بعض أهل الخلاف لما يحصرون في زاوية من هذا القبيل يريد أن يخرج منها بمحاولة الإدعاء تارة أن النبي الأعظم والعياذ بالله صلى الله عليه واله هو قد إرتكب أيضا مثل هذا الفعل وحتى يبرئ ساحة أبي بكر يرمي بالتبعية على رسول الله صلى الله عليه واله وتارة أخرى على أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيستخرج وينقب في الكتب الى أن يجد بعض الأحاديث المكذوبة هنا وهناك التي تتكلم في هذا الشأن
فأما بالنسبة الى النبي الأعظم صلى الله عليه واله فهي مروية من نفس طرق أهل الخلاف والمبتدعة المهووسين بأبي بكر وهذا بحد ذاته في رفع اليد بإعتماد هذه المرويات لأننا نعلم بأن هؤلاء ما رووا مثل هذا وما دونوه إلا محاولة لتبرير ما صنعه ابو بكر ، وهذه كانت عادة لدى الملة البكرية أنه كل شائنة من شائنات أئمتهم حتى يبرؤوا ساحتهم أو يقدموا عذرا وتبريرا لهم ألصقوها أيضا برسول الله في مفترياتهم .. وهذه لا حجة فيها ونحن لا نقبلها إذ لا نأخذ تأريخ النبي وسيرته إلا من أهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم
أما أمير المؤمنين عليه السلام يقولون علي أيضا حرق الناس وهذا لا يروى فقط في كتبنا وإنما يروى أيضا في كتبكم أنتم الشيعة
مثلا ، يستخرجون هذه الرواية في التهذيب لشيخ الطائفة عن موسى ابن بكر عن الفضيل ابن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام أن رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل على أمير المؤمنين عليه السلام فشهد انه رآهما يصليان لصنم فقال له ويحك لعله بعض من تشبه عليك ؟ فارسل رجلا فنظر أليهما ( حتى تقوم البينة ) فرآهما وهما يصليان لصنم فاتي بهما فقال لهما إرجعا ( عن عبادة الصنم أنتما إرتدتما بهذا فأرجعا للإسلام ) فأبيا فخد لهما في الأرض خدا وأجج نارا فطرحما فيه
يقولون أمامكم أيضا فعل مثل أبو بكر فلماذا تشنعون علينا وجرائم ضد الإنسانية ؟
الفرق بيننا وبينهم أن هذه الروايات عندنا مرفوع عنها اليد ، لا نحتج بها وعليها الف كلام وكلام ولا نبني عليها فقهنا ، قد تجد هنا أو هنالك بعض من أخذها وجعلها في بعض ابواب الفقه ولكنها على المستوى العام عندنا ليست بروايات يمكن أن يعتمد عليها
فهذه الرواية نجدها مروية موسى ابن بكر ، وموسى ابن بكر الواسطي كان منحرفا عن اهل البيت عليهم السلام كان واقفيا ، رجل واقفي منحرف عن اهل البيت ينكر ويجحد إمامة باقي الأئمة عليهم السلام الرضا والجواد ومن بعدهم ، ولا يمكن لنا خاصة في مثل هذه الموارد أن نصدق بروايته
قد نصدق برواية الواقفي إذا ما كلن لها ما يشفع لها من روايات أخرى رويت عن طريق الثقات مثلا أو إشتهرت بين ىالأصحاب مثلا ، أما هذه الرواية بذاتها فلا يمكن .. هو ينسبها للإمام الصادق عليه السلام بأن أمير المؤمنين فعل هكذا ، وهذا الرجل ليس حجة فيما يرويه عن الأئمة عن امير المؤمنين عليه السلام ، لأن له سوابق تثبت أنه ليس حجة في هذا الباب مع إنحرافه
هنالك حديث آخر يرويه وأيضا يرويه عن الإمام الكاظم عليه السلام عن أمير المؤمنين وفيه ان الإمام أمير المؤمنين وفيه أن أمير المؤمنين أفتى بهذه الطريقة وهذه الفتوى ردت من قبل أئمة أهل البيت عليهم السلام
