَ عَشْرَةَ بِنتًا.
٧-العدد ٢٠
جاءَ عشرونَ وَلَدًا.
رأيتُ/سلّمتُ على عشرينَ وَلَدًا.
جاءتْ عشرونَ بنتًا.
رأيتُ/سلّمتُ على عشرينَ بنتًا.
٨-العددان ٢١ و٢٢
واحدٌ وعِشْرونَ/واحدًا وعِشْرينَ/واحِدٍ وعِشْرينَ وَلَدًا.
إحْدَى وعشرونَ/إحدَى وعشرين بنتًا.
اثْنِانِ وعشرونَ/اثْنَيْنِ وعشرينَ وَلَدًا.
اثْنَتانِ (أو ثِنْتانِ ) وعشرونَ بنتًا.
اثْنَتَيْنِ (أو ثِنْتَيْنِ ) وعشرينَ بِنتًا.
٩-العقود ٣٠ إلى ٩٠
ثلاثونَ/ثلاثينَ وَلَدًا أو بنتًا.
١٠-المائة والألف والمليون
مائةُ/مائةَ/مائةِ رجُلٍ أو امْرأةٍ.
ألفُ/ألفَ/ألفِ كتابٍ أو صحيفةٍ.
باء-العدد الترتيبي
١١-الأعداد ١١ إلى ١٩
هذه الأعداد المركّبة، باستثناء الحادي والثاني المَبْنِيَيْنِ على السكون، تكون مبنيةً على فتح الجزأين في حالة الرفع والنصب والجر. نقول:
الصفُّ الحادي عَشَرَ/الساعةُ الحاديةَ عَشْرَةَ.
الصفُّ الثاني عَشَرَ/ الساعةُ الثانيةَ عَشْرَةَ.
الفريقُ الرابعَ عَشَرَ /الفِرقةُ الرابعةَ عَشْرَةَ
١٢-العقود من ٢٠ إلى ٩٠
الفصلُ العِشرونَ (في حالة الرفع)
الفصلَِ العشرينَ (في حالتي النصب والجرّ).
الصفحةُ التِّسْعونَ (في حالة الرفع).
الصفحةَِ التَِسْعينَ (في حالتي النصب والجرّ).
١٥. التوكيد بكلمة " نَفْس" أو "عَيْن"
النفسُ والعينُ من الألفاظ المؤكِّدة وتجب إضافتهما إلى ضمير الإسم المؤكَّد بهما نحوَ: "جاءَ المديرُ نفسُهُ أو عينُه" ويجوز جرُّهما بالباء الزائدة نحوَ: "جاء المديرُ بنفسه" و"هذا هو المديرُ بعينه".
ونقول: "مريم ذهبتْ هيَ نفسُها أو عينُها" ولا يصح أن نقول: " مريم ذهبتْ نفسُها" ولا "مريم ذهبتْ عينُها" لئلا يُظَنّ أنّ الذي ذهب هو حياةُ مريم أو بصرُها.
ويجب إفراد النفس والعين مع المفرد وجمعهما على وزن "أَفْعُل" مع المثنّى والجمع، نحو: " جاء الحَسَنانِ أنفُسُهما أو أعْيُنُهما" و "جاء المُحمَّدونَ أنفُسُهم أو أعْيُنُهُم" و "جاءت الخَوْلاتُ أنْفُسُهنَّ أوأَعْيُنُهنَّ".
ولم تستعمل العربُ في توكيد الجَمْع "نفوسهم أو عيونهم" ولا "نفوسهما أو عيونهما" في توكيد المُثنَّى.
١٦. أشهر الأوزان التي يستوي فيها المذكّر والمؤنَّث
١- فَعُول إذا كانت بمعنى فاعل، نحوَ: صَبِيٌ لَعوب وفراشةٌ لعوب، ورجُلٌ صَبور وامرأةٌ صبور، ورجلٌ عَجوزٌ وامرأةٌ عَجوز، وأبٌ حَنونٌ وأمٌّ حَنونٌ، وشابٌّ ضَحوك وشابّةٌ ضَحوك. فإنْ لم تكن بمعنى فاعل لزمَ إلحاق التاء المربوطة بصفة المؤنّث، نحوَ: شاةٌ حَلوبة لأنّ معناها شاةٌ تُحْلَبُ، وناقةٌ رَكوبة أي تصلح للركوب.
٢- فَعِيل إذا كانت بمعنى مفعول، نحوَ: رَجُلٌ قَتيلُ وامرأةٌ قَتيلُ، وجُنديٌّ جَريح وجُنديّةٌ جريح، ورجُلٌ ذَبيح وامرأةٌ ذَبيح. ولكن إذا لم يُذْكَرِ الموصوفُ فالواجب تذكير المذكّر وتأنيث المؤنث منعاً للالتباس، فنقول على سبيل المثال: رأيتُ جَريحاً بين الجَرْحَى وقَتيلةً بين القَتْلَى.
٣- مِفْعال، نحوَ: رجلٌ مِعْطاءٌ وامرأةٌ مِعْطاء، ورجُلٌ مِلْحاحٌ وامرأةٌ مِلْحاحٌ، ورجُلٌ مِزْواج وامرأةٌ مِزْواج، ورجُلٌ مِطْلاق وأمرأةٌ مِطْلاق، ورجُلٌ مِهْذار وامرأةٌ مِهْذار.
٤- مِفْعِيل، نحوَ: رجُلٌ مِعْطيرٌ وامرأةٌ مِعْطِير، ورجُلٌ مِنْطيقٌ وامرأةٌ مِنطيقٌ، ورجُلٌ مِسْكير وامرأةٌ مِسْكير.
٥- مِفْعَل، نحوَ: رجُلٌ مِغْشَم (شُجاع) وامرأةٌ مِغْشَم، وهو مِسْعَرُ فِتَنٍ وهي مِسْعَرُ فِتَنٍ.
٦- فَعّالة، نحوَ: رجُلٌ عَلّامة وامرأةٌ عَلّامة، ورَجُلٌ رَحّالة وامرأةٌ رَحّالة، ورجُلٌ نَسّابَة وامرأةٌ نَسّابَة.
٧- فُعَلَة، نحوَ: رجلٌ هُمَزَة وامرأةٌ هُمَزَة، ورجُلٌ لُمَزة وامرأةٌ لُمَزَة، ورجُلٌ ضُحَكَة وامرأةٌ ضُحَكَة.
فائدة: المَصادِر التي تقومُ مَقامَ الصفات يستوي فيها المذكر والمؤنث، نحوَ: رَجُلٌ عَدْلٌ وامرأةٌ عَدْلٌ، وهذا قولٌ حَقٌّ وهذه قضيّةٌ حقٌّ، وهذا الرَّجُلُ ضَيْفي وهذه المرأةُ ضَيْفي.
١٧. صيغة الأمر من الفعل "رأى"
أنتَ: رَ
أنتِ: رَيْ
أنتما: رَيَا
أنتم: رَوْا
أنتن: رَيْنَ
١٨. اللام المُزَحْلَقَة
هي لام الابتداء أصلاً ، لكنها تزحلقتْ بعد "إنَّ" المكسورة عن صدر الجملة كراهةَ ابتداء الكلام بمؤكدين، فسُمِّيتْ بذلك وهي حرف توكيد مبني على الفتح لا محلَّ له من الإعراب. تدخل اللام المزحلقة على:
١- خبر "إنَّ" سواء كان الخبر إسماً نحو قوله تعالى: "وإنّها لَكبيرةٌ إلّا على الخاشعين" (البقرة: ٤٥ )، أو فعلاً كما في قوله تعالى: "وإنَّ ربَّكَ لَيحكُمُ بينهم يومَ القيامة" (النحل: ١٢٤)، و"وإنّكَ لَتَعْلمُ ما نُريدُ" (هود: ٧٩ ).
٢- إسم "إنّ" إذا تأخّر عن خبرها كما في قوله تعالى: "إنّ في ذلك لَعُبْرةً لأولي الأبصار" (النور:٤٤)، و"إنّ في ذلك لَآياتٍ لقومٍ يتفكّرون" (الجاثية: ١٣).
٣- حرف الجر أو الظرف المتعلقين بخبر "إنَّ" نحوَ قوله تعالى: "وإنّكَ لَعلى خُلُقٍ عظيم" (القلم: ٤) ، ونحو" إنّكم لَأمامَ مُهمّةٍ عظيمةٍ أيها الرجال".
٤- ضمير الفصل، وهو ما يُسمَّى أيضاً ضمير العِماد، كما في قوله تعالى: "إنّ هذا لَهُوَ القصصُ الحقُّ" (آل عمران: ٦٢)، و"إنّ هذا لَهُوَ البلاءُ المُبينُ"، (الصافّات: ١٠٦)، و"وإنَّ الدارَ الآخِرةَ لَهِيَ الحَيَوان" (العنكبوت: ٦٤) .
٥- معمول خبر "إنّ" بشرط أنْ يتوسط بين إسمها وخبرها نحوَ: " إنَّ زيداً لَطعامَكَ آكِلٌ". وتُعْرَب كلمة "طعامك" في هذا المثال مفعولاً به لاسم الفاعل "آكِلٌ".
٦- أجاز بعضُ النُّحاة دخول اللام المزحلقة على الفعل الماضي الجامد لِشَبَهِهِ بالإسم نحوَ: "إنّ محمداً لَنِعْمَ الرَّجُلُ" و"إنّ صاحبَكَ، يا عليُّ، لَبِئْسَ القرينُ".
