الأستاذ نُويهض

التّحليل أهم من الحفظ وهذا ما أعوّد عليه طلابي.

عندما أعود بالذاكرة إلى بدايتي في المدرسة. أتذكّر أن التعليم كان تقليدياً من حيث الوسائل المتاحة حينذاك، كنّا نستخدم الطباشير والسّبورة الخضراء. اليوم تغيّرت الأمور وتطوّرت، فأصبح لدينا العديد من برامج التعليم مثل "أكتيف انسباير"، وبات التعليم أسهل بالنسبة للمعلّم في إيصال المعلومة للطالب، فيفهم الطالب الدرس بطريقة أوضح وأفضل. المفاهيم الجديدة والأنشطة التي نعلّمها أيضاً في الصف تجعل الطالب يكتشف القوانين الرياضية بمفرده. قديمًا كان الأستاذ هو محور الصف، أما اليوم فقد بات الطالب هو محور العملية التعليمية، والتعليم المتطور يجعل المعلومة أكثر ثباتاً في عقل الطالب.


لا يوجد ما يحبطني في الصف أبداً، فدائماً ما آخذ الأمور بروح إيجابية، وبهذه الطريقة لا يكون لديّ أي عوائق للوصول إلى الهدف الذي أريده إن كان مع التلميذ داخل الصّف أو كان ضمن العمل الإداري. 


أهم عوامل النجاح هي أن تحب ما تعمل، فإذا كنت تحب العمل وتجتهد فيه فسوف تبدع وتصل إلى نتيجة متألقة من الإبداع، وأنا أحببت مهنة التعليم، ولا أعتبرها مهنة بل أعتبرها هواية، ولذلك أنا أستمتع بتدريس طلابي..

الأستاذ نُويهض: 

من مقوّمات النجاح أن تحبّ ما تعمل.

على كلّ إنسان أن يتعلم أشياء جديدة وأن يتطوّر طالما هو في هذه الحياة. قضيت ٢٤ عاماً وأنا أعلم طلابي، ولا زلت كل يوم أتعلم شيئاً جديداً سواء في الحياة العملية أو في الحياة المهنية، وأسعى أن أواصل في دراسة الماجستير، ومن ثمّ الدكتوراه. لديّ طموح أن أصل إلى مراتب أعلى في مدرسة ابن خلدون الوطنية.


أتمنى من جميع الطلاب أخذ الأمور دوماً بجدية،  في النهاية هذا مستقبلهم، وعليهم أن يعوا أنّهم لا يتعلّمون من أجل أهلهم بل من أجل أنفسهم. عليهم أن يؤمنوا بأنّهم يبنون مستقبلهم، وهذا المستقبل يجب عليه أن يكون مليئاً بالمعلومات خاصةً بأننا نستخدم التكنولوجيا كثيراً. لذلك أنصحهم ودائماً أقول لهم بأنّ الذي تدرسونه اليوم هو لأجلكم أنتم ولأجل مصلحتكم. أتمنى من جميع الطلاب أخذ الأمور بجدية وأتمنى لهم التوفيق في حياتهم العملية.


               حوار: صباح آل بن علي - أحمد يوسف

الأستاذ نُويهض

شعور الطالب بالاهتمام من أهمّ مقومات النّجاح

مادة الرياضيات من المواد الأساسية التي يعشقها بعض الطلاب ويخشاها آخرون. غير أنّها تصبح أكثر متعة وشغفاً عندما يستطيع المعلم تطويعها لخدمة الطالب، وعندما يستطيع أن يحبّبهم بأسس المادة وأهميّتها. وكعادة مجلّة الشّباب الثّقافية في تسليط الضوء على كلّ ما يهمّ الطالب أجرت حوارها مع الأستاذ مروان نويهض منسّق مادة الرّياضيات للصّفين الحادي والثاني عشر، ليكشف لنا جوانب عديدة من هذه المادة إضافة إلى جوانب أخرى من حياته التّعليمية.