إذن هذا الرجل ليس بحجة فيما يرويه عن الأئمة عن أمير المؤمنين عليهم السلام ، كتاب نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام لصاحب المدارك السيد الفقيه الجليل محمد العاملي م 2 ص 130 ، وهو في سياق نقض ما إحتج به الشيخ من رواية من روايات موسى ابن بكر الواسطي هذا فقال :
ما إحتج به الشيخ رواية واحدة يرويها موسى ابن بكر وهذه الرواية يزعم موسى ابن بكر أن الإمام الكاظم روى عن جده أمير المؤمنين عليه السلام وفيها أن المختلعة يتبعها الطلاق في العدة وهذا مخالف لما جاء في أحاديث صحيحة عن أهل البيت عليهم السلام مما يجعلنا في أن هذا الرجل المنحرف الوافقي يروي بصدق وضبط عن الأئمة عن أمير المؤمنين عليه السلام ، فيقول صاحب المدارك راويها موسى ابن بكر وهو واقفي غير موثق فكيف يعمل بروايته وتترك الأخبار الصحيحة الدالة على خلافه ؟
نحن منهجنا منضبط ، نأخذ بالأخبار الصحيحة التي هي أبعد عما يرويه أهل الخلاف وهذا الرجل لأنه مال لأهل الخلاف بوقفه وإنحرافه عن أهل البيت عليهم السلام جعلنا ذلك نرتاب فيما روى .. فهو من هذا القبيل
مسألة أن أمير المؤمنين عليه السلام أنه أحرق أناسا فهذه مسألة فيها نقاش واسع وهي غير ثابتة .. لأن أصلها إن تتبعنا من روايات أهل الخلاف
لما نراجع صحيح البخاري نجد الرواية هناك برقم 6524 ، عن عكرمة ! وعكرمة من ؟ مولى ابن عباس .. عكرمة الخارجي يعني ضد أمير المؤمنين عليه السلام فهل تؤخذ منه رواية عن أمير المؤمنين فهذا يريد الإساءة لأمير المؤمنين
يقول : أوتي علي بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه واله لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله من بدل دينه فأقتلوه
لا يمكن لنا أن نصدق برواية شخص خارجي مثل عكرمة هذا ، وفي خصوص هذا الموضوع روايات أخرى عند أهل الخلاف تذكر أن هؤلاء الزنادقة من هم ؟ وماذا كانوا يصنعون ؟
كانوا هؤلاء يعبدون وثنا وهذا ما نجده في سنن النسائي الرواية رقم 4021 عن انس ! ، أنس ابن مالك أحد أكبر الكذابين على رسول الله صلى الله عليه واله بنص ألأئمة الأطهار عليهم السلام فكيف نصدق روايته عن أمير المؤمنين
عن أنس أنه أتي بناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم قال ابن عباس إنما قال رسول الله من بدل دينه فأقتلوه ، يعني يعترض على فعل علي ابن أبي طالب عليه السلام وهذه الرواية لها تتمة في بعض المصادر كسير أعلام النبلاء ومهاج ابن تيمية والرد على الجهمية للدارمي والزيادة فيها أنه بلغ ذلك عليا يعني بعدما ابن عباس إعترض وقال لو كان الأمر ألي لما أحرقتهم لأن رسول الله يقول لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لأن رسول الله قال فمن بدل دينه فأقتلوه .. فبلغ هذا الإعتراض عليا فقال ويح ابن عباس أنه لغواص على الهناة وفي لفض آخر ويح ابن أم الفضل ما أسقطه على الهناة
يعني أنا عندي مشكلة مع ابن عباس هذا ابن أم الفضل لأنه إكتشف الهناة التي لدي والهناة ما يستقبح ذكره يعني الشائنات !
