فهرس الإعراب
١. إعراب بيتين من قصيدة "أضحى التنائي" لابن زيدون
مَنْ مُبْلِغُ المُلْبِسينا بانْتِزاحِهِمُ
حُزْناً معَ الدَّهْرِ لا يَبْلَى ويُبْلينا
أنّ الزّمانَ الذي ما زالَ يُضْحِكُنا
أُنْساً بقُرْبِهِمُ قدْ عادَ يُبْكِينا
٢. إعراب شاهد من شواهد كُتب النحو
ألْقَى الصحيفةَ كي يخفّفَ رَحْلَهُ
والزّادَ حتّى نعله ألقاها
٣. كِلا وكِلْتا: إعرابًا وصِحّةَ استعمالٍ
٤. التزام الأدب مع الله في الإعراب
٥. بين التمييز والبدل
أُحِبُّ مَوْطِني أرضًا وهواءً وماءً.
أُحبُّ مَوْطِني أرضَهُ وهواءَهُ وماءَهُ.
٦. أهمية الإعراب في الدلالة على معاني الألفاظ
٧. وُجوهُ الإعراب في قوله تعالى:
"وقَطّعْناهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرةَ أسباطًا أُمَمًا"
٨. كَسْرُ الإعراب
٩. رأس السمكة
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسِها.
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسَها.
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسُها.
١٠. الفاعل المجرور لفظاً المرفوع محلاً
١١. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
ندمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَندمٍ
والبغيُ مَرتعُ مُبتغيهِ وخيمُ
١٢. إعراب بيت شعر من المعلّقات
صَدَدْتِ الكَأْسَ عَنّا أُمَّ عمرٍو
وكانَ الكأسُ مَجْراها اليَمينا
١٣. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
بَنونا بَنو أبنائِنا وبناتُنا
بَنوهُنَّ أبناءُ الرجِالِ الأباعدِ
١٤. أوجهُ الإعراب الممكنة في قولِه تعالَى:
"إنّا زَيَّنا السّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكواكبِ وحِفظًا مِنْ كُلِّ شيطانٍ مارِد"
١٥. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
وما كانَ قيسٌ هُلْكه هُلك واحدٍ
ولكنّهُ بُنيانُ قومٍ تَهدَّما
١٦. إعراب "عَمْرُكَ" و "أوَّلُ" في بيت من الشِّعر
لعَمْرُكَ ما أدري وإنّي لَأوْجَلُ
على أيّنا تَعدو المنيّةُ أوّلُ
١٧. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
أبعدَ بُعْدٍ تقولُ الدّارَ جامعةً
شَمْلي بِهمْ أَمْ تقولُ البُعدَ محتوما
١٨. إعراب شاهد آخر من شواهد كتب النحو
أَجُهّالاً تقولُ بَنِي لُؤيّ ٍ
لعَمرُ أبيكَ أَم مُتجاهلينا؟
١٩. إعراب جُملة "لا إلهَ إلّا اللهُ أو اللهَ"
١. إعراب بيتين من قصيدة "أضحى التنائي" لابن زيدون
مَنْ مُبْلِغُ المُلْبِسينا بانْتِزاحِهِمُ
حُزْناً معَ الدَّهْرِ لا يَبْلَى ويُبْلينا
أنّ الزّمانَ الذي ما زالَ يُضْحِكُنا
أُنْساً بقُرْبِهِمُ قدْ عادَ يُبْكِينا
إعراب البيت الأول:
مَنْ: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
مبلغُ: خبر مرفوع بالضمة وهو مضاف.
الملبسينا: المُلْبِسي مضاف إليه مجرور بالياء والضمير المتصل "نا" في محل نصب مفعول به أول لاسم الفاعل "المُلْبسين".
بانتزاحهم: الباء حرف جر، انتزاح اسم مجرور وهو مضاف، والضمير المتصل "هم" في محل جر مضاف إليه.
حُزْناً: مفعول به ثانٍ لاسم الفاعل " المُلبسين" .
وجملة " المُلْبِسينا حُزْناً" في محل نصب مفعول به أول لاسم الفاعل " مُبلغ".
معَ: ظرف زمان مبني على الفتح وهو مضاف.
الدهرِ: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
لا: حرف نفي مبني على السكون لا محلَّ له من الإعراب.
يَبْلَى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المُقَدَّرة في آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على "حُزْناً"، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب نعت لكلمة " حُزْناً".
ويُبلينا: الواو حرف عطف مبني على الفتح لا محلَّ له من الإعراب، يُبلي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدَّرة للثِّقَل، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على كلمة "حُزْناً"، والضمير المتصل "نا" في محل نصب مفعول به.
إعراب البيت الثاني:
أَنَّ: حرف مُشَبَّه بالفعل مبني على الفتح.
الزمانَ: اسم إنّ منصوب بالفتحة.
الذي: اسم موصول في محل نصب نعت للزمان.
ما: حرف نفي مبني على السكون لا محلَّ له من الإعراب.
زالَ: فعلٌ ماضٍ ناقص إسمه ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على الزمان.
يُضْحِكُنا: يُضحكُ فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على الزمان، والضمير المتصل "نا" في محل نصب مفعول به، وجملة "يُضحكنا" في محل نصب خبر " ما زال". وجملة " ما زال يُضْحِكنا" لا محلَّ لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.
أُنْساً: مفعول لأجله منصوب، وهو الأرجح. ويجوز أنْ تُعرَب حالاً منصوبة، وهو الأضعف، على تقدير: " مسْتأْنِسينَ بقُرْبهم".
بقُرْبهم: الباء حرف جر ، قُرْب اسم مجرور وهو مضاف، والضمير المتصل "هم" في محل جرّ مضاف إليه.
قَدْ: حرف يفيد التحقيق لا محلَّ له من الإعراب.
عاد: فعلٌ ماضٍ ناقص والضمير المستتر "هو" العائد على الزمان في محل رفع اسم عاد.
يُبْكينا: يُبْكي فعل مضارع مرفوع بالضمة المُقدَّرة للثقل، والفاعل ضمير مستتر تقديره "هو" يعود على الزمان، والضمير المتصل "نا" في محل نصب مفعول به. وجملة "يُبكينا" في محل نصب خبر عاد.
