رئيسة القسم: دانيا قمبر
كانت المحادثة ممتعة لدرجة أننا استغرقنا وقتاً طويلاً فيها... بدأ الوقت يتأخر، ودّعنا بعضنا، ثم انهت جدتي المكالة بابتسامة دافئة. نظرا للقواعد التي وضعتها كورونا، حضرت أول صف مدرسي عن بعد. أحب الدراسة كثيرا خاصة صف العلوم، كما أنني أطمح أن أكون طبيبة في المستقبل لإسعاد الأطفال المرضى. إني أفضل الدراسة في المدرسة بدلا من الدراسة عن بعد. ففي المدرسة يكون التواصل مباشر و المشاركة كما تعودنا. كما أني كنت أواجه مشاكل الانترنت. هذا ما منعني من عرض قدراتي و التفاعل.
مع مرور هذا الوقت العصيب، تخرجت من المرحلة الثانوية. وبدأت في السعي الى حلمي كطبيبة أطفال. و ها أنا ذا متحدية كلّ الصعاب، و رغم المواقف الصعبة التي مرّرت بها من طامة كبرى الى جائحة عالمية. من كهف مليئ بالظلام، رأيت ذروةُ ضوءٍ أظهرت لي مصائب و بركات الدنيا و من يهتم بي. في خلال هذه الشهور الماضية، شوهدت العديد من القصص المحزنة. لقد حدّدت كورونا أفعالنا لكنها لن تكون أبداً سبباً في ضعفنا… الحياة معركة، وأنا كنت محاربة في ساحاتها و لازلت.
بقلم: مريم علي
"كنتُ جالسة في صالة بيتي البيضاء، مساحتها كبيرةٌ ومن خلالها أُطلق أفكاري وتأملاتي، و بعض أثاثها مستوحى من عصر النهضة. كم هو منظر جميل للعين وساحر للعقل. وفي غمرة هدوئِي وسكينتي فوجئت بالسعال القوي الذي ازداد وتفاقم حتى ساءت حالتي وبدأت أتقيأ."كانت اللحظة مؤشراً لبداية مرضي"… من هنا تبدأ حكايتي التي عايشها الكثيرون عبر العالم.
هرعت أبحث عن لا شيء، يمينا ويسارا، ذهابا وإيابا… مصدومة و في حالة من اليأس أنظر إلى المرأة فوجدت وجهي شاحباً وباهتاً، منقلباً لونه إلى أصفر. صرخت أمي" ليالي! ما بك يا ابنتي؟!" أجبتها بنبرة صوت كورقة شجر تهتز على وشك السقوط: " لا.. لا..أدري ما دهاني".اندفعت تجاهي وبكل قوتها الجسدية، رفعتني من "الكنبة"، الهلع والصراخ ملأ الصالة. نقلتني إلى المستشفى الأقرب إلى بيتنا، لم أعتقد أنها كانت مشكلة كبيرة. نفذت الممرضات من باب "قسم الحالات الطارئة". كل ما استطعت سماعه هو كلمات طبية. وعند لحظة نقلي من السيارة الى المستشفى، لمحت من طرف عيني أمي تَمِيل رأسها و كتفيها على عمود طويل، أما عيناها فأشبه ببحر هائج، أمواجه مضطربة تتصادم بكل بقسوة مع بعضها البعض. لم أرَ قطّ دمعة تنزل من عينيها، أردت أن أمسح هذه الدموع لكن قدرتي الجسديـّة لم تمهلني فرصة... رؤيتي مشوشة، ضباب ملأ عيني وغرقت في نوم عميق...
استيقظت على صوت صينية الممرضة "البلاستيكية" وهي تضعها على الطاولة وبها الوجبة اليومية. "استيقظي يا ليالي، حان وقت الطعام لأجل تناول الدواء". أجبتها: " ماذا! أيّ دواء؟" تدخلت أمي و أضافت "ما الذي تعانيه ابنتي؟". طلبت الممرضة من أمي الخروج للتحدث معها. من خلال النافذة الزجاجية لاحظت تعابير وجه أمي تتغيّر لتعكس صدمة و حزناً و حسرة. و بعد الفحوصات تم أخذ قرار نقلي بواسطة إحدى مشافي السعودية الى ولاية مينيسوتا التي تقع بالولايات المتحدة. هذه الولاية تحتوي على أفضل العيادات والمستشفيات. في آخر تحليل أجريته، اكتشفت أنّي مصابة بمرض يطلق عليه سرطان الرئة. وصل المرض إلى أدنى مراتبه، فبدأت أعراض المرض تبرز وتظهر خلال فترة زمنية مكونة من شهرين، انتشر فيروس قاتل يسمى بفيروس كورونا ( كوفيد- ١٩). هذا الفيروس المتحور سبب ضجة كبيرة، فأدى الى جائحة عالمية! يعتقد أنّ هذا الفيروس جاء من مدينة ووهان التي تقع في الصين. ولسوء حظي، هذا الفيروس اللعين، يستهدف الجهاز التنفسي، وكما ذكرت سابقا أنّي أعاني من سرطان الرئة! و بسبب سرعة نقلي الى الولايات المتحدة، لم أتمكن من التحدث الى أفراد عائلتي.أخذت هاتفي و اتصلت بجدتي "نور"، إني افتقدها بشدة. لم تخبرها أمي بالمرض الذي حلّ بي، لظروفها الصحية. خلال محادثتي عبر الانترنت مع جدتي، أوقفتني عن الكلام و بنبرة صوت قلقة قالت: "ما حلّ بعينك يا عزيزتي؟". "لا شيء، لم نلتقِ منذ فترة فتغيّر شكلي. لا تقلقي علي… أجبتها بنيرة خافتة".
ريشــة الإبــــداع
إلى من أعطت.. وأجزلت بعطائها.. إلى من سقت.. وروت حياتي علماً، وثقافة، ومبادئ وقيماً. إلى من ضحّت بوقتها وجهدها.. ونالت ثمار تعبها.. أدعو الله يا أمي أن لا تفارق عيني محيّاك، ولا تغيب شمسك عنّي ولا تتوارى ابتسامتك التي بها ولها أحيا.
