الاستيطان اليهودي الحديث في الجليل- قبل  عام 1948

تاريخ النشر: Dec 21, 2014 5:0:28 AM

1    قبل عام 1948

 أن وعورة الجليل, قلة  الأراضي الزراعية فيه, غالبية سكانه من العرب وبعده عن  مركز البلاد(وسط السهل الساحلي)- مركز الاستيطان اليهودي, كل هذه العوامل جعلت  استيطان اليهود في صعبا, كان غالبية سكان الجليل حتى قيام دولة إسرائيل عام 1948 من العرب, الأمر الذي دفع اليهود والحومة الإسرائيلية للتفكير في زيادة نسبة اليهود والمستوطنات اليهودية فيه, خاصة بعد قيام الدولة. منذ عام 1948 وضعت عدة  برامج وخطط استيطانية يهودية كان أخرها في  نهاية السبعينيات, عندما قيمت عشرات المستوطنات اليهودية في مناطق الجليل  المختلفة.

بدأ الاستيطان اليهودي الحديث في البلاد سنة 1882( الهجرة اليهودية الأولى 1882-1902 نهاية القرن التاسع عشر) قيمت مستوطنات يهودية في  وسط السهل الساحلي  مثل( ريشون  لتسيون, رحوبوت,نس تسيونا وغيرها),

 في شمال البلاد كانت على إطراف الجليل وفي سهل الحولة(نهاية القرن التاسع  عشر) مثل:"روش فينا"  الجاعونا1882"يسود همعلاه" 1883  مشمار هياردين 1884-ميطولة(المطلة) 1896 –محانايم 1898 – ايلانيا(السجرة)1899 –يفنيئل (يمة)1901 –كفار تابور(مسحة)1901 – وغيرها. اعتمدت هذه المستوطنات  على الزراعة العلية خاصة الحنطة, كان موقع  بعض هذه المستوطنات الأثر في رسم وتعيين الحد الشمالي للبلاد. حظي معظمها بدعم البارون روتشلد-دعم  مادي واقتصادي-, أقيمت غالبية هذه المستوطنات حول مراكز مدينة, سكنها اليهود في الماضي وتواجدوا فيها حتى تلك الفترة مثل يافا, طبريا, صفد,( صفد طبريا هي من المدن المقدسة لليهود).

كانت موجة أخر الاستيطان  اليهودي  في الجليل, في سنوات العشرين( نهاية الحرب العالمية الأولى) أقيم العديد  من الكيبوتسات في سهل الحولة – كفار جلعادي- تل حاي- اييلت هشاحر-. انتشرت في هذه الفترة"موضة" بيع الأراضي لليهود, في عام 1934 اشترت شركة" هخشرت هيشوفيم" ارض سهل الحولة من العرب. في عام 1934 تأسست نهاريا على ساحل الجليل الغربي كانت هناك عشرات مستوطنات اليهودية  في الجليل الجبلي حتى بداية سنوات الثلاثين, إذ كان من الصعب استيطان ودخول اليهود المنطقة الجبلية قي قلب الجليل, حين شكل العرب هناك غالبية ساحقة ورفضوا بيع  أراضيهم لليهود.في الفترة ما بين 1936-1939 ( فترة  تمر العرب في البلاد ضد الانتداب البريطاني والاستيطان اليهودي), تبلورت في المؤسسات الاستيطانية الصهيونية سياسة" الاستيطان الإقليمي" التي عرفت باسم مستوطنات "حومات مجدال"  -( أسوار من الخشاب وبرج مراقبة)  معظمها في مناطق الحدود, وفي مناطقجديدية( استيطان مناطق جديدة غير السابقة) مثل الجليل الأعلى الغربي, غور الأردن, سهل بيسان, اقيمت بشكل سريع خلال فترة قصيرة-3سنوات- كان هدف من  استيطان هذه المناطق الجديدة, خلق تواصل  استيطاني يهودي مع المناطق السابقة أضيفت في هذه الفترة21 مستوطنة من هذا النوع في الجليل, أولها كانت- نير دافيد- في سهل بيسان , ومن المستوطنات التابعة لهذا النوع كانت-دان – دفنة—حولاتا-عمير- حانيتا-ايلون-كفار حطيم-موليدت-شدموت-دفوراه وغيرها.