وجملة " عادَ يُبْكينا" في محل رفع خبر "أَنَّ".
والمصدر المؤول من " أنّ واسمها وخبرها"، وهو " كَونَ الزمانِ قد عاد يُبْكينا"، في محل نصب مفعول به ثانٍ لاسم الفاعل " مُبْلِغ".
٢. إعراب شاهد من شواهد كُتب النحو
ألْقَى الصحيفةَ كي يخفّفَ رَحْلَهُ
والزّادَ حتّى نعله ألقاها
في هذا الشاهد اللغوي المشهور يجوز نَصْبُ كلمة "نعله" أو رفعها فقط.
أمّا النصب فمن وجهين: الأول أن تكون الكلمة معطوفة على الصحيفة (وهي مفعول به)، و"حتّى" هنا هي حرف عطف، والثاني النصب على الاشتغال أي أن "نعله" منصوب بإضمار فعل يفسّر "ألقاها" كأنّهُ قال: حتّى ألقى نعلَهُ ألقاها.
وأما الرفع فجائز على الإبتداء، وجملة ألقاها هي خبر المبتدأ "نعلُه". فكلمة حتّى على هذا هي حرف استئناف، لا حرف عطف كما في حالة النصب.
ولا يجوز جَرُّ كلمة "نعله" في هذا الشاهد لأن المعنى لا يستقيم بتاتاً. فالمقصود هُوَ أن المسافر أراد تخفيف الحِمْل عن دابته فبدأ بإلقاء الصِّحاف ثم ألقى زاده من على ظهر دابّته، ولم يكتفِ بذلك، بل طرحَ نعلَهُ، وكلها أمتعة يحتاج إليها المسافر في سفره.
أمّا حتّى الجارة فيتضح استعمالُها الصحيح من الأمثلة التالية:
"سلامٌ هي حتّى مطلعِ الفجر"، أيّ إلى حين طلوع الفجر، و"أكلتُ السمكةَ حتّى رأسِها"، أي أكلتُ السمكةَ كلها ما عدا رأسها أو حتّى وصلتُ إلى رأسِها ولم آكُلْهُ.
٣. كِلا وكِلْتا: إعرابًا وصِحّةَ استعمالٍ
يَخْلِطُ كثير من الناطقين بالعربية بين هاتين المفردتين في الاستعمال والإعراب. ولذلك رأيتُ من الخير أنْ أقدّم للمهتمين بلغة الضادّ خُلاصة شافية في هذا الموضوع تُغْنيهم عن البحث والنظر في المُطَوَّلات النحوية بحثًا عن ضالّتهم المنشودة. وتعميمًا للفائدة المرجوة أوردتُ شواهدَ لغويةً على استعمالهما الصحيح وبيّنتُ أوجُهَ الإعراب الممكنة في كُلٍّ من تلك الشواهد.
كِلا وكِلتا
في حالة الرفع:
١- حضرَ كِلا الشاهِدَيْنِ ( كِلا فاعل وهو مضاف، والشاهدين مضاف إليه).
٢- حضرَ الشاهدانِ كلاهما (الشاهدانِ فاعل مرفوع، وكلا توكيد معنوي مرفوع وهو مضاف، والضمير المتصل "هما" مضاف إليه).
٣- كِلا الجوابينِ صحيحٌ (كلا مبتدأ مرفوع وهو مضاف، والجوابين مضاف إليه، وصحيح خبر مرفوع). الإفرادُ في هذا المثال مراعاةً للفظ هُوَ الأعلى والأفصح في اللغة وبهِ جاء القرآنُ الكريم: "كِلْتا الجنَّتَيْنِ آتََتْ أُكُلَها" (الكهف: ٣٣). ويقولُ أبو العلاء المعريّ:
فَذا عَمْرٌو يقولُ وذا عَلِيٌّ
كِلا الرَّجُلَيْنِ في الدَّعْوَى غَبِيُّ
ولكن تجوز التثنية مُراعاةً للمعنى، فنقول: كِلا الجوابينِ صحيحانِ. ومن الشواهد اللغوية على إفراد الخبر وجواز تَثْنِيَتِه قولُ الفرزدق:
كِلاهُما حِينَ جَدَّ السَّيْرُ بَيْنَهما
قَدْ أَقْلَعا وكِلا أَنْفَيْهِما رابِي
٤- الجوابانُ كِلاهُما صحيحٌ (الجوابان مبتدأ أوّل، كلا مبتدأ ثانٍ وهو مضاف والضمير المتصل "هما" مضاف إليه، وصحيح خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره في محلّ رفع خبر المبتدأ الأول).
٥-الجوابانِ كِلاهُما صحيحان (الجوابان مبتدأ، وكلاهما توكيد معنوي مرفوع، وصحيحان خبر ).
٦- كِلانا مُحِبٌّ لصاحبِهِ (كِلا مبتدأ وهو مضاف، والضمير المتصل "نا" مضاف إليه، ومُحِبٌّ خبر المبتدأ). ولا يجوز في هذه الحالة أنْ يُقال: كِلانا مُحِبّانِ لصاحبه لأنَّ معنى "كِلانا" كُلّْ مِنّا. يقول الشاعر:
كِلانا غنيٌّ عنْ أخيهِ حياتَهُ
ونحنُ إذا مِتْنا أشدُّ تغانيا
في حالة النصب والجرّ:
١- رأيتُ كِلا الشاهدينِ (كِلا مفعول به وهو مضاف، والشاهدين مضاف إليه).
٢- مَرَرْتُ بكِلا الشاهدين (كِلا اسم مجرور وهو مضاف، والشاهدين مضاف إليه).
٣- رأيتُ الشاهديْنِ كليْهما (الشاهدين مفعول به منصوب، وكِلَيْ توكيد معنوي منصوب وهو مضاف، والضمير المتصل "هما" مضاف إليه).
٤- مَرَرْتُ بالشاهديْنِ كليْهما (الشاهدين اسم مجرور، وكِلَيْ توكيد معنوي مجرور وهو مضاف، والضمير المتصل "هما" مضاف إليه).
٥- إنَّ زيدًا وعَمْرًا كِلَيْهما حاضِرانِ (زيدًا اسم إنّ منصوب، وكليهما توكيد معنوي منصوب، وحاضِرانِ خبر إنّ مرفوع).