١٩. استعمالات "أيّ" في اللغة العربية
لكلمة "أيّ" في لغتنا استعمالات عديدة أهمها ما يلي:
١- إسم استفهام معرب، ويكون مبتدأً كما في الآيات التالية: "قُلُ أيُّ شيْءٍ أكبرُ شهادةً" (الأنعام: ١٩)، و"أَيُّكُمْ يَأْتيني بِعَرْشِها" (النمل: ٣٨)، و"ثمَّ بعثناهمْ لِنَعْلمَ أيُّ الحِزْبينِ أحْصَى لِما لَبِثوا أَمَدا" (الكهف: ١٢)، وفي قول البحتري:
رَحَلوا فأيَّةُ عَبْرَةٍ لمْ تُسْكَبِ
أسَفاً وأيُّ عَزيمةٍ لمْ تُغْلَبِ
وخبرَ مبتدأ إذا جاء بعدها اسمٌ يُعرَبُ مبتدأً نحو قول النابغة الذبياني:
ولستَ بِمُسْتَبقٍ أخاً لا تَلُمُّهُ
على شَعَثٍ، أيُّ الرِّجالِ المُهّذَّبُ؟
ومفعولاً به مُقَدّماً كما في قوله تعالى: "فأَيَّ آياتِ الله تُنْكِرون" (غافر: ٨١)، ومفعولاً مطلقاً نحوَ: "أيَّ شروطٍ يشترطُ عليك"، ومجروراً بحرف الجر كما في قوله تعالى: "فَبِأَيِّ حَديثٍ بَعْدَ اللهِ وآياتِهِ تُؤمنون" (الجاثية: ٦)، وقولِ الكُمَيْت بن زيد:
بأَيِّ كِتابٍ أَمْ بِأَيَّة ِ سُنَّةٍ
تَرَى حُبَّهُمْ عاراً عَلَيَّ وتَحْسَبُ
وقولِ مَعْن بن أوْس:
لَعَمْرُكَ ما أدري وإنّي لَأَوْجَلُ
على أَيِّنا تَعدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
ونائب ظرف زمان نحو: "أيَّ ساعةٍ تُسافر غداً"، ونائب ظرف مكان نحو: "أيَّ مَكانٍ حلَّ ضيفُنا".
٢- إسم شرط مُعرَب. ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: "أيَّما الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فلا عُدوانَ عَليَّ" (القَصَص: ٢٨)، وهنا تُعرَبُ أي مفعولاً به مُقَدَّماً للفعل "قضيت" وما زائدة، ومِثْلُهُ قولُهُ تعالى: "أَيّاً ما تَدْعُو فلهُ الأسماءُ الحُسْنَى" (الإسراء: ١١٠)، والحديث الشريف: "أصحابي كالنجومِ بِأَيِّهم اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ"، و"وأيُّ شخصٍ يُكْرِمْني أُكْرِمْهُ"، وهنا تُعرَب "أيّ" مبتدأً.
٣- صفة، وتدلُّ على بلوغ الموصوف الغايةَ في الحُسْنِ أو الرداءة (وتُسَمَى أيّ الكماليّة وهي مُعرَبة)، نحوَ: " الأُمُّ مُربيّةٌ أيُّ مُرَبيّةٍ"، و"التقيتُ بِفقيهٍ أيِّ فقيهٍ"، وقول الشاعر:
دَعَوْتُ امرأً أَيَّ امْرِئٍ فأجابني
وكُنتُ وإيّاهُ مَلاذاً ومَوْئِلا
٤ - وصلة لنداء ما فيه أل التعريف، وتكون مبنية دائماً على الضم في محل نصب مُنادى، نحو قوله تعالى: "يا أيُّها الذين آمنوا لا يَسْخَرْ قومٌ مِنْ قومٍ "(الحُجُرات: ١١)، والهاء هنا تُسَمَّى هاء التنبيه لا محلَّ لها من الإعراب. وقد تدخُلُ عليها تاء التأنيث، كما في قوله تعالى: "يا أيَّتُها النفسُ المُطْمَئنَّة" (الفجر: ٢٧).
٢٠. مسألة الكُحْل في النحو العربيّ
هي المسألة المتعلقة برفع اسم التفضيل لاسمٍ ظاهرٍ في الجملة. والمعروف أنّ فاعل اسم التفضيل ضمير مُسْتَتِر دائماً ولا يرفعُ إسماً ظاهراً إلّا في مسألة سَمّاها النُّحاةُ "مسألة الكُحْل" ومَثّلوا لها بقولهم:
"ما رأيتُ رَجُلاً أَحْسَنَ في عَيْنَيْهِ الكُحْلُ مِنْهُ في عَيْنِ زَيْدٍ".
فكلمة "أحسنَ" هي نعت لكلمة "رجُلاً"، وكلمة "الكُحْلُ" فاعل اسم التفضيل "أحسن".
أما شروط هذه المسألة، كما بَيَّنها النحويّ العلّامة ابن هشام الأنصاري في كتابه "قَطْر النَّدَى"، فهي كالآتي:
١-أن يُسْبَقَ إسمُ التفضيل بنفيٍ أو استفهامٍ أو نَهي .
٢-أن يكونَ فاعلُ اسم التفضيل أجنبياً عنه (أي فاعل لا يعود على شيءٍ قبلَهُ في الجُمْلة).
٣-أن يكونَ فاعلُ اسم التفضيل مُفَضّلاً مرّتين (فالكُحلُ في المثال الذي نحنُ بصدده أفضلُ في العين منه في غير العين، وهو أفضلُ في عين زيدٍ منه في عين غيره).
وضابطُ هذه المسألةِ صِحّةُ إحْلالِ الفِعْلِ مَحَلَّ اسم التفضيل، فيقال في معنى هذه الجملة: "ما رأيتُ رَجُلاً حَسُنَ في عينيهِ الكحلُ كما حَسُنَ (أو كَحُسْنِهِ) في عينِ زيدٍ".
ومن الأمثلة الأخرى على رفع اسم التفضيل المسبوق باستفهام للإسم الظاهر: "أرأيتَ بلداً أَعْذبَ في أرضِهِ الماءُ منهُ في أرضِ لبنان؟"
ولك أن تستعيض في هذا المثال عن اسم التفضيل بفعلٍ يُشْتَقُّ منه فتقول: " أرأيتَ بلداً يَعْذُبُ في أرضهِ الماءُ كما يَعْذُبُ (أو كَعُذوبته) في أرضِ لبنان؟"
٢١. لام العاقبة
لام العاقبة (وتُسمَّى أيضاً لام الصيرورة أو لام المآل) هي التي تدلُّ على أنَّ ما بعدَها نتيجةٌ غيرُ مقصودة لِما قبلَها. وهي بذلك تختلف من حيث المعنى عن لام التعليل التي تدلُّ على الغاية مِمّا سبقَها، نحوَ قوله تعالَى: "وما خلقتُ الجِنَّ والإنسَ إلّا لِيَعْبُدونِ" (الذّاريات: ٥٦).
ومن أمثلة القرآن الكريم على لام العاقبة قولُهُ تعالَى: "فالتقطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيكونَ لَهُمْ عَدُوّاً وحَزَناً" (القَصَص: ٨). فالمنطِق يقضي بأنّ آلَ فرعونَ لم يلتقطوا موسى الرضيع من نهر النيل لكي يكونَ لهم عدواً وسبباً في حُزْنهم وكُرْبتهم، وإنّما التقطوه لغرضٍ آخرَ تُبيِّنُه الآيةُ الكريمة: "وقالتْ امرأةُ فرعونَ لا تقتلوهُ عسى أنْ ينفَعَنا أو نَتَّخِذهُ وَلَدا" (القَصَص: ٩)؛ وقولُهُ تعالَى: "ربَّنا إنَّكَ آتيتَ فرعونَ ومَلَأَهُ زينةً وأموالاً رَبَّنا لِيُضِلّوا عن سبيلِكَ" (يونس: ٨٨). لَمّا كانَ اللهُ تعالَى مُنَزَّهاً عن العبثِ واللَّهْوِ واللَّعِب وَجَبَ أن يكونَ إضلالُ النّاسِ وصَدُّهُمْ عن سبيلِ اللهِ نتيجةً، لا غايةً، تَرَتَّبتْ على إعطاءِ اللهِ فرعونَ ومَلَأَهُ وَفرةً من المال.
ومن الأمثلة على ورود لام العاقبة في الشِّعر قولُ سابق البربريّ:
ولِلموتِ تَغْذو الوالداتُ سِخالَها
كما لِخَراب الدُّورِ تُبنَى المساكِنُ
و قولُ أبي العتاهِيَه:
لِدوا للموتِ وابْنُوا للخرابِ
فَكُلُّكُمُ يصيرُ إلى تَبابِ
فالناسُ لا يلدونَ الأولادَ لكي يموتوا ولا يبنون المباني لكي تخربَ، وإنَّما مآلُ كلِّ مولودٍ الموتُ ومَصيرُ كلِّ بيتٍ الخَرابُ.