اسمي مروان نويهض، من لبنان، تخرجت من جامعة بيروت العربية عام ٢٠٠٠، ونلتُ إجازة جامعيّة في مادة الرياضيات. كما أنهيت السنة الأولى من الماجستير في إدارة الأعمال، قدِمتُ إلى البحرين والتحقت بمدرسة ابن خلدون الوطنيّة في عام ٢٠٠٢، والحمدلله "بعدنا مستمرين"  في المدرسة منذ ما يقارب إحدى وعشرين سنة. 


 لأكن صريحاً، بداية لم يكن هدفي الدخول في مجال التعليم، بل كان طموحي الالتحاق بالجيش اللبناني، وقدّمت فعلاً على دورة الضبّاط، غير أنّ الأمور في لبنان معقّدة نوعاً ما " وبتمشي بطريقة مختلفة" ما أدّى إلى إلغاء الدورة في ذلك العام. بعدها درست ثانية في الجامعة لأصبح مهندساً لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن… غيّرت بعدها لدراسة الرياضيات والحمدلله تمكّنت من إكمال هذا الاختصاص.

الأستاذ نُويهض: 

الطالب ذكي.. يعرف من يهتمّ به وبمصلحته.

أعتقد أنّ أهم المقومات التي تبني العلاقة بين المعلّم وطالبه هي أن يُشعره المعلم بالاهتمام، ويبيّن له أنّ مصلحته ومستقبله يعنيان له، هي أن تكون علاقة أب بابنه، أو صديق بصديقه، فلا يشعره أنّه غير مهمّ أو يحاول إهانته أو التقليل منه. أحيانا أضطر لاعطاء ملاحظة لأحد الطلاب لكنّني أوصل له أيضاً بأنني أفعل ذلك لمحبتي له، وأفهمه بأني لست "زعلان" منك بل عليك. والطالب ذكي يعلم من يهتم به و بمصلحته، دائما ما أخبره بأنّي أوجّهك وأشجعك  لتتطور، وبأنّي أثق بقدراتك وبإمكاناتك.

أهم الاستراتيجيات في مادة  الرياضيات هو أن يفهم الطالب بأن الرياضيات مفاهيم وليست مجرد أرقام، فيجب عليه عدم  التفكير في أمر الأرقام بل يجب عليه أن يفهم أولاً، وبالتالي تصبح مادة الرياضيات سهلة عليه حتى في حياته العملية. يجب على الطالب أن يربط بين الرياضيات والشيء الذي يفعله كل يوم في حياته. هذه الاستراتيجية توصل الفكرة للطالب بطريقة سهلة للاستيعاب، وبذلك يستطيع أن يحلّل ما يحدث، والتحليل أهم من الحفظ، ودائماً أعوّد طلابي على الفهم لا الحفظ.

كأي شاب، بعدما خرجت من لبنان تركت أهلي وعائلتي، كانت أول مرحلة صعبة جداً لا سيّما عندما يكون الشخص مرتبطاً بأهله وبعد أن يكون قد قضى معهم فترة طويلة من حياته، ليعيش بمفرده بعد ذلك. مواقف كثيرة مرت معي بمدرسة ابن خلدون خلال هذه الأعوام الطويلة من ضمنها تعليم مناهج البكالوريا الدولية. لدي ذكريات ولحظات مع أساتذة كثر منهم ما زالوا مستمرّين في المدرسة ومنهم من رحلوا عنها، لقد قضيت في المدرسة أعواماً تزيد عمّا قضيته في بلدي، فذكرياتي فيها حافلة بكل ما هو جميل.  

حوارات

الأستاذة جيردا

 العديد من الجامعات العالمية باتت تهتمّ بشهادة البكالوريا الدّوليّة.