٦- إنَّ زيدًا وعَمْرًا كِلاهُما حاضِرٌ أو حاضران (زيدًا اسم إنّ منصوب، كِلا مبتدأ مرفوع وهو مضاف والضمير المتصل "هما" مضاف إليه، وحاضرٌ أو حاضرانِ خبر مرفوع، والمبتدأ والخبر في محلّ رفع خبر "إنّ").
ولكنّ الإفراد في هذا المثال أيضًا هُوَ الأعلى والأفصح في اللغة.
وما قِيلَ في " كِلا" يُقالُ في " كِلتا".
٤. التزام الأدب مع الله في الإعراب
سلكَ المفسّرون وعلماءُ اللغة والنحو مسلكًا في الإعراب عدلوا فيه عن المألوف من ألفاظ الإعراب تأدبًّا مع الله تعالَى وإجلالًا لكلامه عزّ وجلّ.
وفيما يلي أهمّ المسائل النحوية التي سَلكوا فيها ذلك المسلك:
١- في الأفعال المبنية للمجهول
دأب كثير من النّاسِ على أن يقولوا في إعراب الفعل "أُعِدّتْ" في قولِهِ تعالَى: "فإنّ لم تفعلوا ولنْ تفعلوا فاتّقوا النارَ التي وقودُها النّاسُِ والحجارةُ أُعِدّتْ للكافرين" (البقرة: ٢٤) أعدّت فعلٌ ماضٍ مبني للمجهول. وهذا خطأ فاحش وسوء أدب مع الله. فالصوابُ أن يقال: فعل مبنيّ لِما لمْ يُسمَّ فاعلُه إذ الفاعل معروف وهو الله ولكنْ حُذِف لِعِلْمِ الناسِ به. ومثلُه قولُه تعالى: "حُرِّمت عليكم أُمّهاتِكُمْ وبناتُكُمْ وأخواتُكم" (النساء: ٢٣) إذ ينبغي أن يقال في الفعل "حُرّمت" فعل مبني لِما لم يُسَمَّ فاعله لأنه معلوم أنّ الله تعالى هو الذي حرّمَ ذلك.
٢- النصب على التعظيم
لا يُقال في إعراب لفظ الجلالة إذا وقع في موقع المفعولية في مثل قولِهِ تعالَى: "يا أيُّها الذين آمنوا اتَّقوا اللهَ" (الحشر: ١٨) مفعول به وذلك لأنّ اللهِ عزّ وجلّ لا يُفعَل به شيء، والصواب أن يقال: لفظ الجلالة منصوب على التعظيم.
٣- لا الدعائية
وهي لا الطلبية في الأصل ويُطلب بها الكف عن شيء أو فِعْلِ شيء. فإذا كان الطلبُ بها موجّهًا ممّن هو أعلى درجةً إلى من هو أدنى درجةً سمّيت "لا الناهية"، وإن كان من الأدنى إلى الأعلى سُمّيت "لا الدعائية". فلا يقال في إعراب " لا" من قولِه تعالَى: " رَبَّنا لا تؤاخذنا إنّ نسينا أو أخطأنا" (البقرة: ٢٨٦) إنّها لا الناهية لأنّ الله تعالى لا يُنْهَى، وإنما هو الذي ينهى عباده عن أشياء معينة. فالوجهُ أن يقال في هذه الحالة "لا دعائية". ومثلُها قولُهُ تعالَى: "رَبَّنا لا تُزِغْ قلوبَنا بعدَ إذْ هَدَيْتَنا" (آل عِمْران: ٨)؛ وقولُهُ: "ولا تجعلْ في قلوبِنا غِلًّا للّذينَ آمنوا" (الحشر: ١٠).
٤- لام الطلب
لام الطلب الجازمة تدخل على الفعل المضارع فتجزِمُهُ . وتُسمَّى هذه اللام "لام الأمر" إذا كان الأمر بها مِمّن هُوَ أعلى درجة إلى مَنْ هُوَ أدنى درجةً، وتُسمَّى "لام الدعاء" إذا كان الطلب من الأدنَى إلى الأعلى. ومن الأمثلة على ذلك في القرآن الكريم قولُهُ تعالَى: "ونادَوْا يا مالكُ لِيَقْضِ علينا ربُّكَ"(الزخرف: ٧٧).
٥ - الحروف الزائدة
يقول النحوي المصري الشهير ابن هشام الأنصاريّ، وكان نابغةَ زمانه في النحو: "وينبغي أن يجتنبَ المُعْرِبُ أنْ يقولَ في حرفٍ من كتاب الله إنّه زائد لأنّه يسبق إلى الأذهان أنّ الزائد هُوَ الذي لا معنى له وكلامُه سبحانه مُنزَّهٌ عن ذلك".
ولذلك قالوا إنّ الكاف في قولِه تعالَى: "ليسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ" (الشورَى: ١١) حرف توكيد أو صِلة مثلما قالوا في "ما" في قولِه تعالَى : "فَبِما رحمةٍ مِنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ" (آل عِمْران: ١٥٩)، ولم يقولوا "ما" الزائدة، وفي الباء في قولِه تعالى: "أليسَ اللهُ بِكافٍ عبدَهُ" (الزُّمَر: ٣٦).
٦- استعمال كلمة "عسى" في القرآن الكريم
قال المفسرون وأهل اللغة إنّ كلمة "عَسَى" في كتاب الله تُفيد الوقوع والتحقيق، لا الترجّي، كما في قولِه تعالَى: "ومِنَ الليلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافلةً لكَ عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ ربُّكَ مَقامًا محمودًا" (الإسراء: ٧٩)، والمراد بالمقام المحمود مقامُ الشفاعة يوم القيامة؛ وقولِه: "وآخَرونَ اعترفوا بِذنوبِهِمْ خَلَطوا عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سيِّئًا عَسَى اللهُ أنْ يَتوبَ عليهِمْ" (التوبة: ١٠٢).
اتفق المفسرون على أنّ كلمة "عَسَى" مِنَ الله واجبٌ لأنّه لفظٌ يُفيدُ الإطماع واللهُ تعالَى أكرمُ من أن يُطْمِعَ أحدًا في شيء ما ثُمّ لا يُعطيهِ إيّاه.