يوسف البصري
أمي رائحة الياسمين
أمي شمعة تذوب لتنير دروب الآخرين، هي زهرة تذبل لتفوحَ برائحة الياسمين، هي العطاء الذي يفيض بلا حدود، هي رمز يجسّد الكفاح والخلود. أمي يا من علمتني أبجدية الحروف، ويا من علمتني الصّمود مهما تبدّلت الظّروف. أخط لك كلمات مدادها حبر دمي، كلمات ملؤها شكر وعرفان، كلمات تتردّد على كل لسان.
أتعلمين يا أمّاه، أتعلمين لمَ أحبك..؟ لأنك علمتني بأنه مع بزوغ كل فجر تتجدّد نسمات الأمل. لأنك علمتني بأن غاية الحياة ليست المعرفة بل العمل. لأنك علمتني بأنني خُلقت للنجاح لا للفشل. كيف لا أحبك وأنا كوكب صغير يدور في فلكك؟ كيف لا وأنا نجمة ساطعة في سمائك؟ كيف لا وأنا قطرة نديّة في بحارك؟ فإليك يا من أنرت دروب حياتي المظلمة، إليك يا شمس نهاري، إليك يا قمر ليلي، إليك يا نور عيني، إليك يا مهجة قلبي، إليك عهدي بأن أذكرَك مع كل نبضة من نبضات قلبي، إليك عهدي بان أذكرك مع كل دمعة تذرفها عيني، إليك عهدي بان أذكرك ما دام الدم يسري في شراييني.
ريشــة الإبــــداع
بقلم: الريم الزباري
متى يبتسم التلاقي
غُرّبْتُ وبالغتُ في اغترابي
أقصيتُ سِنيّ، وأشبعتُ عينيّ مرّ العذابِ
وخلف النّعيق تعلّقتُ بما تبقىّ
فهل كان حقاً لا بدّ من اغترابِ
الوجوه قناعٌ والأجسامُ محصنةٌ باللقاحِ
حصَدَت أرواحاً وقضت على أفراحِ
وتجاوزتْ كلَّ بقعةٍ
فأحدثت في النّفس غربةً
وزادت من جراحِ
فمتى نعودُ من غربتنا
ومتى يبتسم التّلاقي
ريشــة الإبــــداع
سرّ السعادة … أمي
حين ألقى يوماً عصيباً، تحضنني نفسٌ حنونة مليئة بالحنان، وعندما أصاب بالمرض المؤلم، تعتني بي يد الخير والمحبة. كلما أسقطَتْ عيناي دموع الحزن ألقت إلي لحناً تواسيني به، وكذلك العكس عندما يغمرني الفرح وينعش قلبي، أشعر بالفخر من روحٍ طيبة، في كل لحظة مهمة في حياتي أراها إلى جانبي ترشدني نحو الطريق الصحيح، وتعتني بي وتشعرني بأنّي أهم شخص في حياتها.
تعثّرت كثيرا في مستهل طريقي وكنت كلما سقطت أو تعثّرت تحملني وتحفّزني للقيام مجدّداً لتجربة أخرى، أحيانا أواجه صعوبة في تقبّل عيوبي، وأتضايق بسببها لأراها تقف إلى جانبي وتذكرني بقيمتي ومواهبي وإمكاناتي. تثق بي دوماً وهذه الثقة تعزّز طاقاتي. ابتسامتها تنير سمائي، وضحكتها كلحنٍ موسيقيٍّ في أذنيّ، حنانها ليس كمثله شيء.
وجودها بحياتي نعمةٌ من الله تعالى، هي النجمة التي يدور بها كون حياتي، وهي التي تحرص على العطاء وتوفير كل ما يريده أبناؤها دون مقابل، فهي لم تطلب يوماً ردّ الجميل أو مكافأة لقاء تعبها وسهرها... تضحي بكل ما لديها وتكتفي بابتسامة تنسيها ألمها وتعبها. إنها أجمل ما خلق الله في الكون، هي التي تضع أبناءها قبل نفسها، إنّها الأم، فإذا أردت أن تبحث عن سرّ السعادة فابحث بها عندها، فهي سر السعادة، وقلب المحبة،
"ربّنا لا تحرم أمهاتنا من رائحة الجنة، فهنّ لم يحرمننا شيئاً من الدنيا".
بقلم: عائشة الرويعي
ريشــة الإبــــداع
إنّ دموع المغترب حارة لا موعد لها، فلا تطرق الباب ولا تستأذن قبل انهمارها. إنها سلوته عند حزنه وفرحه لترقص على خدٍ كاد يجفّ ويذبل من طول الفراق. ما أجمل الابتسامة بعد العودة من الطريق الطويل ليرجع ذلك الجسم التائه المغترب فيقابل روحه، وهنا يفتخر وطنه بإنجازه العظيم الذي حُقِق في تلك البلدة. ما أجمل لقاء الأصدقاء في موطنهم بعد غربة طويلة! سعوا فيها للعلم وللمعرفة في سبيل رفع شأن أوطانهم. تلك اللحظة تُرسم لحظاتها و أحداثها في لوحةِ ربيع العمر، لتبقى ذكرى تفرح القلوب ووسيلة لاستعادة الذكريات.
تغرّد البلابل وتزقزق العصافير
نورت الدار بقدومكم يا فخر البلاد !
بريشة: دانيا قمبر
قسوة دموع الغربة
آه يا دموع الغربة! لمَ أنتِ قاسية إلى هذا الحد على إخواننا المغتربين؟ إنك أقسى من الدّموع نفسها! أنتِ تقسين عليهم بذكريات الجلسات العائلية والأصدقاء!
ماذا نقصد بالغربة هنا؟ هل هي غربة الرّوح أو غربة الجسد، أم كليهما معا؟ إنّها الغربة التي أطلقت العنان لدموع العين لوعة على فراق الوطن والأحبّة. إنها الدّموع التي ترافق المغترب منذ بداية وقوفه عند حدود وطنه، لكنّها لن تُطفئ ذلك الحزن الكبير داخل تلك القلوب القوية التي أتت بشغف لتكملة دراستها العليا، ولكنّ الدّموع لا تملك قلباً ولا روحا لتقسو! فكيف لها أن تكون بهذه القسوة؟ هنا نستشهد بإجابة أحد زملائنا المغتربين بأنها تتولّد من الحالات النفسية التي يمرون بها،كما أنها تُعتبر الوسيلة الوحيدة التي يُعبّر بها الإنسان عن وحدته وحزنه لابتعاده عن أحبابه.