استمر التزايد في عدد المستوطنات اليهودية في الجليل في سنوات الأربعين, اذ أقيمت- كفار سلد- معيان باروخ- لهفوت هبيشان-هجوشريم—شمير- في سهل الحولة, في الجليل الأعلى الشرقي(جبال المنارة) أقيمت- رموت نفتالي- منارة- مسقاف عام-شفير-. في الجليل الأسفل أقيمت- بيت كيشت-حقوق-(ياقوق) – رمات تسفي- كفار كيش وغيرها .

عشية قيام  الدولة بلغ عدد المستوطنات اليهودية في مختلف أنحائه 54 مستوطنة زراعية, منها 20 في الحولة-8في الجليل  الأعلى الشرقي- 3 في الجليل الأعلى الغربي-5 في ساحل الجليل, 18في الجليل الاسفل(معظمها في شرقه) أقيمت هذه المستوطنات على النحو التالي:10 موشافات- 10 موشافيم-30 كيبوتس-4 موشابيم تعاونية. بالرغم مما ذكر من برامج استيطانية يهودية في الجليل حتى قيام  الدولة, التي نفذت من خلال زيادة عدد المستوطنات يهودية, بقيت الغالبية الساحقة من السكان في الجليل من العرب والأقلية من اليهود.

2-      بعد عام 1948

أدت حرب 1948 إلى هدم وتهجير الكثير القرى العربية في الجليل من مجموع 127 قرية عربية في الجليل(قبل قيام الدولة العبرية)بقي 50 قرية أكبرها الناصرة التي وصل عدد سكانها أن ذاك إلى 15 ألف نسمة بالرغم من انخفاض عدد القرى العربية والسكان العرب ,ألا أن كثافات سكانية عالية للعرب بقيت في بعض مناطق الجليل مثل منطقة الناصرة,مرج الشاغور,مرج سخنين,في غرب الجليل في منطقة شفاعمرو وطمرة.اهتمت الحكومة الإسرائيلية في بداية السنوات ال50(بعد قيام الدولة)في زيادة الاستيطان اليهودي في المناطق الحدودية(بعد تعيين حدود الدولة),مثل النقب الذي كان خاليا تقريبا من السكان اليهود,لم يكن في النقب حتى عام 1943 سوى 3 مستوطنات يهودية.أما في الجليل فاقيمت قرى زراعية مثل-يعرا-شوميرا-افيفيم-دوفيف-ايلكوش وغيرها.

كانت أهداف التخطيط الاستيطاني في هذه الفترة استيطان مناطق الحدود(نشر مستوطنات على طول خط الحدود),توجيه القادمين الجدد من اليهود إلى القرى العربية التي تركها أصحابها,كذلك استصلاح الراضي المتروكة في الجليل,التي تحولت لارض الدولة في القرى العربية المهجرة أو بجوارها مثل سعسع,دير القاسي,تربيخا,ميرون وغيرها.

أقيمت في ال50 وال60 مدن التطوير مثل كريات شمونة(الخالصة)- الناصرة العليا- مجدال هعيمق(المجيدل)- شلومي- معلوت- وحتسور. إضافة إلى تعبئة كل من صفد ,طبريا وعكا والسكان اليهود بعد أن تركها العرب.بالرغم من برنامج الاستيطان التي نهدف إلى نسبة السكان اليهود والمستوطنات اليهودية في الجليل , بقي العرب يشكلون غالبية في مركز الجليل (الجليل الجبلي),وبقيت لهم السيطرة الإقليمية على الأرض,لكن بدون أي شك حسنت هذه البرامج ورفعت من نسبة المستوطنات والسكان اليهود في الجليل.