قمت بتدريس برنامج A-level  عندما كنت في السّعودية، وهو برنامج أكثر تنظيماً،  يعتمد أكثر على المحتوى في الصفوف، وليس صعباً أن يعرف الطلاب ما الذي سيأتي في الامتحانات. لكن البكالوريا الدّوليّة تُعلّم المزيد من المهارات الحياتية ليس فقط المحتوى، والتي سيتم استخدامها خلال الحياة أيضاً بعد المدرسة والجامعة. يعلّم الطالب إدارة الوقت، هو أكثر من منهاج تعليمي… أستطيع أن أقول أنّه منهاج حياة. 


هذا صحيح، أعتقد لأنّنا نكافح معاً، ونتعلّم من بعضنا البعض، ونضحك معاً. نظراً لأن الفصول أصغر من فصول الصفين التاسع والعاشر، علاوة على ذلك فإنّ طلاب البكالوريا الدولية يعلمون ويقدّرون مدى المسؤولية الملقاة عليهم، فإننا نتعرف على الطالب بشكل أفضل. نعتمد على المناقشات التي تصبّ في مواضيع متنوّعة ومختلفة، وننفتح معها على ما يحدث في العالم الخارجي.


منهاج البكالوريا الدولية يفيد الطلاب وذلك لأن العالم أصبح يعرف هذا المنهاج أكثر من السّابق، وأصبحت الكثير من الجامعات تطلب شهادة البكالوريا، وهذا لأنها تعلم بأن طالب البكالوريا يتمتّع بمهارات عديدة، وأنّه بات مؤهلاً للمناهج العالمية المطلوبة. قد لا يدرس الطالب منهاج البكالوريا كاملًا لكنه يدرس بعض المواد التعليمية التي تفيده في حياته الدراسية والمهنية. 

الأستاذة جيردا: 

 طالب البكالوريا بات مؤهلاً للمناهج العالمية.

يجب على الطالب المقبل على دخول صفوف البكالوريا أن ينظّم وقته منذ اليوم الأول، وأن يقسّم العمل إلى أقسام صغيرة، وأن يعيش حياته ويقضي وقتًا مع عائلته وأصدقائه، لا داعي للعزلة من أجل قضاء الليل كله للدراسة. وعندما تبدأ بشيء أكمله ولا تقمْ بتأجيله لوقت آخر. اطلب المساعدة من أحد المعلمين عندما تواجه أي صعوبة. 


أنا أحب وظيفتي


                          حوار: نوف المشايخي - أحمد المرباطي

                          تصوير: لولو العريّض

الأستاذة جيردا: 

منهاج البكالوريا الدولية أكثر من منهاج تعليمي .. هو منهاج حياة.

برنامج البكالوريا الدولية هو برنامج يقدم عدة أساليب تعليمية تمتدّ على مختلف المراحل الدراسية. وهناك ما يزيد عن 3500 مدرسة حول العالم تستخدم هذا البرنامج، وفي كل مدرسة يوجد شخصٌ يبذل قصارى جهوده من أجل التعرف على هذا البرنامج أكثر فأكثر فينسق الدروس والأساليب التعليمية مع المعلمين. ولأن مدرسة ابن خلدون الوطنية مدرسة تتبع هذا النظام، لديها عدد من منسّقي المنهاج في مختلف المراحل، والأستاذة جيردا هي المنسقة التعليمية للبرنامج للصفين الحادي والثاني عشر (DP)  والتي ستكشف خلال حوارها مع مجلّة الشّباب الثّقافية العديد من خصائص منهاج البكالوريا الدوليّة، كما ستعرّفنا أكثر عن حياتها العملية، وما الذي أضافه المنهاج لها.

اسمي السيدة جيردا وهذا هو عامي العاشر في مدرسة ابن خلدون، عملت في المملكة العربية السعوديّة قبل أن أنتقل للعمل هنا في البحرين. وفي الحقيقة أنا أعتبر البحرين وطناً ثانياً لي، وأنا سعيدة جدًا بالعيش هنا بالإضافة طبعاً إلى وظيفتي، حيث يسعدني التعرف على ثقافة جديدة. ومن هواياتي المطالعة وتربية القطط. 

