ان ذلك ممكن وقوعه عقلا والواقع يثبت ذلك !
لأننا اذا رجعنا الى الأديان السابقة سنجد ان التاريخ بذاته يجيب على هذا التساؤل .
ما الذي حصل مثلا بعد ادم عليه السلام ، يحدثنا التاريخ ان أبناء ادم من بعده اختلفوا بعده فقام ابناء قابيل بعزل أبناء هابيل في جزيرة من الجزر
أبناء هابيل كانوا مؤمنين وأبناء قابيل كانوا قد كفروا وارادوا ان يحرفوا دينهم وقاموا بعزل أبناء هابيل ومحاصرتهم في جزيرة من الجزر وادعوا هم في المقابل بان الله تبارك وتعالى امرهم بعبادة النار ومنذ ذلك الحين بدأت عبادة النار في التاريخ البشري
باسم دين ادم عليه السلام ادعوا ان الله امرهم بعبادة النار وكان ذلك عبارة عن تحريف دين ادم وإيجاد نسخة مزورة عن هذا الدين واستمروا عليها . في حين كانوا جماعة المؤمنين الذين بقوا على دين ادم من احفاد ذرية هابيل هؤلاء انما حوصروا في جزيرة من الجزر . اذن يمكن وقوع تحريف في دين سماوي
تكرر في الواقع هذا التحريف مع كل الأديان وهنا يتطلب ان يرسل نبيا اخر ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه واله فكيف يقع التحريف والتزييف في الدين الإسلامي ؟
ما الذي حصل بعد نوح عليه السلام ؟
نوح الذي جاء الى قومه ووجدهم عاكفين على عبادة اصنام خمسة اخترعوها ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ، منذ ذلك الحين بدأت عبادة الاصنام في تاريخ البشر
نوح جاء اليهم ووجدهم على هذا الحال وبعد الف سنة الا خمسين عاما من العمل الدؤوب الشاق والاجتهاد في دعوة هؤلاء الى دين الله تعالى ومحاولة تصحيح مسيرتهم وجدنا انه لم ينفع معهم الجهود فلذلك جرى الطوفان العظيم كما يعلم الجميع .
والذي هو مثير للدهشة وهو انه بعد هذا الطوفان ماذا يحدثنا التاريخ ان البشر عادوا مرة أخرى لعبادة الاصنام كيف ؟
انهم اهملوا وصي نوح عليه السلام وهو سام ابنه وعزلوه وقاموا بالمقابل بالتفتيش بين الرمال عن الاصنام الخمسة السابقة الى ان عثروا عليها بعد سنين متمادية . وجاؤوا وعكفوا عليها عابدين من جديد ! هكذا عادوا مرة أخرى الى التحريف والتزوير وصنع بديل زائف واعتقاد ديني زائف عن دين ابيهم نوح عليه السلام
اما اوصياء نوح بدءأ من سام كانوا قد عزلوا أيضا
وما الذي جرى بعد إبراهيم نفس الشيء اختلف قومه من بعده ، واستمر الاختلاف الى ذريته من يعقوب من إسرائيل عليه السلام ( النبي يعقوب اسمه إسرائيل ) بني إسرائيل يعني بنوا يعقوب .
ارتدوا كيف ارتدوا ؟ لا يزعمون انهم كفروا ولكنهم يزعمون الله امرهم بهذا وذاك مجموعة من الاعتقادات يشكلونها لأنفسهم وينسبونها الى انبياء الله وينسبونها الى الله والى دين الله ، فيقولون الله امرنا بان نصنع كذا وكذا
بنوا إسرائـ ـ ـيل حرفوا دينهم دين التوحيد وبسبب تحريفهم لدينهم قتلوا كما تذكر الروايات الشريفة سبعين الف نبي من الأنبياء يعني اكثر من نصف عدد الأنبياء لان عدد الأنبياء مائة وأربعة عشر الف نبي وسبعون الف اكثر من نصفهم
ولأنهم قاوموا هؤلاء الذين كانوا يمثلون الشرعية على الأرض ولكنهم لم يقبلوا وارادوا الدين المزيف أرادوا الدين المحرف أرادوا الدين المخترع ، فقتلوا هؤلاء الأنبياء
اذن الاختلاف واقع والتحريف سنة بشرية مع الأسف !