٢٢. بَحْث مُفَصّل في الاستفهام ومعانيه المختلفة
أسماءُ الاستفهام هي: مَنْ، ما، ماذا، أيّ، كَمْ، مَتى، أَيّانَ، أيْنَ، كيفَ، أًنَّى. وحَرْفا الاستفهام هما: هَلْ، وهمزة الاستفهام. وجميعُ أدوات الاستفهام مَبْنيّة ما عدا "أيّ"، فهي مُعْرَبة، ولها حقُّ الصدارة في الجملة فلا يَسْبِقُها إلّا حرفٌ من حروف الجر، نحوَ: "بِمَنْ ستستعين؟"، و"مِنْ أينَ أتيتَ؟"، و"منذُ متى وَصلَ؟"، و"بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَت؟"، و"عَمَّ يتساءَلون؟"، و"علامَ هذهِ الضجّةُ؟"، و"إلامَ الخُلْفُ بينكم؟"، و"فِيمَ وُقوفُكَ؟".
وقد يخرجُ الاستفهام عن معناه الأصلي إلى مَعانٍ أخرى كثيرة أهمُّها ما يلي:
١- التقرير، ويُرادُ به حَمْلُ المُخاطَب على الإقرار والاعتراف بشيء ما، كقوله تعالى: "ألستُ بِرَبِّكُمْ؟" (الأعراف: ١٧٢)، وقوله تعالى: "أليسَ اللهُ بأَحكمِ الحاكمين" (التين: ٨)، وقول جرير:
ألستُمْ خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
وأَنْدَى العالَمينَ بُطونَ راحِ
٢- التكثير، كقوله تعالى: "وكَمْ أهلكْنا مِنْ قَرْيةٍ بَطِرَتْ مَعيشَتَها" (القصص: ٥٨)، وقوله تعالى: "وكَمْ أرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ في الأوَّلين" (الزخرف: ٦).
٣- التعجُّب، كقوله تعالى: "كيفَ تَكْفرونَ باللهِ وكُنْتُمْ أمواتاً فأحياكُم ثُمَّ يُميتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُم ثُمَّ إليهِ تُرْجَعون" (البقرة: ٢٨)، وقول المتنبي مُخاطِباً حُمّى أصابته:
أبنتَ الدَّهرِ عندي كلُّ بنتٍ
فكيفَ وصلتِ أنتِ منَ الزِّحامِ
٤- الإستبعاد، كقوله تعالى: "أَئذا كُنّا تُراباً أَئِنّا لَفي خَلْقٍ جديد" (الرعد: ٥)، وقوله تعالى: "أئِذا مِتْنا وكُنّا تُراباً وعِظاماً أَئِنّا لَمَبْعوثون أَوَآباؤُنا الأوّلون"(الواقعة: ٤٧-٤٨).
٥- الإنكار أو الاستنكار، كقوله تعالى: "أَفأنتَ تُكْرِهُ النّاسَ حتى يكونوا مؤمنين" (يونس: ٩٩)، وقوله تعالى: "أفأَنتَ تُنْقِذُ مَنْ في النّار" (الزمر: ١٩)، وقول الشاعر:
أتَروضُ عِرْسَكَ بعدما هَرِمتْ
ومِنَ العناءِ رِياضَةُ الهَرِمِ
والعِرْس هي الزوجة.
وقول الآخر:
أَمِنْ دارِ الكلابِ تَرومُ عَظْماً
لقدْ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالمُحالِ
٦- النَّفي، كقوله تعالى: "هَلْ جزاءُ الإحسانِ إلّا الإحسان" (الرحمن: ٦٠)، أي لا يُجازَى على الإحسان إلّا بِمِثْلِهِ.
٧- التهكُّم والاستهزاء، كقوله تعالى: "هلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إنّكُم لَفي خَلْقٍ جديد" (سبأ: ٧)، وقول زهير بن أبي سُلْمَى:
وما أدري وسوفَ إِخالُ أدري
أَقوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساءُ
والمُراد بالقوم هنا الرِّجال.
٨- الإسْتِبْطاء، كقوله تعالى: "ويقولون مَتى هذا الوعدُ إنْ كنتم صادقين" ( النمل: ٧١)، وقوله تعالى: "مَتَى نَصْرُ اللهِ" (البقرة: ٢١٤).
٩- النهيُ، كقوله تعالى: "أَتَخْشَوْنَهُمْ فاللهُ أحقُّ أنْ تَخْشَوْهُ إنْ كنتم مؤمنين" (التوبة: ١٣)، أي لا تَخْشَوْهُم.
١٠- الأمر والطلب، كقوله تعالى: "فهلْ أنتم مُنْتَهُون" (المائدة: ٩١)، أي انْتَهُوا، وقوله تعالى: "وقُلْ للذين أُوتوا الكتابَ والأُمّيِّين أَأَسْلَمْتُمْ" (آل عمران: ٢٠)، أي أَسْلِموا.
١١- الترغيب، كقوله تعالى: "هلْ أدُلُّكمْ على تِجارةٍ تُنْجيكُمْ مِن عذابٍ أليم" (الصف: ١٠).
١٢- التعظيم والتفخيم والتهويل، كقوله تعالى: "وأصحابُ اليمينِ ما أصحابُ اليمين" (الواقعة: ٢٧)، أي إنّ شأنهم عظيم عند الله، و"القارعةُ ما القارعة" (القارعة: ١-٢)، أي إنّ أمرَها مَهُول.
١٣- التمنّي، كقوله تعالى: "فهلْ لنا من شُفَعاءَ فَيَشْفَعوا لنا" (الأعراف: ٥٣)، أَيْ ليتَ لنا شُفعاءَ.
١٤- الدعوة للتفكر، كقوله تعالى: "أفلا ينظرونَ إلى الإبلِ كيفَ خُلِقَتْ" (الغاشية: ١٧)، أَيْ فلينظروا.
١٥- العتاب واللوم، كقوله تعالى: "ألمْ يَأْنِ للذينَ آمنوا أنْ تَخْشَعَ قلوبُهم لذِكْرِ اللهِ وما نَزلَ مِنَ الحقّ" (الحديد: ١٦).
٢٣. ضمير الفصل
ضميرُ الفصْل (ويُسمّيه الكوفيون ضمير العِماد) هُوَ ضميرُ رفْع منفصل يأتي لإزالة اللَّبْس في الكلام، فيفصل بين المبتدأ والخبر أو بينَ ما أصلُهُ مبتدأ وخبر، نحوَ "عُمَرُ هُوَ الفاروق"، وقولِه تعالَى: "وكنّا نحنُ الوارثين" (القصص: ٥٨).
أمّا الغرضُ من استعمال ضمير الفصل فهو لتمييز الخبر مِنَ التابع كالنَّعتِ والبدَل. فإذا قلنا: "عُمَرُ الفاروق" لا يفهم السامع ما إذا كانت كلمة "الفاروق" خبراً لكلمة "عُمَر" أو نعتاً له أو بدلاً منه. ولكن بإضافة ضمير الفصل "هو" يُزالُ اللبس ويتمُّ المعنى ويُفهَمُ أن الفاروق خبر المبتدأ عُمَر. وفي هذا المثال لا يكون لضمير الفصل محلٌّ من الإعراب، أو يُعرَب مبتدأً ثانياً خبرُهُ الفاروق والمبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأوّل عمر. وضمير الفصل "نحن" في الآية القرآنية أعلاه لا محلَّ له مِن الإعراب ولا يجوز إعرابه على أيّ وجه آخر. أمّا في البيت التالي لأبي نواس:
دعْ عنكَ لومي فإنّ اللومَ إغراءُ
وداوِني بالتي كانتْ هيَ الداءُ
فيُعرَبُ الضمير "هي" مبتدأً خبرُهُ الداءُ، والمبتدأ والخبر في محل نصب خبر كانت.
وخُلاصةُ القول أنّ ضمير الفصل يُؤْتَى به لفائدتين: الأولى لتمييز الخبر من النعت والبدل، والثانية لقَصْرِ المعنى وتوكيده. فإذا قلنا: "عنترة هُوَ البطل" فَهِمَ السامع أنّ البطولة مقصورة على عنترة لا يُنازعُهُ فيها أحد.
٢٤. صِيَغ المبالغة
هي ألفاظ تدلُّ على ما يَدُلُّ عليه إسمُ الفاعل بزيادة في المعنى. فهي في حقيقة الأمر أسماء فاعل تحوّلت إلى صِيَغ مبالغة بهدف تقوية المعنى. فاسْمُ الفاعل "عالِم" يعني مَن عنده عِلْمٌ. أما صيغة المبالغة "علّام" أو "عَلّامة" فتعني الكثيرأو الغزيرالعلم.
وأوزان صِيَغ المبالغة القياسية خمسة وهي:
١- فَعّال، نحوَ: تَوّاب، غَفّار، ظَلّام، قَتّال، فَتّاك، نَحّار، أَكّال، قَوّال، كَذّاب، حَلّاف، مَشّاء. ومنه قولُهُ تعالى: " ألمْ يعلموا أنَّ اللهَ يعلمُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُمْ وأنَّ اللهَ علّامُ الغُيُوب" (التوبة: ٧٨).
٢- مِفْعال، نحوَ: مِعْطاء، مِتْلاف، مِهْذار، مِطْعان، مِعْوان، مِقْدام، مِزْواج، مِطْلاق. ومنه قولُهُ تعالى: " وأرْسلنا السماءَ عليهم مِدْراراً" (الأنعام: ٦)، والسماء في هذه الآية تعني المطر.
