بنو أمية الذين نحن نقرأ في زيارة عاشوراء زيارة الإمام الحسين عليه السلام على لسان الصادق صلوات الله عليه لعن الله بني أمية قاطبة ! .. الى هذه الدرجة ، فهل يعقل أن يخرج منهم مؤمنون صلحاء أبرار ؟ نعم
خالد ابن سعيد ابن العاص أموي ولكنه شريف .. شيعي بطل مخلص ، هذا الرجل المجهول القدر هو أول شخص أعلن التمرد على أول حكومة غير شرعية غاصبة في الإسلام .. حكومة أبي بكر ، أول من وقف أمامه وإعترض عليه من بين كل المسلمين وتصدى له في وجهه وطالبه بالنزول عن المنبر وتسليم الخلافة لأهلها وللوصي الشرعي الخليفة الشرعي أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما ، فكيف شذ عن أهله وعشيرته وقومه وأصبح متفانيا في حب أهل البيت وولائهم ؟ كيف لم يؤثر فيه هذا العرق ؟ كيف لم ينزعج أو يتأثر بما صنعه علي عليه السلام بأهله وذويه حينما قتلهم في بدر في أحد وجدلهم تجديلا ؟ مع ذلك ناصر عليا ولم يحمل في قلبه الحقد على علي .
هذا الرجل من أوائل السابقين للإسلام حينما عرض رسول الله صلى الله عليه واله على مكة فكان من أول من آمن بإقرار المخالفين فكان ثالث أو رابع مسلم على الإطلاق .. ابن الأثير في كتابه الشهير أسد الغابة في معرفة الصحابة حينما يأتي على ترجمة خالد ابن سعيد ابن العاص يقول كان الثالث أو الرابع من المسلمين وهنالك تصريح أخطر من إبن قتيبة العالم المشهور في كتابه المعارف الصفحة 128 يقول عن خالد ابن سعيد ابن العاص : أسلم قبل إسلام أبي بكر ، فإسلامه كان متقدما على إسلام أبي بكر ابن ابي قحافة وهذا ردا على من يدعون اليوم ان أبا بكر كان أول المسلمين ! فهكذا هم يدعون يقولون أبو بكر أول من اسلم من الرجال ! فماذا تقولون بشهادة علمائكم أن خالد ابن سعيد ابن العاص كان إسلامه متقدما عليه ؟ وهذا يبطل المنقبة المزعومة لأبي بكر
وكان من ابطال الإسلام .. عذبه ابوه وقومه على ترك الإسلام فلم يترك وهاجر الى الحبشة ثم بعد الحبشة هاجر الى المدينة المنورة حينما إنتقل رسول الله صلى الله عليه واله إليها وهناك أرسله رسول الله صلى الله عليه واله مع أمير المؤمنين الى اليمن لنشر الإسلام في اليمن في حملة اليمن وفي تلك الفترة رأى أخلاق علي ورأى عظمة علي فأنطوى قلبه على حب علي وظل متفانيا في حبه ومخلصا له الى آخر لحظة في حياته ولم ينقلب ولم يبدل ولم يغير ولم يكفر ولم ينافق رغم الإغراءات التي قدمت له .. فالرجل كان مخلصا لأهل البيت محبا لرسول الله صلى الله وبسبب إخلاصه وطاعته رسول الله صلى الله عليه واله ولاه اليمن فجعله حاكم اليمن وكان عنده أخوان هما أبان ابن سعيد أسلم وحسن إسلامه فولاه رسول الله البحرين والثاني عمرو ابن سعيد فرسول الله ولاه على تيماء وهؤلاء الثلاثة كانوا من المسلمين والشيعة المخلصين فلما إستشهد رسول الله صلى الله عليه واله لم ينتظروا أن تأتيهم رسالة من الحكم الجديد لتخيرهم بين البقاء في مناصبهم لقاء بيعة ابي بكر أو إنتزاع السلطة منهم ، ولكن كل واحد منهم ترك حكمه وترك البلاد التي كان يحكمها ويتولاها وجاء الى المدينة المنورة وهو يطرق باب علي طالبا الإذن بأن يرفع السيف في وجه الحكومة الجديدة
بعد معركة النهروان مع الخوارج المسلمون سألوا عليا صلوات الله عليه عن ابي بكر وعمر وعثمان فأمير المؤمنين كتب لهم كتابا ومشهور يذكر فيه مظلوميته وماذا حصل ؟ كيف أزاحوه عن الخلافة ؟ ومن بين ما يذكر يقول فدفعوا الأنصار عن دعوتها ومنعوني حقي منها فأتاني رهط يعرضون علي النصر منهم أبناء سعيد والمقداد ابن الأسود وأبو ذر الغفاري وعمار ابن ياسر وسلمان الفارسي والزبير ابن العوام والبراء ابن عازب فقلت لهم ان عندي من نبي الله صلى الله عليه واله عهدا وله ألي وصية لست أخالف عما أمرني به
أول ما ذكر منهم قبل سلمان وقبل عمار وقبل أبا ذر يذكر أبناء سعيد خالد وأبان وعمرو وهذا دلالة واضحة على عظم منزلتهم وانهم كانوا متفانين في نصرة أهل البيت ومحافظين على الشرعية الإسلامية المتمثلة بعلي صلوات الله عليه مع أنهم أمويون النسب !