وما الذي جرى بعد موسى بل قبل ان يرحل موسى عن قومه وجدنا قومه قد حرفوا دينه بمجرد ان غاب عنهم أربعين ليلة فقط ، حينما تحدث الله تبارك وتعالى في القران وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة . ماذا حصل في هذه الأربعين ليلة ؟ للتو غاب عنهم موسى وكان اهم ما جاء به موسى التوحيد يعني اصل الأصول وحتى هذا حرفوه ثم اتخذتم العجل من بعده وانتم ظالمون
يعني لم يقتصر تحريفهم على حدود العبادات مثلا حرفوا في صلاتهم مثلا ، الصلاة المفروضة عليهم آنذاك او حرفوا في الصيام او حرفوا في الحج كلا وانما حرفوا في اصل الأصول قالوا الله تجسد في هذا العجل واتبعوا ذلك الصعلوك السامري واهملوا خليفة موسى الذي هو من ؟ هارون النبي عليهما السلام هارون اخوه الأكبر مع ان موسى كان لا يزال حيا ، ولم يغب عنهم سوى أربعين ليلة فقط اختلفوا في هذه الأربعين ليلة وكفروا في هذه الأربعين ليلة واشركوا في هذه الأربعين ليلة وصنعوا دينا مزيفا محرفا عن دين موسى عليه السلام في هذه الأربعين ليلة
جاء موسى عاد اليهم عاقبهم كما يحدثنا التاريخ وارجع الأمور الى نصابها من جديد . ولكن بمجرد ان مضى موسى عليه السلام بمجرد ان استشهد وجدنا قومه قد كفروا من جديد
اهملوا وخذلوا وتخلوا عن وصي موسى وهو يوشع ابن نون عليهم السلام هذا الوصي الشرعي الخليفة الشرعي اهملوه وتخلوا عنه وخاضوا حربا معه لانهم كونوا لأنفسهم دينا اخر فماذا صنعوا في هذه الحرب ؟
قاموا باستمالة زوجة موسى اسمها صفراء او صافوراء على اختلاف الروايات ، هذه الزوجة جعلوها تصطف الى جانبهم في محاربة وصي رسولهم كما قام أولئك الذين سموا انفسهم طالبين بثأر عثمان قاموا باستمالة زوجة النبي الخاتم صلى الله عليه واله عائشة استمالوها وجعلوها تصطف الى صالحهم وتصطف معهم في محاربة الخليفة الشرعي الوصي الشرعي للنبي المصطفى صلى الله عليه واله وهو امير المؤمنين الامام علي ابن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليهما ، نفس الشيء قام به قوم موسى !
ويوشع ابن نون انتصر عليهم وصحح المسيرة ولكن سرعان ما عادت مرة أخرى الى جبهة التزييف بمجرد ان مضى وارتحل الى جوار ربه
ما الذي حصل بعد سليمان عليه السلام ، سليمان كما يحدثنا التاريخ حكم بقوة السلطان والحكم وصحح المسيرة البشرية وكان من جملة تصحيحاته انه نفى أولئك الذين كان يتوقع منهم ان يحرفوا الدين وان يزيفوه ، كان هنالك رجل في زمان سليمان عليه السلام اسمه برحبعام ، سليمان نفاه الى مصر
نفاه وحذر قومه منه الا اننا وجدنا انه بمجرد ان مضى سليمان الى جوار ربه اذا بقومه يأتون من جديد برحبعام وينصبونه ملكا عليهم ويهملون الوصية الشرعية لسليمان وهو اصف بن برخيا عليه السلام وهو ذلك الرجل الذي جاء بعرش ملكة سبأ بالولاية التكوينية
اهملوا هذا الرجل الوصي الشرعي ونصبوا على انفسهم او انقادوا الى رجل هو ملعون مطرود من قبل النبي سليمان عليه السلام
البشر هم البشر يريدون لأنفسهم ما يهوونه ولا ينقادون الى الله تبارك وتعالى ولهذا الله عز وجل كان يرسل الأنبياء ويبعث الاوصياء حتى يصححوا المسيرة البشرية ويعيدونها الى جادة الصواب
النتيجة ان سليمان رغم طرده لهذا الرجل ورغم ان هذا الرجل ملعون من قبله جاء قومه وبأسم الدين نصبوه عليهم ملكا وجعلوه هو القائد الروحي وهذا حرف في دين سليمان كما يشاء ثم بعد ذلك هؤلاء بني إسرائيل جعلوا لأنفسهم ما يسمى بدولة القضاة يتداولون فيما بينهم الحكم فيما بينها
نلاحظ في قضية سليمان ان الامر ذاته قد وقع في التاريخ الإسلامي ، رسول الله صلى الله عليه واله كان قد ذم معاوية ابن ابي سفيان ودعا عليه وقال لا اشبع الله بطنه ولعنه !