٣- فَعُول، نحوَ: غَفُورُ، ظَلوم، جَهُول، صَدُوق، كَذُوب، جَزوع، هَلُوع، سَؤُوم، حَسود، صَبُور، عَجُول، رؤُوم. ومنه قولُهُ تعالى: "وقليلٌ مِنْ عِباديَ الشَّكُورُ" (سبأ: ١٣).
٤- فَعِيل، نحوَ: عليم، رَحيم، بَدِيع، حَسيب. ومنه قولُهُ تعالى: " إنَّ اللهَ كان سَميعاً بَصيراً" (النساء: ٥٨).
٥- فَعِلٌ، نحوَ: يَقِظٌ، حَذِرٌ، فَطِنٌ، لَبِقٌ، نَهِمٌ، شَرِهٌ. ومنه قولُهُ تعالى: "ما ضَرَبوهُ لكَ إلّا جَدَلاً، بلْ هُمْ قومٌ خَصِمُون" (الزخرف: ٥٨).
ووَرَدتْ لصِيَغ المبالغة أوزانٌ أخرى غير المذكورة أعلاه، وقد اعتبرها علماءُ الصَّرْف والنَّحْو غيرَ قياسية رغمَ ورود بعضِها في القرآن الكريم. وأشهرُ هذه الأوزان هي:
١- فِعِّيل، نحوَ: قِدّيس، دِرّيس، سِكّير، شِرّيب، شِرّير. ومنه قولُهُ تعالى: "يوسُفُ أيُّها الصِّدِّيقُ أفْتِنا في سَبْعِ بقراتٍ سِمانٍ يأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ" (يوسف: ٤٦).
٢- فُعَلَة، نحوَ: أُكَلَة (كثيرالأَكْل)، ضُحَكَة (كثيرالضحك)، ومنه قولُهُ تعالى: "ويلٌ لِكُلِّ هُمَزةٍ لُمَزة" ( الهُمزة: ١).
٣- فُعُّول، نحوَ: سُبُّوح، قُدّوس. ومنه قولُهُ تعالى: "هو اللهُ الذي لا إلهَ إلّا هو المَلِك القُدُّوس" (الحشر: ٢٣).
٤- فُعَّال وفُعَال، نحوَ: كُبّار، عُجَاب. ومنه قولُهُ تعالى: "ومَكَروا مَكْراً كُبّاراً (نوح: ٢٢)، وقولُهُ تعالى:"أَجعلَ الآلِهَةَ إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ" (ص: ٥).
٥- فَيْعُول، نحوَ: قَيّوم. ومنه قولُهُ تعالى: "اللهُ لا إلهَ إلّا هوَ الحَيُّ القَيُّومُ" (البقرة: ٢٥٥).
٦- مِفْعِيل، نَحْوَ: مِعْطِير (مَنْ يُكْثِرُ من التطيُّب)، مِنْطِيق (بَليغ أو مُفَوَّه)، مِسْكين. ومنه قولُهُ تعالى: " أو إطعامٌ في يومٍ ذي مَسْغَبة يَتيماً ذا مَقْرَبة أو مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَة" (البلد: ١٤-١٦).
٧- فَعّالَة، نحوَ: عَلّامَة، رَحّالة، ذَوّاقة، نَسّابَة (عالِم بالأنْساب).
٨- فاعُول، نحوَ: فاروق (مَنْ يَفْرُقُ الحقَّ من الباطل)، حاطوم (ماءٌ حاطوم)، جاروف (سَيْلٌ جاروف).
٢٥. الممنوع من الصرف
الإسم الممنوع من الصرف هو الذي لا يلحقُهُ تنوينٌ وهو يُجَرُّ بالفتحة بدلاً من الكسرة ما لمْ يكنْ مُضافاً أو مقترناً بأل التعريف.
ألف- الممنوع من الصرف لعلة واحدة
١-كل اسم في آخره ألف التأنيث المقصورة نحو: حُبلَى، ليلى، ذِكْرَى، أو همزة متطرفة بعد ألف زائدة، نحوَ: عذراء، صحراء، بيضاء، قَمْراء.
٢-الإسم الذي على صيغة منتهى الجموع (أي على وزن مفاعل، مفاعيل، فواعل، فواعيل، أفاعل، أفاعيل، فعائل، فعاليل، تفاعيل، فياعل، فعالل، فُعالَى) نحوَ: مساجد، مفاتيح، سواعد، طواحين، أكابر، أساطير، حدائق، عصافير، تقاسيم، صيارف، دراهم، سُكارَى.
باء- الممنوع من الصرف لوجود علّتين معاً
هذا إمّا أن يكون وصفاً وإمّا علماً. أما الوصف فيُمنَع من الصرف مع إحدى العلل الثلاث التالية:
١-اذا كان على وزن "فعلان" بشرط أن يكون تأنيثه بغيرالتاء المربوطة إمّا لأنه لا مؤنثَ له لاختصاصه بالذكور نحوَ "لَحْيان" (طويل اللحية) وإما لأنّ علامة تأنيثه الشائعة ليست تاء التأنيث نحو: ظَمْآن ظَمْآى، رَيّان رَيَّا، غَضْبان غَضْبَى.
٢- اذا كان على وزن "أفعل" الذي لا يؤنث بالتاء المربوطة وبشرط أن تكون الوصفية فيه أصيلة نحوَ: أصفر صفراء، أبيض بيضاء، أفضل فُضْلَى، أَدْنَى دُنْيا. أما إذا كان مؤنَّثُهُ بالتاء المربوطة نحو: أرمل أرملة فلا يُمنَعُ من الصرف.
٣- العدد ويكون ذلك في موضعين: أولهما الأعداد العشرة الأولى التي على وزن " فُعال" أو "مَفْعَل" وهي: أُحاد ومَوْحَد، ثُناء ومَثْنى، ثُلاث ومَثْلَث، رُباع ومَرْبَع إلخ، وثانيهما كلمة "أُخَر".
وأما الإسم العَلَم فيمنع من الصرف في الحالات التالية:
١- اذا كان مركباً تركيباً مزجياً نحوَ: بعلبك، حضرموت، بور سعيد، سِيبَوَيه.
٢-إذا كان مختوماً بألف ونون زائدتين نحوَ: شعبان، رمضان، مروان، عمران.
٣-إذا كان أعجمياً زائداً على ثلاثة أحرف نحوَ : إبراهيم، إسماعيل، إسحاق، يعقوب. أما إذا كان ثلاثيا فيُصرَف نحوَ: لوط، نوح.
٤-إذا كان مؤنثاً، سواء كان مؤنثاً لفظيا نحوَ: عنترة، معاوية، حمزة، أو معنوياً نحو: زينب، دلال، وِصال.
أما الأسماء المؤنثة الثلاثية الساكنة الوسط نحو: هِنْد، دَعْد، عَهْد فيجوز أن تُصْرَف أو تُمْنَع من الصرف.
٥-إذا جاء على وزن الفعل نحوَ: تَغْلِب، يَثْرِب، تَدْمُر، يَزيد، يَغُوث.
٦-اذا كان العلم المفرد المذكرعلى وزن "فُعَل" نحوَ: عُمَر، هُبَل، مُضَر، هُذَل.
هذه خُلاصة لأهم القواعد المتعلقة بالممنوع من الصرف.
٢٦. نَصْبُ الفعل المضارع بعد "أو" و"واو" المعية المُصاحِبة
أوجبَ النحويون واللغويون إضمار "أنْ" الناصبة بعد "أو" التي بمعنى "حتّى" إذا كان الفعلُ الذي قبلها مِمّا ينقضي تدريجياً كما في قول الشاعر:
لأَسْتَسْهِلَنَّ الصّعْبَ أو أُدرِكَ المُنى
فما انْقادتِ الآمالُ إلّا لصابِرِ
نُصبَ الفعلُ "أدرك" بأنْ المضمرة وجوباً لأنَّ الفعل الذي قبلها، وهو لأسْتَسْهلنَّ"، ينقضي شيئاً فشيئاً بالصبر.
وتأتي "أو" بمعنى "إلّا أنْ" كما في قول الشاعر:
وكنتُ إذا غمزتُ قناةَ قومٍ
كسرتُ كُعوبَها أو تَسْتَقيما
أي "إلّا أنْ تستقيمَ".
ومن الشواهد اللغوية على نَصْبِ الفعل المضارع بأن المضمرة وجوباً بعد واو المعيّة قولُ أبي الأسود الدُؤلي، وقيل المتوكِّل الليثي:
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتِيَ مِثْلَهُ
عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
فالفعل "وتأتيَ" منصوب بأن المضمرة وجوباً بعد واو المعيّة.
٢٧. حَتَّى وأنواعها
تأتي كلمة "حَتَّى" بأربعة أوْجُهٍ: جارّة، وعاطفة، وابتدائية، وناصبة.
١- حتّى الجارّة: تَجُرُّ الإسمَ الظاهرَ والمصدرَ المؤوَّلَ من "أنْ" المُضمرة وُجوباً بعدَها والفعل المضارع. ومن معانيها انتهاء الغاية الزمانية والمكانية، نحوَ قوله تعالى: "سلامٌ هيَ حتى مَطْلَعِ الفجرِ" (القَدْر: ٥)، و"سنواصلُ السَّيرَ حتى تَغربَ الشمسُ (أي حتى غُروبِ الشمس) و"سِرْنا حتى النهرِ"، و"قرأتُ المقالةَ حتى آخِرِ كلمةٍ فيها"، .