هؤلاء الذين كانوا من شيعة اهل البيت بعدما وجدوا خذلان الأمة الإسلامية مع الأسف لأهل البيت وان هذه الحكومة الإنقلابية قد تولت السلطة إتفقوا على أن يجابهوها في المسجد النبوي الشريف يقفوا أمام أبا بكر في يوم الجمعة حينما يقوم لكي يخطب في أول جمعة بعد رحيل رسول الله صلى اله عليه واله فأتفقوا وعددهم إثنا عشر رجلا وأول من وقف وكسر حاجز الصمت وتصدى لهذه الحكومة كان خالد ابن سعيد ابن العاص الأموي حينما هم أبو بكر بصعود المنبر وبدأ يخطب في الناس تصدى له خالد ابن سعيد الأموي وليس من بني هاشم ولا من غيرهم ووقف وقال له : أتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه واله قال ونحن محتوشوه يوم بني قريضة حين فتح الله له وقد قتل علي ابن أبي طالب عليه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم يا معشر المهاجرين والأنصار أني موصيكم بوصية فأحفظوها ومودعكم أمرا فأحفظوه ألا أن علي ابن أبي طالب أميركم وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتآزروه وتنصروه إختلفتم في أحكامكم وإضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم ألا وان أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون بأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم فثبته ومن نصرهم فأنصره ومن خالف أمري وأقام إماما لم اقمه وترك إماما أقمته فأحرمه جنتك التي عرضها كعرض السماء والأرض والعنه على لساني أنبياءك
كل الفتوحات كانت على يد علي صلوات الله عليه لا أولئك المتفرجين الذين إخترعوا لهم بطولات وهمية حتى عجزوا عن الأتيان بها فقالوا قتل أحد الجن ! والى اليوم تركوا وصية رسول الله والى اليوم يتولون شراركم عليكم لأنكم لم تقبلوا بالأطهار من آل محمد
يجب أن تعرف هذه الأمة أن ما تعاني منه اليوم من جور وظلم وإضطهاد وسجون ومعتقلات إنما هو بسبب إصرارها عن الإبتعاد عن أهل البيت وقبولهم بالمؤامرة التي جرت منذ يوم السقيفة وأزاحة اهل البيت عن منصبهم الشرعي ، ولن يرتفع البلاء عن هذه الأمة وعن شعوب هذه الأمة إلا بالعودة الى أهل البيت عند ذاك يظهر مولانا صلوات الله عليه حجة الله في أرضه وسماءه صاحب العصر صلوات الله عليه فينقذنا جميعا من هؤلاء الحكام الكفرة الظلمة الفجرة الفسقة ... هذا الذي يقيم إمام لم يقمه رسول الله وترك ذاك الإمام الذي أقامه رسول الله محروم من الجنة بدعاء رسول الله ملعون على لسان أنبياء الله
وأكد خالد ابن سعيد القول على أبو بكر فقال : أتعرف هذا القول يا أبا بكر
فقال له عمر ابن الخطاب الناطق الرسمي لحكومة أبي بكر والمؤسس لها : أسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا ممن يقتدى برأيه
ولكن خالد لم يسكت وواصل تحديه وعنف عمر بكلام جعله يمرغ انفه في التراب ( ذكره باصله وبواقعه وبنفاقه ) فقال :
بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فانك تنطق بغير لسانك وتفوه بغير فيك وأيم الله لقد علمت قريش إنك ألئمها حسبا وأدناها منصبا وأخسها قدرا وأخملها ذكرا وأقلهم غناءا عن الله ورسوله وإنك الجبان في الحروب بخيل المال لئيم العنصر مالك في قريش من فخر ولا في الحروب من ذكر وإنك في هذا الأمر كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال أني بريء منك أني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين
ويشر بذلك الى أبي بكر وعمر أنهما في النار وظالمان ، وعمر في تلك الفترة صحيح أنه كان جبان ولكنه كان يتمترس بالسلطة فالذي يواجهه حقيقة بطل وخصوصا أنه يفضحه بمثل هذه الكلمات الحادة والعبارات الشديدة التي جاءت كالصواعق على أم رأسه !
