الباب الرابع- الجليل الاسفل

تاريخ النشر: Dec 16, 2014 5:14:46 AM

حدوده

 يقع الجليل الأسفل إلى الجنوب من الجليل الأعلى يحده

1-      من الشمال : مرج الشاغور( خط الكسر  الممتد في أسفل المنحدرات الجنوبية للجليل الأعلى- -منطقة الرامة- نحف حتى مجد الكروم)(شارع رقم 85) .

2-      من الجنوب : مرج ابن عامر_ مرج جالوت-مرج بيسان .

3-      - من الشرق:- بحيرة طبريا –غور الأردن (شارع رقم95 ) .

4-       من الغرب:- سهل عكا والأجزاء الشمالية الغربية من مرج ابن عامر (شارع رقم70).

 

الجليل أسفل منطقة منخفضة مقارنة مع الجليل الأعلى , تبلغ اعتلى قمة(جبل الكمانة) نحو 602م عن سطح البحر( ما يعادل نصف ارتفاع أعلى قمة في الجليل الأعلى 1208م). لو حاولنا تتبع  الفروق بين الجليلين نجدها كالتالي:

1-       عدد السكان: يبلغ عدد السكان في الجليل الأسفل ثلاث أضعاف  سكان الجليل الأعلى , غالبيتهم من العرب, تصل نسبة العرب في الناصرة ومنطقة الجليل الأسفل المركزي والغربي 75% ( الباقي يهود25%) نجد في هذه المنطقة اكبر المن العربية في البلاد  كمدينة الناصرة, شفاعمرو, طمرة , سجنين, إضافة إلى  القرى الكبيرة المتواجدة قرب هذه المدن.

2-       الناحية الطبيعية: الجليل الأسفل اقل ارتفاعا من الجليل الأعلى, مقسم في  مركزة إلى سلاسل جبلية تفصلها مروج عريضة, مما  أدى إلى سهولة المواصلات  من الغرب إلى الشرق. أما الجليل الأعلى, فأكثر وعورة, لا نجد فيه مروج كتلك  الموجودة في الجليل الأسفل, يمتاز الجليل الأعلى بكثرة أراضية الصخرية وقلة  أراضية الزراعية  كالمتوفرة في الجليل الأسفل.

3-       طرق المواصلات: شكل الجليل الأسفل منذ القدم, احد المناطق المركزية الهامة في  البلاد, مرت فيها الطرق التي ربطت منطقة الساحل والبحر المتوسط غربا مع  غور الأردن وبلاد الشام شرقا ساهمت  تضاريسه السهلة ومروجة العريضة في ذلك,على أطرافة الجنوبية مر تفرع سكة الحديد(لقطار المرج) من  السكة الحجازية, بناها الأتراك سنة 1905م بين حيفا , بيسان سمخ ودرعا, في سنوات الثلاثين وصل أنبوب أو خط نفط كركوك (شمال العراق)- حيفا الذي عمل حتى 1948. مرت في الفترة الكنعانية(الألف الثاني والثالث قبل الميلاد) في الجليل الأسفل طرق تجارية هامة منها:

أ‌-        طريق البحر- الساحل: ربط شمال إفريقيا وبلاد ما بين النهرين( ارض العراق) من  جهة, والشام شمالا من جهة أخرى, سار هذا الطريق  بموازاة الساحل في بلادنا من شمال سيناء سار شمالا الى العريش, خان يونس, دير البلح, غزة, عسقلان, أسدود,ويافا, هنا اتجه شرق  إلى اللد والرملة بع بنائها أيام سليمان  عبد الملك ابن مروان ثم اتجه شمالا إلى قلنسوة, بير السكة إلى مدخل وادي عارة فمجيدو التي أقيمت لتحمي الطريق عند دخوله إلى مرج ابن عامر. على الطريق الآخر للمرج أقيمت بيسان  لنفس الغرض, من بيسان سار هذا الطريق إلى طبريا, كفار ناحوم, جسر بنات يعقوب( طريق بحيرة الحولة في "حتسور" من ثم إلى فيق في الجولان حتى دمشق. بدأ تفرع آخر لهذا الطريق من مجيدو واتجه شرقا وشمالا على الإطراف الشرقية لجبال  الجليل الأسفل  المركزية, شرق جبل الطور(بموازاة خط توزيع المياه في الجليل الأسفل), عند بداية أودية الجليل الأسفل الشرقية المنصبة في بحيرة طبريا, إلى  "حتسور" جسر بنات يعقوب, حتى دمشق شرقا.