٢- حتّى العاطفة: تكون بمعنى "واو العطف" وتعطف الإسمَ على الإسم، نحو: " أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها"، و" أعجبني الكتابُ حتّى غِلافُهُ"، و"حضرَ التلاميذُ حتّى الصّغارُ منهم".
وقد يُعْطَفُ الإسمُ الذي يلي حتى على ضميرٍ استثناءً كقول الشاعر:
قَهَرْناكُمُ حتى الكُماةَ فأنتمُ
تهابونَنا حتى بَنِينا الأصاغِرا
فكلمة " كُماة" معطوفة على الضمير "كُم" وكلمة "بَنينا" على الضمير "نا" في كلمة "تَهابونَنا".
٣- حتى الابتدائية: يُسْتَأنفُ بعدَها الكلام، وتكون الجملةُ بعدها إمّا إسمية كقول الفرزدق:
فَيا عَجَبي حتّى كُلَيْبٌ تَسُبُّني
كأَنَّ أباها نَهْشَلٌ أو مُجاشِعُ
وقولِ جرير:
وما زالتِ القَتْلَى تَمورُ دِماؤُها
بِدِجْلةَ حتَّى ماءُ دِجلةَ أَشْْكَلُ
(تمور أي تَنصَبُّ وتجري. أشكلُ: ذو لونيْن مختلطين أي لون الماء وحُمرة الدماء فيه)
وإمّا فعلية كقول أبي الطيب المتنبي:
هُوَ الجَدُّ حتّى تَفْضُلُ العينُ أخْتَها
وحتّى يكونُ اليومُ لليوم ِ سَيِّدا
٤- حتّى الناصبة: وشرطُ النصب بها أن يكون الفعلُ بعدها مستقبلاً، نحوَ: "لأَجْتَهِدَنَّ حتى أَنْجَحَ".
ولها معنيان أحدُهما للغاية الزمانية، نحو "فَلنْ أَبْرَحَ الأرضَ حتى يَأْذَنَ لي أبي" (يوسف: ٨٠ )، (أي إلى أنْ يأذنَ)، والآخر للتعليل، نحوَ: "سأسافرُ إلى فرنسا حتّى أُتْقِنَ الفرنسيةَ" (أي لكي أتقن).
٢٨. فاء السببية
هي حرف عطف تنصب الفعل المضارع الذي بعدها. ومن شروط هذه الفاء أن يكون الكلام الذي قبلها سبباً لما بعدَها وأن يتقدم عليها أحد الأمور التالية:
١- الأمر، نحوَ: "إسألْني فأُجيبَكَ".
٢- النهي، نحوَ قوله تعالى: "ولا تَطْغَوْا فيهِ فَيَحِلَّ عليكمْ غَضَبي" (طه: ٨١).
٣- النفي، نحو قوله تعالى: "لا يُقْضَى عليهم فَيَموتوا ولا يُخَفَّفُ عنهم مِنْ عذابِها" (فاطر: ٣٦).
٤- الإستفهام نحو قوله تعالى: "فهلْ لنا مِنْ شُفعاءَ فَيَشْفعوا لنا أو نُرَدُّ فنَعملَ غيرَ الذي كُنّا نعملُ" (الأعراف: ٥٣).
٥- العَرْض، نحوَ قولِ الشاعر:
يا ابْنَ الكِرامِ ألا تدنو فَتُبْصِرَ ما
قدْ حدّثوكَ فما راءٍ كَمَنْ سَمِعا
٦- التحضيض، نحوَ قوله تعالى: "لولا أخَّرْتَني إلى أجَلٍ قريبٍ فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ منَ الصالحين" (المنافقون: ١٠).
٧- التمني، نحوَ قوله تعالى: "يا ليتني كنتُ معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً" (النساء: ٧٣)، و"فلوْ أنَّ لنا كَرَّةً فنكونَ منَ المؤمنين" (الشعراء: ١٠٢).
٨- الترجّي نحوَ قوله تعالى: "وما يُدريكِ لعلّهُ يَزَّكَى أو يَذَّكَرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى" (عبس: ٣-٤).
٢٩. المفعول معه
يُعرّفُ النُّحاةُ المفعول معه بأنه اسم فَضْلة، أي لا يردُ في الجملة مبتدأً ولا خبراً أو ما هو في حُكمهما ولا يؤثّر حذفُه في الجملة، ويأتي بعد واو المعيّة (وتُسمَّى أيضا واو المصاحبة) مسبوقاً بفعل أو ما يُشبهه. وتدلُّ الواو على اقتران الاسم الذي بعدَها باسمٍ آخرَ قبلها في زمن حدوث الفعل مع مشاركة أو عدم مشاركة الثاني للأول في الحدث. وفيما يلي أمثلة على المفعول معه.
١- خَرَجتِ القافلةُ وطُلوعَ الفجرِ.
٢- سِرْنا والنهرَ حتى وصلنا إلى أسفل الوادي.
٣- اسْتَوَى الماءُ والخشبةَ.
٤- "فأجْمِعوا أمْرَكُمْ وشُرَكاءَكُمْ" (يونس: ٧١) .
٥- فكونوا أنتمُ وبَنِي أبيكُمْ
مكانَ الكُلْيَتَيْنِ منَ الطِّحالِ
٦- ويَمِلْنَ والأغصانَ ما
خَطَرَ النّسيمُ بِروْضِهِنَّهْ
(من قصيدة لإبراهيم طوقان مطلعُها:
بِيضُ الحمائمِ حَسْبُهُنَّهْ
أنّي أُردِّدُ سَجْعَهُنَّهْ)
٣٠. إسمُ الفعل
إسمُ الفعل هو اسم يدلُّ على فعل معيَّن ويتضمّن معناه وزمنَهُ وعملَهُ من غير أنْ يقبل علاماته أو يتأثر بعوامله.
وأسماء الأفعال مبنيّة على ما سُمِعتْ عليه من كسر وفتح وسكون إلّا ما جاء منها على وزن "فَعالِ" فإنها تُبنَى دائماً على الكسر. ويعمل إسم الفعل عملَ الفعل الذي يدلُّ عليه فيرفع الفاعل اذا كان لازماً وينصب المفعول به إذا كان متعدّياً.
وينقسم اسم الفعل من حيث الصياغة إلى ثلاثة أقسام:
١-اسم فعل مُرْتجَل وهو ما استعملته العرب منذ البداية ليدل على معنى الفعل ولم يُستَعمل بمعنى آخر نحو: هيهاتَ، شَتّانَ، أُفٍّ، آمين.
٢-اسم فعل منقول عن جار ومجرور نحو: إليكَ (بمعنى خُذْ)، إليكَ عني (بمعنى ابْتَعِدْ)، إليَّ (بمعنى أقبِلْ)، عليكَ (بمعنى الزَمْ)، وإما عن ظرف مكان نحوَ: دونَكَ (بمعنى خُذْ)، مَكانَكَ (بمعنى اثْبُتْ أو إِلْزَمْ)، أمامكَ (بمعنى تقدَّمْ)، وراءَكَ (بمعنى تأخَّرْ)، وإما منقول عن مصدر نحو: رُويدَ (بمعنى تمَهَّلْ)، بَلْهَ (بمعنى دَعْ واتْرُكْ).
٣-اسم فعل معدول عن فعل أمر نحوَ: حَذارِ (بمعنى احذَرْ)، دَراكِ (بمعنى أَدْرِكْ)، نَزالِ (بمعنى انزِلْ).
أما من حيث الزمن فينقسم إسمُ الفعل أيضا إلى ثلاثة أنواع:
١-اسم فعل أمر، وهو الأشيع، نحو: صَهْ (بمعنى اسكتْ)، مَهْ أو مَهٍ (بمعنى اكْفُفْ)، إيهِ (بمعنى زِدْ)، حَيَّ (بمعنى أقْبِلْ أو عَجِّلْ)، حَذارِ (بمعنى احذرْ)، هَيّا (بمعنى أسرِعْ)، هَلُمَّ إلينا (بمعنى تعالَ).
٢-اسم فعل مضارع نحوَ: اُفٍّ (بمعنى أتضجَّرُ)، وَيْ (بمعنى أعْجَبُ)، آهٍ (بمعنى أتوجّعُ)، بَخٍ (بمعنى أَسْتَحْسِنُ).
٣-اسم فعل ماضٍ نحوَ: شَتّانَ (بمعنى افْتَرَق)، هيهاتَ (بمعنى بَعُدَ)، سُرْعانَ (بمعنى ما أسرعَ).
والآن إليكم بعضَ الأمثلةِ من القرآن الكريم والشعر القديم على استعمال أسماء الأفعال:
- "أيعدكم أنّكم إذا مِتُّمْ وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مُخْرَجون؟ هيهاتَ هيهاتَ لِما تُوعَدون" (المؤمنون: ٣٥-٣٦).
-قال الشاعر:
جازَيْتُموني بالوِصالِ قطيعةً
شتّانَ بينَ صنيعِكُمْ وصنيعي
- " فلا تقلْ لهما أُّفٍّ ولا تنهرْهما" ( الإسراء: ٢٣)، و"أُفٍّ لكمْ ولِما تَعبُدون مِنْ دونِ الله" (الأنبياء: ٦٧).