فالجسم في غربة والروح في وطن
فيُعجب الناس منهم أنّ لهم أبدانٌ !
أبدانٌ لا روح فيها وروحٌ بلا أبدانٍ
ريشــة الإبــــداع
من أنا؟؟
من أنتَ؟ من أنتِ؟ من أنا؟ كل واحد منا لديه قصة يحكيها وأحداث يرويها ويسردها عن نفسه. فمن أنا؟ سؤال متنوع الاجوبة، سأحاول أن أجيب عليه لتعرفوا من أنا..
لنُحرّك عقارب الساعة للوراء، ليوم ١٧ مارس سنة ٢٠٠٥ ولدت في مستشفى السلمانية الطبي، وبقيت في قسم المواليد الخدّج لمدة ثلاثة أشهر. بالحديث عن الأطفال الخدّج، هم الأطفال الذين يولدون قبل الموعد المتوقع للولادة. بالعادة يعانون من مشاكل طبية وصحية معقدة تستلزم عناية خاصة. وهذا ماكانت تخبرني به أمي عند سؤالي لها عن سبب وجود الندبة الموجودة قريبة من قلبي والندبة الموجودة في يدي اليسرى. وبعد تعمّقي وسؤالاتي ومعرفتي آثرتُ أن أطلق على هؤلاء المواليد الأطفال الأبطال بدلا من الخدّج.
ترعرعت وكبرت في عائلتي الممتدة. كنت فرحةَ العائلة، فأنا الحفيدة الأولى. لديّ أخوان عبدالله ومحمد. درست مرحلة الروضة في مدرسة عبدالرحمن كانو غير أنني التحقت بمدرسة ابن خلدون منذ دراستي في الصف الأول وحتى الآن.
وأنا في الخامسة عشرة من عمري، بدأت مشروعي الخاص "لاينز" أو بالعربية "خطوط"، فالرّسم من هواياتي، وخلال هذه الهواية عبرت عن مشاعري المختلفة والمختلطة. تعلّقت بهذه الطريقة بعد دراسة الفن لاسيما عندما درست الخطوط وأبعادها ومعانيها.
هذه الرسومات يتم طباعتها على الأكواب، القمصان، وغير ذلك! من أهداف المشروع هو إبراز حب و تقدير الذات، فهو مهم في المرحلة الانتقالية في سن المراهقة، فعصرُنا مليء بالمقارنة وعدم الشعور بالرّضى الذاتي. لذلك شعاري هو " تقدير الذات، حب النفس و(كن أنت)".
بقلم: مريم علي
ريشــة الإبــــداع
حياتي في جائحة كوفيد ١٩
كان هذا اليوم آخر يوم أنظر فيه إلى الشّمس، في نهاية عام ٢٠١٩. كنت مع أصدقائي في الخارج تناول الطعام ونحتفل بالعام الجديد. كان تقريبًا مثل أي يوم آخر، و عندما اقترب منتصف الليل، احتفلنا بالعام الجديد ٢٠٢٠ حيث عمّ الفرح والسرور بيننا. بعد احتفالنا بساعات لاحظنا شيئاً غريباً. وجدنا دوريات الشرطة قادمة من كل مكان، وكنت مع أصدقائي الأربعة مرتبكين ننظر إلى وجوه بعضنا باستغراب… و فجأة جاء خبر مخيف على كلّ الشاشات في المطاعم وسمعنا نفس الخبر في جوالاتنا، تمّ اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا!
لم نكن نعلم أن هذا اليوم سينتهي هكذا، خرجت أنا وأصدقائي من المطعم وعلى وجوهنا يرتسم الخوف من المستقبل. كنّا قد سمعنا عن خطورة هذا الفيروس، وأنه بدأ في مدينة ووهان الصينيّة، وأنّه أودى بحياة الآلاف حول العالم لكننا لم نتوقّع أبداً أن يصل لمملكتنا الغالية. كان هذا الوباء ينتشر بسرعة فائقة. ذهبنا الى بيتنا محبطين وخائفين ولم تكن بداية مفرحة لنا في السّنة الجديدة.
في اليوم التالي أعلنت البحرين أنها ستعمد إلى الإغلاق الوطني الشامل للتصدي لهذا الوباء المخيف. فقد أغلقت الحكومة الرشيدة كل المدارس و أماكن التجمّعات العامة مثل المجمعات، والمسابح، والمطاعم والمقاهي. كنت أشعر بالقلق والذّعر، فقد تغيّرت حياتي ولم تعد كما كانت في السّابق… تغيرت تماما….
لم أكن أريد أن أضيع سنة أخرى من حياتي. كنت أريد أن أُحدث فرقاً في حياتي. لقد اتخذت قراراً بأن أغيّر مجرى حياتي إلى الأفضل، فأنا سئمت العيش دون هدف أسعى إليه. مارست هوايات عديدة كالسباحة و لعب كرة السلة، وتحسّنت جداً في هاتين الرياضتين فشعرت بالفخر والراحة النفسية، كما انتهزت فرصة الإغلاق لمساعدة الناس المحتاجين من مساعدة مادية إلى مساعدات معنوية، وهذا العمل أشعرني بالسعادة فما أعظم أن يقوم المرء بخير يرضي به ربّه ونفسه.