وطرد مروان ابن الحكم واباه من المدينة المنورة ( نفاهما ) ولكن ما الذي وقع بعد استشهاد النبي صلى الله عليه واله لم تمضي السنون الا ووجدنا ان هذا الملعون من قبل رسول الله وهو معاوية جاء المسلمون وبايعوه على انه امير المؤمنين وخليفة رسول الله وان ذلك المطرود من قبل رسول الله المنفي من قبل رسول الله أيضا بايعوه على انه امير المؤمنين وخليفة رسول الله
لهذا لا يستبعدن أحدا امر يقع من البشر ، بعض المخالفين يقولون انتم الشيعة تزعمون ان رسول الله حذر الامة من فتنة ابي بكر وعمر وشبههما بالسامري وعجله ولعنهـ ـ ـما ( هناك مؤشرات في كتب المخالفين حول هذا الامر غاية ما في الامر انهم حذفوا أسماء أبو بكر وعمر وجعلوا مكانهما فلان وفلان )
يقولون هل يعقل ذلك ؟ رسول الله يحذر من هذين الرجلين ويأتي المسلمون فيما بعد يبايعونهما ، هل هذا ممكن ؟
نقول نعم ممكن . ! .. كما ان قوم سليمان رغم تحذيرات سليمان ورغم نفيه ولعنه لرحبعام جاؤوا وبايعوه فيما بعد وجعلوه خليفة له ! وقائدا وملكا عليهم ونفس الشيء لأبي بكر وعمر البشر هم البشر
ما الذي جرى بعد عيسى عليه السلام ؟ أيضا يحدثنا التاريخ بان قوم عيسى بعده اختلفوا . ماذا حصل ؟ عزلوا الوصي الشرعي لعيسى وهو شمعون الصفا عليه السلام ، عزلوه واضطهدوه وفي المقابل الى من انقادوا ؟ الى رجل كان بالأمس القريب من الد أعداء اتباع عيسى عليه السلام ، هذا الرجل يقال له بولس
هذا بولس هو الذي نصر النصـ ـ ـارى كان لمدة ثلاثين سنة من الد أعداء عيسى ومن الد أعداء دينه والمؤمنين به الى درجة انه تلطخت يداه بدماء المؤمنين بعيسى عليه السلام فكان يقتلهم ويضطهدهم كان متجبرا طاغية شريرا إرهـ ـ ـابيا
هذا الرجل اكتشف انه بعد ثلاثين سنة لا يتمكن من ان يقضي على دين عيسى من الخارج فلا بد ان يندس من الداخل . يأتي من الداخل يتغلغل في أوساط المؤمنين بعيسى ويتظاهر بالأيمان وشيئا فشيئا يقلب دين عيسى ويهدمه من الداخل ، وهذا الذي وقع فعلا !
الرجل جاء ذات صباح الى المؤمنين بعيسى متصنعا الى الندم ومظهرا التوبة الكاذبة الكذوبة فقال بانه قد ظهر له عيسى عليه السلام في المنام ولامني على ما اصنع فانا تبت على يديه والان آمنت به فهو ارسلني اليكم ( جعلني رسولا لكم ) فهؤلاء هللوا واستبشروا وخذلوا وتركوا الوصي الشرعي لعيسى عليه السلام احد حوارييه شمعون الصفا عليه السلام .
تركوا هذا الرجل وذهبوا لينقادوا لبولس ، وهذا بولس قلب دين عيسى رأسا على عقب دين عيسى انما جاء للتوحيد لتثبيت اصل التوحيد واذا بهذا الرجل يجعل القوم يعتقدون بان عيسى ابن الله !