-يقول أبو العلاء المعري:
١- أبناتِ الهَديلِ أسْعِدْنَ أوْ عِدْنَ
قليلَ العزاءِ بالإسعادِ
٢- إيهِ للهِ دَرُّكُنَّ فأنتُنَّ اللواتي
تُحْسِنَّ حِفْظَ الوِدادِ
-قال الشاعر:
عليكَ نَفْسَكَ فَتِّشْ عن مَعايبِها
وخلِّ عنْ عثراتِ النّاسِ للناسِ
-قال عَمْرو بْنُ الإطْنابَة الأنصاريّ، أحد شعراء "ديوان الحَماسة" :
١- أبَتْ لي عِفَّتي وأبَى بَلائي
وأخْذي الحَمْدَ بالثمنِ الرَّبيحِ
٢- وإقْدامي على المَكْروهِ نَفْسي
وضَرْبي هامةَ البَطَلِ المُشِيحِ
٣- وقَوْلي كلما جَشَأتْ وجاشَتْ
مكانَكِ تُحْمَدي أوْ تستريحي
٤- لِاُكْسِبَها مآثِرَ صالِحاتٍ
وأَحْمي بَعْدُ عَنْ عِرْضٍ صحيحِ
-قال أبو الفرج الساوي:
هيَ الدنيا تقولُ بِمِلْءِ فيها
حَذارِ حَذارِ من بطشي وفَتْكي
- "وَيْ كأنَّ اللهَ يبسُطُ الرزقَ لِمَنْ يشاءُ مِنْ عبادِهِ ويَقْدِرُ" (القصص: ٨٢).
-"والقائلينَ لِإخوانهم هَلُمَّ إلينا" (الأحزاب: ١٨).
-قال المتنبي:
أَقَلُّ فَعالي، بَلْهَ أَكثرَهُ، مجدُ
وذا الجِدُّ فيهِ نِلْتُ أَمْ لمْ أَنَلْ جَدُّ
(يعني أقلُ أفعالي مجدٌ فَدَعْكَ مِنْ أكثرها أو فما بالُكَ بأكثرها).
٣١. المؤنث اللفظي والمؤنث المعنوي
المؤنث اللفظيّ هو ما كانت فيه علامة من علامات التأنيث، وهي: الهاء نحوَ "خديجة وفاطمة وخولة ورَغْدة"، والهمزة بعد ألف مَدّ، نحو " صحراء وبيداء ورَمْضاء"، والألف المقصورة أو الممدودة، نحوَ "سَلْمى وبُشْرَى وفوضَى وفَتْوَى ورُؤيا ودُنْيا ".
أمّا المؤنث المعنوي فهو ما لم تكن فيه علامة تأنيث ظاهرة، نحوَ "زَيْنَب ودَعْد وهند ويد ونار وشمس" وما شابهَ ذلك.
٣٢. صيغ مُنْتَهَى الجموع
هي كل جمع تكسير بعد ألف تكسيره حرفان، أو ثلاثة ثانيهما ساكن. وإنمّا سُمِّيتْ صِيَغ منتهى الجموع بهذا الإسم لأنه لا يجوز جمعُها مَرّةً أخرى بخلاف بعض جموع التكسير الأخرى التي تُجْمَع، نحوَ: أَنْهُر أنْهار، ثَمَرٌ ثِمار وأَثمار.
وصِيَغ منتهى الجموع كُلُّها ممنوعة من الصرف، أي لا يلحقها تنوين (ما عدا الأسماء المنقوصة منها مثل دَعاوٍ وفَتاوٍ في حالتي الرفع والجر) وتُجَرّ بالفتحة عِوَضاً عن الكسرة ما لم تكن مُضافةً أو مُقْتَرنةً بأل التعريف.
وأشهر أوزان صيغ الجموع :
١- فَعالِل، نحوَ: دَراهِم ( جمع دِرْهم)، عنادِل (جمع عندليب)، عَناكِب ( جمع عَنْكَبوت).
٢- فَعاليل، نحوَ: دنانير (جمع دينار)، عَصافير (جمع عُصفور)، قناديل (جمع قِنْديل).
٣-أفاعِل، نحوَ: أكابِر (جمع أكبر)، أكارم (جمع أكرم)، أَفاضل (جمع أفْضل).
٤-أفاعيل، نحوَ: أساطير (جمع أُسْطورة)، أساليب ( جمع أسلوب)، أَقانيم (جمع أُقْنُوم).
٥- تَفاعِل، نحوَ: تَنابِل (جمع تِنْبَل وهو القصير)، وتَجارِب (جمع تَجْرِبة).
٦- تَفاعيل، نحوَ: تَقاسيم (جمع تَقْسيم)، تَسابيح (جمع تسبيح)، تَرانيم (جمع تَرْنيم).
٧- مَفاعِل، نحوَ: مَساجِد ( جمع مَسْجِد)، مَعابِد (جمع مَعْبَد)، مَنازِل (جمع مَنْزِل أو مَنْزِلة).
٨- مَفاعِيل، نحوَ: مَفاتيح (جمع مِفْتاح)، مَصابيح (جمع مِصباح)، مَسامير (جمع مِسْمار).
٩- يَفاعِل، نحوَ: يَحامِد ( جمع يَحْمُد وهو اسم رجُل)، يَعامِل (جمع يَعْمَلَة وهي الناقة التي تُستَعملُ في الخدمة).
١٠- يَفاعيل، نحوَ: يَنابيع ( جمع يَنْبوع)، يَعاسيب ( جمع يَعْسُوب وهي مَلِكَة النَّحْل).
١١- فَواعِل، نحوَ: كَواكِب (جمع كوكب)، خَواتِم (جمع خاتم)، كَواعِب (جمع كاعِب).
١٢- فَواعِيل، نحوَ: طواحين (جمع طاحونة)، نواعير (جمع ناعورة)، قَوارير (جمع قارورة).
١٣- فَعائِل، نحوَ: كَنائِس (جمع كنيسة)، كَتائِب (جمع كَتيبة)، حقائِب (جمع حَقيبة).
١٤- فَياعِل، نحوَ: بَيارِق ( جمع بَيْرَق وهو الراية أو العَلَم)، صَيارِف (جمع صَيْرَف وهو صَرّاف الدراهم)، غَياهِب (جمع غَيْهَب وهو الظُّلْمة).
١٥- فَياعِيل، نحوَ: دَياجير ( جمع دَيْجُور وهو الظُّلْمة)، صَيادِيح (جمع صَيْداح وهو الشديد الصوت المُطْرِب).
١٦- فَعالٍ، نحوَ: دَعاوٍ ( جمع دَعْوَى)، فَتاوٍ (جمع فَتْوَى).
١٧-فَعالَى، نحوَ: عَذارَى (جمع عَذْراء)، صَحارَى (جمع صَحْراء).
١٨- فُعالَى، نحوَ: كُسالَى (جمع كَسْلان وكَسْلَى)، وسُكارَى (جمع سَكْران وسَكْرَى).
١٩- فَعالِيّ، نحو: كَراسِيّ ( جمع كُرْسِيّ)، كَراكِيّ (جمع كُرْكِيّ وهو اسم طائر).
٣٣. ضمير الشأن أو ضمير القِصَّة
هو ضمير مُبْهم للغائب يأتي في بداية الجُمَل التي تشتمل على معانٍ أو أحكام أو تصريحات هامّة. أما الغرضُ من استخدامه فهو تشويق السامع واستثارة فُضوله والتنبيه إلى أهمية ما يأتي بعد هذا الضمير.
ولا بدَّ أن يكونَ ضمير الشأن:
١- مبتدأً، نَحْوَ قوله تعالى: "هُوَ اللهُ أحدٌ" (الإخلاص: ١).
(هو: ضمير الشأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ أوّل. اللهُ: مبتدأ ثانٍ. أحدٌ: خبر المبتدأ الثاني. والمبتدأ الثاني وخبرُهُ في محل رفع خبر المبتدأ الأول).
وقول أبي الطيِّب المتنبي:
هُوَ الجَدُّ حتّى تَفْضُلُ العَيْنُ أختَها
وحتّى يكونُ اليومُ لليومِ سَيِّدا
وقول معروف الرُّصافيّ:
هِيَ الأخلاقُ تَنْبُتُ كالنَّباتِ
إذا سُقِيتْ بماء ِ المَكْرُماتِ
٢-أصلهُ مبتدأ ثُمَّ دخلَ عليه ناسخ، نحو قوله تعالى: " إنَّهُ لا يُفْلِحُ الظالمون" (يوسُفُ: ٢٣)، وقوله عزَّ وجلَّ: "فَإنَّها لا تَعْمَى الأبصارُ" (الحج: ٤٦).
٣٤. المنصوب بنزع الخافض (والخافض هو حرف جَرّ )
تعريفه: هو إسمٌ منصوبٌ يأتي بعدَ فِعْلٍ حَقُّهُ أنْ يَتعدَّى بحرفٍ من حروف الجر، ولكنّهُ حُذِفَ اختصاراً وتخفيفاً واتِّساعاً باللغة، كقولك: "تَوَجَّهْتُ مَكّةَ"، أي إلى مكّة، وكقول امرئ القيس في مُعلَّقته:
ويومَ دخلتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ
فقالتْ لكَ الويلاتُ إنّكَ مُرْجِلي
أي في الخدر. ومن النُّحاة مَن يُعرب الإسمَ المنصوب بعد "دخلَ" مفعولاً به لكثرة استعماله في لغة العرب بدون حرف جر، نحوَ: دخلتُ الدّارَ والغرفةَ والمسجدَ والخيمةَ والكوخَ والقصرَ.