صحيح، لكنّي وبعد ثلاث سنوات، ما زلت أفضّل أن أكون مدرسًة للغة الإنجليزية أكثر، لأن هذا هو المكان الذي يمدّني بالطاقة التي أحتاجها. عندما أصبحت رئيسة القسم، باتت المسؤولية أكبر، ومع ذلك فهي تجربة مفيدة، لأنني أتعلم تحمّل المزيد من المسؤولية والاستماع إلى آراء الآخرين. أما بالنسبة لكوني منسّقة برنامج البكالوريا الدولية ، فأنا سعيدة لأنني ما زلت قادرةً على التدريس إضافة لاكتسابي معارفَ جديدة حيث لا بدّ لي من متابعة كل جديد في البرنامج، وهذا يتطلّب المزيد من الجهد والعمل، وأعتبر أنّه يمكنني كسب المعرفة كل يوم.

أثناء العمل مع طلاب البكالوريا الدولية يكون هناك الكثير من النقاشات المثمرة، وهناك المزيد من المهارات الحياتية التي يتم تدريسها، والمفاهيم التي يتمّ اكتسابها والتي تساعد في بناء شخصيّة المتعلّم وتربطه ارتباطاً وثيقاً بحياته ومجتمعه وعالمه، كما تساعد في إدارة الوقت.  إنّ الفكرة الرئيسية لبرنامج البكالوريا الدولية هي أن تكون مجازفاً، وباحثاً، ومتأملاً ومتواصلاً وأن تتحقّق من التعلّم من خلال دراسة منهاج (DP) والذي يمتدّ  خلال عامين.

تتمثل التحديات التي أواجهها أثناء العمل مع طلاب البكالوريا الدولية في مساعدتهم على فهم أن الأشياء ليست مخيفة كما يعتقدون.  عدد من الطلاب يستسلمون بسهولة، لذلك نحاول حثّهم وتشجيعهم وتنمية الثقة في أنفسهم، فالأمور ستنجح؛  لكن معظم الطلاب لا يصدقون ذلك

حوارات

الأستاذة الخبّاز: 

 من المهمّ مشاركة الطلاب في وضع القوانين الصّفيّة

هناك عدة أساليب نقوم باتباعها لعلاج المشاكل السلوكية، فهناك أساليب على مستوى الصف ثم على مستوى المدرسة، أما الأساليب المتبعة في الصف منها أولاً: مشاركة الطلاب في وضع قائمة الانضباط الصّفية، وتذكير الطلاب بين الحين والآخر بقواعد النظام والسلوك المتبعة في الصف وفي المدرسة بشكل عام، هناك برامج مثل برنامج دوجو لتشجيع الطلاب على السلوك الجيد في الصف، لكن الطلاب الذين تظهر لديهم مشاكل سلوكية فنتبع معهم عدة أساليب منها: معرفة سبب المشكلة وعليه يتمّ معالجتها، فإن كان الطالب متأثراً سلباً بالمكان أو الصديق فنعمدُ إلى تغيير مكانه. ثانياً: بالنسبة لي فإنّني أحياناً أقوم باتفاقية بيني وبين الطالب، بمكافأته كلما أظهر سلوكاً جيداً. كما أنني أحياناً أسند إلى هذا الطالب مهام تعطيه الثقة بنفسه وتشغله بأمور إيجابيّة تبعده عن بعض السلوكيات غير المسؤولة، وبذلك أستفيد من طاقات الطالب الإيجابية. فإن كان الطالب مثلاً كثير الحركة ولا يجلس في مكانه فقد أجعله مسؤولاًً عن توزيع الأوراق ومهام أخرى تجعله منشغلاً بما يُطلب منه ليشعر بأهميته في الصف. طبعاً نحن نعمل على خطوات، وهي خطوات من الممكن ألا تنجح فنلجأ حينها إلى خطوات أخرى لا سيّما إن استمرّ سلوك الطالب غير المسؤول وتأثيره على زملائه فيمكن تحويله لقسم الإرشاد لمتابعة حالته، علاوة على المتابعة مع أولياء الأمور حتى نصل إلي حلول تصبّ في مصلحة الطالب أولاً وأخيراً.