٧- عدم جواز تصغير اسم الجلالة "الله" وأسمائه الحُسْنَى
أجمع النُّحاة وكبار المفسّرين على عدم جواز تصغير اسم الجلالة "الله" والأسماء الحُسْنَى لأنّ هذا لا يصحُّ ولا يليقُ في جَنْبِ الله العَليّ الكبير. كما أجمعوا على عدم جواز تَثْنِيَتها وجَمْعها لأنّ الله تَنَزّه عن النِّدِّ والضِدّ والنظير والشريك في ذاته وصفاته وأفعالَهُ.
٥. بين التمييز والبدل
أُحِبُّ مَوْطِني أرضًا وهواءً وماءً.
أُحبُّ مَوْطِني أرضَهُ وهواءَهُ وماءَهُ.
في المثال الأول تُعرَب كلمة "أرضًا" تمييزًا، وهو تمييز مقلوب عن مفعول به، لأنّ أصلَ الجملة: "أحِبُّ أرضَ موطني وهواءَهُ وماءَهُ". وهناك تمييز مقلوب عن فاعل كأنْ تقول: " طابَ موطني أرضًا وهواءً وماءً" لأنّ أصل هذه الجملة: " طابتْ أرضُ موطني وهواؤُهُ وماؤُهُ".
أمّا في المثال الثاني فتُعرَب كلمة " أرضَه" بدلَ بعضٍ مِنْ كُلّ (بدل جزئي) لأنّ الأرض والهواء والماء جزء ماديّ مِن الموطن ولاتصال كلمة "أرضَهُ" بضمير يعود على كلمة "موطني".
٦. أهمية الإعراب في الدلالة على معاني الألفاظ
في الأمثلة التالية تتبيّنُ أهميةُ ضبطِ أواخرِ الألفاظ في الدلالة على تحديد المعنى المُراد من الكلام.
١- إنّ اللهَ بريءٌ مِنَ المُشرِكينَ ورسولُهُ/ورسولَه/ورسولِه
رفعُ كلمة "رسوله" على الإبتداء يعني أنّ رسولَ اللهِ بريءٌ أيضًا من المشركين؛ ونصبُها يعني أنّ اللهَ ورسولَه بريئانِ من المشركين؛ وجرُّها يعنى-والعِياذُ بالله -أنّ اللهَ بريءٌ من المشركين ومن رسولِه.
٢- إنّما يخشَى اللهَ مِنْ عبادِهِ العُلماءُ/إنّما يخشَى اللهُ مِنْ عبادِهِ العلماءَ
نَصْبُ لفظِ الجلالة ورفْعُ "العلماء" يعني أنّ العلماء هُمُ الذين يخشون اللهَ؛ ورفعُ لفظ الجلالة ونصبُ "العلماء" يعني أنّ الله هُوَ الذي يخشى العلماء وهو
مُحال.
٣- بِكَمْ بيتُكَ مَطْليّاً /بِكَمْ بيتُكَ مَطْليٌّ ؟
في نصب كلمة "مطليّ" على الحال السؤالُ هو عن سعر البيت وهو مطليّ؛ وفي رفعها على أنها خبر المبتدأ "بيتك" يكون السؤال عن تكلفة الطلي، لا
عن سعر البيت.
٤- اللهُ خيرٌ حافِظًا/ اللهُ خيرُ حافِظٍ
نَصْبُ كلمة "حافظ" على التمييز يعنى أنّ الحفظَ لا يقتصر على الله فحسب، بل قد يتعدّاهُ إلى ملائكته الحَفَظَة أو إلى أي مخلوقات أخرى لا نعرفها مُوَكَّلة بمُهمّة حفظ العباد من الأذَى والضرر؛ وجرُّها على الإضافة يعنى أنّ الله هُوَ الذي يتولَّى بنفسه العليّة عملية الحفظ والصون دُون الاستعانة بأحد من خَلْقِه.
٥- عندنا دَنٌّ خَمْرًا/ عندنا دَنُّ خَمْرٍ
نَصْبُ كلمة "خمر" على التمييز يعني أنّه عندنا مِلْءُ دَنٍّ من الخمر؛ وإضافةُ الدنّ إلى الخمر تعنى أنّ عندنا وعاءَها وقد يكونُ الوِعاءُ مملوءًا بالخمر أو قد لا يكون.
٦- أخوكَ خطيبٌ بارِعٌ/أخوكَ خطيبًا بارعٌ
رفعُ كلمة "خطيب" على أنها خبر المبتدأ "أخوكَ" يعني أنّه بارع في مجال الخطابة ولا يَنْفي براعتَه في مجالات أخرى كالشِّعر أو الكتابة أو ما أشبهَ ذلك؛ ونصبُها على التمييزأو الحال يُوحي بأنّ براعتَه تقتصرُ على فَنّ الخطابة دُونَ غيره من الفنون.
٧- كَمْ كِتابًا قرأَ/ كَمْ كِتابٍ قرأَ
إذا نصبتَ كلمة "كتاب" كانَ كلامُكَ استفهامًا عن عدد الكُتُب التي قرأها، وإنْ جَرَرْتَها كان إخْبارًا منكَ بكثرة الكُتُب التي قرأها.
٨- لا تأكُلِ السمكَ وتشربِ اللبنَ/لا تأكُلِ السمكَ وتشربَ اللبنَ
في الجملة الأولى النَّهْيُ هوعن أكلِ السمك وعن شُربِ اللبن؛ وفي الثانية النهيُ هوعن الجمعِ بين أكلِ السمك وشُربِ اللبن في آنٍ واحدٍ. فالواو في هذه الجملة ليست واو العطف، وإنَّما هي واو المَعِيّة.
٩- ما أجملُ السماءِ/ما أجملَ السماءَ
الجملة الأولى استفهامية والسؤال فيها عن الجزء الأجمل في السماء، وجوابك عن ذلك ، مَثَلًا، "نُجومُها". وفي الجملة الثانية تعجُّبٌ مِنْ شدة جمال السماء.
٧. وُجوهُ الإعراب في قوله تعالى:
"وقَطّعْناهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرةَ أسباطًا أُمَمًا" (الأعراف: ١٦٠)
يزعمُ بعضُ المُشكّكين أنّ القرآن الكريم أخطأ في تمييز العدد في هذه الآية ويرَوْنَ أنّ الصواب أنْ يُقال: "اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا"، أَيْ بتذكير العدد "اثْنتي عَشْرَةَ" وإفراد التمييز "أسباطًا".