وقديماً لم يكن له هذا الاصطلاح، أي أنّ النُّحاة القدماء لم يُسَمّوهُ بهذا الإسم، ولكنهم أتَوْا على ذِكْرِهِ عَرَضاً كإمام النحو سيبويه الذي سَمّاه " الحذف والإيصال"، وأشار إليه بعضُ النحاة كابن هشام الأنصاري في كتابه "مُغني اللبيب" وابنُ عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك وغيرهما في باب المفعول فيه.
والنصبُ بنزع الخافض سماعيّ مَحْض في كلام العرب عندَ جمهور علماء اللغة. ومن الكلمات التي كَثُرَ استعمالها منصوبةً بنزع الخافض ما يلي: لُغَةً، اصْطلاحاً، ذَوْقاً، عَقْلاً، شَرْعاً، عُرْفاً، كأَنْ نقول: "الوحيُ لُغةً هو الإعلامُ بخفاء"، أي في اللغة، و"هذا لا يَصِحُّ عَقْلاً"، أي في العقل، و"النميمةُ حرامٌ شَرْعاً"، أي في الشرع"، و"إكرامُ الضيفِ واجبٌ عُرْفاً"، أي في العُرْف.
ومن الأمثلة الكثيرة على المنصوب بنزع الخافض في الشعر العربي قولُ القائل:
أستغفرُ اللهَ ذَنْباً لستُ مُحْصِيَهُ
رَبَّ العبادِ إليهِ الوَجْهُ والعملُ
أي أستغفرُ اللهَ مِنْ ذَنْبٍ.
وقول عمرو بن مَعْدي كَرِب
أَمَرْتُكَ الخيرَ فافعلْ ما أُمِرْتَ بهِ
فقدْ تركتُكَ ذا مالٍ وذا نَشَبِ
أي أمرتكَ بالخير.
ومن الأمثلة العديدة على وروده في القرآن الكريم:
" واختارَ موسى قَوْمَهُ سبعينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا" (الأعراف: ١٥٥)، أي من قومِهِ، و"ألا إنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُمْ ألا بُعْداً لِثَمود" (هود: ٦٨)، أي كفروا بِربّهم، و"وإنْ عَزَموا الطّلاقَ فإنَّ اللهَ سميعٌ عليمٌ" (البقرة: ٢٢٧)، أي على الطلاق، و"إذا كالوهُمْ أو وَزَنوهُم يُخْسِرون" (المُطفّفون: ٣)، أي إذا كالوا لَهُمْ أو وَزَنوا لهمْ.
٣٥. تقديم المبتدأ على الخبر وُجوباً
الأصل في المبتدأ أنْ يَتقدّمَ على خبره، وهذا التقديمُ واجبٌ في عددٍ من الحالات أهمُّها:
١- إذا كان المبتدأ منَ الأسماء التي لها حقُّ الصدارة في الكلام كأسماء الاستفهام، نحو: "مَنْ إلهٌ غيرُ اللهِ يأتيكمْ بضياء" (القصص: ٧١)، و"فَأَيُّ الفريقينِ أحقُّ بالأمنِ إنْ كنتم تَعْلمونَ" (الأنعام: ٨١)، و"ما تِلْكَ بِيمينكَ يا موسى" (طه: ١٧)، وأسماء الشرط، نحو :"ومَنْ يتَّقِ اللهَ يجعلْ لهُ مَخْرَجاً " (الطلاق: ٢)، و"ما" التعجبية، نحوَ: "ما أجْملَ الوردَ"، و"كمْ" الخبرية، نحو: “كَمْ عُضواً حضرَ الاجتماعَ؟".
٢-إ ذا كان الخبرُ جملةً فعليةً فاعِلُها ضمير مستتر يعود على المبتدأ، نحوَ: "كلٌّ يَعْمَلُ على شاكِلَتِهِ" (الإسراء: ٨٤)، و"ألأمطارُ هطلتْ بغزارة".
٣- إذا كان المبتدأُ مُقترناً بلام الابتداء، نحو: "ولَعبدٌ مؤمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ولوْ أعْجَبَكُمْ" (البقرة:٢٢١)، وقول ميسون بنت بحدل زوجة معاوية الخليفة الأموي الأول:
لَبيتٌ تَخْفِقُ الأرياحُ فيهِ
أَحَبُّ إليَّ مِنْ قَصْرٍ مُنِيفِ
٤- إذا كان المبتدأ والخبر مُتساوِيَيْنِ في التعريف والتنكير بحيث يصلحُ كلٌّ منهما أن يكونَ مبتدأً، نحوَ: "عِلْمي عِلْمُكَ"، و"هَمُّكُمْ هّمُّنا"، و"حَبيبي أخي".
٥- إذا قُصِرَ المبتدأُ على الخبر أو حُصِرَ فيه بكلمة "إلّا" أو "إنَّما"، نحو: "وما مُحمّدٌ إلّا رسولٌ قدْ خَلتْ مِنْ قَبْلِهِ الرسُّلُ" (آل عمران: ١٤٤)، و"إنَّما أنتَ نَذيرٌ" (هود: ١٢)، و"إنَّما أنتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها" (النازعات: ٤٥).
٦- إذا كان الخبرُ مفصولاً عن المبتدأ بضمير الفصل أو العِماد، نحو: "اللهُ هُوَ الخالقُ"، و"أخْتُكَ هي المُذنِبة"، و"نَحْنُ هُمُ الذين بادروا إلى الصُّلْحِ"، و"المُعلّماتُ هُنَّ اللواتي تَأَخَّرْنَ".
٧- إذا اقْتَرَنَ الخبرُ بالفاء، نحوَ: "الذينَ يُنْفِقون أموالَهُمْ بالليلِ والنهارِ سِرّاً وعَلانِيَةً فَلَهُمْ أجْرُهُمْ عندَ رَبِّهِمْ" (البقرة: ٢٧٤).
٣٦. تقديم الخبر على المبتدأ وُجوباً
الأصلُ أنْ يتأخّرَ الخبرُعن المبتدأ لأنّه الحُكمُ الذي نحكمُ به على المبتدأ. ومع ذلك، يتقدّمُ الخبرُ على المبتدأ وُجوباً في عددٍ من الحالات أهمُّها:
١- إذا كان المبتدأ نكرة غير مفيدة والخبرُ شبه جملة سواء كان ظرفاً أو جارّاً ومجروراً، نحو: "وفوقَ كُلِّ ذي عِلْمٍ عليمٌ" (يوسُفُ: ٧٦)، و"ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ" (الرعد: ٧)، و"عِنْدنا ضيفٌ" و"في البيتِ لِصٌّ".
٢- إذا كان الخبر من أسماء الاستفهام حيث يكون لها الصدارة في الكلام، بشرط أن يأتي بعدها معرفة، وفي الغالب تكون من الاسماء التي تدل على الزمان والمكان والحال وهي، على سبيل المثال لا الحصر: متى، أيّانَ، أَنَّى، أَينَ، كيفَ، نحوَ: "متى نَصْرُ اللهِ" (البقرة: ٢١٤)، و"أيّانَ يومُ القيامة" (القيامة: ٦)، و"أَنَّى لهُ الذِّكْرَى" (الفجر: ٢٣)، و"أينَ المَفَرُّ" (القيامة: ١٠)، و"فَسَتَعْلَمونَ كيفَ نَذيرِ" (المُلْك: ١٧)، و"صباحَ أيِّ يومٍ سَفَرُنا؟"
٣- إذا كان المبتدأ مُشتملاً على ضمير يعود إلى الخبر، نحوَ: "أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفالُها" (محمّد: ٢٤)، و"لِلْحَجِّ مَناسِكُهُ"، و"للصّلاةِ مَواقيتُها"، و"للطّعامِ آدابُهُ"، و"فَوْقَ البيتِ صاحِبُهُ"، و"في القَصْرِ حُرَّاسُهُ".
٤- إذا كان الخبرُ محصوراً في المبتدأ ب "إلّا"، نحو: "ما على الرَّسولِ إلّا البلاغُ" (المائدة: ٩٩)، أو "إنّما"، نحوَ: "إنّما الشُّجاعُ مَن لا يَهابُ الموتَ".
٣٧. إسم الآلة
تعريفه: هو اسمٌ يُصاغ للدلالة على الأداة التي يكون بها الفعلُ.
أوزانُه: لاسم الآلة أوزان قياسية، قديمة وحديثة، أشهرها:
١- مِفْعَل نحوَ: مِبْرَد، مِخْرَز، مِشْرَط، مِبْضَع، مِصْعَد، مِجْهَر، مِكْبَس، مِغْزَل.
٢- مِفْعَلة نحوَ: مِطْرَقة، مِلْزَمة، مِسْطَرَة، مِضَخّة، مِلْعَقة، مِغْرَفة، مِكْنَسة، مِرْوَحَة.
٣- مِفْعال نحوَ: مِفْتاح، مِجْداف، مِقْياس، مِكْيال، مِيزان، مِنْشار، مِنْظار، مِسْبار.