  

 إن مهمة تعليم الطلاب في هذه المرحلة العمرية شديدة الحساسيّة، فهي الخطوات الأولى للطالب في رحلته التعليمية والتي يمكن أن تؤثر على المراحل اللاحقة، وخصوصاً في تدريس مادة اللغة العربية، فيجب أن يكون للمعلمة معرفة ودراية بخصائص نمو الطفل في هذه المرحلة، فالأساليبُ المتنوّعة في التعليم تُسهم كثيراً في جذب الطالب للعملية التعليمية، والبيئة الصفية الثريّة بالوسائل التعليمية والوسائل المحببة للطلاب تشجّعهم على التّعلّم والبحث، وهذا ما نستخدمه في منهاج PYP  فالطالب هو من يبحث عن المعلومة بدلاً من أن يكون متلقّياً فقط، لأنَّ أسلوب التلقّي يُشعِر الطالب بحالة من الملل وعدم رغبة في التعلّم والبحث والاكتشاف. 

الأستاذة الخبّاز: 

البيئة الصفيّة الثرية بالأساليب جاذبة للطالب.

طبعاً، كل معلم يشعر بالإنجاز والفخر بما قدّمه للطلاب، وهو يرى ثمرة مجهوده أمام عينيه، سواء على مستوى الصف خلال العام الدراسي، حين يلاحظ مدى التقدم والتطور الأكاديمي للطلاب من بداية العام إلى نهايته، أو على مستوى المدرسة حين يرى المعلّم الطلاب الذين قام  بتدريسهم في مرحلة الروضة وهم على مشارف التخرج. 


أتوجه بالشكر الجزيل لكل منكما ( صباح البنعلي وزين أبو الفتح) لاختياري لإجراء هذه المقابلة، كما أشكر الأستاذ فادي حسّون الذي يدعم مجهودكما ومجهودات كافة طاقم العمل في مجلة الشباب الثّقافية لإخراجها بهذه الصورة الجميلة واللائقة بمدرسة ابن خلدون الوطنيّة، وأتمنى لكما ولزملائكما التوفيق في المرحلة القادمة من حياتكم العلمية وهي الدراسة الجامعية. وفقكم الله.


                     إعداد وحوار: زين أبو الفتح - صباح آل بن علي

الأستاذة أفراح الخبّاز: 

فخورة بطلابي الذي يقفون في حفل التخرّج

أنا أفراح الخباز، أم لولدين هما علي وأحمد، تخرجت من جامعة البحرين حيث نلت شهادة البكالوريوس في الطفولة المبكرة، وأتيت للتدريب في مدرسة ابن خلدون، وخلال فترة التدريب وقّعتُ عقد عمل مع المدرسة. ومنذ عام ٢٠٠٥ وأنا أعمل في المدرسة وفخورة كوني إحدى معلمات هذه المدرسة العريقة.


الشعور الأروع هو عندما أرى الطلاب الذين قمت بتدريسهم يقفون في حفل التخرج. أعود بالذاكرة للوراء لأتذكر أشكالهم وهم أطفال صغار، ولأتذكَّرَ بعض المواقف التي جمعتني بهم في تلك الفترة. ومن بينهم أنتم الذين تجرون المقابلة معيَ الآن، فقبل أن نبدأ هذا الحوار أخذنا نتذكر بعض المواقف الجميلة التي حدثت بالصف، وقد صدمت بالحديث معكم الآن وأنتم تتذكرون مواقفَ وتفاصيلَ دقيقة لي معكم، ويسعدني هذا التأثير الذي تركته فيكم، والذكريات الجميلة التي تركتموها لي. شعور رائع حين أرى طلابي الذين علمتهم وهم صغار يذكرونني الآن والأجمل عندما أراهم في حفل التخرج إن شاء الله. 