كان فيروس كورونا تجربة صعبة مررْت بها، لكن في كل مرة كنت أفكر فيها بالاستسلام، أذكّر نفسي أن كل هذا سينتهي عاجلا أم آجلا. ولكن وعلى الجانب الآخر، إن كان هناك شيء تعلمته من هذا الوباء فهو أنه ينبغي علينا كلنا قضاء وقت أكثر مع أحبائنا قبل مغادرتهم لأن الحياة قاسية وسنخسر الكثير فيها و الموت ليس له مفرّ، فالأعمار بيد الله سبحانه وحده…
بيتر عاطف
ريشــة الإبــــداع
مرت الأيام والشهور على هذا الحال، وبعد فترة من الزّمن علمت أمي بأنني لم أعد أذهب إلى المدرسة. غضبت وحزنت ولكن كانت تعلم بأنه لا يوجد بديل آخر. خلال عملي في المطعم تمكّنت من اكتساب خبرة، وبسبب ظروفنا كنت أعلم بأنه يجب علي ألا أتوقف ولا أشتكي من التعب والإرهاق في سبيل رؤية أخي وأختي سعيديْن. تمكنت من الحصول على مدخول يكفي لدفع مصاريف المدرسة واحتياجات أخوتي. سعيت جاهداً قدر المستطاع لملء الفراغ الذي تركه أبي، ففعلت ما أستطيع لكي لا أنسى أن أجلب الهدايا والكعك لأخواتي في أعياد ميلادهم. كرست ليلي ونهاري في العمل في سبيل مساعدة أمي، وجاء ذلك مقابل أن أضحي بتعليمي، كنت متيقناً بأن أبي ينظر إلي من السّماء بكل فخر. وذات يوم أوقفتني أمي وقالت لقد ضحّيت بسعادتك من أجل سعادتنا، وقالت لي أختي الكبيرة: لقد ضحيت بدراستك من أجل أن أكمل دراستي، وقال لي أخي الصغير: أنت أبي بعد أبي.
لقد تعلمت كيف أتحلّى بالصبر، وتعلّمت أن أضحّي بالأشياء المحببة لي في سبيل مساعدة من أحب، فسعادتي تكمن في سعادتهم. لكم كنت أتمنّى حقا أن يكون والدي هنا ليرى ما فعلته وكيف هو حالنا جميعا الآن. نحن نفتقدك أبي.
بقلم: ليان حسن
تضحية الأخ
كان والدي هو الأب الأفضل والأكثر كرمًا، أنا وأخوتي كنا متيقنين بأنه عندما نطلب من أبي أي شيء فسوف يفعل المستحيل لكي يلبي طلباتنا. لكن بعد وفاته ، بصفتي المولود الأول كان علي أن أحاول أن آخذ مكانه ، لكن الأمر لم يكن سهلاً لأننا كنا قريبين جدًا من والدي. عندما توفي أبي، أصبح النوم صعباً والضحك شبه مستحيل،وأصبحت الحياة شاقة، فكان عليّ التعامل مع أمور لم أكن معتاداً عليها. كان أبي قريباً منّي ومن وأخواتي، جمعتنا علاقة صداقة وأخوة معه، اعتدت أن أخبره بكل شيء، وكان يفعل المستحيل لمساعدتنا على تحقيق أحلامنا. ولكن يجب عليّ الآن أن أفعل كل شيء بمفردي ويجب عليّ كذلك أن أساند أمي وإخوتي كما فعل أبي.
استيقظت في صباح اليوم التالي وأنا أشعر بالتعب الشديد لكنني لم أستطع إظهار ذلك لأمي، توجّب عليّ أن أكون قوياً، وهذا ما كان والدي يريدني أن أفعله. أيقظت أختي وأخي لأصطحبهما إلى المدرسة. على أمل أن ينسيا ما حدث. عندما دخلنا المدرسة، أعطاني المدير رسالة فيها مصاريف مدرسة أخي التي لم يتم دفعها بعد. عندما رأيت الفاتورة علمت بأنه لن يكون في استطاعة والدتي بأن تسدّد المبلغ المطلوب ولن يتمكن كل من أخي وأختي من الاستمرار في الدّراسة إلا إذا قمت أنا بترك الدراسة وسعيت للحصول على عمل ما. فذهبت إلى أحد جيراننا المقربين وطلبت منه أن يسمح لي بالعمل في المطعم الذي يملكه، تفهم جارنا أهمية وضرورة تركي للدراسة وتركيزي في العمل لكي أساعد أمي في توفير الحياة الأفضل لأخوتي.
ريشــة الإبــــداع
إنّ طريقة أو أسلوب تصرّفك والتعابير على ترتسم على وجهك أثناء الكلام قد تؤثر على طريقة فهم الطرف الآخر للكلام، فإن كنت مرتبكًا أثناء الكلام قد يفهم الطرف الآخر أنك لا تعرف الموضوع وهذا سيؤدي إلى عدم اكتراثه لكلامك، وإن كنت متحمساً لموضوع معيّن فإنّ حماسك سينتقل للطرف الآخر بشكل تلقائي، وإن كنت غاضبًا فسوف يُفهم أنك منزعج وهكذا، وأحيانًا تكون نبرة صوتك وطريقة لفظك للكلام موحية فتصل رسالتك ويفهم مرادك.
أخيرا نجد أن هناك طريقتين رئيسيتين للتواصل مع الناس، وهما التواصل وجهًا لوجه أو التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واللغة الجسدية وتعابير الوجه يؤثران على طريقة فهم الطرف الآخر للكلام، فإن طريقة قولك لكلمةٍ قد يفهم معناها وفقاً لتعابير وجهك وانفعالاتك، فيجب دائمًا أن تقول الكلمة بالطريقة التي تريد للمستمع أن يفهمها بها، وإلا سيفهم الموضوع بشكلٍ خاطئ وهذا قد يؤدي إلى خلاف.
بقلم: أحمد شاهين
أهمية التّواصل في الحياة
التواصل بين الناس وبناء العلاقات والانفتاح على الغير من متطلّبات الحياة، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه وهو بحاجة للتواصل مع غيره وتبادل الأفكار والآراء. وللتّواصل أوجه متعدّدة منها التواصل وجهًا لوجه، أو التواصل عن بعد باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتواصلك مع غيرك قد يكون عبر الكلام أو عبر تصرفاتك وانفعالاتك،فُأساليب التّكلّم أو التصرّف قد ينعكس إيجابا أو سلبا على فهم المراد من الكلام.
