صرخة لغة

صرخة لغة

تحدّثَتْ لغتي فقالَتْ:

أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كامنٌ  فهلْ سألوا الغوّاصَ عنْ صدفاتي.

إنّ عيني تدمعُ عليكِ أيّتُها العربيّةُ، يا عمودَ عِرْقي أيّتُها العتيدةُ العريقةُ، أيّتها العروسُ المتألّقةُ في عباءةِ الحضارةِ والعزّةِ والعراقَة.

فما بالُ العربِ؟

يا مَنْ عشِقْتم الأحرفَ والكلماتِ والشعراءَ، ويا مَنْ نَهَلْتم مِنْ ينابيعِها العلمَ والفكرَ والأغنيات ما بالكُم؟ ولمَ هذا البعدُ والمعاداةُ؟ ولِمَ تلكَ اللامبالاةُ؟ لماذا تتبرّؤونَ مِنْ أصالتِها وتستعيرونَ أصولًا باليةً وفروعًا ذاويةً؟

لغةُ الضادِ! وما أدراكُم ما لغةُ الضادِ؟ نبضُ الفؤاد.

إنّها عزّةُ العروبةِ وعراقةُ شعبٍ وعنفوانُ جيلٍ مِنْ مجدِها صعَدَ.

فيا لغتي العربيّةَ! ويا سيّدتي الأبديّة إنّ الأوطانَ تعمرُ فيكِ وعالمُنا نبنيهِ على أياديكِ! سنظلُّ فيكِ متّحدينَ وتحتَ كنفكِ محتمينَ! فلا تغضبي يا حلوتي منَ العابثينَ والمنافقينَ لأنّنا أبدًا على دربكِ سائرون .

إنّ كلماتِنا مِنْ أحرفك التسعةِ والعشرين ليسوا بمضيعة للوقتِ أو بأمورٍ عابرةٍ،  هم حضارةُ  العربِ وانعكاسُ ماضينا، وأملُ حاضرِنا ومستقبلِنا.

تتناغمُ رعشاتُ قلبي عندَ سماعِ شعرٍ لعربيٍّ، لشاعرٍ يفتخرُ بلغتهِ ويعملُ ويطمحُ لنشرِها وإطلاعِ العالمِ عليها، أفخرُ بالمنتمي للغتِهِ، أمّهِ الثانيةِ، عربيّتنا عروبتنا عزيزتنا.

عربيتُنا هي كنزٌ هي بحرٌ. كلُّ ما يعني ويخطر على البالِ موجودٌ فيها !  يا لتلك الظروفِ البائسةِ التي تطغى على العربِ وترغمهم على التحدّثِ بلغاتٍ غريبةٍ.

يا حلوتي، يا أمّي أنا أخجل منَ النظرِ في عينيكِ الدامعتينِ، أعلمُ أنَّكِ حزينةٌ تعانينَ وتدمعينَ وتنعزلينَ وتبكينَ غضبًا وفي قلبكِ غصّةٌ على شبابِكِ الضائعِ.

عذرًا أيّها الغربُ، نعتذرُ منكُم مِنْ لغتكم ومن حضارتكم فنحنُ لا زلنا العربَ العروبةَ وسوف نبقى على ما نحن عليه.

ألاء أبو أحمد