ومع أنّ الأصلَ في تمييز العدد المُركَّب أنْ يأتيَ مفردًا غيرَ مُعرَّفٍ ومُوافِقًا للعدد تذكيرًا وتأنيثًا كما في قوله عزّ وجلّ: "إنّي رأيتُ أحَدَ عَشَرَ كوكبًا" (يوسُف: ٤)، وقوله تعالى: "فَانْبَجَستْ منهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا" (الأعراف: ١٦٠)، إلّا أنّ التمييز يأتي أحيانًا، مراعاةً للمعنى أو لأغراض بلاغية أُخرَى، جمعًا كما في قوله تعالَى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بالأخسرينَ أعْمالًا الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الحياةِ الدنيا وهُمْ يَحْسَبونَ أنَّهُمْ يُحْسِنونَ صُنْعًا" (الكهف: ١٠٣-١٠٤)، وقد يأتي أحيانًا أخرى جمعًا مُعَرَّفًا بالإضافة كما في قولِ الشاعرالأمويّ جرير:
أَلستُمْ خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
وأنْدَى العالَمينَ بُطونَ راحِ
فكلمة "بُطون" منصوبة على التمييز ومُعرَّفَة بإضافتها إلى كلمة "راحِ".
وقد خاضَ عددٌ من المفسرين والنحويين واللغويّين في هذه المسألة وذهبوا فيها كُلَّ مَذهَب. ونُورِدُ فيما يلي خُلاصةً لِما انتهوا إليه من تفسيرات لغوية وتخريجات إعرابية لهذه الآية :
١-أنّ السِّبط عندَ اليهود هُوَ كالقبيلة عند العرب وأنّ المعدود، وهو "أسْباطًا"، جاء بصيغة الجمع مُراعاةً لمعنى التقطيع والتفريق الذي في الآية.
٢-أنّ تأنيث العدد "اثْنَتَيْ عَشْرَةَ" روعِيَ فيه معنى القبائل في كلمة "أسباط". ومن الأمثلة على ذلك في كلام العرب قولُ الشاعر:
وإنّ قُرَيْشًا كُلَّها عَشْرُ أبْطُنٍ
وأنتَ بَريءٌ مِنْ قَبائلها العَشْرِ
فأنَّثَ الشاعر كلمةَ "أَبْطُن" وإنْ كانَ مُفردُها، وهو "بطن"، مذكَّرًا لأنّ البطنَ في هذا البيت أُشْرِبَ معنى القبيلة.
٣-أنّ تأنيث العدد "اثنتي عشرة" جاء مُوافقًا لكلمة "أُمَمًا"، لا لكلمة "أسباطًا"، لأنّ مُفردَها "أُُمَّة" وهي مؤنّث. وعِنْدي أنّ هذا القول هُوَ أضعفُ الأقوال.
٤-أنّ تمييز العدد "أسباطًا" هُوَ جمعُ تكسير، والتمييز إذا جُمِعَ جَمْعَ تكسيرٍ صار مؤنّثًا لأنّ كلّ جمع تكسيرهُوَ مؤنّث.
٥-أنّ الفعل "قَطّعناهُم" معناه صَيَّرْناهُم، لا فَرَّقْناهُمْ.
أمّا من جهة الإعراب فقال بعضُهم إنّ كلمة "أسباطًا" تُعرَبُ تمييزًا وكلمة "أُمَمًا" بدلاً منها أو نعتًا لها. وقال غيرهم إن تمييز العدد محذوف تقديرُهُ "فِرْقَةً أو قبيلةً" وأنّ "أسباطاً" تُعرَبُ بدلًا من التمييز المحذوف، وكلمة " أُمَمًا" بدلًا من البدل أو نعتًا له. وعِندَ بعضهم أنّ كلمة " اثنتي عشرة" تُعرَبُ حالًا (بمعنى قطعناهم معدودين بهذا العدد)، ومَنْ قال منهم كالزمخشري والعُكْبَري إنّ " قطّعناهم" معناها صَيَّرْناهم أعربها "مفعولًا به ثانيًا والمفعول به الأول هُوَ الضمير المتصل "هُمْ".
هذه هي خُلاصة لِما تَفتَّقَت عنه عقولُ عُلمائنا الأجِلّاء في هذه المسألة العويصة.
٨. كَسْرُ الإعراب
كسر الإعراب معناهُ مُخالفة ظاهرة ومقصودة لقواعد اللغة والنحو الغرضُ منها تنبيه القارئ أو السامع إلى وُجود عِلَّة للخروج عن المألوف والمُعتاد في النحو. وكسرُ الإعراب لا يكون في العادة إلّا من أربابِ اللغة الثِّقات، وإلّا ظُنَّ بمن يلجأ إلى هذا الأسلوب البلاغي قِلّة المعرفة والجهل بقواعد اللغة المتعارف عليها . ومن الأمثلة على هذه الظاهرة اللغوية ما جاء في الآية ١٧٧ من سورة البقرة:
" ليسَ البِرَّ أنْ تُولّوا وجوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْربِ ولكنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ واليومِ الآخِرِ والملائكةِ والكِتابِ والنبيّينَ وآتَى المالَ على حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى واليتامَى والمساكينَ وابْنَ السبيلِ والسائلينَ وفي الرِّقابِ وأقامَ الصلاةَ وآتَى الزكاةَ والمُوفونَ بعَهْدِهِمْ إذا عاهدوا والصّابرينَ في البَأْساءِ والضَّراءِ وحِينَ البأسِ أُولئِكّ الذينَ صَدَقوا وأولئكَ هُمُ المُتَّقون".
والذي يسترعي الانتباهَ في هذه الآية الكريمة نصب كلمة "والصابرين" المعطوفة على "والمُوفون بعهدهم". وكلمة "والمُوفونَ" اسم مرفوع معطوف على خبر "ولكنَّ" وتقديرُهُ: المؤمنون بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيّين، والمُؤْتونَ المالَ على حُبِّه، والمُقيمونَ الصلاةَ، والمُؤْتونَ الزكاةَ.