ان هذه الروايات عند أهل الخلاف يراد بها الإساءة لمقام أمير المؤمنين عليه السلام وتصويره بصورة الذي يخالف الشريعة وعنده هناة وواحد من ابن عباس يطيح على هناته هذه
باب علم مدينة النبي ووصيه وخليفته وأقضى الأمة يريدون تصويره بصورة المخالف للشريعة فيحكم بغير القضاء الإسلامي .. لا يقبل هذا الكلام
فتلك الرواية تتسلل الى مصادرنا ، أصلها عندهم مروية عن واحد خارجي مثل عكرمة وواحد كذاب مثل أنس وأمثالهما .. تتسلل مثل هذه الروايات وتتسرب الى مصادرنا عن طريق المنحرفين الذين إنحرفوا مثل هذا الواقفي ، ورواياته لما نطالعها نرى قسم منها رواياته معارضة لما صح عن أهل البيت عليهم السلام فنعلم أن هناك إفتراقا ولا يجعلنا نثق عما يرويه عن أمير المؤمنين عليه السلام
عليكم أن تدركوا أنه طالما كذب على أمير المؤمنين عليه السلام وأئمتنا أعطونا قاعدة جدا جليلة وقيمة أنه إذا أنتم شككتم في خبر وهذا لا يختص بباب التعارض نجري هذه القاعدة بل مجرد الشك المبني على أصول سليمة ، فإذا شككنا في خبر وصار هناك إحتمال عقلائي أنه مدسوس أو مطابقا لما يرويه أهل الخلاف متنا بغض النظر عن السند ، فننظر ما الذي يخلاف أهل الخلاف فنأخذ به فان الرشد في خلافهم
لأن أصل هذا الإتهام موجه لأمير المؤمنين عليهم السلام وهذا الذي هم طاروا به فرحا ، ودائما هذه الحالة السيئة موجودة عندهم أنه واحد ينقل عن الثاني دون تحقيق ودون تمييز
إحدى تلك الأمور التي يطرحونها كثيرا ويرددونها بطريقة ببغائية عن ابن تيمية أن هؤلاء الذين أحرقهم من كانوا ؟ كانوا الشيعة الغلاة السبئية الرافضة أتباع عبد الله ابن سبأ مع أن رواياتهم قالت أن هؤلاء كانوا يعبدون وثنا يعني ما كانوا الشيعة ولا ربط لهم بالشيعة أصلا .. لكن ابن تيمية هكذا يقول !
هو يقول في مجموع الفتاوى م ص 184 : ولما أحدثت البدع الشيعية في خلافة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ردها وكانت ثلاثة طوائف غالية وسبابة ومفضلة فاما الغالية فأنه حرقهم بالنار فأنه خرج ذات يوم من باب كندة فسجد له أقوام فقال ما هذا ؟ فقالوا أنت هو الله فاستتابهم ثلاثا فلم يرجعوا فأمر في الثالث بأخاديد فخدت وإضرم فيها النار ثم قذفهم فيها وقال : لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا
ينقلون هذا عن ابن تيمية دون تحقيق أو بحث لتعلموا أن كلام ابن تيمية هذا صحيح أم لا ؟ علموا أنفسكم للخروج عن عبودية هؤلاء الرجال ، الى متى تنسخون وتلصقون عن علماؤكم ابن تيمية واحمد ابن حنبل والبخاري وأمثالهم
وعلى اساس أن أمير المؤمنين حرق الشيعة الذين نحن المغالين ولكن هذا كله باطل فإذا نظرت في المصادر التي سبقت ابن تيمية لترى هذا البيت الشعري أمير المؤمنين بأي مناسبة قاله ؟ فتعرف الفضيحة والإكذوبة ، فتكتشف أنه قاله في هذه المناسبة بل قاله في حرب صفين وضد طاغيتكم معاوية ولا له ربط بناس ألههوه ولا حفر لهم وأخد لهم أخاديد ولا قتلهم بالحرق نارا