هناك عدة طرق للتواصل في الحياة، فأنت تتواصل مع الناس طوال الوقت أولها هو التواصل وجهًا لوجه وهو أكثر أنواع التواصل شيوعاً حيث يستخدمه الناس في حياتهم اليومية، والتواصل وجهًا لوجه هو أسهل أنواع التواصل لأنه يمكّن الإنسان أن يفهم لغة غيره الجسدية، أمّا النوع الآخر فهو التواصل عن بعد باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أكثر أنواع التواصل استخداماً في جائحة كورونا، فأصبح بعض الناس في هذه الجائحة يقضون أياماً عديدة دون التحدّث إلى شخص وجهًا لوجه لأنهم في الحجر الصحي، أو لأنهم ملتزمون بشروط التباعد الاجتماعي، والتواصل عبر وسائل التواصل قد يكون مشابهًا للتواصل وجهًا لوجه حيث يمكّن الناس من استخدام المكالمات المرئية لرؤية أصدقائهم أوأقاربهم، ولكن هذه المكالمة قد تنقطع بسبب خلل في الإنترنت، وتعتبر الرسائل النّصيّة من أكثر الطرق استخداماً على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الرسائل قد تكون صعبة للتواصل حيث يمكن للقارئ أن يقرأ رسالتك ويفهمها بطريقة خاطئة، ولذلك فإنّ رؤية الوجوه وتعابيرها من مميزات التواصل وجها لوجه.
ريشــة الإبــــداع
القوانين لا يمكن لأي جماعة من العيش في سلام. ومن خلال بحثي أكثر عن اللجوء والصّعوبات التي واجهها هؤلاء من صعوبة توفير الغذاء المناسب أو توفير العلاج المناسب لاسيما التّعليم الذي بات صعب المنال وفي ظل جائحة كورونا كيف بات الحجر الصحي بالنسبة لهم كالجحيم مما زاد صعوبة الحياة عليهم.
ما يزيد الحزن في قلبي هي معرفة أحلامهم التي أصبح الجزء الكبير منها الرغبة في العيش أولاً، فمنهم من لاقى حتفه في سبيل الخروج من بلده سواء أكان غرقاً أو من قبل المتطرفين الذين لم يرحموا كبيرهم ولم يعطفوا على صغيرهم، أين حقوقهم ؟ ومن يرحم ضعفهم؟ من يوفر لهم العلاج والمسكن والتعليم؟ أليسوا بشراً مثلنا؟ أليس من حقهم أن ينعموا ببلد آمن؟ ألم تفرض جمعية الأمم المتحدة إتفاقية خاصة بوضع اللاجئين في 22 نيسان/أبريل 1954م، وفقا لأحكام المادة 43 والتي أكدت بموجبها تمتع جميع البشر دونما تمييز بالحقوق والحريات الأساسية.
أما آن الاوان لننظر جميعنا من مواطنين ودول ومؤسسات ومنظمات عالمية لوضع اللاجئين والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية، والحرص على أن ينالوا أبسط الحقوق هي حق الحياة الكريمة.
في نهاية رسالتي أود أن أقول يا سيدي المفوض ماذا لو كنت أنت أو أحد أطفالك في مكان هؤلاء؟ لنستمع لصوت الضمير الحي ولنعرف أن لكل يوم حساب ولكل عمل جزاء، وإني لعلى ثقة أنك الرجل المناسب ولديك القدرة على عمل الكثير…
شكري وعرفاني لوقتكم الثمين واهتمامكم الكبير
بقلم: ليان حسن
رسالة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
سويسرا - جنيف
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين - سويسرا - جنيف
٤ يناير ٢٠٢١
لفت نظر
إلى السيد المحترم/ رئيس مفوضية اللاجئين.
تحية طيبة وبعد
سيدي، هذه المنظمة أنشئت لحماية اللاجئين، وللحفاظ على حقوقهم، وتوفير كل ما يحتاجون إليه في كل بلدان العالم من سكن وغذاء ودواء ورعاية شاملة، ونعتقد أن دوركم هذا ليس دوراً شرفياً وإنما هو مسؤولية كبيرة تحاسبون عليها أمام أنفسكم وضمائركم وأمام الله سبحانه وتعالى.
قد أبلغ من العمر أربعة عشر عاماً فقط، وقد أجهل السّياسات العالمية وعلامَ ترتكز المصالح الدولية، وقد أتجاهل في فوضى حياتي واهتماماتي التي قد لا تتعدى تحصيلي الدراسي، وممارسة هواياتي والحفاظ على نشاطي البدني والصحي ما يدور حولي من أخبار العالم، لكنّ هذا كله لا يمكنه أن يصرف انتباهي عمّا يحصل لمن هم في مثل عمري من المحرومين والمعذبين في ظلّ ظروف فرضت عليهم دون إرادتهم، حيث جردتهم هذه الظروف من بيوتهم التي هي مصدر الأمن والأمان، والكثير منهم فقد أباً أو فقد أماً أو أخاً أو أختاً، نعم إني أتحدث عن أخوتنا في سوريا الحبيبة... البلد الذي ما يزال يلعق جراحه محاولاً أن يلملمَ ما تشتت من أجزائه.