وإنمّا عَدَلَ النصُّ القرآني عن رفع كلمة "والصابرين" عطفًا على "والمُوفونَ بعهدهم" إلى نصبها على الاختصاص أو المَدْح تنويهًا بفضل الصابرين في ثلاث حالات أو مواقف تستلزم التجلُّدَ وتحمُّلَ المشقّات وهي: البأساء والضرّاء وحِينَ البأس، أي شِدّة البؤس من الفقر والجوع، وشدة الضُّر أو المرض، وعند القتال في سبيل الله.
٩. رأس السمكة
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسِها.
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسَها.
أكلتُ السمكةَ حتَّى رأسُها.
في هذا الشاهد اللغوي المشهور يجوز:
١- جرُّ كلمة "رأسها"، فيكون المعنى: أكلتُ السمكةَ لِغايةِ رأسِها ولم آكُلِ الرأسَ.
٢- نصْبُ كلمة "رأسها" على العطْف، فيكون المعنى: أكلتُ السمكةَ ورأسَها أو مع رأسِها.
٣- رفعُ كلمة "رأسها" على الإبتداء، فيكون المعنى: حتى رأسُها مأكولٌ أو حتى رأسُها أكلْتُه.
١٠. الفاعل المجرور لفظاً المرفوع محلاً
يقعُ الفاعلُ مجروراً لفظاً مرفوعاً مَحلًّا في الحالات التالية:
١- إذا أضيفَ المصدرُ إلى فاعله في مِثْلِ قولِهِ تعالَى: "ولولا دَفْعُ اللهِ الناسَ بعضَهُمْ ببعضٍ لَفَسدَتِ الأرضُ" (البقرة: ٢٥١)؛ ونحوَ قولكَ: "احترامُ التلميذِ مُعلِّمَهُ واجبٌ عليه". فالفاعل الحقيقي في المثال الأول هُوَ الله جِلَّ جلالُه وفي الثاني التلميذ.
٢- صيغة التعجب التي على وزن "أفْعِلْ به" نحوَ قولِهِ تعالَى: "أسْمِعْ بِهِمْ وأَبْصِرْ يومَ يأتوننا" (مريم: ٣٨)؛ وقولكَ "أكْرِمْ بِزيدٍ رَجُلًا". فالذي يسمعُ ويبصر في المثال الأول "هُم" والذي كَرُمَ في الثاني هُوَ زيد.
٣- يُجَرُّ الفاعلُ لفظاً بثلاثة أحرُف جرّ زائدة هي: مِن، والباء، واللام:
(أ) أمّا "مِن" فتجوزُ زيادتُها بعد نفيٍ أو نهيٍ أو استفهام بشرط أن يكون الفاعل نكرة، نحوَ قولِهِ تعالَى: "لُتُنْذِرَ قومًا ما أتاهُمْ مِنْ نَذير" (السجدة: ٣)؛ وقولكَ: "لا يتأخَّرْ منكمْ مِنْ أحدٍ عنِ الموعدِ المُحدَّد"؛ وقوله تعالَى: "وإذا ما أُنزِلتْ سورةٌ نظرَ بعضُهمْ إلى بعضٍ هلْ يراكمْ مِنْ أحَدٍ" (التوبة: ١٢٧).
(ب) أمّا الباء فتُزاد على الفاعل بعد الفعل "كَفَى" في مِثْلِ قولِهِ تعالَى: "وأرسلناكَ للناسِ رسولًا وكَفَى باللهِ شهيدًا" (النساء: ٧٩)، وقوله تعالَى: " اقْرأْ كتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليومَ عليكَ حَسيبا" (الإسراء: ١٤).
(ج) أمّا اللام فتُزادُ على فاعل اسم الفعل "هَيْهاتَ" في مِثْلِ قولِهِ تعالَى: "أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذا مِتُّمْ وكنتمْ تُرابًا وعِظامًا أنّكُمْ مُخْرَجون هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدون" (المؤمنون: ٣٦)، أي بَعُدَ الذي تُوعَدونَهُ مِنَ البعث بَعْدَ موتكم وتفتُّتِ أجسادكم في التراب.
١١. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
ندمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَندمٍ
والبغيُ مَرتعُ مُبتغيهِ وخيمُ
ندِمَ: فعلٌ ماضٍ مبنيّ على الفتح.
البُغاةُ: فاعل مرفوع.
ولاتَ: الواو هي واو الحال، ولاتَ حرفُ نفي مُشَبَّه بِلَيْسَ، واسمه محذوف تقديرُهُ "الساعةُ".
ساعةَ: خبر لات منصوب وهو مضاف.
مندمٍ: مضاف إليه مجرور. وجملة "لاتَ ساعةَ مندمٍ" في محل نصب على الحال.
والبغيُ: الواو حرف استئناف، والبغيُ مبتدأ أوّل مرفوع.
مرتعُ: مبتدأ ثانٍ مرفوع وهو مضاف.
مُبتغيه: مضاف إليه مجرور وعلامة جرّهِ الكسرة المُقَدَّرة على الياء وهو مضاف والضمير المتصل به مضاف إليه.
وخيمُ: خبر المبتدأ الثاني.
والجملة مِن المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول. والجملة الإسمية لا محلّ لها مِنَ الإعراب.
١٢. إعراب بيت شعر من المعلّقات
صَدَدْتِ الكَأْسَ عَنّا أُمَّ عمرٍو
وكانَ الكأسُ مَجْراها اليَمينا
البيتُ من معلَّقة عمرو بن كلثوم التغلبيّ ومطلعُها:
ألّا هُبّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحينا
ولا تُبقي خُمورَ الأَنْدَرينا
قالَ ابنُ قُتَيْبَة في كتابه "الشِّعر والشعراء" : "قصيدةُ عمرو بن كلثوم مِن جَيِّد شِعْرِ العرب ولِشغَفِ تغلب بها قال بعضُ الشعراء:
١- ألْهَى بَنِي تَغلِبٍ عن كُلِّ مَكْرُمةٍ
قصيدةٌ قالَها عَمرو بنُ كُلثومِ
٢- يُفاخِرونَ بها مُذ كانَ أوَّلُهُمْ
يا لَلرِّجالِ لِشعْرٍغيرِ مَسْؤومِ"
اخترتُ هذا البيت، وهو من شواهد سيبويه، لتعدُّدِ أوجهِ الإعراب الممكنة في الشطر الثاني مِنه وبيانُها كالتالي:
الوجه الأول:
كان: فعلٌ ماضٍ ناقص.