ب‌-    درب الحوارنة: بين حوران  في جنوب سوريا حتى عكا على الساحل الشمالي لفلسطين0البحر المتوسط) نقلت الغلال في هذه الطريق من حوران إلى مينا عكا لتصدر إلى ما وراء البحر المتوسط.بدأ مسار هذا الطريق من جنوب حوران ودمشق غربا إلى نهر اليرموك, سمخ, وادي الفجاس, جنوب طبريا, مفرق مسكنة, سهل طرعان, تل دبورية, غرب البطوف, وادي عبلين, السهل الساحلي, عكا. أقيمت على هذا الطريق قلاع, تحصينات وخانات تحمي هذا الشريان الاقتصادي شمالي البلاد مثل صفورية, خان البديوية,خان التجار. كانت هذه الطريق وتفرعاتها التي قطعت الجلي السافل(بين عكا, طبريا, مجيدو, وبيسان) هدفا لكل محتل , من سيطر عليها ضمن العبور من إفريقيا إلى آسيا وارويا في هذا الجزء من العالم .

4-الناحية التاريخية:

 حدثت في الجليل الأسفل معارك تاريخية مشهورة معركة حطين سنة 1187 بين لمسلميسن والصليبيين قرب  مفرق مسكنة, كذلك معرة عين جالوت سنة 1260م على أطرافة الجنوبية, عند اقدام جبال فقوعة الشمالية,بين المسلمين  والتتار. معركة الجلبوع سنة 1016ق.م بين اليهود وبقيادة الملك شاؤول" والفلستيين" قتل فيها الملك شاؤول وأولاده, إضافة إلى أهميته الدينية, في الجليل الأسفل ترعرع السيد المسيح, لذلك نجد  فيه الكنائس الأكثر قدسية لدى المسيحيين في العالم, في الناصر وكفر كنا, الطابغة وكفار ناحوم, مواقع دينية, سياحية يحج إليها مسيحيون من جميع إنحاء العالم المسيحي.

مناخه:

على الرغم  من  وقوع الجليل الأسفل  ضمن  مناخ البحر المتوسط, إلا انه يختلف عن الجليل الأعلى بمعدل الإمطار ومعدل درجات الحرارة السنوية, تصل كمية الإمطار في الجليل الأعلى  إلى 800-1000 ملم, يصل  عدد الأيام الماطرة إلى 70 يوما أما في الجليل الأسفل فيبلغ معدل الإمطار 600ملم في غربة ومركزة 400ملم في الشرق عدد الأيام الماطرة ما بين 40-50 يوما

بالنسبة لدرجات الحرارة, فهي أعلى  في الجليل الأسفل بمعدلها السنوي من الجليل الأعلى, يعتبر الجليل الأسفل أكثر جفافا من الأعلى , يسود أقسامه الشرقية مناخ شبة صحراوي, لذا يسمى هذا الجزء" بنقب الجليل" معدل كميات الأمطار وعدد أيام المط قليلة في هذا الجزء من الجليل.

 علينا  نتذكر, أن هناك حالات شاده بدرجات الحرارة في الليل, خاصة اشتر الشتاء, تنزلق أحيانا  كتل هوائية باردة, في ساعات الليل,  من المناطق الجبلية العلية, تتجمع في المنخفضات المغلقة, ما يسمى هواء الجبل, يؤدي إلى هبوط درجات الحرارة وتكون الصقيع(الحورة), سجلت اقل درجة حرارة في البلاد بتاريخ 1950\2\6  في سهل البطوف, عندما  تساقطت الثلوج بكميات كبيرة إذ وصلت إلى 13 درجة مئوية تحت الصفر, عرفت تلك السنة, منذ ذلك اليوم باسم"سنة الثلجة"

النباتات الطبيعية:

 يمتاز مبنى المورفولوجي للجليل الأسفل بمروجة العريضة في والوسط  وهضابه المستوية في الشرق, المستعملة زراعيا. اقتطع قسم كبير من  نباتاته الطبيعية(لتحويل هذه المساحات إلى أراضي زراعية) في الماضي, تتواجد اليوم النباتات الطبيعية في  الجليل الأسفل في المناطق الجبلية ومناطق التلال.