وعمر لم يملك جوابا فجلس ثم قام سلمان وأبو ذر والمقداد وبريدة السلمي وعمار وكل واحد من هؤلاء تكلم بكلام ينقض فيه حكم ابي بكر ، فأفحم أبو بكر على المنبر فقال : وليتكم ولست بأفضلكم فأقيلوني بيعتي
ومعنى ذلك أن كلام خالد ابن سعيد الذي فتح هذا الباب عليهم والبقية من أنصار علي صلوات الله عليه كلامهم زلزل هذه الحكومة الى درجة ان أبا بكر كان مستعدا لأن يتنازل أصلا عن الخلافة ويقر بانه لست بخيركم وفي بعض الروايات قال : وليتكم ولست بخيركم وعلي فيكم
فقال له عمر ابن الخطاب : أنزل عنها يا لكع إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقحمت بنفسك هذا المقام والله لقد هممت أن أخلعها واجعها في سالم مولى أبي حذيفة
لكع يعني ذليل ، فاذا لم تكن أهلا للحجاج فلماذا تقحم نفسك
فنزل أبو بكر عن المنبر واخذ عمر بيده وذهب الى منزله وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله ، ثلاثة ايام لا وجه لهم أن يدخلون مسجد رسول الله فلما كان اليوم الرابع جاءهم خالد ابن الوليد ومعه ألف رجل فقال لهم : ما جلوسكم فقد طمع والله بنو هاشم
وجاءهم سالم مولى أبو حذيفة ومعه ألف رجل وجاءهم معاذ ومعه ألف رجل ومازال يجتمع لهم رجل رجل حتى إجتمع لديهم أربعة آلآف رجل
هذا لمن يدعي أن أبو بكر أنه ولوه جماعة المسلمين من خلال الشورى وبالرضا واهل الحل والعقد ومن هذا الكلام الخرط ، إعرف أنها حكومة قامت بمنطق القوة .. قامت بالسلاح بالحكم العسكري بالإنقلاب بالتهديد بالجبر بالإكراه بالفرض وليس أنها قامت بشكل ديمقراطي
فلما إجتمع لديهم أربعة آلاف فخرجوا شاهرين أسيافهم يقدمهم عمر ابن الخطاب ، طبعا إذا معاه جماعة شاهرين السلاح يكون أول واحد وإذا لم يكن معه أحد تراه آخر واحد .. حتى قدموا مسجد رسول الله فقال عمر : والله يا أصحاب علي لأن ذهب منكم رجل يتكلم بالذي تكلم بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه
ومع كل هذا التهديد ومع الأربعة آلاف وغد من هؤلاء من الأوباش الذين جمعوهم والطلقاء والأعراب والمنافقين لكي يفرضوا حكمهم على أهل المدينة .. مع ذلك وجدنا هذا البطل يتصدى أليهم خالد ابن سعيد ابن العاص وكان مستعدا حتى لأن يموت في هذا السبيل ، فقام أليه خالد ابن سعيد وقال :
يا ابن صهاك الحبشية أبسيافكم تهددونا أم بجمعكم تفزعوننا والله إن أسيافنا أحد من اسيافكم وإنا لأكثر منكم وإن كنا قليلين لأن حجة الله فينا والله لولا أني أعلم أن طاعة الله ورسوله وطاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي وجاهدتكم في الله الى أن أبلي عذري
علي وحده يكفي لإفنائكم ولكن ماذا نصنع فعلي مأمور بالصبر ؟ ولولا علي قد أمرني لكنت أول من يشهر السيف في وجوهكم .. هذا الأموي من بني أمية !!