٤- فَعّال نحوَ: عَدّاد، خَلّاط، بَرّاد، سَخّان، خَزّان، جَوّال، جَرّار، كَبّاس، كَشّاف (أقرّ مجمع اللغة العربية بالقاهرة في قراراته الصادرة عامَ ١٩٦٢ هذا الوزن والوزن الذي يليه مراعاةً لما استجدّ من آلات حديثة لم يعرفها العرب من قبلُ).
٥- فَعّالة نحوَ: حصّادة، سَمّاعة، فَتّاحة، شَوّاية، ثَلّاجَة، غَسّالة، كَسّارة، خَرّاطة، خَرّامة، قَطّارة.
٦- فاعول نحوَ: ساطور، خازوق، ناقور (صُور يُنْفَخُ فيه)، راوُوق (مِصْفاة)، حاسوب، ناقوس، جاروف.
٧- فاعولة نحوَ: طاحونة، قارورة، نافورة، ناعورة.
٨- فاعِل نحوَ: هاتِف، عاكِس، عادِم (الصوت).
٩- فاعلة نحوَ: رافعة، حاسبة، طابعة، شاحنة، كاسحة (ثلوج)، قاطرة، حافِلَة، خابية (وعاء الماء الذي يُحفَظ فيه).
١٠- فِعال نحو: سِواك، لِجام، حِزام، رِباط، زِمام.
١١- مُفَعِّل نحوَ: مُحَرِّك، مُولِّد، مُنَبِّه، مُكيِّف، مُسَجِّل، مُطَهِّر.
وهناك أسماء آلة جاءت على غير هذه الأوزان شذوذاً نحوَ: مُنْخُل، مُدُقّ (آلة تُدَقّ بها الأشياء الصلبة)، مُكْحُلة (أداة تُستَخْدَم للكُحل او للوعاء الذي يُحْفَظُ فيه الكُحل)، مُدْهُن (آلة الدَّهْن أو قارورة الدُّهْن).
٣٨. أسماء جامدة تأتي منصوبةً على الحال
بَدَتْ قَمراً ومالَتْ خُوطَ بانٍ وفاحَتْ عَنبَراً ورَنَتْ غَزالا
في هذا البيت لأبي الطيّب المتنبي أسماءٌ جامدة نُصِبت على الحال، وهي ليست صفاتٍ مشتقة كما يُشتَرَطُ عادةً في الحال، ولكنّها مُؤوَّلة بالمشتقة لأنّها دلّت على تشبيه. فمعنى البيت أنّها بَدَت مُشبِهةً القمرَ في حُسْنها، ومالتْ مُشبِهةً غُصنَ بانٍ في تَثَنِّيها، وفاحت مُشبهةً العنبرَ في طِيبِ رائحتها، ونَظَرَت مُشبهةً غزالاً في سواد مُقلتها.
كذلك تُنصبُ الأسماء الجامدة المُؤوَّلة بالمشتق على الحال إذا دَلّت على مُفاعَلة، نحوَ: "بِعتُهُ البِضاعةَ يداً بِيَدٍ"، و "وكلّمتُ الرئيسَ وَجهاً لِوَجْهٍ"، أو إذا دَلّت على تفصيل نحوَ: "علّمتُ التلميذَ النحوَ باباً باباً"، و "أملَيتُ عليهِ الخطابَ كلمةً كلمةً"، أو إذا دَلّت على ترتيب، نحوَ قولِهِ تعالى: "وجاءَ ربُّكَ والملائكةُ صَفّاً صَفّاً" (الفجر: ٢٢)، و "دَخلَ العُوَّدُ غرفةَ المريضِ واحداً واحداً".
وتكون الحال جامدة غير مُؤوّلة بالمشتق في الحالات التالية:
١- إذا دلّت على حالة فيها تفضيل، نحو : "الموتُ ظَمَأً أصعبُ منهُ جوعاً"، و"الصيفُ حَرّاً أشدُّ منهُ بَرداً".
٢- إذا كانت موصوفة، نحوَ قوله تعالى: "إنّا أنزلناهُ قُرآناً عربياً" (يوسُف: ٢)، و "فأَرسَلنا إليها رُوحَنا فَتمثَّلَ لها بَشَراً سَوِيّاً" (مريم: ١٧).
٣- إذا كانت نوعاً من أنواع صاحبها المتعددة، نحو "هذا مالُكَ وَرَقاً". فصاحبُ الحال وهو المال أنواعُهُ متعددة كالذهب والفضة والأوراق النقديه والأسهم وغيرها.
٤ - إذا كانت فرعاً من صاحبها نحوَ "لبسِتِ الحريرَ مِنديلاً " و"التحفَ الأعرابيُّ بالصوفِ جُبَّةً". فصاحبُ الحال في المثال الأول هو الحرير والمنديل فرعٌ منه، وصاحبُ الحال في المثال الثاني هو الصوف والجُبّة فرع منه.
٥ -إذا كانت هي الأصل وصاحبها هو الفرع، نحوَ "اشتريتُ الخاتمَ ذَهَباَ". فصاحب الحال هنا هو الذهب والخاتم فرعٌ منه.
٦ -إذا دلّت على شيء له سعر كالأشياء التي تُقيَّمُ أو تُوزنُ أو تُقاسُ، نحو "يُباعُ الوَردُ عندنا باقةً بعشرةِ دولارات"، و"يَبيعُ البقّالُ الكُركُمَ أُوقِيّةً بسبعة دراهم"، و"اشتريتُ الشَّقّةَ مِتراً مُربَّعاً بألفِ دينار".
وقد نُصِبت على الحال أسماء وَرَدت بعدَ الاستفهام، نحوَ: " ما بالُ الطفلِ باكياً"، و"مَنْ ذا بالبابِ واقفاً"، و "فَما لَهُمْ عنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضِينَ" (المُدَّثّر: ٤٩).
(للمزيد انظر موقعي على الشبكة العالمية arbedu.org)
٣٩. هاء السّكْت
هاء السَّكت هي هاء ساكنة تُلحَقُ بآخر الكلمة عند الوقوف عليها. وهذه الهاء ليست ضميراً مُتّصلاً، وإنّما هي حرف مبنيّ على السكون لا مَحَلَّ له من الإعراب.
ومن الأمثلة على ورودها في القرآن الكريم: "يا ليتني لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ، ولمْ أَدرِ ما حِسابِيَهْ، ما أغنَى عَنّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنّي سُلطانِيَهْ" (الحاقّة: ٢٥، ٢٦، ٢٨، ٢٩)، "وما أدراكَ ما هِيَهْ" (القارعة: ١٠)، " أُولئكَ الّذينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ" (الأنعام: ٩٠).
ومن الأمثلة على استعمال هاء السكت في الشعر العربي قولُ أبي العلاء المعري في لزوميّاته:
غِنَى زَيْدٍ يَكونُ لِفَقْرِ عمرٍو
وأحكامُ الحوادثِ لا يُقَسْنَهْ
وقولُ إبراهيم طوقان:
بِيضُ الحمائمِ حَسْبُهُنَّهْ
أنّي أُردِّدُ سَجْعَهُنَّهْ
رمزُ السلامةِ والوَداعةِ
مُنذُ بَدْءِ الخَلَقِ هُنَّهْ
تُلحقُ هاء السكت وجوباً بآخر الكلمة:
١. في صيغة الأمر من الأفعال الثلاثية المعتلة الآخر التي لا يَبقَى بعد حذف حروف العلّة منها إلّا حرف واحد، نحوَ قِ من الفعل وَقَى، عِ من الفعل وَعَى، فِ من الفعل وَفَى، وذلك عند الوقف عليها، فتُكتب في هذ الحالة: قِهْ، عِهْ، فِهْ. أما إذا وُصِلَ الكلام بما بعدها فتُحذَفُ كما في الأمثلة التالية: "قِ نَفْسَكَ مِنَ المَهالِك"، "فِ بِما وعدتَني"، "عِ ما أقولُهُ لكَ".
٢. في آخر الأسماء المسبوقة بواو النُّدبَة، نحوَ: "واحَسْرتاهْ"، "واأَسَفاهْ"، "وارَبّاهْ"، "وامُعتَصِماهْ".
أمّا أشهر الحالات التي تُلحق فيها هاءُ السكت جوازاً بآخر الكلمة فهي:
١. بعدَ الحرف المبني أو الاسم المبني بناءَ لازماً كما في قوله تعالى: ""يا ليتني لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ" و "وما أدراكَ ما هِيَهْ".
٢. في صيغة الأمر من الأفعال المعتلة الآخر، مثل كلمة "اقْتَدَى" و"سَقَى" و"رَمَى"، فتُكتَب "اقْتَدِهْ" و"إسْقِهْ" و"إرمِهْ"، وكذلك في المضارع المجزوم منها فتُصبح " لمْ يَقتَدِهْ" و"لمْ يَسْقِهْ" و "لمْ يَرمِهْ".
٣. بعدِ ما الاستفهاميّة التي حُذفت ألِفُها لكونها مسبوقةً بأحد حروف الجرّ. مثالُ ذلك: "عَمَّ" و"مِمَّ" و"بِمَ" و" فِيمَ" و"عَلامَ" و"إلامَ" و"حَتَّام" فيجوز عند الوقف عليها أن تُكتَب: " عَمَّهْ، مِمَّهْ، بِمَهْ، فِيمَهْ، عَلامَهْ، إلامَهْ، حَتّامَهْ".
هذه خُلاصة لِما قالهُ عُلماءُ اللغة والنحو عن هاء السكت في مُطوَّلاتهم.