لم أكن أدرك يوماً أن هناك بشر يعيشون في مخيمات وفي وضع يعد هو الأصعب من نوعه حتى شدني خبر على أحد مواقع الإنترنت عن نزاع دار بين مواطن في إحدى البلاد التي تستضيف اللاجئين السوريين وبين لاجىء سوري أسفر عن قيام الأول بإشعال النيران في ذلك المخيم معرضاً حياة الكثيرين للخطر بسبب خطأ فردي، دفعني الخبر للبحث والاطلاع عن السبب الرئيسي لوجود هذه المخيمات في المقام الأول، وقد آلمني السّبب كثيراً، كيف أن المواطن هو من يدفع ثمن المصالح الدولية والسّياسية للبلدان وكيف أنّ الحروب هي السبب الرئيسي لنزوح العديد من البشر، واضطرارهم للهجرة تاركين أوطانهم وعوائلهم أملاً في الحصول على الأمن والمسكن، ووجدت أن من الملفت للاحترام والتقدير قيام بعض البلدان بتخصيص العديد من المخيمات لإيواء عدد كبير من النازحين، وبدون
ريشــة الإبــــداع
كان الشعورغريباً، فلم نعتد على هذا الأمر، ولم نتصور بأن نمر يوماً من الأيام بهذه الظروف. أدركني الملل الشديد فأحسست أنني مسجون، وكأني طائر محروم من الطيران. لكن بتعاون الجميع والمثابرة نجح الأمر، بدأنا الدراسة عن بعد عبر الأثير، ومن ثم تواصلت مع أصدقائي عبر الاتصال المرئي، وقمنا بعمل مجموعات عبر منصات الألعاب للعب بشكل جماعي... نعم بدأت الاعتياد على هذا الأمر قليلاً وهذا ما هوّن عليّ بعض الشيء. في هذه الأوقات الحرجة تزداد علاقة المرء بربه، هنا بدأت التفكير قليلا بقوله تعالى ((إنّ مع العسر يسراً)). فعلاً إن هذه الجائحة أمر عسير جداً، إلا أنّ رحمة الله دائما أشمل. فلو نظرنا قليلاً وتساءلنا عمّ سنستفيده من هذه الأوضاع لوجدنا أنه من ناحية الدراسة أصبح الاعتماد على جدية الطالب أكثر، فلو كان مجتهداً سوف يلتزم بالدراسة، ويبذل المجهود لنيل الدرجات، أما إذا كان كسولاً فلن يجدي الأمر معه نفعاً. ومن ناحية أخرى فإنّنا تعلّمنا درساً مهماً وهو أن المظاهر خادعة فالسلاح الحقيقي هو العلم والاجتهاد، وهذا ما تجلّى في هذه الظروف فالجندي الأول هو العلم، والاستثمار في التعليم هو أفضل وسيلة لحماية المجتمع، وهذا ما أثبتته هذه الجائحة حيث أنّ البشرية أصبحت في حرب ضدّ هذا الوباء، والجنود هم العلماء الذين يجدّون ويجتهدون لإيجاد اللقاح أو الدواء. والجنود هم الأطباء والممرضين الذي تحملوا على عواتقهم إنقاذ الأرواح، ولكي لا تذهب هذه الجهود سدى يجب علينا أن نبقى ملتزمين بالتباعد، فقد أصبح لدينا أوقات إضافية علينا استغلالها في التعلّم والتعليم.
في هذه الجائحة هربنا من العالم الواقعي، ودخلنا العالم الافتراضي، فضاع الوقت وأعيننا ملتصقة بشاشات الحاسوب، فهل سيكون الحاسوب والاتصال المرئي عبر الأثير بديلاً عن الاجتماع الواقعي؟
عبدالله آل خليفة
عصر كورونا فرصة للتعلّم
لطالما أحببّت القراءة وممارسة ألعاب الفيديو، ومشاهدة الأفلام. ولعلّ هذه الهوايات هي العامل الرّئيسي الذي صبّرني في هذه المصيبة العالمية، فأنا لم أخرج أو أخالط أحداً طوال السّنة الماضية، وكنت ملتزماً بالإرشادات الاحترازية منذ الإعلان عنها إلى يومنا هذا. لم أرَ أصدقائي أو أقاربي لمدة عام تقريباً. كان هذا الأمر صعباً، كم أشعر بالملل والشوق لهم ومصافحتهم واحتضانهم والتحدّث معهم والجلوس معهم. فأنا الآن لا أجتمع مع أفراد عائلتي في منزل جدي كعادتنا الأسبوعية، ولم ألتقِ أصحابي في المدرسة ولم ألتقِ بالمدرسين كذلك، يا لها من أيام صعبة! أعود بذاكرتي لتلك الأيام قبل هذا الوباء… كم كنا فرحين، نجلس ونتسامر ونضحك مع بعضنا البعض. أعود بذاكرتي للتواصل بين الأقارب وبين الأصدقاء في المدرسة وخارجها. أما الآن فنحن نسأل الله تعالى الرحمة واللطف بنا.
ما أسعد تلك الأيام! عندما كنّا نذهب إلى المدرسة، فنلتقي أصدقاءنا وزملاءنا خلال الفسحة ونتناول البيتزا ونتبادل الأحاديث. لم نكن نعلم بقيمة هذه اللحظات إلى أن داهمتنا الصدمة الكبرى، عندما غزت هذه الجائحة العالم بأكمله. ما زلت أتذكر عندما نفذت الكمامات والمعقّمات والقفّازات من الأسواق، وعندما أعلن عن الإغلاق التام وتتمّة التعليم عن بعد عبر الإنترنت، وفرض لبس الكمامة والالتزام بالتباعد الاجتماعي.
ريشــة الإبــــداع
شكراً مدرستي
وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال:
أنا المدرسة اجعلني كأمِّ ، لا تملْ عنِّي
ولا تفْزَعْ كمأخوذٍ من البيتِ إلى السِّجنِ
كأني وجهُ صيَّادٍ وأَنت الطيرُ في الغصنِ
أنا المصباحُ للفكرِ أنا المفتاحُ للذَّهنِ
أنا البابُ إلى المجدِ تعالَ ادخلْ على اليمنِ
غداً تَرْتَعُ في حَوْشِي ولا تشبعُ من صحنيِ
وأَلقاكَ بإخوانٍ يُدانونَكَ في السِّنِّ
تناديهمْ بيا فكري ويا شوقي ، ويا حسني
وآباءٍ أحبُّوكَ وما أَنت لهم بابنِ
شكرا مدرستي، شكراً مدرسة ابن خلدون الوطنية
بقلم: يوسف البصري
تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة، لا يخفتُ بريقُها عنّا لحظة واحدة. نترقب إضاءتها بقلوب ولهى، ونسعدُ بلمعانها في سمائنا كل ساعة. استحقّت وبكل فخر أن يُرفعَ اسمها في عالياً.. أعطَرُ التحيّة، وأطيب المنى، وكلّ الاحترام لكِ أنتِ، أنتِ الغالية، من قدّمتِ ليَ الدنيا بألوان الخير والفرح، ومنحْتِني الثقة والإرادة، تعلّمتُ منكِ الكثير. أكرمني الله بأن أكون في حضنكِ وتحت ظلّكِ منذ نعومة أظافري، فاستقبلت طفولتي بيديكِ تغرسين فيها أجمل ثمرات الذكريات.. تفتحين لي أبوابك كلّ صباح لأبدأ يومي بنسمات الأمل ورؤى الأحباب.. أنتِ العطاء بلا حدود.. يا من روّيتِ حياتي علماً وثقافة ومبادئ.. وها أنذا أقف أمامكِ اليوم خجِلا. مَدين لك بما وصلت إليه، ومقيّد بدموع الشوق إليكِ.. زرعت في النفس أحلى الخصال، وحصدتِ محبةً لا حدود لها ولا نهاية، وطالما بقي الدم يسري في شرايني سأظل أحمل هذه المحبة يوما بعد يوم.. فإنّ كلمات الشّكر تقف حائرةً في وصف ما أحمله داخلي إليك.
تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة، لا يخفتُ بريقُها عنّا لحظة واحدة. نترقب إضاءتها بقلوب ولهى، ونسعدُ بلمعانها في سمائنا كل ساعة. استحقّت وبكل فخر أن يُرفعَ اسمها في عالياً.. أعطَرُ التحيّة، وأطيب المنى، وكلّ الاحترام لكِ أنتِ، أنتِ الغالية، من قدّمتِ ليَ الدنيا بألوان الخير والفرح، ومنحتني الثقة والإرادة، تعلّمتُ منكِ الكثير. أكرمني الله بأن أكون في حضنكِ وتحت ظلّكِ منذ نعومة أظافري، فاستقبلت طفولتي بيديكِ تغرسين فيها أجمل ثمرات الذكريات.. تفتحين لي أبوابك كلّ صباح لأبدأ يومي بنسمات الأمل ورؤى الأحباب.. أنتِ العطاء بلا حدود.. يا من روّيتِ حياتي علماً وثقافة ومبادئ.. وها أنذا أقف أمامكِ اليوم خجِلا. مدين لك بما وصلت إليه، ومسجون بقيود الشوق إليكِ.. زرعت في النفس أحلى الخصال، وحصدتِ محبةً لا حدود لها ولا نهاية، وطالما بقي الدم يسري في شرايني سأظل أحمل هذه المحبة يوما بعد يوم.. فإنّ كلمات الشّكر تقف حائرةً في وصف ما أحمله داخلي إليك.
فيا مدرستي إن جفّ حبري عن التّعبير، فليكتب لكِ قلبٌ به صفاء الحبّ تعبيراً..
ريشــة الإبــــداع
في إحدى الليالي، وأنا أمام الشاشة الإلكترونية كما أنا أمامها نهار كل يوم، تذكّرت أحد المعلمين الكرام قبل عامين من الآن حين وقف أمام السبورة الإلكترونية في الصّف وأظهر لنا عبارة مكتوبة (نعمتان مفقودتان: الصحة والأمان) وطلب من الجميع إبداء الرأي وتفسير المعنى المراد، فظهرت حينها تفسيرات مختلفة بحسب اختلاف وجهات النظر، أما اليوم ومع هذا الوباء أعتقد أن الجميع يوافق على نعمة الصحة بالدرجة الأولى قبل المال لينتشر الأمن والأمان ويأتي المال بعد ذلك.
الأيام تمضي ونحن نتعلم خلف الشاشات. إنّها التقنية الحديثة رغم الأزمات. فيا ترى إلى متى سيبقى الحال هكذا؟ كل خوفي وحزني ألا نتمكن من العودة مجددا للجلوس خلف مقاعد الدراسة، أو التنقل بين الصفوف في أروقة مدرستي العزيزة، إلى متى ستبقى الدروس عبر المنصات الالكترونية؟ أعتقد أنه من الصعب أن يحل التعليم الالكتروني محل التعليم الواقعي، فلا شيء يعوضنا عن تلك الحياة الاجتماعية الجميلة التي عشناها مع الأصدقاء والمعلمين وكل من كان معنا في مجتمع المدرسة.
دعائي في كل حين أن يزيل الله هذا الوباء الفتاك عن العالم كله، لننعم مجدّدا بأجمل الأيام و نسترد حياتنا الطبيعية التي نتمناها ونصلي من أجلها كل يوم.
بقلم:شهد عمّار
الغزو الكوروني
سنة ٌدراسيةٌ جديدة ٌسعيدة بدأت، فرحتُ أنا وصديقاتي جميعا بقدومها، ضحكنا مع بعضنا البعض لساعاتٍ وساعاتٍ طويلة مسترجعين ذكرياتنا الجميلة في ربوع مدرستنا الحبيبة، كنا متحمسين لقضاء المزيد من الوقت معًا، وخلق المزيد من الذكريات في هذه السنة ايضًا، لكن لم يشأ القدر ذلك، فلم نكن نتوقع أو حتى نتخيّل ما سيحدث، إصدار تعميم بالدراسة عن بعد وتطبيق التعليم الإلكتروني!! كانت صدمة قوية بالنسبة لي، فقد عشت حياة مدرسية طبيعية لسنوات طويلة. كنت أستيقظ مبكرًا وأذهب إلى المدرسة كل يوم، ثم أخرج في الوقت المتاح من اليوم مع من أريد من الأصدقاء، والآن ومع هذا الوباء (كورونا) هل أستطيع فعل كل ذلك؟ كيف يمكنني الخروج من المنزل مع أحبتي؟ متى وأين سألتقي بهم؟؟؟ لقد انتشر عدو غير مرئي في مجتمعنا الإنساني ولربما على كوكب الأرض كله! العدو القاتل سلّط علينا أنيابه وفرض على العالم نفسه بلا رحمة أو شفقة، بل وبسرعة مرعبة كما لو أنّه النار في الهشيم تذرفه الرياح من كل جانب، ويوما بعد يوم يزداد السباق والصراع مع عدد المصابين والوفيات !!
يا إلهي ماذا سنفعل الآن؟؟!! كيف سنستعدّ لمواجهته؟؟ هذه الأسئلة وغيرها أخذت تراودني وتقلقني وتربكني كثيرا.