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إجلس يا خالد فقد عرف الله لك مقامك وشكر لك سعيك
الله الله فلولا كلام علي لم يجلس خالد ولكان يجاهدهم ، فلما جاءت حروب الردة ومانعي الزكاة وطبعا لم يرتد العرب جميعا وإنما كانت كلمة حق يراد بها باطل ، قلائل فقط إرتدوا ومجاميع قليلة منهم قوم مسيلمة وأصحاب الأسود العنسي وأصحاب سجاح المتنبئة هؤلاء الذين إرتدوا وأما البقية منعوا الزكاة يعني لا نسلم الزكاة الى هذه الحكومة الغاصبة وإنما نسلمها الى الحكومة الشرعية الى الإمام الشرعي علي ابن أبي طالب فحسب ، فأبو بكر بدأ يحرض الناس على الجهاد بمعنى أنه تعالوا لنقاتل هؤلاء الذي سماهم بأهل الردة أو أسماهم بمانعي الزكاة فخالد ابن سعيد الن العاص لم يقبل هو والثلة المؤمنة التي كانت معه فقال عمرفي ذلك الموقف : لو كان عرضا سريعا وسفرا قاصدا لأتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة
يتلوا هذه الآية القرآنية التي وردت في المنافقين الذين ما كانوا يستجيبون للنداء .. فقال له خالد : يا ابن أم عمر ألنا تضرب أمثال المنافقين ؟ والله لقد اسلمت وأن لبني عدي صنما إذا جاعوا أكلوه وإذا شبعوا إستأنفوه
ابن سعد في طبقاته وهو من كبار رجال وعلماء المخالفين يروي أن أبا بكر لما بعث الجند الى الشام عقد لخالد ابن سعيد ابن العاص على المسلمين وجاء باللواء الى بيته فأرادوا أن يستدرجوا أو يستخدموا خالد ابن سعيد ويجعلوه قائدا لتك الحملة لأنه كان بطلا شجاعا في هذا الجانب ، فقال عمر لأبي بكر : أتولي خالدا وهو القائل ما قال ؟
قلم يزل به حتى أرسل أبو اروى الدوسي ، يعني غير أبو بكر قراره بتولية خالد الى أبو أروى فأرسل أليه وقال : اردد ألينا لوائنا
فأخرجه خالد فدفعه أليه وقال : ما سرتنا ولايتكم ولا ساءنا عزلكم
فأن الذي يكون من بني أمية النواصـ ـ ـب الكـ ـ ـفرة ويتبع اهل البيت فلا يكون من بني أمية واقعا عند الله عز وجل بل يكون من أهل البيت ومنفي عن بني أمية ، وهذا جواب على من إستشكل بالقول أنه كيف نحن نقرأ في زيارة الحسين يوم عاشوراء ولعن الله بني أمية قاطبة ! يعني كل بني أمية .. ألم يكن في بني أمية رجال صلحاء ؟ ألم يكن فيهم مثل سعد الخير ؟ مثل خالد ابن سعيد ابن العاص ؟ مثل أبان ابن سعيد ؟ مثل عمرو ابن سعيد ؟ مثل معاوية ابن يزيد ابن معاوية ؟
إنما نلعن بني أمية الذين إتبعوا طريق بني أمية ، يعني بني أمية الإصطلاح لا بني أمية النسب أنه من كان يصدق عليه أنه من بني أمية حتى وإن لم يكن ولدا لهم شخص من خارج بني أمية ولكنه يتبعهم ومخلصا لهم فهذا تشمله اللعنة لأنه يكون كمثل بني أمية بل هو من بني أمية .. وألعن بني أمية قاطبة أي كل من يحمل فكر بني أمية .. نصب بني أمية وعداء بني أمية