كان اختياراً لأنّني ومنذ كنت صغيرة كنت ألعب دور المعلمة، فكنت أحضر صديقاتي وأمثل لهم دور المعلمة بشكل كامل. كان لدي أقلامي وسبورتي، فأمثّل دور المعلمة وأتنقّل بينهم كما تفعل المعلمة تماماً. هذا جعلني أحب مهنة التّعليم، ومن ثمَّ تخرّجت من الجامعة، وباشرت بعدها مهنة التعليم، وهنا عليّ الاعتراف بأنّ مهنتنا ليست بالسهولة التي كنت أعتقدها، وكنت أمارسها عندما ألعب مع صديقاتي، بل هي أعظم وأعمق. 

الأستاذة الخبّاز: 

 طلاب الروضات أكثر حاجة للوسائل الحسّيّة.

جائحة كورونا كان لها إيجابياتها وسلبياتها في التعليم. فمن سلبياتها أن التعليم كان مقتصراً عن بعد لطلاب  الفئة العمرية 4-5 سنوات وهذا أمر صعب للغاية. نحن كمعلمات نعلمُ أن طلاب الروضة يحتاجون إلى أساليبَ متنوعة في التعليم حيث يحتاجون إلى وسائل تعليمية متعدّدة وأغلبها وسائل محسوسة ومرئية، لأنهم يحتاجون إليها أكثر من التعليم عبر الشاشة. يمكن أن يكون الأمر سهلاً على الطلاب في المراحل الأعلى غير أنّه يصعُب علينا تعليم طلاب الروضات عن بُعد، وكان هذا تحدّياً كبيراً بالنسبة لنا،  فطلاب الرّوضات عادة ما يكون مستوى التركيز لديهم قليلاً والحدّ الأقصى لتركيزهم  لا يتعدّى عشر دقائق فقط، ومع ذلك قدّم المعلمون بمساندة لا محدودة من إدارة المدرسة جهداً عظيماً وطوّروا عدّة استراتيجيات ووسائل تعليمية للوصول إلى طلابنا من خلال الشاشة، وهذا ما يعتبر من الإيجابيّات التي قدّمتها هذه الجائحة، حيث طوّر من خلالها المعلمون عملهم على طريقة الهايبرد، وبعد ذلك كان هناك تمازج ما بين طلاب الأون لاين والطلاب الذين يتابعون عملهم في الصف. تعلمنا كيف نكون أكثر مرونة في التعامل، كما تعلّمنا أساليب جديدة في التعليم لاسيّما استخدام التكنولوجيا بشكل أكبر، وهذا جعلنا نتمرّس بالتكنولوجيا والعمل على برامج وأنشطة تفاعلية جديدة. 

منهج PYP كان منهاجاً جديداً في البداية. نحن كمعلمين كنا نعتمد عادة على الأسلوب التقليدي في التعليم، فأتى منهاج PYP بأساليب جديدة ورؤية تواكب التعليم الحديث ومتطلبات مهارات القرن الحادي والعشرين. غير أننا في صفوف الروضات والمراحل الدنيا لم يكن التغيير كبيراً علينا لأنّنا في السابق كنا نعمل على نظام الوحدات، ولكنّنا بتنا الآن نعمل بشكل ممنهج ومنظم أكثر  من خلال منهاج PYP. طبعا كان هناك العديد من التحديات في بداية العمل على هذا المنهاج الجديد، ولكن مع مرور الوقت اعتدنا على متطلّبات المنهاج وبات العمل عليه أكثر مرونة وخبرة.  طبعاً أصبح الطالب هو محور العمليّة التعليمية فهو الباحث عن المعلومة وهو المقيّم لها والمدرّس هو الموّجه للعملية التعليمية.

حوارات