 تنتشر في الأقسام الغربية والسلاسل الجبلية الوسطى في الجليل الأسفل أحراش البحر المتوسط, الذي يؤثر على كمية الإمطار, تتركب أحراش البحر المتوسط في الجليل الأسفل من مجموعات أو  الإشكال النباتية التالية:

1-مجموعة السنديان والبطم, على أتربة التراروسا, في سلاسل الجبال المركزية العالية, خاصة في المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 400م عن سطح البحر المتوسط .

2- مجموعة الخروب والسريس, نجدها في المناطق التي يصل ارتفاعها حتى ارتفاع 400م عن سطح ابلبحر, تنتشر عند أقدام الهضاب والجبال.

3- مجموعة المل والعبهر:- هناك غابة المل المفتوح والمتناثر الأشجار في منطقة شفا عمرو, على أتربة الرندزينا. ينتشر العبهر أكثر في الأقسام الشرقية من الجليل الأسفل(بالقرب من منطقة السجرة وخان التجار), أكثر  المجموعات النباتية انتشارا في الجليل الأسفل.

4- مجموعة الدوم الأبيض:- في  شرق الجليل الأسفل, في المناطق  البازلتية التي يصل ارتفاعها بين 200م فوق سطح البحر و200 تحت سطح البحر.

 القرى العربية في الجليل الأسفل

 تنتشر القرى العربية في  الجليلين( أكثر في الجليل الأسفل), لو بحثنا او درسنا موقع هذه القرى, نجد أن هناك عدة عوامل أثرت وحددت موقع القرى  العربية منذ القدم, هذه العوامل:

1-      ينابيع المياه المنتشرة عل خطوط الكسر الجيولوجي وعند أقدام  الجبال منذ فجر التاريخ جذبت المياه إليها السكان, مثل هذه العيون نجد في نحف , كفر كنا, عين الأسد, الكابري وغيرها.

2-      - بقع الصخور الكرتوني الرخو, مناطق الرندزينا المسمى "بالبيضاء"تفتت صخور الكرتون في مناخ البحر المتوسط  يعطي تربة الرنزينا, سهلة الحارثة والاستغلال الزراعي, عدا عن ذلك, كان من السهل  حفر آبار جمع مياه الإمطار وحفر القبور في  صخر كرتون  رخو, مثال على ذلك موقع القرى, ترشيحا, صفد , فسوطة, الجش, ميعار,ادمث,( احد أحياء العرامشة, موقع قري العرامشة سابق) وغيرها. من الجدير ذكره, أن القليل من القرى أقيم على الجير الصلب مثل البقيعة وغيرها , وقد استعمل الحجر الجيري للبناء(بناء البيوت) في الناطق الجبلية.

3-      قد يكون موقع القرى  في مناطق الجبلية متأثرا بقربها من المراعي والأحراش والنباتات الطبيعية التي شكلت غذاء أساسيا للمواشي, التي اعتمد عليها  السكان في حياتهم.

4-       العامل الأمني, تشرف قمة جبل أو سفح جبلي على سهول ومناطق بعيدة لرؤية وكشف العدو, بذلك تكون إمكانية الدفاع  أسهل,   اختار أبناء الكثير من  الأقليات القومية والدينية مواقع حصينة في  الجبال, خوفا من ملاحقاتهم, مثل بيت جن وغيرها.

5-      بعها عن خطوط الموصلات الرئيسية, إذا كانت القرية غير مسورة, ما دامت السلطة غير قادرة على حمايتها من عدو خارجي أقوى, دفع هذا الواقع الدفاعي الأمني بمؤسسي القرية, إلى اختيار مواقع قراهم بعيده عن مسارات خطوط الموصلات الرئيسية.