بلا شك تغير نمط حياتي الدراسي والاجتماعي تبعا لذلك، فبعد أن كان اللقاء في ربوع المدرسة وأحضان الصفوف تحوّلت غرفتي إلى صفٍ شخصي دائم وجدارياتها أصبحت أركان الصفوف، لكن أين هذه من تلك؟ يا لسخرية القدر! فقد كان صفنا يعجُّ بالأركان وكل ركن يقول لدي المزيد مما تشتهون من أوراق الأنشطة وإبداعات زملائي وزميلاتي واظهار شتّى مواهبهم. أين كل ذلك من جدران غرفتي الجميلة أيضا لكن بما عليها من صور لأفراد عائلتي، وغرفتي بما فيها من ألعاب و مساحيق التجميل وباقي الديكورات المشتتة للتركيز والتي كلما نظرت إليها أذهب بخيالي إلى عالم الديزني الطفولي الجميل، وأعيش ذكريات كل عام فات علي قبل جائحة الكورونا الشرسة.
وقع الفأس في الرأس فعلا ! لا خروج من المنزل إلا للضرورة، لا خروج من المنزل إلا بلبس الكمامة، وأخذ المعقمات، لا تحيات بين الناس إلا من بعيد، و كذا ألف لا ولا إلا ما رحم ربي من شروط واحتياطات احترازية بعضها مقبولة وسهلة، والأخرى مفروضة وصعبة كالفحص اليومي أو كلما استدعت الحاجة إليه بسبب الشعور بعدم الأمان من الغزو الكوروني الغاشم.
ريشــة الإبــــداع
فغضب هشام بن عبدالملك وقال: «ألا قلت فينا مثلها؟» فرد عليه الفرزدق: «هات جدا كجدّه وأباً كأبيه وأمّاً كأمه حتى أقول فيكم مثلها» فحبسوه بعسفان، وهي منطقة بين مكة والمدينة.
فأنشد الفرزدق في سجنه وقال:
أيحبِسنـي بين المدينـة والتي
إليها قلوبُ الناس يهوي مَنيبُها
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد
وعينـا لـه حولاء بـادٍ عيوبـها
فأخبر هشام بن عبد الملك بقوله هذا، عن هذا، فأمر بإطلاق سراحه، وفي رواية أبي بكر العلاف أنه أخرجه إلى البصرة.
توفي الفرزدق عام 110 هـ/732 م وكان عمره 91 عاماً في البصرة. رحمة الله على الفرزدق.
بقلم: عبدالله آل خليفة
"لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية"
هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، كنيته أبو فراس وسمي بالفرزدق بسبب ضخامة وجهه ومعنى الفرذدق الرغيف ومفرده فرزدقة. وقد اشتهر الفرذدق بشعر المدح والفخر والهجاء.
ولد هذا الشاعر الأموي عام 38 هـ وكان من نبلاء وسادة قومه. وكانت قبيلته (تميم) من أشهر القبائل العربية. عرف الفرزدق بالهجاء فكان شاعراً هجّاءً، واشتهر مع الشاعر جرير في النقائض التي جمعت بينهما والتي اعتبرت من أنفس القصائد الشعرية في العصر الأموي، حيث تبادلا الهجاء لنصف قرن حتى توفي الفرزدق. وذكر البعض أن جريراً بكى عليه ومدحه بعد وفاته. وذكر البعض أن صداقة قوية كانت تجمع بين الفرزدق وجرير رغم الحرب الهجائية التي كانت دائرة بينهما.
ومن أبيات الفرذدق قوله:
أنا ابنُ العاصِمينَ بنى تميـمٍ إذا ما أعْظَمَ الحدَثانِ نــــابَا
فإنَّك مِنْ هِجاءِ بنى نُمَيـــــْرٍ كأهلِ النارِ إِذْ وجَدُوا الَعذابَا
رَجَوْا مِنْ حَرَّها أنْ يَستَريحُـوا وقَدْ كانَ الصَّدِيدُ لَهُم شَرَابَـا
فإنْ تَـكُ عَـامِرُ أثرْتْ وطَابَـــتْ فما أثْرَى أبـوكَ ومـا أطـــابَا
ولَـم تَـرِثِ الـفوارسَ مِنْ نُمَيــرٍ ولا كَعْبـاً وَرِثْـتَ ولا كِـــــلابَـا
ويذكر أنّ جريراً قال يوماً: «ما من بيتٍ قاله الفرزدق في، إلا قالبته عليه إلا قوله:
لَيسَ الكِـرامُ بِنـاحِليـكَ أَبـاهُــمُ حَتّـى تُــرَدُّ إِلـى عَطِيَّـةَ تُعتَـلُ
وَزَعَمتَ أَنَّكَ قَد رَضيتَ بِما بَنى فَاِصبِر فَما لَكَ عَن أَبيكَ مُحَوَّلُ
ومن مواقف الفرزدق الشهيرة موقفه مع هشام بن عبدالملك قبل أن يلي الخلافة، فأراد أن يستلم الحجر الأسود لكنّه لم يصل إليه من كثرة زحام الناس، فنُصـب له منبر فجلس علیه وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ رأى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يطوف بالبيت، فلما بلغ الحجر الأسود تنحّى الناس كلّهم وأخلَوا له الحجر ليستلمَه، هيبة وإجلالا له، فسأل شاميّ: «من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة يا أمير المؤمنين؟!» فنكره هشام وقال: «لاَ أعرِفُه، لئلاّ يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه.» وكان الفرزدق حاضراً فقال: «لكنّي أعرفه» فسأل الشامي: «مَن هو يا أبا فراس؟!» فبدأ الفرزدق في قصيدته الشهيرة:
هذا الذي تعوِف البطحاء وطأته والبيت يعرفهُ والحلُّ والحرمُ
هذا ابـن خيـر عبـاد اللـه كلّهِـم هذا التّقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
هذا ابن فاطمـة إن كنت جاهلَـهُ بجـدّه أنبيـاء الله قـد خُـتمـوا
مـا قـال لا قـطّ إلا فـي تـشهّـدهِ لولا التّـشهّد كـانت لاؤه نعـمُ