في بداية سنةال60 بمبادرة رئيس الحكومة آنذاك وضعت وخططت برامج استيطانية جديدة في الجليل أهمها كان (عملية س.ا.س)(جاءت من الكلمات سوف سوف باتورو شل هجليل وتعني: وأخيرا جاء دور الجليل) لرفع نسبة السكان اليهود والإقامة عشرات المستوطنات اليهودية الجديدة(استيطان إقليمي) كان ذلك في وسط الجليل الأعلى ,قرب الحدود مع لبنان,وفي منطقة"التيفن" بين كسرى ويركا غرب الجليل الأعلى , ألا انه لم يكتمل تنفيذ هذا المشروع الاستيطاني, بسبب نشوب حرب سنة 1967  والركود الاقتصادي الذي ساد آنذاك بين 1965-1967. المستوطنات التي أقيمت ضمن هذا البرنامج كانت المستوطنات الحدودية"شتولا" "نطوعا" "زرعيت" "بيرانيت" كذلك"حازون" ومدينة "كرمئيل "التي سنة 1964.

المناظر  والمستوطنات الجماهيرية

مع بداية سنوات أل 80, تبين أن مدن التطوير في الجليل لم تجذب إليها السكان اليهود, حسب التخطيط ,ولم تنجح بالتطوير,كما كان متوقعا. والزيادة الطبيعية العالية للسكان العرب في الجليل زادت من قلق السلطات, كذلك وجود أراضي كثيرة ومساحات واسعة بملكية عربية, إضافة إلى وجود مساحات أخرى غير مستغلة تابعة لملكية الدولة. كل ذلك أدى إلى الشروع بتنفيذ المخطط الثاني مشروع استيطاني من نوع أخر, بدأت على ارض الواقع سنة 1979 انشات عشرات المستوطنات خلال 3 سنوات, سميت"المناطر" (متسبيم) كانت الوكالة اليهودية والحكومة المسئولة عن تنفيذ البرنامج الاستيطاني. أما أهدافه فكانت:

1-            في المجال الإقليمي: المحافظة على"ارض الدولة" لتكون ملكا لليهود , عن طريق بناء مستوطنات المستقبل, فالتواجد على الأرض يضمن ملكيتها, كذلك منع استيطاني إقليمي للمستوطنات الغير يهودية في الجليل, أي تعبئة استيطانية يهودية بين القرى العربية (ملئ الفراغ بينهما) لهذا الغرض أقيمت كتلة "مسجاق "الاستيطانية , تبعت لها عشرات المستوطنات المتواجدة بين شفاعمرو,عبلين,طمرة, كابول من جهة ,سخنين, عرابة , دير جنا من الجهة الأخرى, كذلك كتلة سلامة التي ظمت المستوطنات:"كداريم" " كفار حنانيا" (كفر عنان), "طفحوت" ,"مساد" وغيؤها كمستوطنات بين الجليل الأسفل الشرقي والجليل الأعلى الشرقي إضافة إلى مستوطنات كتلة صفوريا مثل "حنتون" "هوشعيا" "الون هجليل" "عدي" "هردوف" بين جبال الناصرة وشفاعمرو.

2-            في المجال السكاني: تقليص هجرة اليهود من الجليل إلى مناطق أخرى من البلاد(الهجرة في الجليل كانت سلبية لدى سكان اليهود أي عدد الخارجين منه أكثر من الداخلين إليه), بواسطة جذب سكان يهود من مناطق أخرى في البلاد , خاصة من منطقة السحل الساحلي المزدحمة بالسكان.

3-            تخفيف التركيز السكاني اليهودي عن منطقة السهل الساحلي بواسطة تطوير الجليل وشبكة المواصلات به, وبناء قاعدة اقتصادية(تطوير الصناعة) تلاءم مستوى القادمين إليه من مدن الساحل أي تنفيذ سياسة توزيع السكان التي بدأت منذ قيام الدولة عن طريق استيطان مناطق الأطراف في الدولة مثل الجليل, النقب وغور الأردن.