6-      قاعدة أو أقدام الجبل القريب أو المشرف على الأراضي الزراعية في السهل, من اجل التوفير في الأراضي الزراعية( عدم بناء البيوت  على الأراضي الزراعية) حاجة السكان لحجارة الجبل من اجل بناء بيوتهم بنيت بعض القرى في هذه المواقع على السفح المطل على السهل, إضافة إلى أن بعض المروج لا تصرف تربتها المياه جيدا( غرق ومستنقعات) مثال على ذلك دير الأسد, البعينة, عرابة, رمانة, كفر مندا وغيرها.

7-      هناك قرى اتخذت مواقعها لاختيارها كمراكز لحكام محليين مثل : ديرحنا ومعليا فسوروها  لتزداد  حصانة.كثرة القرى في الجليل الأعلى والأسفل, كثير منها هجرت ودمرت وتشرد سكانها عند قيام دولة إسرائيل  اليهودية عام 1948في عهد الانتداب قسم الجليل الاسفل الى ثلاثة أقضية:

1-      قضاء طبريا: عدد سكانها في أواسط الابعينيات 40 ألف  نسمة, تواجدت به 26 قرية عربية , أكبرها لوبية(لفي حاليا) حطين, الغوير أبو شوشة والعبيدية.

2-       قضاء الناصرة: 26 ألف نسمة, تواجدت به 23 قرية أكبرها  دبورية المجيدل, عين ماهل وغيرها.

3-       قضاء بيسان: بلغ عدد سكانها 24 آلف نسمة كانت به 30 قرية مثل سيرين, البيرة وكوكب الهوا وغيرها .

مرت القرية العربية  في البلاد بتغيرات جذرية منذ قيام  الدولة اليهودية أبرزها في المجال السكاني, العمراني والاقتصادي.

توسع القرى واحتلت مساحة اكبر بعد أن كانت عبارة عن بيوت متراصة قريبة من بعضها البعض(نواة القرية حاليا) تفصل بينها الازقه,معظم سكانها عملوا في الزراعة

تركت النواة القيمة وتوسعت القرية وانتشرت على مساحة أوسع بسبب الزيادة السكانية والنمو السكاني السريع, عدا عن زيادة  سكان وتوسعها العمراني, ازداد فيها العاملون في الفروع غير الزراعية(خدمات, تجارة, بناء, صناعة, ورش, أعمال حرة, تعليم), انخفضت أو تكاد أن تنعدم  نسبة العاملين في  فرع الزراعة في بعض القرى. حدث تحسن للمستوى الاقتصادي من وراء ذلك ارتفاع مستوى الحياة, ازدياد نسبة المتعلمين  والمثقفين. ومما   لا شك فيه أن في القرية, تحسنه البنية التحتية فيها, دخلت إليها الصناعة والخدمات الأخرى, يعمل الكثير من سكانها في المستوطنات اليهودية  المجاورة.

أدت ظاهرة النمو السكاني والعمراني في القرية العربية المجاورة إلى  تواصل تشابك بعض القرى كما هو الحال بين الكسور- شفاعمرو, عبلين, كابول, كفر ياسيف, أبو سنان,جولس,مجد الكروم, البعنة, دير الأسد وغيرها  .

 اضافة الى تحول بعض القرى الكبيرة الى من(تمدن القرية), في الجليل الأسفل هناك المدن  , العربية:  الناصرة, شفا عمرو, سخنين,طمرة, أكبرها الناصرة التي تعتبر مركز خدمات  رئيسي للمنطقة , فيها الدوائر الحكومية  المختلفة التي  تخدم منطقة الشمال.

  ظاهرة أخرى نجدها في الجليل, القرى المختلطة. فيها نجد جميع الطوائف مسلمون  ومسيحيون, دروز, وأحيانا يهود كالبقيعة, إضافة إلى قريتين شركسيتين   ( كفر كما في الجليل الأسفل والريحانية في الجليل الأعلى) وقرى بدوية كثيرة  مثل بير المكسور, الكعبية, الزرازير , وادي سلامة وغيرها.......