الحقيقة تجدها في كل من كتاب صفين لنصر ابن مزاحم ص 42 وكتاب الفتوح لإبن أعثم الكوفي المؤرخ الشهير م 3 ص 135 ، شرح النهج للمعتزلي ابن ابي الحديد م 2 ص 69 ، مناقب آل ابي طالب لإبن شهب آشوب م 1 ص 265 ، هناك تجد الشعر بتمامه فتعرف أن هذا تحريف عند ابن تيمية وأمثاله
يقولون كلهم في قضية مفصلة أيام صفين ، لما بلغ عليا عليه السلام ما صنع معاوية قال :
عجبت لما سمعت منكرا - كذبا على الله يشيب الشعرا
يسترق السمع ويعشي البصرا - ما كان يرضى أحمد لو أخبرا
أن يقرنوا وصيه والأبترا - شاني الرسول واللعين الأخزرا
كلاهما في جنده قد عسكرا - قد باع هذا دينه فأفجرا
من ذا بدنيا بيعه قد خسرا - بملك مصر إن أصاب الظفرا
أني إذا الموت دنا وحضرا - شمرت ثوبي ودعوت قنبرا
وليس أججت ناري كما يفتري ابن تيمية
قدم لوائي لا تؤخر حذرا - لا يدفع الحذار ما قد قدرا
لما رأيت الموت موتا أحمرا - عبئت هندان وعبوا حميرا
حيي يمان يعظمون الخطرا - قرن إذا ناطح قرنا كسرا
قل لإبن حرب لا تدب الخمرا - أرود قليلا أبدي منك الضجرا
لا تحسبني يا ابن هند غمرا - وسئل بنا بدرا معا وخيبرا
يوم جعلناكم ببدر جزرا - لو أن عندي يا ابن هند جعفرا
أو حمزة القرن الهمام الأزهرا -- رأت قريش نجوم ليل ظهرا
نريكم نجوم الليل في الظهر
وهذا تمام شعر أمير المؤمنين عليه السلام قاله في هذه المناسبة ، لا في تلك المناسبة المزعومة الباطلة .. يحتاج الأمر الى تحقيق والى بحث
أنه عندنا لم يثبت أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قام بهذا الفعل وإن كان مسطرا في الكتب والكراسات ، والفرق بيننا وبينكم أن باب الإجتهاد عندنا مفتوح على مصراعيه نبحث ونحقق وندقق بخلاف ما هو عندكم فأنكم قد أغلقتم هذه الأبواب وصددتم الناس عن إعمال الفكر في سيرة أولئك لأنكم تعلمون أن هذه الأخبار التي رويتموها تثبت الجرائم على رموزكم
نرحب في أن يبحث أي شخص في أي مسألة من المسائل العويصة عندنا وإن كانت تبدوا في البداية أن فيها مساس في العقيدة الشيعية ، لأننا واثقون من أنفسنا
أما أهل الخلاف فيريدون إغلاق هذا الباب ويقولون لا تبحثوا في هذه الأمور ، هذه الأمور خاصة للعلماء وأتركوها فيما بينهم ولا تنقبوا عن شؤون الصحابة ولا عما شجر بينهم ، وهذا كله كاشف عن الرعب ! أن هنالك حقيقة تريدون إخفاءها
أنه نحن نجد بكل صدق وبلا تحامل أن البدعة البكرية خطر على الإنسانية ، لابد من إحراق هذه البدعة ورموزها الذين إتخذوا قيادات يقتدى بهم وإلا إحترق العالم بأجمعه إذا بقي الأمر على ما هو عليه
نحن نعاهد الله ورسوله والأئمة الأطهار عليهم السلام على مواصلة طريق جهاد هذه البدعة وهذا الشر حتى ينعم البشر جميعا بالخير والسلام والأمن والطمأنينة .. نجاهد هذا الفكر بالفكر .. نجاهد هذه الرموز بأن نطرح الرموز الحقيقية للإسلام .. نبينا الأعظم وأهل بيته عليهم السلام هؤلاء الأنوار الذين يقودوننا الى كل معاني الخير ويصرفوننا عن كل معاني الشر والإجرام والإرهاب