الكأسُ: اسم كانَ مرفوع.
مَجراها: مجرَى مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة المُقدَّرة على الألف وهو مضاف والضمير المتصل مضاف إليه.
اليمينا: ظرف مكان منصوب (والألف للإطلاق) في محل رفع خبر المبتدأ. والمبتدأ والخبر في محل نصب خبر كان.
الوجه الثاني:
كان: فعلٌ ماضٍ ناقص.
الكأسُ: اسم كان مرفوع.
مجراها: مَجْرَى بدل اشتمال من كلمة "الكأس" وهو مضاف والضمير مُضاف إليه.
اليمينا: ظرف مكان منصوب في محل نصب خبر كان.
الوجه الثالث:
كان: فعلٌ ماضٍ ناقص.
الكأسُ: اسم كان مرفوع.
مجراها: مَجْرَى بدل اشتمال من كلمة "الكأس" وهو مضاف والضمير مضاف إليه.
اليمينا: خبرُ كان منصوب، باعتباره إسماً لا ظرْفاً، لكنْ على تقدير حَذْفِ مضاف، أَيْ وكانَ مَجْرَى الكأسِ مَجْرَى اليمين.
١٣. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
بَنونا بَنو أبنائِنا وبناتُنا
بَنوهُنَّ أبناءُ الرجِالِ الأباعدِ
بنو: خبر مقدّم وهو مضاف.
نا: ضمير متّصل في محل جر مضاف إليه.
بنو: مبتدأ مؤخّر وهو مضاف.
أبنائنا: مضاف إليه وهو مضاف والضمير مضاف إليه.
وبناتنا: الواو واو العطف، بنات: مبتدأ أوّل وهو مضاف، نا: ضمير متّصل في محل جر مضاف إليه.
بنوهنّ: بنو: مبتدأ ثانٍ وهو مضاف، هنّ: ضمير متّصل في محل جر مضاف إليه.
أبناء: خبر المبتدأ الثاني وهو مضاف.
الرّجال: مضاف إليه مجرور.
الأباعد: نعت مجرور.
والمبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
١٤. أوجهُ الإعراب الممكنة في قولِه تعالَى:
"إنّا زَيَّنا السّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكواكبِ وحِفظًا مِنْ كُلِّ شيطانٍ مارِد" (الصّافّات: ٦ و٧)
يقول الإمام الطبري في تفسيره:
"اختلفت القُرّاء في قراءةِ قولِه تعالَى "بِزِينةٍ الكواكبِ"، فقرأتهُ عامّةُ قُرّاء المدينة والبصرة وبعض قُراء الكوفة "بِزينةِ الكواكبِ" بإضافة الزينة إلى الكواكب وخفْضِ الكواكب. وقرأ جماعةٌ مِنْ قُرّاء الكوفة "بِزينةٍ الكواكبِ" ( وفي هذه الحالة تُعرَبُ الكواكب عطفَ بيان أو بدلًا مِنْ كلمة زينة) بمعنى: زيّنا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب. ورُويَ عن بعض قُرّاء الكوفة أنّه كان ينوّن الزينة وينصب الكواكب بمعنى: إنّا زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكبَ (وفي هذه الحالة الكواكب منصوبة على أنها مفعول به للمصدر تزيين).
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب قولِه تعالَى "وحِفْظًا" فقال بعضُ نحويّي البصرة : كأنّهُ قال: "وحفظناها حفظًا" (وفي هذه الحالة تُعرَبُ حفظًا مفعولًا مُطلقًا). وقال بعضُ نحويّي الكوفة المعنى : إنّا زينا السماء الدنيا حفظًا لها من كل شيطان مارد (وفي هذه الحالة تُعرَبُ حفظًا مفعولًا له أي مفعولًا لأجله) فأدخلَ الواو على التكرير أي وزيّناها حفظًا لها".
هذه خلاصة أوردها الإمام الطبري في تفسيره المُسمَّى "جامع البيان في تفسير (أو تأويل) القرآن" لما قاله علماءُ العربية في فهم هذه الآية وأوجه إعرابها.
١٥. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
وما كانَ قيسٌ هُلْكه هُلك واحدٍ
ولكنّهُ بُنيانُ قومٍ تَهدَّما
هذا البيت، الذي قال عنه عمرو بن العلاء إنّه أرْثَى بيت قالته العرب، هو لعبدة بن الطبيب من قصيدة له يرثي فيها قيس بن عاصم بن سِنان التميمي وكان شاعراً وفارساً شجاعاً وصحابياً جليلاً رَوَى الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
يُروَى هذا البيت بضمِّ كلمة "هُلْكُ" وفَتْحها.
في حالة الرفع يُعرَب صدرُ البيت كالتالي:
وما: الواو واو العطف، وما حرف نفي.
كان: فعلٌ ماضٍ ناقص.
قيس: اسم كان.
هُلْكُهُ:هُلْكُ مبتدأ وهو مضاف والهاء مضاف إليه.
هُلْكُ: خبر المبتدأ.
والمبتدأ والخبر في محل نصب خبر كانَ.
أمّا في حالة نَصْب كلمة "هُلْكَ" فتُعربُ كلمة "هُلْكُه" بدل اشتمال وهي مضاف والهاء مضاف إليه فكأنك تقول: وما كانَ هُلْكُ قيسٍ هُلْكَ واحدٍ. وكلمة "هُلْكَ" في هذه الحالة خبر كان.
١٦. إعراب "عَمْرُكَ" و "أوَّلُ" في بيت من الشِّعر
لعَمْرُكَ ما أدري وإنّي لَأوْجَلُ
على أيّنا تَعدو المنيّةُ أوّلُ
هذا البيت مطلع قصيدة لشاعر جاهلي أدرك الإسلام يُقال له معن بن أوْس المُزني.
لَعَمْرُكَ: اللام هي حرف قسم مبنيّ على الفتح لا محلَّ له مِن الإعراب. عَمْرُك (أصلُها عُمْرُكَ) مبتدأ وهو مضاف والكاف وهو ضمير مُتّصل مضاف إليه. وخبرُ المبتدأ محذوف تقديرُهُ: قَسَمي أو يميني.