وان عيسى جزء من الله وهو الذي نصرهم وابتدع لهم أصول فكرة التثليث . التثـ ــ ـليث الباطل
نفس الشيء نكتشفه في تاريخ الإسلام ان عمر ابن الخطاب مثلا هذا الرجل الذي كان من الد أعداء رسول الإسلام ، من الد أعداء المسلمين . المسلمين ذاقوا منه المرارات في مكة ، هذا الرجل حينما يكتشف بانه لا يتمكن من ان يهدم الدين الإسلامي من الخارج ، قال لابد من ان اندس في أوساط المسلمين وشيئا فشيئا اهدم هذا الدين من الداخل
قال لا أتمكن ان اهدم الدين من الخارج هذه حالة طبيعية في كل الأديان ، نجد انه بشكل عام المحاربات التي تأتي للدين والى نبي هذا الدين والى اتباع هذا الدين ، المحاربات التي تأتي من الخارج لا تنجح ، لكن المحاربات التي تأتي من الداخل هي التي تنجح !..
لأنه الذين هؤلاء الذين يندسون يصبحون منافقين يظهرون عكس ما يبطنون فيحاولون ان يغيروا الدين من الداخل دون ان يشعر بهم احد يعني الاخرون يظنون ان هؤلاء قلبهم على الدين ، عمر هكذا
كان يتصنع الزهد ، يتصنع الايمان ، يتصنع الاخلاق مع انه فيه جفاء وغلظة ولكن في بعض الموارد يتباكى يتصنع التقوى ، الورع ، لكنه في قرارة نفسه كان محاربا لهذا الدين يقوده في ذلك طمعه يريد ان يتوصل الى الحكم الى السلطة كسائر الذين حرفوا الأديان الأخرى
الذين كانوا حرفوا الأديان الأخرى كانت أهدافهم تتلخص في نقطتين الأولى مقدمة للثانية انه يهدم الدين من الداخل ويتوصل من خلال هذا الهدم والتزييف والتبديل الى ان يصبح زعيما لهذا الدين . يصبح هو الملك هو السلطان هو المرجع الديني هو القائد الروحي وهكذا ..
فالتاريخ يحدثنا او يبين لنا بجلاء امكان وقوع التزييف في الأديان وقد وقع هذا التزييف في الدين الإسلامي بعد استشهاد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله بالسم مقتولا .. شهيدا بمؤامرة من قبل ابي بكر وعمر وبتنفيذ ابنتيهما عائشة وحفصة الدين الإسلامي زيف حيث بدأ التزييف فيه بمجرد شهادة رسول الله صلى الله عليه واله فماذا صنع القوم ( قوم محمد صلى الله عليه واله ) مع الأسف قاموا بأهمال الوصي الشرعي ، خذلان الخليفة الشرعي امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليهما السلام وجاؤوا بمن كان بالأمس القريب من الد أعداء هذا الدين واتبعوا هذا واشباهه جعلوهم ملوكا عليهم واتبعوهم واخذوا منهم الحلال والحرام الى ان تبدل الحلال الى حرام والحرام الى حلال .
فكونت نسخة مزيفة عن الدين الإسلامي
اذن التحريف في الأديان ممكن الوقوع ، وهذا لا يعني انتصار الإرادة البشرية على الإرادة الالهة لأن الإرادة الإلهية انما تعلقت بان يترك البشر مختارين ( ان يترك لهم الاختيار ) الإرادة الإلهية لم تتعلق بجبر البشر على ان يؤمنوا بدين معين وان منعهم على حرف هذا الدين
الله تبارك وتعالى ترك البشر أحرارا فلا بد ان يترك لهم امكان ان يحرفوا اديانهم والا كيف يكون هناك حرية واختيار ولماذا الله جعلهم أحرارا ولماذا جعلهم مختارين ؟
حتى يحاسبهم لأنه اذا اجبرهم على شيء او اكرههم على شيء ما كان له ان يحاسبهم يوم القيامة فيعد ذلك بمثابة الظلم ، فالله عز وجل يقول لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . وهذه السنة الإلهية ، لذا فالتحريف في الأديان ممكن الوقوع .