كان التنظيم الإداري لهذه المستوطنات الجماهيرية, أن تتبع لمجالس إقليمية تقدم لها الخدمات اللازمة(كل مجموعة مستوطنات تتبع لمجلس إقليمي) سكان هذه المستوطنات يعملون في المنطقة نفسها مثل المنطقة الصناعية,"التيفن" والمنطقة الصناعية " ترديون" غرب سخنين, في مدن الساحل المجاورة  والمدن الاخرى في الجليل مثل نهاريا, عكا , حيفا , كرمئيل ,طبريا, صفد معظم السكان صغار السن (أزواج شابة- جيل 40) أصحاب خبرة عالية وذوي كفاءات علمية, يحملون شهادات جامعية عالية, يعملون في الصناعات الدقيقة التي تتطلب خبرة عالية , المتواجدة في المراكز الصناعية الجديدة في الجليل. من هذه الصناعات الالكترونيات , حاسبات, وأسلحة وصناعة عسكرية, استشارة هندسية,صقل الماس وغيرها.

أما مواقع هذه الكتل الاستيطانية فمنتشرة كالتالي:

منطقة " سيجف" جنوب شارع عكا – عميعاد( شارع رقم 85) أي في منطقة سخنين , عرابة, دير حنا.منطقة "تيفن" شمال شارع عكا – عميعاد (شارع رقم 85) على شارع كرمئيل معلوت(شارع رقم 854) الذي يربط بين شارع رقم 85 وشارع رقم 89.كتلة صفوريا:

بين الناصرة وشفاعمرو, كتلة سلامة بين المغار ومفرق مسكنة " جولاني" شرقا حتى بقعة "جينوسار" (سهل الغوير)

المجالس الإقليمية التي تدير شؤون هذه الكتل الاستيطانية هي " المجلس الإقليمي مسجاف" , " مروم هجليل" , "عيمق  يزراعيل ", " جليل تحتون" , "مطيه اشير" . اكبر هذه المجالس الإقليمية "مسجاف" , تتبع له 32 مستوطنة غالبيتها مستوطنات جماهيرية, في كل مستوطنة معدل 200-300 نسمة من السكان (حوالي 10 ألاف نسمة من اليهود) موزعة على مساحة هائلة من الأراضي. يوجد تحت إشراف المجلس الإقليمي مسغاف 184 ألف دونما يعيش عليها كما ذكرنا 8-10 ألاف من اليهود و4 ألاف من العرب, يسكن بعضهم حتى ألان في قرى غير معترف بها. حسب إحصائيات سنة 1996 تواجد في الثلاث كتل الاستيطانية معا (مسجاف, تيفن, تسلمون). 

لو فحصنا نتائج هذا بالمشروع الاستيطاني الكبير حاليا, لوجدنا أن العرب ما زالوا يشكلون أكثرية في قلب الجليل الأسفل, وما زالت الزيادة السكانية عند العرب أعلى مما هي عند اليهود ,إضافة إلى أن نمو هذه المستوطنات الجماهيرية كان بطيئا وضعيفا من جهة, من جهة أخرى, طور هذا المشروع الاستيطاني شبكة المواصلات في الجليل , فتوسعت الشوارع وافتتحت شوارع جديدة أخرى مثل شارع رقم 85 وشارع رقم 784 بين مفرق " كرمئيل" الغربي ومفرق "يوفاليم", يصل بين شارع رقم 85 وشارع رقم 805 , شارع " كرمئيل " معلوت رقم 854, شارع رقم 784 بين مفرق "مسجاف" ومفرق كفر مندا , قربت هذه الشوارع المسافة الجغرافية وزمن السفر بين مستوطنات مركز الجليل العربية واليهودية وبين المدن الساحلية مثل: حيفا , نهاريا , ومدن أخرى مثل الناصرة وكرمئيل.