أوّلُ: ظرف زمان مبنيّ على الضمّ في محل نَصْب وهو متعلّق بالفعل "تعدو". ومِثلُهُ في البناء على الضَمِّ قولُهُ تعالَى في الآية ٤ من سورة الروم : "للهِ الأمرُ مِنْ قبْلُ ومِنْ بَعْدُ".
١٧. إعراب شاهد من شواهد كتب النحو
أبعدَ بُعْدٍ تقولُ الدّارَ جامعةً
شَمْلي بِهمْ أَمْ تقولُ البُعدَ محتوما
معنى البيت: أتظنُ أنّ الدارَ ستجمعُ شملَنا بعدَ تَفرُّقنا، أم أنّ هذا الفِراقَ باتَ أمراً محتوماً.
إعراب البيت:
أبعدَ: الهمزة للاستفهام، وبعد ظرف زمان وهو مضاف.
بُعْدٍ: مضاف اليه مجرور.
تقول: فعل مضارع مرفوع أُشرِبَ معنى الفعل تظنّ أو تَحسَب.
الدارَ: مفعول به أول.
جامعةً: مفعول به ثانٍ.
شملي: شمل مفعول به لاسم الفاعل "جامعةً" وهو مضاف، والضمير المتصل به مضاف إليه.
بهم: جار ومجرور.
أمْ: حرف عطف؟
تقولُ: فعل مضارع مرفوع فاعله ضمير مستتر تقديره "أنتَ".
البُعدَ: مفعولٌ به أوّل.
محتوماً: مفعولٌ به ثانٍ.
١٨. إعراب شاهد آخر من شواهد كتب النحو
أَجُهّالاً تقولُ بَنِي لُؤيّ ٍ
لعَمرُ أبيكَ أَم مُتجاهلينا؟
هذا البيت هُوَ للكُمَيْت بن زيد الأسدي.
إعرابه:
أَجُهّالاً: الهمزة حرف استفهام. جُهّالاً مفعولٌ به ثانٍ منصوب للفعل "تقول" وهو هنا بمعنى "تَظنّ، ولذلك عَمِلَ عَمَلَهُ.
تقولُ: فعل مضارع مرفوع، وفاعلُه ضمير مستتر وُجوباً تقديرُهُ "أنتَ".
بَنِي: مفعول به أوّل للفعل "تقول" منصوب وعلامة نصبه الياء وهو مُضاف.
لُؤيٍّ: مضاف إليه مجرور.
لعمرُ: اللام هي لام القَسَم، و"عمرُ" مبتدأ مرفوع خبرُهُ محذوف تقديرُه "قَسَمي" أو "يميني"، وهو مضاف.
أبيكَ: مضاف إليه مجرور وهو مضاف والضمير المتصل به مضاف إليه.
وجُملة"لعمرُ أبيك" جملة اعتراضية لا محلَّ لها من الإعراب.
أَمْ: حرف عطف.
مُتَجاهلينا: اسم معطوف على "جُهّالاً" تَبِعَهُ في المفعولية والنصب، والألف هي للإطلاق، أَيْ لِمَدِّ النون.
١٩. إعراب جُملة "لا إلهَ إلّا اللهُ أو اللهَ"
اختلفَ النحويون واللغويون في إعراب لفظ الجلالة "الله" اختلافاً كبيراً. وقد كتب ابن هشام الأنصاري (١٣٠٩-١٣٦٠م)، وهو من كبار علماء اللغة
والنحو المصريين وله مؤلفات عديدة في النحو من أشهرها كتاب "قَطْر الندى وبَلّ الصّدَى" و" شذور الذهب في معرفة كلام العرب" و "مُغْني اللبيب عن كُتب الأعاريب"، رسالة أفردها لبيان وجوه إعراب لفظ الجلالة الممكنة في هذه الجملة بلغَ بها نحوَ عشرةَ وجوه. ولا أريد أن أثقل على القارئ بسرد جميع هذه التخريجات، ومعظمها فيه الشيء الكثير من التمحُّل الذي لا لُزومَ له في رأيي، فاقتصرتُ في هذا البحث الموجز على بيان وجوه الإعراب الأشهر.
تُعرَبُ جملة " لا إلهَ إلّا الله" على النحو التالي:
لا: حرف لنفي الجنس مبني على السكون لا محلَّ له من الإعراب.
إلهَ: اسم لا النافية للجنس منصوب، وخبرُ "لا" محذوف تقديرُه "حقٌّ" أو " موجودٌ بحقٍّ" لأنّ آلهةَ الباطلِ كانت ولا تزال موجودة بكثرة في العالم كله، ومصداقُ ذلك قولُهُ تعالى: " ذلكَ بأنَّ اللهَ هوالحقُّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الباطلُ وأنَّ اللهَ هُوَ العَليُّ الكبيرُ" (لقمان: ٣٠ ).
إلّا: حرف استثناء مبني على السكون لا محلَّ له من الإعراب.
اللهُ (بالرفع) : لفظُ الجلالة بدل من خبر "لا" المحذوف والمُقَدَّر وهو "حقٌّ" أو "موجودٌ بحقٍّ".
ويجوز أن يُعْرَبَ لفظُ الجلالة " اللهُ" بَدَلاً من "لا" النافية للجنس مع اسمها، أي من مُجْمَلِ عبارة "لا إلهَ". ومن علماء اللغة مَنْ ذهبَ إلى أنَّ جملةَ "لا إلهَ إلّا الله" كُلَّها في محل رفع خبر "أنَّ" المحذوفة في العبارة المُقَدَّرَة "أشهدُ أو نشهدُ أنّه" لا إلهَ إلّا الله.
ويجوزإعرابُ لفظ الجلالة "اللهَ" على أنه مُسْتَثْنى منصوب. فهو جلَّ جلالُه مُسْتَثْنى من الآلهةِ التي لا تُعْبَدُ بِحقٍّ.
هذه خُلاصة لأَوْجُهِ الإعراب الممكنة الخالية مِمّا لا داعيَ له مِنَ التكَلُّف المُفْرِط والتخريج المُعَقَّد.